آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: شكسبير في الغابة - مناقشة هاملت مع قبيلة التيف الأفريقية

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية محمد سيد ساتي
    تاريخ التسجيل
    16/10/2015
    المشاركات
    1
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي شكسبير في الغابة - مناقشة هاملت مع قبيلة التيف الأفريقية

    د. محمد سيد أحمد ساتي

    لعالمة السلالات الاميريكية لورا بوهنان دراسة طريفة عن أن الأدب في عالمنا مفتوح لكافة التفسيرات والتأويلات. وان شخصا مثل وليم شكسبير يأخذه الانجلوساكسون على علاته معتبرين مسرحياته لغة عالمية يفهمها الجميع. كانت البداية نقاشا مع استاذ بريطاني زميل لها في أن الأمريكيين لا يحسنون فهم شكسبير وارادت بوهنان أن تثبت لزميلها من خلال دراستها لقبيلة " التيف" في غرب أفريقيا في أن المشكلة ليست خاصة بالأمريكيين وحدهم.
    وقبيلة التيف TIV هي قبيلة رعوية تسكن في شمال شرق نيجريا وتمتد حتى الكاميرون وامضت الباحثة الاميركية أكثر من عقدين تدرس عاداتهم الاجتماعية. و "التيف" كمعظم القبائل في غرب أفريقيا مولعون بشرب البيرة المحلية "المريسة" ويمضون اوقات فراغهم في تناولها مع تدخين بعض أنواع التبغ المحلي ويجلس كبارهم وصغارهم للسمر خاصة بعد الفراغ من أعمالهم في الزراعة ورعي الماشية ويحكون القصص والحكايات. وكانت الباحثة الأميركية كثيرا ما تجلس في كوخها اما للكتابة أو قراءة بعض الكتب التى جلبتها معها وخاصة مسرحيات وليم شكسبير. وذات يوم طلب منها شيخ القبيلة أن تنضم اليهم لتحكي لهم قصة من قصص بلادها في مجلسهم....
    كنت أقول لنفسي " يجب ان لا يناقش المرء شيئا جادا في وجود البيرة" كانوا يدعونني لمشاركتهم الشراب ولكنني لم اجد نفسي مشاركتهم في هذا النوع من البيرة الثخينة .. وهكذا كنت أمضي الوقت في قراءة "هاملت". بعد مضى شهران هبط على إلهام لماذا لا اشاركهم قصة "هاملت" وزحفت من تحت باب الكوخ الواطئ حيث كان يتجمع معظم الرجال متكومين على مقاعد خشبية وبعض الأسرة القصيرة وهم يتدفئون حول نار أوقدوها بعد ليلة ماطرة باردة وفي منتصف الدائرة جرة من البيرة المحلية. ها قد بدأ الحفل..
    حياني زعيم القبيلة العجوز بمودة قائلا " اجلسي وتمتعي بالشراب". مدت الى قرعة من الشراب السميك وأردف الرجل يقول" يجب أن تجلسي وتشربي معنا بعض الأحيان فخادمك يقول عندما لا تكونين معنا فانك تمضين وقتك داخل الكوخ تقرئين بعض الأوراق". حاولت أن أبين له ان "بعض هذه الأوراق" هي قصص من الماضي في بلدي أحاول تسلية نفسي بها. وهنا قال الرجل العجوز " آه.. اذن أحكي لنا بعض من هذه القصص". حاولت أن احتج في أنني ليست قاصة ماهرة وحكاية القصص تحتاج إلى موهبة خاصة وقدرة على السرد قد لا امتلكها. لكنهم كانوا مصممين رغم اعتراضي الشديد وهددوا بعدم مشاركتي قصصهم ، حتى احكي لهم القصة التي أعرفها. وأخيرا وعد الزعيم العجوز إلا ينتقد احد اسلوبي في رواية القصة لأنه يعرف مدي صراعي في تعلم لغتهم المحلية .. وقلت في نفسي هذه فرصة لأثبت مدى عالمية قصة "هاملت".
    مد الرجل العجوز لي قرعة أخرى من البيرة المحلية لمساعدتي في الانطلاق في حكاية القصة كما بدأ الرجال في حشو غلايينهم الخشبية الطويلة بالتبغ المحلي محولين جو الكوخ إلى سحابات من الدخان الكثيف وهم ينصتون في خشوع مع روايتي لقصة "هاملت"... وبدأت أحكي:
    " في زمان ماضي وبعيد كان هنالك ثلاثة من الرجال يقفون في حراسة بيت زعيم كبير عندما ظهر لهم شبح الزعيم السابق" وهنا قال احد الحاضرين في الكوخ " لماذا لم يعد زعيما؟" وهنا قلت " لقد مات الزعيم وهذا ما أرعب الرجال الثلاثة". وهنا قال احد شيوخ القبيلة مادا غليونه لجاره " مستحيل.. هذا ليس الزعيم الميت.. بل هي اشارة ارسلتها إحدى الساحرات". وهنا ارتجفت قليلا ولكنني واصلت الحديث " قال أحد الرجال للشبح أخبرنا ماذا تريد أن تقول حتى ترتاح في قبرك.. لكن روح الزعيم السابق لم ترد بل اختفت على الفور ولم يعد يرى بالنسبة لهم. ولكن احدهم ويدعي هوراشيو قال موضحا أن هذا الموضوع يخص ابن الزعيم الميت وهو "هاملت". وهنا كنت اري الرجال المتجمعين داخل الكوخ يهزون رأسهم تأسفا " هل لا يملك الزعيم أخوة؟ ام أن ابنه هو الزعيم؟" وهنا قلت: "لا.. عنده أخ حي يرزق وصار زعيما بعد وفاة الزعيم". وهنا همهم الشيوخ بأن هذه الاشارات تخص الزعماء والشيوخ وليست تخص صغار السن ومن الواضح أن المدعو هورايتو لا يجيد تفسير الإشارات. وهنا صحت "بلي هو يجيدها" طاردة بكلتا يدى في عصبية إحدى الدجاجات والتي كادت أن تشرب من قدح البيرة الخاصة بي. " في بلادنا الابن يلى الأب في الترتيب. كما أن أخو الزعيم الميت قد صار هو الزعيم. كما قام بالزواج من أرملته (أم هاملت) بعد شهر من جنازة أخيه". وهنا تدخل أحد الشيوخ " لقد أحسن صنعا.. وكما قلت لكم مسبقا ، اذا أحسنا معرفة الأوربيين فقد ندرك أنهم مثلنا. ففي بلادنا يتزوج الأخ أرملة أخيه ويصير أبا لأبنائه ومثلا إذا كان عمك قد تزوج أمك الأرملة فسيصير بمثابة أب حقيقي لك. هل أبو هاملت وعمه من أم واحدة؟".
    فأجاني سؤال الرجل كما أنه أفقدني التوازن حيث أنني وجدت أن أهم العناصر في قصة "هاملت" قد اقصيت تماما من الصورة. وهنا همهمت بأنني لست متأكدة بأنهما من أم واحدة وهنا قال شيخ القبيلة بحدة أن هذه الأمور الجينية تصنع الكثير من الفرق ولا بد من سؤال الشيوخ في بلدي عن ذلك عندما أرجع. وهنا أشار إلى إحدى زوجاته ان تحضر حقيبته المصنوعة من جلد الماعز.
    واصلت سرد قصة هاملت مصممة على ايضاح دوافع والدته " الأبن هاملت كان مفجوعا لأن أمه تزوجت بأسرع من اللازم .. ولم تكن هنالك حاجة لتفعل ذلك لأنه في عاداتنا في الغرب على الأرملة أن تظل عامين في الحداد قبل أن تتزوج بأخر". وهنا اعترضت زوجة الزعيم على قولي وهي تحمل في يدها حقيبته الجلدية البالية " عامان مدة طويلة لزوجة أرملة ، من سيقوم بحراثة أرضها وهي من غير زوج؟". وهنا أجبت " هاملت سيقوم بحراثة أرض أمه.. هي لم تكن بحاجة للزواج من جديد! وهنا بدأ على الاستسلام بعد أن رأيت على وجوههم عدم الاقتناع ولكنني واصلت السرد " أخبر الزعيم وزوجته الفتي هاملت أن لا يحزن لأنه سيصير مثل والده كما أنه سيكون من سيخلفه على العرش وهنا وافق هاملت على البقاء حيث سر الجميع بالقرار".
    وبينما أنا في حيرة من أمري كيف أنقل مناجاة "هاملت" لنفسه لجمهوري داخل الكوخ ، فاجأني أحدهم بالسؤال عن من تزوج من نساء الزعيم الأخريات. رددت عليه "ليس للزعيم زوجات أخريات" وهنا قال " يجب على الزعيم أن تكون له عدة زوجات فمن ستجهز البيرة وتعد الطعام لضيوفه؟". أجبت بحزم أنه في بلادنا ورغم أن الزعيم هنالك يمتلك زوجة واحدة إلا أن هنالك خدما يساعدونه في الأعمال الأخري مقابل أجر يتحصل من الضرائب المحلية. وهنا همهم الحاضرون قائلين انه من المفيد أن يكون للزعيم عدة زوجات وأولاد يساعدونه في حراثة أرضه واطعام شعبه لهذا ينال المحبة منهم لانه يعطي ولا يأخذ.. ان موضوع الضرائب فكرة غير سديدة على الاطلاق. لقد وافقت على تعليقهم الأخير لكنني وجدت نفسي أقول لهم" هذا ما نفعله عندنا وهذه هي طريقتنا".
    لم أجد مناصا من التهرب من موضوع مناجاة "هاملت" لروح أبيه لأنها قد تدخلني في أسئلة محرجة لا لزوم لها. وحتى لو أن "كلاديوس" كان محقا في الزواج من أرملة أخيه و سيظل دافع استخدام السم محيرا ولانني أعرف انهم لن يوافقوا على موضوع قتل الأخ لأخيه. واستمريت في السرد على الجمع المتحلق حول النار.. "وفي ليلة أنتظر هاملت مع الثلاثة الذين شاهدوا شبح والده ، وهنا ظهرت روح الزعيم الميت وعلى الرغم من خوف الثلاثة فأن هاملت تابع روح والده الميت على أطراف الغابة متكلما معه."
    هنا صاح شيخ من الحاضرين " الأرواح لا تتكلم!"
    ورددت " أن روح والد هاملت الميت ليست إشارة ، قد تكون رؤيته نذيرا سيئا لكنه لم يكن كذلك. وهنا ظهر الأرتباك على الحاضرين من القبيلة عندما أردفت " أنه والد هاملت الميت ، أنه ما نطلق عليه اسم الشبح في بلادنا. واضطريت أن استخدم الكلمة الانجليزية "غوست". إن قبيلة "التف" بعكس القبائل المجاورة لا يؤمنون بالحياة بعد الموت ولا يعتقدون في وجود الأرواح.
    وهنا طرح سؤال "ما هو الشبح ؟ أهو نذير؟"
    أجبت "لا.. الشبح هو شخص ميت ويقوم بالتجوال أحيانا ويمكنه الكلام ويمكن أن يسمعه الناس ويرونه .. لكن لا يستطيعون لمسه"
    وهنا إعترض الحاضرون " يمكننا لمس الزومبي". " لا.. لا انه ليس جسم انسان ميت بثت فيه الساحرات الحركة لتأكله. ليس والد هاملت من حركته الساحرات بل هو من تحرك من نفسه." وهنا صاح الحاضرون "أن الأموات لا يمشون" وهنا حاولت الوصول معهم إلى تسوية "إن الشبح هو ظل الرجل الميت." وهنا صاحوا في إعتراض "أن الأموات لا ينتجون ظلالا." وهنا قلت في غيظ ويأس "بل هم في بلدى يفعلون!".
    وهنا تدخل شيخ القبيلة محاولا إبعاد سحب الشك التى صارت تتجمع في الأفق وفي نفس الوقت محاولة مجاراتي وأخذى على قدر عقلي وكشخص يجارى بعض الشباب الطائش والملئ بالخرافات "لا شك أن الأموات في بلدك يمشون بدون أن يكونو من الزومبي.." وأخرج من قاع كيسه الجلدي البالي قطعة من جوزة الكولا مدها إلي في شكل إيماءة سلام وليخفف من ارتباكي الذي صار باديا للعيان. "على أية حال.. واصلت حديثي " أن والد هاملت الميت قال في حديثه أن أخاه الزعيم الحالي قد قام بتسميمه وأنه يريد من هاملت أن ينتقم له. كان هاملت مقتنع بينه وبين نفسه من ذلك كما أنه لم يكن يضمر أي مودة لعمه." وهنا أخذت لنفسي جرعة من قرعة البيرة " كان يعيش في بيت الزعيم الكبير وهو بالمناسبة بيت واسع ، شيخ كبير يقدم له النصح متى ما أراد. كان هذا الشيخ يدعي بولونيس وكانت له أبنة تدعي "أوفيليا" يحبها هاملت ولكن أبيها وأخيها لم يكن يريدان أن يزورها هاملت عندما تكون وحيدة في المنزل حيث قد يصبح هاملت يوما زعيما كبيرا ومن ثم قد لا يتزوجها."
    "لماذا لن يتزوجها " سالت زوجة زعيم القبيلة وكانت تجلس بجانب زوجها على حافة سريره داخل الكوخ. وهنا نظر إليها الزعيم العجوز في غضب لهذا السؤال الغبي وقال “ لأنهما يسكنان في نفس البيت."
    وهنا رددت " ليس هذا هو السبب الوحيد ، لأن بولونيس يعتبر غريبا كما أنه ليس من الأقارب بل هو مستشار للزعيم الكبير."
    " أذن لماذا لا يستطيع هاملت أن يتزوجها؟" وهنا أوضحت " كان يمكنه ذلك ولكن بولنيوس لم يكن يعتقد في ذلك. هاملت أبن زعيم وله أهميته ويمكنه الزواج من أي أبنة زعيم أخر ولأنه حسب تقاليد بلده لا يستطيع الزواج إلا من زوجة واحدة ولهذا كان بولنيوس يخشي أن ينفرد هاملت بأبنته ولا تستطيع الزواج مرة أخري اذا تقدم لها الشخص المناسب."
    وهنا علق أحد العجائز الماكرين من داخل الكوخ " قد يكون هذا صحيحا ، لكن أبن الزعيم قد يعطي والدها هدايا وحظوات لتعويضه عن ذلك. إن هذا البولنيوس يبدو لي رجلا مغفلا."
    " الكثيرون يعتقدون كذلك." وافقت الرجل العجوز على كلامه " لكن بولنيوس ارسل ابنه لارتيس إلى باريس ليتعلم بعض الأمور من تلك البلاد. وحيث أن بولينوس خشي أن يبدد أبنه الأموال على البيرة والنساء والقمار او الشجار فقد ارسل احد خدمه إلى هنالك ليتجسس عليه. ومرة من المرات رأي هاملت اوفيليا وتصرف معها بطريقة غريبة ، ( صرت اتلاعب بالكلمات لكي اشرح لهم مدى الجنون الذى وصل إليه هاملت) ، وهنا أثارت كلماتي اهتمام الحاضرين داخل الكوخ " كان الزعيم الكبير يريد أن يعرف ما حل بهاملت لهذا قام بإيفاد أثنين من اصدقاء هاملت ليتعرفا على أحواله. لم يشأ هاملت أن يخبرهما بشيء عندما عرف أنهما تلقيا رشوة من الزعيم نظير التجسس عليه كما أن بولنيوس كان يعتقد أن هاملت قد أصابه مس من الجنون من جراء حبه لاوفيليا."
    وهنا جاء صوت من أخر الكوخ " قد يكون تعرض للسحر من احدى الساحرات، ولن يصل أحد لمرحلة الجنون ما لم يكن مسحورا."
    وهنا توقفت عن سرد القصة واخرجت دفتر ملاحظاتي لأدون الأسباب التي تقود للجنون حسب معتقدات هذه القبيلة. كما تجنبت الأسئلة من طرفهم بالقول بأن الزعيم الكبير لقبيلة هاملت كان يعتقد أن هنالك سببا وراء جنون هاملت غير حبه لاوفيليا وأن هنالك ما يعذبه ويقلق راحته. كما أن اصحاب هاملت أحضروا معهم راوية مشهور للقصص ليحكي أمام الزعيم الكبير قصة رجل في بلاد بعيدة قام بتسميم أخاه لأنه يريد الزواج من زوجته والاستيلاء على ملكه. وكان هاملت يعتقد جازما بأن الزعيم متى ما سمع هذه الحكاية ستظهر عليه علامات الارتباك وستظهر حقيقه ما رواه شبح والده." وهنا تدخل احد شيوخ القبيلة قائلا " ولماذا يكذب الأب على أبنه؟" وهنا رددت " هاملت لم يكن متأكدا أن ذلك هو شبح والده الميت." وكان على ان ألتزم الصمت لأنه كان من الصعب ايضاح الرؤي الشيطانية في لغة تلك القبيلة.
    واتمم الشيخ الماكر " تقصدين أن ذلك كان أشاره وأنه يعرف أن الساحرات أحيانا ترسل رسائل مغلوطة. أن هاملت مخطئ في أنه لم يذهب إلى رجل حكيم له الدراية بقراءة هذه الإشارات ومعرفة الحقيقة منه. إن مثل هؤلاء الحكماء كانوا يمكن توضيح حقيقة موت والده وإذا ما كان قد مات مسموما وإن كان ذلك من فعل السحرة.. ومن ثم الرجوع لشيوخ قبيلته واستشارتهم في ذلك." وواصل العجوز الماكر مداخلته " ولكن لأن عم هاملت كان زعيما كبيرا فقد يخاف الرجل الحكيم من قول الحقيقة أمامه ولهذا قام احد من يهمم أمر هاملت بأرسال الإشارة إليه. هل هذه الإشارة حقيقية؟"
    وهنا قلت " نعم" متجاهلة الأشباح والشياطين في القصة ، أن الإشارة كانت حقيقية وعندما حكي الراوي القصة أمام الزعيم الكبير ارتعب الرجل وامر بقتل هاملت." وهنا بدت مصاعب الترجمة بالنسبة لي فقد كنت في قمة الحذر " أمر الزعيم الكبير والدة هاملت أن تستبين الحقيقة منه وحيث أن قلب الأم دوما مع أبناءها فقد أمر مستشاره بولنيوس بالاختباء وراء ستارة في كوخ أم هاملت للاستماع حيث كان هاملت يوبخ أمه على ما فعلت." وهنا حدث هرج ومرج من الحاضرين عن كيفية أن يوبخ ابن والدته. وهنا قلت مكملة القصة " صرخت أمه في فزع وكان بولنيوس يتحرك وقتها وراء الستارة " فأر!" وهنا أخرج هاملت سيفه من مغمده ضاربا الستارة وبالتالي خر بولنيوس العجوز صريعا."
    " يا له من رجل غبي هذا البولنيوس" قالها الرجال في صوت واحد " أما كان له أن يقول أنني هنا!" وهنا أسرعت محاولة انقاذ سمعة بولنيوس " لقد تكلم بولنيوس لكن هاملت ظنه الزعيم الكبير وكان يريد قتله للانتقام لوالده."
    لقد وجدت هذا الجزء قد أحدث بعض التأثير في المستمعين فأخذت قضمات من جوزة الكولا التي أمامي مشيرة إلى أن الرجل في النهاية هو من قتل والد هاملت " لا ليس تماما" قالها الشيخ العجوز متحدثا لبعض الشباب الجالسين وراءه أكثر مما يتحدث إلى " إذا كان عمك هو من قتل أباك لا بد من اللجوء إلى الكبار من القبيلة للانتقام منه. يجب أن لا يستخدم العنف ضد الكبار من اقربائه." وواصل بعد أن واتته فكرة أخري " أما إذا ما كان عم هاملت شريرا لدرجة استخدام السحر ضده ليوصله للجنون فهنا سيكون له العذر في إذا ما قتل عمه."
    وهنا انفجرت عاصفة من التصفيق حيث صار هاملت قصة جيدة بالنسبة لهم وعلى العكس تماما فقد فقدت معناها بالنسبة لي وصرت أقفز فوق عقدة القصة متحاشية الألغام. وأضفت " أن الزعيم الكبير لم يكن يشعر بالأسف لمقتل بولنيوس على يد هاملت بل أعطته الدافع لطرد هاملت خارج البيت ويرسل رسالة لزعيم البلد الآخر الذى طرد إليه هاملت طالبا منه قتله ولكن الرسالة تقع في يد هاملت فيقوم بتغييرها فيلقي من حمل الرسالة حتفه بدلا عن هاملت." وهنا وجدت وجوم من المستمعين خاصة التزوير في الرسالة حيث اعتبروه عملا غير أخلاقي وتنقصه المهارة مما اضطرني للنظر الي الناحية الأخرى من الكوخ.
    " وعندما كان هاملت منفيا رجع لارتيس أبن بولونيس لحضور جنازة والده وهنا أخبره الزعيم الكبير أن هاملت قتل والده. هنا أقسم لارتيس بأخذ الثأر من هاملت أما أوفيليا عندما سمعت أن هاملت قتل والدها قامت برمي نفسها في النهر وغرقت." وهنا قال شيخ القبيلة معاتبا " هل نسيت ما قلت لك لا أحد يأخذ الثأر من مجنون لأن هاملت قتل بولنيوس تحت حالة من الجنون."
    وهنا تملكني الغيظ وقلت " اذا لم تعجبكم القصة فاستوقف الآن."
    وهنا تجشأ الرجل العجوز ومد لي بعضا من البيرة " اراك تحكين القصة جيدا ونحن نستمع ولكن من الواضح أن الشيوخ في بلادك لم يفسروا لك القصة ومعانيها. اننا نصدقك عندما تقولين ان طقوس الزواج في بلادكم ونوعية الملابس والاسلحة تختلف من التي عندنا. إن البشر في كل مكان هم نفس البشر لهذا هنالك دوما سحرة ونحن الشيوخ نعرف كيف يعمل السحرة. لقد أخبرناك أن عم هاملت هو من قتل والده وأثبتت القصة ذلك.. لكن من هم أقارب أوفيليا من الرجال؟"
    "ليس هنالك سوى والدها وأخاها." " أعتقد أن هنالك أكثر من قريب ويمكنك أخذ المشورة من الشيوخ في بلدك ولكننا نستشف من القصة أن أخو أوفيليا هو من قام بقتلها على الرغم ليس هنالك سبب يدعوه لذلك."
    كنا في ذلك الوقت قد فرغنا من شرب جرة كبيرة من البيرة وسادت حالة من الصمت بيننا وهنا قال أحدهم "ماذا قال خادم بولنيوس عند رجوعه؟" وهنا استطعت بصعوبة أن استجمع مهمة الخادم رينالدو " لا أعتقد أنه رجع قبل مقتل بولنيوس." وهنا قال شيخ القبيلة العجوز " أسمعي.. سأخبرك كيف ستسير القصة وأخبريني إذا ما كنت مصيبا. بولنيوس كان يعرف ان ابنه سيجلب له المتاعب خاصة ادمانه الشراب القمار مما أوقعه تحت طائلة الديون. هنا قام لوريتس بقتل أخته بواسطة السحر مما ادى لغرقها وبالتالي قام بيع جثتها سرا للساحرات." وهنا اعترضت بشدة " لقد وجدوا جثتها بعد أن غرقت وأخوها قفز إلى قبرها قبل الدفن لرؤيتها وكذلك فعل هاملت أيضا." وهنا نظر الشيخ إلى الحاضرين متوسلا " ماذا قلت لكم من قبل أن لارتيس لم يستفد من جثة أخته لأن هاملت منعه من ذلك مما اغضب الأخ وأضمر أن يقتل هاملت.. أليس هذا ما حدث؟"
    هنا قلت "هذا ما حدث.. عندما وجد الزعيم الكبير أن هاملت ما زال حيا شجع لارتيس على قتل هاملت ونظم مبارزة بينهما وفي المبارزة جرح الأثنين جروحا مميتة كما قامت أم هاملت بشرب البيرة المسمومة والتي كانت مجهزة ليشربها هاملت اذا ما ربح المبارزة ولما رأي هاملت أمه تموت من أثر السم قام وبأخر نفس له في الحياة بقتل الزعيم الكبير بسيفه."
    وهنا وقف شيخ القبيلة ملما أطراف عباءته البالية " يا لها من قصة بديعة.. أحيانا لا بد أن تحكي لنا قصصا من بلدك ونحن كشيوخ لن نقصر في توجيهك نحو المعاني الحقيقية وعندما ترجعين لبلادك سيدرك الشيوخ عندكم انك لم تضعين وقتك سدى في الغابة بل تعلمت الكثير من الأشياء والحكمة من عندنا!"

    Laura Bohanan, Shakespeare in the Bush

    التعديل الأخير تم بواسطة محمد سيد ساتي ; 08/12/2017 الساعة 02:23 PM

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •