غوفان مبيكي صانع الثورة و هيروهيتو البعبع الذي أرعب أمريكا
---------------------------------------------------------------
لكل زعيم قصة تختلف عن باقي الزعماء، إلا أن قاسما مشتركا كان يجمعهم، هو قيادة حركات التحرر الوطني و نهضة الشعوب المقهورة ، و تمكن هؤلاء الزعماء من زحزحة الاستعمار وانتزاع الاستقلال الوطني بطرائق مختلفة، كما أن معظمهم تعرضوا إلى انقلابات عسكرية، و آخرون أعدموا لمواقفهم، و أنا أنقب في الكتب القديمة بإحدى محلات بيع الكتب القديمة بالمدينة القديمة السويقة "سيرتا" قابلتني صفحات هشّة لإحدى المجلات العربية ، هي مجلة "الحوادث" في عددها 44 لصاحبها الدكتور كرم ملحم كرم و قد صادفني مقال حول الزعيم الياباني هيروهيتو ، بيّن فيه صاحبه العلاقة الثنائية بين اليابان و الولايات المتحدة منذ بدايتها في 1944 ، و هي طبعا تذكر بالذكريات المؤلمة للحرب العالمية الثانية، و يكشف المقال عن العداء الأمريكي المتجدد تجاه اليابان، خاصة ما تعلق بالجانب الصناعي، و المشروع الياباني المشترك الخاص بالطائرة المقاتلة أف أس إكس FSX في عام 1988، و لقي هذا المشروع معارضة قوية من طرف الكونغرس الأمريكي، لأن اليابان تعتبر البعبع الذي يرعب أمريكا و حلفائها، سألت عمّي قوقل google عن اسم هيروهيتو ، و قد دلّني إلى صفحات تناولت مسيرة هذا الزعيم الإمبراطوري الذي وافته المنية يوم 07 جانفي 1989 ، و مثلما جاء في مقال مجلة الحوادث تحت عنوان: الأمريكيون يصنفون اليابان خطرا اقتصاديا داهما، و جاء في عنوان مصغر: ( دَفْنْ هيروهيتو لم يدفن أحقاد الماضي) ، فكلما ذكر اسم هيروهيتو في اليابان إلا و تذكر اليابانيون أحداث الحرب العالمية الثانية ، و صور الدمار الهائل الذي خلفته القنابل الذرية فى مدينتي "هورشيما" و"ناجازاكي" اليابانيتين، و التهم التي وجعت لزعيمهم، باعتباره الحاكم الفعلي للبلاد، و لكن بعد التحقق من الأحداث برأ اليابانيون إمبراطورهم، هيروهيتو، الذي تمكن و جيشه من زرع الروح القومية الوطنية المتشددة والروح التوسعية في الشعب الياباني، و لا يهم هنا الشؤون الداخلية لليابانيين، بقدر ما يهم الحديث عن "الزعامة" و ما حققه الزعماء في العالم من أجل الحرية و حقوق الإنسان ، و لعل في مقدمتهم شخصية المقال هيروهيتو الذي كان يعتبر البعبع الذي يرعب أمريكا، فاسم هذا الرجل ارتبط بأسماء زعماء عرفهم العالم.
فكل دولة ارتبط اسمها بزعيم قاد ثورة للقضاء على العنصرية و الفقر و العبودية ، فنقرأ عن تشيغيفارى، و عن فيدال كاسترو ، غاندي، كما حظيت القارة السمراء بالعديد من الزعماء الأفريقيين و منهم أحمد سيكوتوري رئيس غينيا، كواما نكروما ، و الزعيم الكونغولي باتريس لومومبا، و نقرأ أيضا عن نيسلسون مانديلا ، و غوفان مبيكي من مدينة ترانسكاي (المقاطعة التي ولد بها مانديلا)، و نقرأ عن الزعيم سيافاس بانساه، الغريب هو أن هذا الأخير كان أحد زعماء قبائل "هوهو" بغانا ، تزوج بألمانية و قرر الإقامة في ألمانيا التي ذهب إليها من أجل الدراسة ، بحيث استطاع أن يدير شؤون بلاده عن طريق وسائل الاتصال الحديثة ( السكايب) وعن طريق المكالمات الهاتفية، حتى أنه كان يضطر أحيانًا للبقاء إلى ساعة متأخرة من الليل للفصل في النزاعات القبلية، و دون أن ننسى الزعماء العرب أمثال الأمير عبد القادر، مصالي الحاج، الرئيس هواري بومدين في الجزائر، و من مصر جمال عبد الناصر و صدام حسين من العراق، و الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي كان الوحيد الذي يقول لأمريكا " طزّ فيك يا أمريكا" و من تونس الحبيب بورقيبة و غيرهم، فلكل زعيم قصة تختلف عن باقي الزعماء، إلا أن قاسما مشتركا كان يجمعهم، هو قيادة حركات التحرر الوطني و نهضة الشعوب المقهورة ، و تمكن هؤلاء الزعماء من زحزحة الاستعمار وانتزاع الاستقلال الوطني بطرائق مختلفة، كما أن معظمهم تعرضوا إلى انقلابات عسكرية، و آخرون أعدموا لمواقفهم، و الحقيقة أن الزعامة ليست هبة تمنح لكل من هب و دبّ، أو وِسَامٌ يُعَلَّقُ، و إنما هي تضحيات جسيمة و عطاء لا مشروط، و خدمة لا متناهية، و شروط أخرى عديد ة وجب أن تتوفر في الشخص الذي يطلق عليه لقب "الزعيم"، لكن للأسف نقرأ اليوم من يقول أن ملك المغرب محمد السادس الزعيم الإفريقي، و هو تصريح أدلى له ادريس شحتان على القناة الفضائية " شوف تي في" لمجرد عدد زياراته التي قام بها إلى دول افريقية، و توثيقه اتفاقيات تعاون مع بلدان افريقية و خطاب ألقاه محمد السادس، غير أن صاحب المقال وصفه بالزعيم و قال أنه رسم صورة للزعامات التاريخية لإفريقيا، و هو ما يدعو إلى السخرية، لأن الزعامة لا تبنى على هذه الأوصاف.
علجية عيش