التحرش الالكتروني
الدكتور عادل عامر
ان الكثير من الشباب يتعرضون يوميا لتعليقات مسيئة على شبكة فيسبوك للتواصل الاجتماعي ومنشورات مسيئة على "إنستغرام" بل وحتى يواجهون مقاطع فيديو سخيفة ومستهزئة على تطبيق "واتس آب".و يعاني كثيرون من مستخدمي الأجهزة الإلكترونية الموصولة بشبكة الإنترنت من تعرّضهم لأشكال مختلفة من المضايقات، بدءاً من الإلحاح بالتعارف من أشخاص لا يعرفونهم، أو تعرّضهم للملاحقة والتعقّب من جانب آخرين ممن لديهم خلافات شخصية معهم، أو من خصومهم السياسيين، أو التعقّب من الجهات الأمنية. وقد يتعرّض المرء للتحرّش من أشخاص معروفين له أو من مجهولي الهوية.
. وتكمن المشكلة الحقيقية في أن حوالي ثلث الشباب الذين يتعرضون للتنمر أو التحرش الإلكتروني لا يقصون الأمر على الأسرة، ولهذا تم تدشين مبادرات في عدة دول يقوم فيها ضحايا تنمر سابقون وخبراء بتوجيه النصائح حول كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بالشكل الأمثل دون السقوط في بئر التنمر سواء كفاعل أو كضحية.
ويمثل التنمر والتحرش الإلكتروني مشكلة كبيرة في المجتمع لأنهما يحولان فراغا يفترض أنه مخصص للمرح وصناعة الأصدقاء إلى مكان يشهد مواجهة بين الجلاد والضحية، وهو الأمر الذي ينعكس على الحياة الحقيقية بشكل ربما لا تحمد عقباه.
وتعد المشكلة الكبرى لظاهرة التنمر أن الآثار النفسية لها ربما تمتد لسنوات، حيث توضح دراسة نشرت في دورية جمعية الطب الأميركية أن ضحايا مثل هذه الممارسات يصبحون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالقلق والاكتئاب والرهاب والهلع.
ولا تعد هذه هي الآثار الوحيدة التي ربما تنجم عن ظاهرة التنمر بكل أشكالها سواء كان ذلك في العالم الافتراضي أو في عالم الواقع، نظرا لأن الأمور ربما تصل إلى ما هو أسوأ من ذلك حيث يتحول الضحية مستقبلا إلى شخص عدائي تقوده رغبة كبيرة في الانتقام.
لقد ساهم الانفتاح الهائل والمفاجئ على خصوصيات الأشخاص الآخرين، من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، والأجهزة الإلكترونية التي يتوافر لديها اتصال مستمر بشبكة الإنترنت، وسهولة الوصول إلى الآخرين في أي زمان ومكان، من خلال وسائل التواصل الفوري، في حدوث ما يُعرف بالصدمة الثقافية لدى مستخدمي هذه الشبكات، وعدم القدرة على إدارة العلاقات مع الآخرين من خلال هذه الوسائل في شكل صحي.
وتشير دراسات أُجريت على أشخاص يستخدمون التحرّش الإلكتروني كوسيلة لإزعاج ضحاياهم، إلى أنهم يعانون من تقدير ذات متدنٍ، وليست لديهم قدرة على المواجهة وجهاً لوجه، وأنّ لديهم مقداراً من اضطراب الشخصية النرجسية الذي يقلل من قدرتهم على تقدير نتائج أفعالهم، فيرتكبون أفعالاً لا سقف لدرجة السوء الذي قد تؤدي إليه، طالما أنها تخدم شهوتهم للانتقام.
كما أنّ استخدامهم التحرّش الإلكتروني يشعرهم بمزيد من القوة والسيطرة التي تتطلبها نرجسيتهم، وهوسهم المرضي بملاحقة ضحاياهم في كل زمان ومكان، وهو ما يوفره بسهولة الاتصال الدائم لهم ولضحاياهم على الشبكة العنكبوتية من خلال أجهزة الهواتف والأجهزة المحمولة الأخرى، المرتبطة في شكل دائم بالإنترنت؛ حيث تقوم استراتيجيتهم في إيذاء الآخرين على الإصرار والمطاردة، وتتبع أصدقائهم ومن يتفاعلون معهم على شبكات التواصل الاجتماعي ليروّجوا إشاعاتهم عن ضحاياهم وتشويههم أمامهم.
وهم غير قادرين على إدارة مشاكلهم الشخصية في شكل صحيح، ولديهم ميل مرتفع الى القلق الخارج عن السيطرة، والذي يؤدي إلى التهور في استخدام الوسائل الإلكترونية في شكل غير مدروس في تصفية الحسابات والإساءة الى الخصوم. كما أنّ لديهم اعتقاداً بأن الوسائل الإلكترونية أسرع في نشر الفضائح أو التشهير بالآخرين. وهم كذلك عرضة للاكتئاب أكثر وأسرع من غيرهم، ويشعرون بأن الإساءة الإلكترونية أكثر أماناً لهم، حيث يعتقدون أن من الصعب الوصول إليهم أو تحديد هويتهم الحقيقية.
ثمة ستة أشكال متعارف عليها من التحرّش على الإنترنت، تبدأ بالاتصال من شخص غير معروف، أو التعرض للشخص بكلمات نابية ومهينة، أو إحراج الشخص بشكل مقصود، أو التهديد بالأذى، أو التحرش الجنسي، أو الملاحقة المستمرة، لتصل حد التهديد بالقتل. وتشير نتائج إحدى الدراسات أن 40 في المائة من الأشخاص تعرضوا لتحرش على الإنترنت، و73 في المائة يعرفون شخصاً تعرّض للتحرش الإلكتروني. تجدر الإشارة إلى أنّ التحرّش الجنسي على الإنترنت لا ينحصر بالنساء والفتيات، إذ إنّ الرجال والشبان أيضاً يتعرّضون لأشكال مشابهة من التحرش الجنسي. قد يختلف نوع التحرش بالرجال، إذ أنّهم أكثر عرضة للتهديد بالإيذاء أو القتل من النساء، في حين أن النساء أكثر عرضة للتحرش الجنسي.
كما أنّ انتشار ثقافة الاستعراض من خلال نشر الصور والمعلومات الشخصية بحثاً عن الاهتمام والانتباه من جانب الآخرين، والفراغ النفسي والعاطفي الذي يدفع الأشخاص لقضاء ساعات طويلة على شبكة الإنترنت أو في استخدام الأجهزة الإلكترونية، وتفاقم مشاكل الإدمان الإلكتروني، أدت إلى زيادة التحريض على ممارسة التحرّش من خلال الإنترنت، وبالتالي زيادة إمكان تعرّض مستخدمي الشبكة والأجهزة الالكترونية الى هذا التحرّش.
جرائم التحرش الإلكتروني إلى جانب جرائم الابتزاز أو انتحال الشخصية غالبا ما تختص الإدارة بجرائم الابتزاز أو التشهير أو التهديد من خلال الإنترنت، أما التحرش الإلكتروني فهو جريمة لها توصيف قانونى بأنه "فعل فاضح غير علني"،
وفى هذه الحالة تقدم المتضررة بلاغ ويتم تتبع الحساب والقبض على صاحبه الذى يمكن في حالة الإثبات توقيع عقوبة تماثل عقوبة التحرش الجنسي.
- استخدام إعدادات تضمن تحقيق أعلى مستوى من الخصوصية على الشبكة العنكبوتية أو على الأجهزة الإلكترونية، ما يساهم إلى حدّ كبير في الحدّ من التعرّض للتحرّش الإلكتروني، وذلك بعدم قبول طلبات الإضافة من أي شخص غير معروف، وعدم نشر الصور الشخصية أو أرقام الهواتف أو المعلومات الشخصية والأخبار في نطاق أوسع من نطاق الأصدقاء، سواء كان ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي، أو وسائل التراسل الفوري.
- من الضروري جداً الاحتفاظ بأدلة تتضمن المضايقات والتعليقات والرسائل التي تتعرّض لها، لأنها ستساعدك في إثبات هذه الوقائع.
- عرض الأدلة التي جمعتها على محامٍ يعرف قوانين الجرائم الإلكترونية في بلدك، حتى يبيّن لك ما هي النتائج القانونية المتوقعة لمثل هذه الجرائم.
- في حال كنت تعرف هوية الشخص الذي يقوم بإيذائك فيمكنك محاولة التوصل إلى حلّ وديّ، وتوعيته بعواقب ما يقوم به، قانونياً.
- التقدّم بشكوى رسمية، حيث إن لدى غالبية الدول أجهزة أمنية خاصة بالجرائم الإلكترونية، وتميل في معظمها إلى مضاعفة العقوبات على هذه الجرائم، ويسهل الوصول إلى المتحرّشين، خصوصاً حين يستخدمون أجهزة متصلة بالإنترنت في المنزل أو العمل، وبالتالي التعرّف إلى هويتهم الحقيقية، وتعرضهم للمساءلة القانونية.
63% من النساء استقبلن صورًا فاضحة من حسابات وهمية وحتى غير وهمية من متحرشين، وما أن تقوم بالتبليغ، حتى يعود بحساب آخر وحساب آخر وتستمر في التبليغات. علّق أحد المشاركين بالدراسة بأنّ زوجته تلعب الألعاب على الإنترنت، وقد لاحظ بعض التعليقات تجاهها من اللاعبين الذكور التي تعتبر تحرشًا جنسيًا، فقط لكونها أنثى ولا شيء آخر. الأمر لا يقتصر على النساء، الرجال أيضًا يتم التحرش بهم جنسيًا لكنه نادر الحدوث، بالنسبة للنساء الأمر مروّع؛ لأنّه يحدث بكثرة وقد يصيب إحداهن بالتوتر واعتزال الإنترنت نهائيًا.