الاديب الشاعر أ. د سعد الحداد مع نماذج من شعره
بقلم | مجاهد منعثر منشد
استاذنا المعاصر د. سعد محمد حسين جلوب الحداد (اطال الله عمره ) ,استاذاً فذاً ,ادبياً بارعاً , شاعراً كبيراً , مؤلفاً ومحققاً . وبذل جهود كبيرة في تحقيق كتب التراث الادبي وخاصة الشعرية منها ,فأبدع وتألَّق.
ولد في مدينة الحلة عام 1961م , وينتسب الى قبيلة العبودة المعروفة في العراق .
وهو انساناً بمعنى الانسانية , واسع الصدر طيِّب القلب , متواضعاً وخلوقاً , لا يبخل بعلمه على احد وكل عمله خدمةً للإنسانية وإحياءً لتراثها الادبي .
وكما اني اعتبره استاذي فهو اخاً وصديقأ وعزيزاً , ودائما أثقل عليه بأسئلتي ومداخلاتي ، ويتحمَّلني ، ويُسَرُّ بهما , رغم انشغاله بأعمال الباحثين والادباء واعماله الادبية والتأليف والتحقيق .
وصحح وقدم لي على بحثي (اسرة ال عبيد من البو خريص قبيلة خفاجة ) , وصحح لي المقدمة على دراستي وتحقيقي لكتاب( ذكرى علمين من ال مطر) , وارشدني بنصائحه الادبية القيمة على قصتي القصيرة بعنوان (الجسد) .
وهذا الاستاذ الفاضل تخرج في جامعة بغداد – كلية التربية – قسم اللغة العربية في العام 1985م .
عيّن على ملاك مديرية تربية بابل . عمل رئيساً لقسم اللغة العربية في معهد إعداد المعلمين في بابل منذ عام 2000م و الان في اعدادية الجامعة .
حصل على درجة الماجستير في أدب العصور المتأخرة من جامعة بابل – كلية التربية العام1999م . وعلى الدكتوراه في الأدب العربي الحديث عام 2009م.
عمل في الصحافة محرراً للصفحات التراثية والثقافية في جريدتي الجنائن والفيحاء الحليتين ، ومراسلاً لجريدة المدى البغدادية ومجلة الملتقى البغدادية ، ومدير تحرير مجلة شبابيك ومدير تحرير جريدة بابل الاسبوعية التابعة لمجلس محافظة بابل .
أصدر بعد سقوط النظام مجلة ( المحقق ) سنة 2003 م .
شارك في عدد كبير من المؤتمرات والمهرجانات الثقافية والفكرية والشعرية داخل العراق وخارجه . وحصل على عدد من الجوائز الادبية .
ساهم في تأسيس عدد من الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني داخل المحافظة وخارجها منها : جمعية إحياء تراث الحلة وجمعية الرواد الثقافية المستقلة ورابطة المثقفين الديمقراطيين و هيأة الإحياء والتحديث الحضاري في محافظة بابل- ومؤسسة تراث بابل ومركز تراث الحلة التابع للعتبة العباسية ومركز العلامة الحلي لتحقيق تراث علماء الحلة التابع للعتبة الحسينية المقدسة ورابطة السياحة في بابل وغيرها .
وهو عضو اتحاد الأدباء والكتاب – فرع بابل – وعضو مركز الأمير لإحياء التراث الإسلامي في النجف . فضلا عن عضوية عدد من النقابات في بابل .
صدرت له الكتب الآتية :
- ذخائر المآل في مدح المصطفى والآل ، دراسة وتحقيق ، بابل ، سنة 2000م .
- موسوعة أعلام الحلة ، الجزء الأول ، بابل، سنة 2001م.
- وثائق من ثورة العشرين ، تحقيق ، النجف ، سنة 2002م .
- أسفار المحبة – ديوان شعر – النجف ، سنة، 2002م .
- محمود حسان مرجان – حياته وأدبه – النجف ، سنة 2002م .
- العودة الميمونة – شعر ونثر – تحرير بابل ، سنة 2006م .
- الحسين في الشعر الحلي – تراجم وقصائد – الطبعة الأولى ، النجف ، سنة 2007م . الطبعة الثانية ، إيران ، قم المقدسة ، 2015م .
- مراقد الحلة الفيحاء – الجزء الأول – النجف
نماذج من شعر الدكتور سعد الحداد:



(القربان)
قال في رثاء الامام الحسين ( عليه السلام):
غَفَتِ الجراحُ وظلَّ جُرحُكَ قانيا
يشدو تراتيلَ السلامِ مـعانيا
حتى استقامَ على المدى أهزوجةً
ملأتْ فضاءاتِ القلوبِ مغانيا
وسرتْ على أهداب نخلٍ مُتْرَفٍ
حتى كأنَّ السعفَ أرخى جاثيا
ونمتْ غصوناً مثمراتٍ للورى
عَبَقَ الاريجُ بفَيِّـها متهاديا
وعلتْ خيولُ اللهِ جامحةً ، تفيضُ
سيولَ عزٍّ للنفوسِ غواديا
فَسَمَتْ لأعلى العرشِ صادحةَ المنى
هذي قرابيني إليكَ أضاحيا
إنْ كانَ يرضيكَ الفدا متقاطراَ
فَخُذِ الفداءَ سناً ، دمي وعياليا
فبكى الفراتُ يغصُّ من ألم ِ الظّما
وبكتْ عراصُ الطَّفِّ تندبُ ناعيا

.................................................. ...............

(الشَّجنُ الحَزينُ)

أُنْبيكَ عن هذي الحياةِ جوانباً
فيها من الشَّجنِ الحزينِ مَساربُ
إذْ كنتُ فيها باسماً متفائلاً
لكنّما الأقدارُ ليس تُغــــــالـَبُ
يسري التفجّع ُ والأسى مَسْرى الدِّما
فتهيجُ في جذرِ العروقِ مَساغبُ
وتَهيمُ في بحرِ الحنانِ نواظرٌ
فتعودُ حَسْرَى والدّموعُ سواكبُ
وإذا المَشَاعرُ تزدهي بعواطفٍ
سُرعانَ ماتهوي جَوىً يتناهبُ
وإذا الأخلّةُ في نعيم ٍ يُرْتَجَى
تَغْتالُ منهم بهجة ً وتُشاغبُ
وإذا المَسرّةُ فَتّحَتْ أبوابَها
أَلْفَيتَ غولاً شاخصاً يتذائبُ
تذوي السُّنونُ وماءُ روحِيَ مُقْرَحٌ
لولا التَّصبّرُ عينُها تتجاذبُ
مانلتُ من أَلَقِ السُّطوعِ مراتبا ً
إلا وذابت ْ في الأنين مراتبُ
.................................................. .........................
(هزّي إليكِ القلبَ)
أُسَكِّنُ الرُّوحَ أحلاماً وأنتظرُ
ما أتعسَ الليلُ إنْ لم يَهْطُلِ السَّحَرُ
أسرى بيَ الحبُّ في الإضلاع يغمرُني
دفءَ الحنينِ وشوقاً فيه أنصهرُ
علّقتُ روحي تعاويذاً على صورٍ
كي أنْهَلَ الدرّ رياناً وازدهرُ
آهٍ لمن فجّرَ الآهاتِ في غَنَجٍ
صدرٌ ينزُّ لظىً والقلبُ يستعرُ
والأحمرُ الدافقُ الإحساسِ يلهبني
لَهْفَ العناق و كأساً منه أعتصرُ
مازلتُ أشهقُ محموماً يلازمني
شوقٌ ومازلتُ مسحوراً وأحتضرُ
كأنَّ حُمَّى غَرامٍ ترتدي بَدَني
تُطوِّقُ القلبَ كالنيرانِ تنتشرُ
ألهبتِ شيبي بسحرِ الشَّعْرِ منسَدلاً
فابْيَضَّتِ العينُ دمعاً راح ينهمرُ
كيف الهوى يَصْرعُ العشاقَ من نَظَرٍ
كان التساؤلُ مذهولاً ويشتجرُ
حتى رَمَيتِ بقلبي سحرَ قافية ٍ
من خمرِ عينيكِ لحناً فيه أعْتَطِرُ
عمرِي وفاتنتي ، وَجْدي إليكِ هَمِيْ
يكادُ يخترقُ الآفاقَ ، ينفجرُ
مورّدٌ خدُّكِ المعطارُ ، سوسنةً
تُذكي المجامرَ تقديحاً وتفتخرُ
خُذي إليكِ يديْ ، خجلى يراودها
سحرُ العناقِ وهزّي القلبَ يأتَمِرُ
.....................................

.................................................. .........

(آخر المرايا)

ينفثُ الغيابُ صمتَهُ
وحزني لحن ٌ جنوبيٌّ معتّقٌ
جمرٌ تُقَلّبُهُ العيونُ
وقلبٌ يتهجى الأسى
وأصابعي أوجعها الرعشُ
ماعادَ الماءُ ماءً
ولا الخبزُ
ولا العطرُ
ولا الصبرُ..!!!
يقتلني الوقتُ دهشةً
فأراقصُ الفضاءَ جنوناً
والغيابَ حنيناً
كلماتي .. زفراتُ الأنين
وحروفي خرساءُ
تتسللُ عبرَ منافذ الذكرى
أحدّقُ في الرُّوحَينِ لهاثاً
وحماماتُ الرُّوحِ حمقى
تتجاذبُ نزقَ البراءةِ
آخرُ العناقيد
وحدي يهطلني الحزنُ
ضعفينِ من فراق
فأحتفي بالنومِ ملاذاً
وأتوسَّد غربتي ...
ذاكرتي تتشظى ...
****
أيها الغيابُ
ماعدتُ أحتملُ الغيابَ
أعِدْهُما مكتنزينِ
قد ضاقَ بي موردُ المحبة.
.................................................. ..............


(أحبُّكِ جداً جداً)
البلادُ
التي ماؤها حبٌّ
تُمْسِكُ بنَهدٍ خجول ...
**
دعيني أرتّق ُ قراطيسي
وأخيطُ منافذَ النبضِ
متنهّداً عند أعتابِ القلبِ
الوقتُ عابرٌ يتلصّصُ
والأحاجي مللٌ يفتكُ بالرغباتِ
حبُّكِ لغزٌ يتفرّدُ بالحنين
وبعضُ دمي غيثٌ
لم يزهرْ فيه سواكِ
غصناً مازال ينمو في الكفّين
**
مازلتُ أتكوَّرُ في أقمصتي
أتلوى كالملسوع بأساور معصميكِ
وأعيدُ قراءةَ روحكِ المترفة
وأتمنطقُ أحزمة العشقِ.
العشقُ حروبٌ ناعمةٌ من رحيق
لها طعم ُ الحمّى المعتَّقةِ بالجنون
الجنونُ الذي أناخَ بقلبي
وهو يزحفُ نحو ساريةِ البحرِ
البحرُ يعلنُ امتشاقَ الموج
أهلّة أو صليباً
لافرقَ
مادامت البلادُ تحاطُ بالعيون
ويُزْهِرُ على شفتيكِ نايٌ
يعزفُ سرّي
أحبك جداً
أيتها البلاد التي تشبه
تضاريسَ روحي ..
والليلُ المنسدلُ على فرائصها
يبوحُ
بألواني المنقوشةِ على راحتينِ من حنّاء
تخضّبُ عُشْبَ الأرضِ
مسرةً
وقوافيَ من شعرٍ متمرّد
يغزو قلوبَ الحبيباتِ
**
أحبّكِ جداً جداً
أنثايَ
حين تفترشُ الأحداقُ المرايا
وتلمعُ كالبحر
فيستحي الخالُ
حينما يرشُّ بالقُبل .
والشفتانِ بإمضاءِ الوميض.
أحبك أنثايَ
بلاداً
تطوّقني كالشَّجرِ اليتيمِ
فاخلعُ عند أغصانها حزني
وأتهجّد في ثمارها المِلاحِ
ارتشفُ خمرةَ السكون
واعتصرُ الجنون
واشدُّ وثاقَ الظفيرة بشفتينِ من لهبٍ
واسرحُ في الوردِ
أبعثرُ النبضَ رذاذاً
برقصةٍ حانية .

.................................

(قيثارةُ الماءِ)

وتطرقينَ قلبي بزهرِ شفيتكِ
وتشهقينَ في مَطَري
سأغسلُ لذَّةَ الدَّمعِ برضابكِ العسليّ
وأطوي ملامحَ وجهي
بشلالكِ الوتري
أشاطرُكِ صاعقةَ اللهفةِ
عند نافذةِ الثَّغرِ المضببِ بالأحمر
أو عندَ تخومِ الكحلِ السحري
أو بين كفيكِ الناعمتينِ
المبللتينِ بعسلِ الأنوثة
أتوارى بين خديكِ
قبلةً هادئة
وأرمي على أكتافكِ حروفَ الشِّعرِ
فاحتضانُكِ شهقة ٌمميزةٌ كالألماس
وأنتِ تلمعينَ كشهيقِ الوجدِ
فأنوءُ بحملِ آنيةِ العطرِ......
العطرُ الذي هو أنتِ
يسكنني فآتيهُ غافياً ،
أخرسَ ،
إلّا من رذاذِ رباكِ
سأغسلُ قافيتي بلون عينيك
فتتوقدينَ بين أصابعي
كقيثارة ماءٍ تعزفُ لحنَ التوحُّدِ .
لنتيه معاً في حقولِ الياسمين
حتى إشراقٍ آخر .
............................................
(تنهدات البياض)
طينكِ مسكٌ
صلصاليَ نار
فاخلعي ستائرَ حُزْنِكِ وكلَّ المراثي المُتْعبَة
سأمشِّطُ طينَكِ المبتلَّ بالطيبِ والمُسجَّى على راحتيَّ
سألملمُ أنفاسي أوراداً
فتنشقي عِطْرَ الماءِ صمتاً
وامنحي القلب جنانَنكِ المعشوشبة
فبراكيني على شفا لهبٍ هادر ، ...
و زلزاليَ أعمى ..
كوني كما أنتِ جميلةً تغارُ منك النساءُ
أو كوني طيني النديَّ يلهثُ فيه الماءُ
ببياضكِ المتأنقِ
كالثلج
على قارعة الروح
ونثيثُ شفتيكِ
المسكونتين بعسل البراري
ووجنتيك المعسَّلتينِ
وشقاوة الكحلِ الحنون
اتركيني لجنونكِ ...
أروّضُ كلَّ قبلاتي في الأنوثة الفاتنة
واتركي ذوائبكِ شلالاً ...
سأطعمُك عسلي ومائي
المنقّى مسرةً ..
وفرحاً شهيَّ السِّمات .

...............................
(الوقتُ لكِ)
الوقتُ ساعةٌ معطَّلةٌ
وابريقُ شاي
وانتظارٌ
وهمسٌ معلَّقٌ بالترقُّبِ
سأعيرُ المرايا بعضَ وقتي
لعلَّ منافذَ اللهفةِ تفتحُ أزرارَها
فتطوفُ النسماتُ على مرآتي
ويُلبِّي قلبُكِ الممسوسُ بالحبِّ
عندَ قلبي الأبيض
سأصطفيكِ ترنيمةَ عشقٍ
وأقتلُ ماتبقَّى من وقتي
بالعناق
هزّي إليكِ قلبي
واستري اشتعالي الثلجي
بنبيذكِ المعطّر
سأعلنُ على شفتيكِ قراري
أنَّ الوقتَ لك
ولي كلُّ المطر .
.........................................
(البحرُ )
البحرُ ..
رقصةُ عاشقينِ ثملينِ بالهدير
تنداحُ الأمواجُ خاصرتينِ من وهجِ الرفيف
على كفيهما
فيحلقانِ نوارسَ كالأشرعة
يتقصيانِ الضفافَ
ويرسمانِ شارةَ للعبور
الى خدِّ الشمس
وأغنيةً من نظرات....
البحرُ ...
كأسٌ معتَّقةٌ برنينِ الضحكاتِ ،
مزاميرٌ تستمطرُ هُدُبَ الفجرِ ،
رملٌ يوثّقُ أغصانَ الوردِ ،
وفاكهةٌ تدهشُ الفصولَ كما عينيكِ .
سأقتنصُ البحرَ بشفاهٍ أسكرَها كحلُك اللوزي .
وأرسمُ شَعْركِ الفاحمَ كالموج
على وجههِ تعويذة
من ياسمين
تطرّزُ يبابَ العمرِ.

.......................................

(ماأروعك !!)

يترقبُكَ
الليلُ في هدأته
ورحيقُ الفجرِ
يسكرُ الليل َ فيندبَكْ
ألستُ معَكْ
إذنْ .. غنّيِ لي
كي أسمعكْ
فالأغاريدُ والمطرُ المساحُ على وجنتيكَ
عرشٌ من الضوءِ المُرتَّلِ
يُنعشُ مبسمَكْ
فتضوع ُنرجساً وقلبيَ يصدحُ في شذاكَ
ويرتوي
بشهقةِ الطفلِ مدمعَكْ
ماأجملك
غنِّي لي
مما علَّمتُكَ من فنِّ الجمالِ
لحناً نتوهُ في أنغامهِ
رقصاً على شفتينِ
يحيى بها من هلك
سأوصدُ كلَّ النوافذ
وأديرُ المرايا التي ثملتْ
من التحديق عمراً
وأطفئ ما تبقى من لهف الشمع اذ نوّرَكْ
ما أروعك
غنّيِ لي ....
إنّي غنيّتُ لك.
.................................................. ...


( أنين)
أيستريحُ قلبُكَ المفجوعُ
لتركب َغربةً ثانية
وتلملمُ ماتناثرَ من رغبات
فتقذفُ في أحداق العمر
ملحَ الشجن المضني
وتطوفُ بالزهر
مدناً
تمسحُ فيها بقايا دمعكَ المذال
وترشُّ فيضاً من كرامات .
*****
مازلتَ
في البدء مرتعشاً
تخضّبُ بعضَ شيبكَ
وتفتحُ للزهر أزرارَ الأبوة.
رحلوا ...
ومازلتَ تحفرُ في الذاكرة
علّكَ تستعيدُ
جذوةً
أو تقتبس المدى
مازلتَ مرتعشاً
ليس خوفاً على ماتبقى
فالعمرُ
مرافئ شتى
وأنينُ الصبر
حجر
يلقم أفواه النشيج .

.................................................. ..........


(للعزلةِ لهفةُ عطر)

العزلةُ ...
عطرُ الوقتِ
وياقوتُ الروحِ
وهطولُ المعنى
فتهنأ بملكوتِ أريجٍ يفتحُ مغاليقَ الصمتِ
ويتشهّى نداوةَ حبرٍ أخضر
ينسابُ على ورقٍ عذري
يحكي قلقَ الدفقِ المتهدِّجِ ..
ويتناسلُ كالماءِ أنواراً تتبدى في السطور تواريخَ
ينشدُها العارفونَ بألوانِ الورد .
ياقلقي عليك ...
يالهفي إليك ....
هذا العطرُ يدلُّ عليك
وصمتُك وردٌ يشهقُ كحلمةِ نهدٍ
ويرعشُ كنسيمٍ ضاحك
يسري في الاوصال
لاتسدلْ ستائرَ البوحِ بوجهي
دعني أوزّعُ فيك
تراتيلي
وفيك أرنُّ جِرْساً من موجِ حنين
يزيحُ رتابةَ القلقِ المستحدثِ
ويدمنُ الرقصَ على توقيتِ القلب .
دعني أحبك أكثر.
.................................................. ...........................................


(كاهنة الصمت)

من دونِ أبوابٍ
أمرُّ عليك
أتمرّى بشهيقي
ثمَّ أعود ..
***
صوتٌ يهدرُ في الاعماق يختلقُ الاسئلة
ويملأ فراغاتِ الجنون
أشيرُ إليك بصمتِ الاصابع
فتستلذّ التفاصيلُ بعطرٍ صَبيٍّ
يطربُها انعتاقُ الحروف على رخامٍ كاللبن
ويغدو تورّدُها رقصة ًمن زجاج
فتنسربُ الاوصالُ في ملكوتها
وتفتضُّ مخدعَ العطر
ببصيصِ الصمت .
***
الصامتونَ أولُ الوالجينَ
يتفننونَ بأـراجيحِ القولِ المنسابِ على الشِّفاه
تعالي..
أغنِّيكِ أغنيةَ الهُيام
فتعتنقُ أرواحنا المعنى
وانسربي بعطركِ الممسوسِ بالزرقة
نتبتَّلُ في كهفِ قديس
نراودُ بعضنا بأحلام البحرِ ساعةَ المدِّ على الضفاف
ونغزو شيبنا بأنغامٍ عابرةٍ للعمر
هلمّي ..
نرشُّ الحروفَ رغباتٍ جامحةٍ
من قلقٍ أدرد
يعضُّ على هواجس الخلوة بفمٍ مرتعشٍ الحروف
اغتاله الصمتُ وقتَ الانشراح
سأتركُ قبلتينِ على طاولةِ الرخام اللبني
واحدةً للذكرى
وأخرى لإفطارِ الصمت عَمْداً في وضحِ القصيدة
****
تدورينَ بعينيكِ
وتلفّينِ خصريَ بحاجبينِ من كحلٍ فاحم
أأجّجُ في شفتيكِ قيامتي حين يخرسُ الخجلُ المتشظي في العيون
وأعلنُ احتراقَ الكلام عند نهدٍ أصم
ثمّة مايملؤني فيك
فأخبئ صلواتِ العشقِ شقاوةَ ندىً
وأسرحُ في همهمة الوردِ على جانبيك
فأتّقد .
****
يرتعش الوقت كقطار جامح
أتقصى مسارات الورد في الانداء
غير أنَّ الكلام خجولٌ والعشقُ نبيل
****
هي تعرف سرَّ الوردة
وسحرَ العطرِ
ودهشةَ الفراغِ
وابتكارَ العزلة
هي تعرفُ أنَّ النبلاء لايعشقونَ الا بمزاج
وأنا أعرفُ أنَّ قلبي أخضرٌ وعطرُها يتنزّه فيه .
****
دعي نافذةَ العطرِ تفتح أسرارَ الورد.
وابتكري عزلة ثانية .
.................................................. ......................................


(وجعلنا ...)

يتقاطرُ الماءُ من الماء
يتناسلُ لؤلؤاً ... والصمتُ ندى
******
الحروفُ تسترقُ رذاذَ الصحو بعينٍ حَمِئة
ولونُك الحنطيّ يُشعِلُ أنفاسَ البحرِ بأغاني الورد
تحاصرُك الشفاهُ المطرزةُ بالماء.
الحروفُ ...
بلابلٌ تلتقطُ الدرَّ المنثورَ
وتُقَهْقِهُ مساماتِ الغصنِ همساً .
خُذِي حروفي المنمَّقةَ باخضرارِ عينيك
وانسجي أغنيةَ الماءِ على خديك
أو نهديك
أو ماتشتهيه الفصول.
خُذِي حروفي تتوهَّجُ فيك حدَّ السطوع
فيتموج لونُك عطراً
على صفحاتِ الماء .
****
أثملني غصنُك المُزْهِرُ
وحروفي يحاصرها طينُك المبتلِّ بالمسك
فترتشفُ نسيمَ الخالِ المندى بالعقيق
ومازال الماءُ يتقاطرُ في الماء
فانظري الى غصنك في الحروف
ودعي حروفي تتنافذُ في الازهار .