هل هناك أشد احتقارا من أن أعلق المصير الكبير لقاصر بحواسه و عقله و مقدراته جميعها على اختياره المسبق الظني دون أدنى حجة تذكر أو برهان يساق تحت طائلة أقسى العقوبات البدنية و النفسية و الحرمان من أشهى الملذات ..؟؟؟
القاصر الذي ليس في يده الأدوات الكفيلة بجعله يتبين أمره و يتحقق من مسائله المعروضة عليه فيختار عن بصيرة و وعي ؟؟؟
و إذا تعلق الأمر بسوقه ليكون سهما قاتلا أو سيفا قاطعا أو رمحا تُبقر به البطون أو أداة تحرق بها البيوت و ترمل النساء وييتم الصغار و تنهب الأموال و تستعمر الأرض أي سوقه مثل ذئب ضاري مكبل بكل اشكال الأغلال العقلية
و تسليطه حسب المصلحة و جعله وسيلة في يد الآمر الواجبة طاعته حتى يصنع به مجد قبيلته كيفما شاء ...؟؟ أفلا يكون ذلك حاملا لجميع معاني الإهانة و الإذلال ؟؟؟
هل ثم أشد تنكيلا من استغلال عمى الضرير و دفعه في ظهره و استنزاف دمه حتى يكون حجرا يقف عليه السادة و يرقون إلى سماع النداء بأسمائهم عاليا فوق الآكام و الهضاب ؟؟؟ فقط للمصلحة العامة للقبيلة أو فقط لمجرد الحذر إزاء خطر مظنون و متوقع من هذا الغازي أو ذاك فيسوغ لي الخوف من العدوان أن أعاجل بالأذى و الطغيان و أستعمل أهلي و بني جلدتي كي يظهر أدبي و تعم توجيهاتي و تفرض بقوة حدة أنصال السيوف ..؟؟
هل اخترع الإنسان آلة اشد جبروتا و ظلما من الآلة التي من خلالها تتخذ أوصال و أطراف البشري التي إنما أمد بها ليحيا و يتفادى الخطر حتى تخوفه و تجعله يطمع في مضغ جذوع الوهم و يقتات على سماع قصائد خواطر المواعيد التي لن تأتي و الآمال التي تحيا على أطراف نيوب الضواري و على سفوح الأخطار و أنكى أنواع الأضرار ...؟؟؟
فنشأت إهانتنا من استغلال ضباب جهلنا و قلة علمنا و معرفتنا بالحقائق و أمسكوا منا بآلات حياتنا وجرونا للأتون المستعرة و سلطونا على بقية الخلائق و الكائنات فمشينا في الأرض للأسف جوارح ترهبنا كل نفس مسالمة و استعدينا كل ذي سطوة و جبروت ... فكان خيرا للأمم أن تعاجل قلوبنا بالشق قبل أن نشق برعونتنا أممهم و نهين أنفسهم ... أشكركم و أحييكم سادتي الأفاضل .