انظر كيف سعى الشيطان
لإفساد مهمة أبي هريرة في هذه الأمة.
جاء أبو هريرة رضي الله عنـه مهاجرًا إلى المدينة في آخر أربع سنوات من حياة النبي صلى الله عليه وسلـم، ولازمه لا يفارقه ليل نهار، وكان يرضى بما يقيم أوده من الطعام، ولذلك سمع من النبي وشاهد من أفعاله الكثير الكثير على قصر المدة،
فقد روى أكثر من خمسة آلاف حديث.
ولا يخفى على الشياطين هذا الأمر الذي يقوم به أبو هريرة،
وما سيقوم به في المستقبل في حفظ هذا الدين ونشر العلم به.
فأراد شيطان من الشياطين أن يفسد هذا الدور على أبي هريرة،
ووجد بغيته لما كلف أبي هريرة بحراسة صدقات الفطر،
فبلغ الله تعالى نبيه بما حدث مع أبي هريرة،
وبما سيكون من شأنه مع هذا الشيطان.
انظر إلى الحديث الذي رواه البخاري؛
صحيح البخاري (3/ 101)
2311 - وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ الهَيْثَمِ أَبُو عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَوْفٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ، فَأَتَانِي آتٍ فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ فَأَخَذْتُهُ، وَقُلْتُ: وَاللَّهِ لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنِّي مُحْتَاجٌ، وَعَلَيَّ عِيَالٌ وَلِي حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، قَالَ: فَخَلَّيْتُ عَنْهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ»، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ، وَسَيَعُودُ»، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ سَيَعُودُ، لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَعُودُ، فَرَصَدْتُهُ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: دَعْنِي فَإِنِّي مُحْتَاجٌ وَعَلَيَّ عِيَالٌ، لاَ أَعُودُ، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ شَكَا حَاجَةً شَدِيدَةً، وَعِيَالًا، فَرَحِمْتُهُ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ كَذَبَكَ وَسَيَعُودُ»، فَرَصَدْتُهُ الثَّالِثَةَ، فَجَاءَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ، فَأَخَذْتُهُ، فَقُلْتُ: لَأَرْفَعَنَّكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَهَذَا آخِرُ ثَلاَثِ مَرَّاتٍ، أَنَّكَ تَزْعُمُ لاَ تَعُودُ، ثُمَّ تَعُودُ قَالَ: دَعْنِي أُعَلِّمْكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللَّهُ بِهَا، قُلْتُ: مَا هُوَ؟ قَالَ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ، فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ، فَإِنَّكَ لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَنَّكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، فَأَصْبَحْتُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ البَارِحَةَ»، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، زَعَمَ أَنَّهُ يُعَلِّمُنِي كَلِمَاتٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، فَخَلَّيْتُ سَبِيلَهُ، قَالَ: «مَا هِيَ»، قُلْتُ: قَالَ لِي: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الكُرْسِيِّ مِنْ أَوَّلِهَا حَتَّى تَخْتِمَ الآيَةَ: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ} [البقرة: 255]، وَقَالَ لِي: لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ، وَلاَ يَقْرَبَكَ شَيْطَانٌ حَتَّى تُصْبِحَ - وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى الخَيْرِ - فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ صَدَقَكَ وَهُوَ كَذُوبٌ، تَعْلَمُ مَنْ تُخَاطِبُ مُنْذُ ثَلاَثِ لَيَالٍ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ»، قَالَ: لاَ، قَالَ: «ذَاكَ شَيْطَانٌ»
الشيطان أظهر نفسه لأبي هريرة،
وأظهر نفسه على أنه سارق للطعام،
فقبض عليه أبو هريرة، وهدده برفعه للنبي صلى الله عليه وسلـم،
فأظهر فقره وعنده عيال، وحاجته الشديدة للطعام.
فرحمه أبو هريرة وأطلق سراحه من غير أن يعطيه شيئًا،
ولو أعطاه لخان أبو هريرة الأمانة التي وكل بحفظها،
فهو مكلف بحفظها ولا سلطة له على الإنفاق منها.
فلما فشل الشيطان في كيده ولم يفلح، .. فستكون له كرة أخرى ..
فسأله النبي الذي أطلعه الله على كيد الشيطان؛ ماذا فعلت بأسيرك البارحة؟
وأخبره النبي أنه كاذب وأنه سيعود لفعلته،
وعاد كرته في الليلة الثانية إشعارًا بأنه في حاجة ملحة ..
فلعل أبا هريرة يلين هذه المرة ... فلم يفلح
وعاد كرته في الليلة الثالثة ... فلم يفلح كذلك،
ويأس بعدها من أبي هريرة،
أو أن الزكاة ستوزع وينتهي بذلك عمل أبي هريرة في حفظها،
فبين النبي عليه الصلاة والسلام لأبي هريرة أن ذلك اللص كان شيطانًا.
فلو خان أبو هريرة الأمانة وتصرف بالمال كأنه مالكه،
لفقدت ثقة الأمة به، ولطعن في أمانته في نقل حديث النبي عليه الصلاة والسلام،
وأنه يتصرف به كيف يشاء، وهو الذي رزق بقوة الحفظ ببركة دعاء النبي له.
بل هو الصحابي الوحيد الذي رفض الالتزام بنهي عمر رضي الله عنـه
لما رأى المسلمين يعطون اهتمامًا للحديث أكثر من القرآن في مجالسهم،
فرفض لأنه عد ذلك من الأمانة التي يجب تبليغها وعدم كتمها.
هذا هو أبو هريرة رضي الله عنـه.....
الحافظ الأمين لسنة نبيه الكريم.
وسؤال يطرح بهذه المناسبة ...
هل طعام الجن من طعام الإنس؟
المفضلات