ما زلت أرقب عودة أبي، بفرح طفولي، من حقله المعطاء، يحمل لي سلة العنب..رغم مرور عقد على وفاته...
قالها الكهل باكيا لزوجته الصبية والليل لم يتنفس بعد.
حضنته بحنان، وألقمته ثدي الفرح.
**
قرب وجهه كمن يريد أن يبلغ الماء هربا من صفاقة العطش، ونكاية في جهالة الصحراء القاتلة، دسه في كفيه المرفوعتين بضراعة المتبتلين، ينبوع نور ينبعث منهما، وجد نفسه يخترق بابا يفضي إلى جنة فيحاء، سر كثيرا بما فيها مما لم تره عين، ولم تسمع به أذن...
زوجته أدركت، بقرون استشعار الأنثى دقة الموقف، أرسلت صنارتها، فأمسكت بقفاه، أعادته إلى بداية التضرع الأولى، ثم أقفلت عليه باب الرجاء.
**
انفتحت دهشتي على أشدها، وسقط من العينين بؤبؤاهما، كما كرة تينيس، بدآ يرتطمان بعنف بالأرض علوا وانخفاضا، ثم اندسا تحت التنورة بجاذبة إغراء فادح، وسارا يلتمسان طريق الغواية...
قبل ذلك بقليل وقع حدثان متوازيان:
كنت في الطريق غاضبا من حياتي.
،سقطت من كيسها حبات تفاح وتدحرجت، فانحنت تلتقطها...
بذلت كل جهدي لاستعادتهما، فلم أفلح إلا بعد بكاء مرير.
**
ارتفع نبضي جراء تحديه؛ فانطلقت كالسهم صاعدا إلى أن بلغت القمة؛ والناس، يا لعجبي! إلى انحدار...
أخبرني أنه من أبطال صعود الجبال، وحاز ألقابا عدة و و و
التفت فلم أجده ؛ كأنه تبخر...
أكان مجرد فيض خيال أم كان صدى؟!
**
انزوى في ركن مظلم، وضم بندقيته بحنو، وبقي ينتظر.
بعد هنيهة، رآه قادما يترنح صحبة امرأة لم يتبين معالمها، بيد أن مشيتها وعطرها النفاذ فضحاها.
صوب الفوهة وأطلق النار، ثم لاذ بالفرار.
تصفح الجريدة الصباحية بمقهاه المعتادة، وقرأ الخبر الطازج: رجل احتمى بركن مطلم، وسدد نيران بندقيته على صدغه بعد أن رآى زوجته صحبة رجل غريب.
استبد به العجب، وظل يطلب من النادل فنجان قهوة من الصباح حتى جن الليل.

**

قلت لأمي بعفوية: يوما ما سأحلق!
ضمتني إليها بحنان، وقالت لي: أنت طائر جنتي..
قبلتني فتورد خدي خجلا...
بدأ الحلم يكبر ويكبر إلى أن صار لديه جناحان.حلقت ولما رأيت المدافع مشتعلة، والنيران ملتهبة، وأعمدة الدخان مرتفعة، والجثث منتشرة، والمدن مخربة، هويت حزينا.
أسكنتني أمي قلبها، ودعت لي...

**
مفاجأة مدهشة تلك التي كانت تنتظرني حين فتحت الباب، وجدتني أبحلق في نفسي بذهول وكأني أنظر إلىها في مرآة، صفعته جعلتني أتيقن أني خارج دائرة الحلم.
أخبرتني أمي أني وحيدها، وطالت مني بإلحاح أن أحقق أمنيتها بأن تراني محاميا؛ ماتت قبل أن تراني بذلك الرداء الأسود..
جرني من معصمي وخرج، قافلا الباب بالمفاتيح، تاركا إياي أسبح في حيرتي.

**

خرجت من بيتي حائرا
سرت في الطرقات منخطف القلب والعقل..
تعثرت بحفرة
نهض قبري يعانقني باكيا.

**

أقفلت فمك عملا بشاعرية الصمت، ورحت تنتظر انفتاح مغارة الذهب...
اجتاحتك أمواج الدم، فلم يصبر لسانك فصرخ..
وجدت نفسك بداخلها تعاني سردية الكلام.

**

طلب نجاة
محملا بحزمة أسئلة دخلت مدينة فوجدتها مشوهة..عماراتها شامخة يسكنها الفراغ..أكواخها القصديرية الواطئة يأكل جباهها التراب..تعمر شوارعها جثث عفنة و تتجول فيها القطط السمينة في غير ما ذعر..مقاهيها عامرة بالكلمات المتقاطعة..كأوصالها المتناثرة..
أحسست بدوار فخرجت أعدو لا أطلب سوى النجاة..خلفي تقف بعزة أسئلتي المشنوقة..

**

سفر
استبد بها الحزن، و صبغ روحها بالسواد..فخرجت إلى الميدان الرحب تبغي عزاء..
كان القمر يزين الليل بنوره الفضي..نظرت إلى قبة السماء فرأت غيمة شاردة قرأت فيها وجه أبيها و هو يضحك لها ..
استجابت للنداء المقدس سريعا..و خلفها كانت سيول المطر تعانق دموع الأحباب..

**

رأيتها مقبلة، رفرف قلبي، توجهت إلى المطبخ، الطعام جاهز، وإلى غرفة النوم، مرتبة، وإلى الحمام، مهيأ كما ينبغي. جلست إلى الطاولة ووضعت رأسي على كفي وغفوت...
سمعت جرس الباب، فتحته، وإذا بأطفال يملؤون المكان صخبا، خلفهم أربع نسوة ناضجات، خلفهن امرأتان عجوزان، وخلفهما امرأة طاعنة في العمر، محدودبة الظهر، تمشي ببطء. تحلق الجميع حول الطاولة، والعجوز قبالتي، بعد برهة قدم رجل يحمل طورطة، وضعها أمامي وانصرف. قرأت بصعوبة اسمي، وقربه 150 سنة.
كانت الشموع تتلألأ بوهج، جمعت أنفاسي، وبكل قوة نفخت على الكابوس.

**

فاكهة...
***
جذبتني إليها ابتسامتها الساحرة، أقبلت عليها وأقبلت علي، وفي لحظة اشتباك الشفاه، تقلبت زوجتي على جنبها، فطعنت الحلم.

**

وصال {يمكن أن تكون هذه القصة منشورة سابقا}
الغرفة باردة كسكين..
الهواء راكد كأنفاس خنزير..يزحف إلى حقولي اليباس يهدد حقول أملي بالذبول..
تباركني الوحدة و يركب صدري الألم فتضيق أنفاسي و المكان..
ضجيج آت من بعيد يلعق صولة الصمت..الأضواء الآتية من هناك تكسر سطوة الليل..تغمز لي بإغراء..
أدب إليها..أزحف..و عند الباب أفقد وعيي..
يأخذني الفرح ..ينبتني في صدر البيت..يسري في جسدي دفء الوصال..فتخضل روحي و أصير وردة موردة الخدين..

**

قد يكون مكررا

تسربت إلى قلبه بذرة حزن، نبتت فتحولت تشاؤما، صار سلما ، ارتقاه إلى أعلى الخيبة، ومن هنا، قفز بطريقة بهلوانية ناجحة بشكل ممتاز في الفراغ.
دفع الأبواب كلها، فصدته، آمن، لحظتها، أنه منحوس، ينبغي محوه لتصفو السماء.
يا ليته جرب، برفق، ولمرة واحدة، جذبها إليه.

**

شهد
**
كشفت عن ساقيها، ورامت العبور...تريد حضور العرس باكرا...
خوفا عليها، أوقف تدفق النهر إلى أن مرت...تابعها بعينين شاهقتي الاندهاش...
وغرق.

**

أرب
**
رميت بصنارتي في بحر الحياة اللجي كسندباد فرح، أريد غنيمة، ما اصطدت سوى سمكة صغيرة برأس كالإبرة، حقنتني بداء الخلود، وتركت كبدي نهش الزمن. بقيت واقفا كالصنم أتقبل قوافل العزاء بفيض دمع.

**

أدار المحرك، ضغط على دواسة البنزين، حرك مبدل السرعة، وانطلق...
أصيبت أعمدة المصابيح بالدهشة وهي ترى إحداهن قد انحنت وبدأت تلعق جراح المشهد كقطة جرباء...

**

أنيس الدمى
**
وإذ خمد أوار الحرب، ظهرت على ساحة الوغى امرأة كالمجنونة تبحث بين الجثث بحمية... جمعت بشكل متهور الأشلاء المتنافرة، وحين كونت فيلقا، سارت أمامه إلى قريتها التي ما تذوقت الفرحة زمنا...
أقيم حفل صاخب من شواء وشراب ورقص، توهجت فيه البيوت من جديد...
وإذ أدركت أن الوقت قد أزف، جمعت كائناتها العجيبة، وسارت بها إلى "مصحة الدمى" حيث أودعتها لدى طبيبها يعالجها بمشارط خياله.

**

حيرة

رآني واضعا رأسي بين كفي، فسألني مستفسرا:
ما بك؟
صداع فظيع! وفراغ أفظع!!
أدهشني حين قال:
تناول أنثى!!!
نظرت إليه مستغربا:
ماذا تقول؟
تناول أنثى...
لم أصدق أذني، وليزيل حيرتي، قال مؤكدا:
المرأة أجمل دواء للرجل من صداع الحياة!

**

الخيط الرفيع
**
ليس من السهل السير على خيط رفيع معلق بين جبلين شامخين، على الأقل بالنسبة لي أنا الذي أشعر بدوار شديد من الطابق الثاني، بينما هي تسير برشاقة كما لو أنها تسير فوق أرض منبسطة مفروشة بالورد، غير عابئة بالعلو، ولا بخفقان قلبي الحاد...

**

يقسم إنه يحبني
وأنه لا يرى غيري
وأن الحياة من دوني عدم
ذلك الذي يطل علي من شرفة المرآة.
كنت قاب قوسين أو أدنى...
لولا ذلك الشرخ الأسود النابت في الجهة اليسرى من المرآة..

**

تميمة


فقدت صوابي، والله، لما رفعت تنورتها عاليا...
لقد رأيت
رأيت
صورتي مرسومة على ..

**

تلاص

لن أقول الحقيقة العارية للملك.
فقد سبقني إلى ذلك من امتطى صهوة أسرع لسان.

**

ريح {إلى روح سي عبدالرزاق هيدراني، رحمة الله عليه.}
أطلق الصياد نيرانه على العصافير
عارية سقطت الشجرة...

**

مواجهة
**
خرج من الحوض الدافئ مفعما...
قدمت له كوبا..
أمسك بمعصمها حتى انحنت، وراح يرتشف منه من نهديها..
بغضب أخبرته إن كررها ... سترسله إلى الفراش....

**

وهذه النصوص في صورتها قبل التعديل بناء على ملاحظات أخي بوحنش.
**
هزني منظر تسلط بدنين ضخمين على رجل ضعيف..
فتحت فمي لأستنكر..فحشوه ترابا..
نبتت أشجار و عششت فوقها بلابل..
كانت كل فجر تصدح بلحن الحرية..
سالت دموع فرحي ..حتى جفت العينان..
حينها،
أعلن الحزن على نفسي سلطانا..
بدت لي نورا..رأيت أنامل أشعتها تمسح غيوم ظلامي و تبدد سحب حزني السوداء، و تذهب إلى التلاشي غلالة اليأس..
رسمتها حلما لذيذا في غفوتي..
ثم،
سعيت إليها سعي المتبتل الولهان..يهرق روحه على أعتاب مذبح طهرها..بنفس ظمآى إلى الألق و الاطمئنان..
حين صارت بين يدي..
وجدتها رمادا..
ألقى الزعيم من أعلى الشرفة المطلة على الساحة الغاصة بالناس، خطابا متقنا، بصوت ساحر، دغدغ أحلامي..
بقيت على إثره منونا..
حينها، هبت نسائم باردة أيقظتني..و كأني من كهف الضياع خرجت..
فرفعت صوتي بالهجران..
دخل إلى قاعة الرهانات الفسيحة..
توجه صوب مقعده الخاص، فهو شيخ الرواد و حكيم المكان..
أقبل الناس عليه يستشيرونه عن الأرقام..
ظل يراهن حتى أفلس..
سمحوا له أن يراهن بدمه..
هذا اليوم، راهن بآخر قطرة غير ذات لون..
و بقي ينتظر..
تراقصت الأرقام أمام عينيه..
ألقت السكينة برحلها في قلبه الواهن، فسكن..
صرفت الجائزة لتغطية تكاليف جنازته التي مرت في جو مهيب و كئيب..
قرب الوكالة، أقيم له نصب..
سالت دموع فرحي ..حتى جفت العينان..
حينها،
أعلن الحزن على نفسي سلطانا..
ربما كنت تقصد هنا "أعلنت" لأني وجدت السياق يفيد ذلك.
================================================== ==============
بدت لي نورا..رأيت أنامل أشعتها تمسح غيوم ظلامي و تبدد سحب حزني السوداء، و تذهب إلى التلاشي غلالة اليأس..
رسمتها حلما لذيذا في غفوتي..
ثم،
سعيت إليها سعي المتبتل الولهان..يهرق روحه على أعتاب مذبح طهرها..بنفس ظمأى إلى الألق و الاطمئنان..
حين صارت بين يدي..
وجدتها رمادا..
هنا وجدت أن استعمال "أحسست بأنامل" سيكون أفضل للأن حركة الأنامل على الجلد تستثير اللمس أكثر من الرؤية وقد أعجبني هذا النص كثيرا لأنه تمكن من رصد خيبة الأمل بأسلوب شاعري جميل.
================================================== ==================
ألقى الزعيم من أعلى الشرفة المطلة على الساحة الغاصة بالناس، خطابا متقنا، بصوت ساحر، دغدغ أحلامي..
بقيت على إثره منونا..
حينها، هبت نسائم باردة أيقظتني..و كأني من كهف الضياع خرجت..
فرفعت صوتي بالهجران..
================================================== ====================
دخل إلى قاعة الرهانات الفسيحة..
توجه صوب مقعده الخاص، فهو شيخ الرواد و حكيم المكان..
أقبل الناس عليه يستشيرونه عن الأرقام..
ظل يراهن حتى أفلس..
سمحوا له أن يراهن بدمه..
هذا اليوم، راهن بآخر قطرة غير ذات لون..
و بقي ينتظر..
تراقصت الأرقام أمام عينيه..
ألقت السكينة برحلها في قلبه الواهن، فسكن..
صرفت الجائزة لتغطية تكاليف جنازته التي مرت في جو مهيب و كئيب..
قرب الوكالة، أقيم له نصب..
================================================== =================
أطلقت قطيع غضبي إلى الشارع..
لما علمت حساسية أذنه الدقيقة..بعثت بكلب خوفي يعيدها..
إلى حضيرة فمي..!
ربما من الأفضل استعمال " أدركت" لأن العلم بالشيء يتطلب أخذ الحيطة والحذر .
================================================== ===============
هزني منظر تسلط بدنين ضخمين على رجل ضعيف..
فتحت فمي لأستنكر..فحشوه ترابا..
نبتت أشجار و عششت فوقها بلابل..
كانت كل فجر تصدح بلحن الحرية..
================================================== =============
أمشي و الدرب طويل..خلفي يد خلفها رجل..
أمشي واثق الخطو..خلفي يد خلفها حقد..
أمشي و الهدف على بعد نسمة..خلفي يد في يدها سكين..
أمشي و الهدف قريب..خلفي يد و في يدها سكين يقطر دما..
أجثو و العنيان مفتوحتان و قد بلغت الغاية..
================================================== ============
كما قلت لك النصوص كلها جميلة وأعتذر عن التأخير .