تميزت الكتابة الأدبية في فلسطين بالرمزية، خاصة في القصة القصيرة و دورها في مقاومة الاحتلال، حيث اتخذ الأدباء الفلسطينيين الرمز كأداة للكتابة في ظل الحصار المشدد عليهم و تقييد حريتهم في التعبير و الكتابة ، و من الكتاب الذين تطرقوا إلى أدب المقاومة نجد الأستاذ توفيق الفياض أديب و كاتب فلسطيني إلى خصوصيات التجربة الفلسطينية في عالم الكتابة ، فرغم الحصار المشدد على الكتاب، كانت ” الأرض” هي القيمة الأساسية عند الكتاب و الشعراء الفلسطينيين، كون الصراع كله كان و ما زال حول الأرض، و يعتبر الأديب أحمد حسين أول من وضع أسس القصة القصيرة التي تدور حول المقاومة، و كتب هذا الأخير قصص ترسم وضع الفلاح الفلسطيني في ظل الاحتلال، حيث كانت ضريبة الدخل السيف المسلط على الفلاحين ، في قصة كتبها بعنوان ” الإله” بين فيها كيف تصادر إسرائيل الأراضي الفلسطينية، و الحقيقة أن القصة القصيرة جاءت بعد نكسة 1967، و كان الشعر الأسبق في الكتابة عن فلسطين، و يبين الأستاذ توفيق الفياض أن أدب المقاومة يعتبر أدب التعديل في صراع “الأنا” و كشف الآخر و مواجهته، و الانتصار عليه، كما يمكنه أن يحقق أهدافا من خلال كمناهج متباينة، فهو بمثابة الدعوة إلى النضال و توثيق التاريخ و نقل المعاناة، هي الدعوة إلى الصمود و رفض الهجرة و رفض التعامل مع المحتل، و اللجوء إلى الكفاح المسلح ، علاوة على تمجيد البطولات، و حسب المحاضر فـ: “الرمزية” جاءت بعد تشديد الرقابة على الكتاب من اجل مواصلة إبداعهم، مستعملين في ذلك الأمثال الشعبية لخدمة الفكرة المسيطرة على القصة، أو الحديث عن الأم و ابنها مثلما هو الشأن في قصة “أم الخير” الرمزية، و هي امرأة ترمز إلى فلسطين، و ابنها هو الفلسطيني، و آخرون اعتمدوا على رسوم الحيوانات مثل رأس الغراب أو الذئب، و هذه الفئة هي الأكثر تأثرا بالأسلوب الرمزي ، أما مصادر أدب المقاومة فهي متنوعة منها الواقعية، التاريخية و الدينية و غير ذلك.
و من خلال النصوص الأدبية المعروضة يمكن القول أن هناك قاسم مشارك بين أدب المقاومة عند الكتاب الجزائريين و الفلسطينيين ، و هي المحاضرة التي ألقاها الأستاذ محمد أسعد قادري رئيس جمعية الأخوة و الصداقة الجزائرية الفلسطينية و مسؤول للمفوضية العربية لحركة “فتح” و عضو في جمعية الزيتونة الشبانية، سلط فيها الضوء على الدعم الجزائري للفلسطينيين، حيث كانت المجالس الوطنية الفلسطينية تنظم بدعم من المجلس الشعبي الوطني أيام الشريف مساعدية، كما بين فيها العلاقة بين الثورتين الفلسطينية و الجزائرية، و موقف المير عبد القادر المشرف عندما خيرته فرنسا المكان الذي يقيم فيه بعد إصدار قرارها بنفيه، فكان له أن يختار مدينة “عكّا” ، و حسب المحاضر فإن الثورة الفلسطينية انطلقت بسلاح جزائري ، فعندما التقى ياسر عرفات و أبو جهاد بالقيادة الجزائرية مثلها الطاهر الزبيري و هواري بومدين وطلبوا من الجزائر ان تدعمهم بالسلاح من أجل القيام بالثورة و تحرير فلسطين، فما كان على الجزائر إلا أن تسلم مستودعاتها التي في سوريا و لبنان، و معلوم أنه يوجد الآن سبع ( 07) قرى جزائرية في الشمال الفلسطيني ، و هناك مدينة مشتركة جزائرية فلسطينية تسمى “سنخ” تقع بجانب بحيرة طبرية في القدس، كما يوحد حي المغاربة خصص للجالية الجزائرية في فلسطين، و هذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى توطيد العلاقة بين الجزائر و فلسطين التي كما قال قسمت الرغيف و النزيف مع الشعب الفلسطيني، و لن ينسى الشعب الفلسطيني عبر مسار النضال الطويل من احتضن قضيته.