شعر الراعي في سفح الجبل و هو يغفو قريبا من الغروب البارد بالرفرفة العاتية تصطخب من حوله ... ترميه و تقلبه ليقوم فزعا و يمسح عينيه و تتناثر نظراته البكماء باحثة لتجد مصدر الضوضاء الرهيبة يتسلق الأكمة الراسية ...
يستطلع مصدر الضوء المبتعد و صاحب الجلبة الساجية ...
يمد بصره و يحكي فيما بعد قائلا :
رأيتها تشرب منه ...
كأنها تقتات ... على وجهه و أصابعه و خطاه ...
و ما نفض و نفى عن فكري خواطر الالتهام ... ابتسامته الوديعة و هو يرخي ذراعيه منسحبا و سابحا في عجاجة الضوء الذي أحاط بها و الذي يعوم حواليه لينساب مترقرقا إلى حنجرة الطائر العاتي ...
قلت في ضميري : أكلته ... ياااااا ويحي ... هل أحلم ...
هاهو يتفتت يزداد عجاج الألوان قتامة بالاختلاط بغبار الإنسان المشروب ...
اختفى ...
ترفع العنقاء الساحرة رأسها عاليا حتى لا يبقى من الرجل شيئ في الدنيا ...
تمد جناحيها كأنها أستار رمادية لإحدى نوافذ الشيطان الرابض على كرسيه الموجي ... في أعلى يم في شرق الشرق ...
تهز الأنحاء ... يتململ ما فوق الجبل من غيم نائم ...
تقفز للأعلى ...
تصيح و كأن بروق السماء الحالكة جميعا تزمجر في رجفة مربكة واحدة ممتدة ...
ترتفع ...
ترتفع ...
تغيب ...
تغيب ...
في اليوم التالي هاتفني أخي من الرضاعة ...
حدثني عن موت الرجل طويل الساق في شمال الأرض الباردة الغربية ...
سألت : هل دفنوه ...
أجاب ...
لا أدري ... و أردف : يقال إن أمه الصغرى تبحث عن أبكى جفن كي تسمع من رعشات الحزن الدافئة ما تبقى من مطر مسائه الأخير ....
ــــــــــــــ
مهداة لروح حبيبنا جان الفلسفية ...
-----------------------
منقولة من صفحتي على فيس بوك .