المصالحة موت سريري..
من شهور هلل الشعب الفلسطيني للمصالحة وخرجت الجموع الشعبية مهللة ومباركة لقدوم رامي الحمد الله انه اكتوبر وما يحمل من ازمات لشهور او سنوات لما بعده ، بعفوية الشعب ونقائه الوطني كان المحرك ، وانتظار طال امده ليس فقط من اجل تداول رغيف الخبز والعلاج والتنقل بل لطموح اكبر من ذلك ، عودة الوئام للحالة الوطنية ولما تبقى من ارض الوطن وانتهاء للانقسام العمودي والافقي في الاسرة والشارع والمدرسة والجامعة والقرية والمدينة وايقاف لحالة الاستنفار الفكري والسلوكي الفصائلي ، انه شهر اكتوبر الذي حمل معه التفاؤل العفوي للانهاء كافة المظاهر السابقة الذكر ، كنت حذرا للتفاؤل بهذا المشهد عندما ازدحمت الجماهير على معبر ايرز وعلى ابواب الفنادق والقاعات لافراد وجماعات تطلب لقاء هذا المسؤل او ذاك تحت وطئة احلام التمتع بمسؤلية او موقع فيما هو منتظر من حكومة او عودة الوزارات لعملها في قطاع غزة ..... حزنت على هذه السذاجة والعفوية وحزنت على الوصوليين واطماحهم ولانهم لم يقرأوا المشهد وما تحمل صوره الخلفية ، وما تم رسمها لايقونة هذا المشهد اقليميا ودوليا .
عند لقائنا بالاخ السنوار رئيس حماس في غزة شهدنا وسمعنا تحمسا تلقائيا وكان الجميع واخص هنا حماس وفتح يجتمعون على لوح ابيض يخطون به شعائر الوحدة وما تحمل من ابجديات العاطفة ، بل سمعنا من الاخ السنوار وهو صادق في شعوره ويخرج عن لغة السياسيين والدبلوماسيين وخاصة ان ابجديات الانقسام تتحدث على لوح اسود المطلوب وضع نقاط من ضوء وخطوط من اللون الابيض وبحذر ولان الدوافع للمصالحة ليست منطلقة من احساس وطني نقي بل لدوافع امنية وسياسية تحدد فيها مستقبل فلسطين والخريطة السياسية لفلسطين ، بل تجاوز الاخ السنوار وبنفس العوفية والحسابات المدروسة قائلا " من سيقف امام المصالحة ساقطع عنقه "" هذا جيد في حالة نقاء الاحساس الوطني لجميع الاطراف ، ولكن الحالة الفلسطينية قد تختلف كثيرا عن ازمات اخرى لبعض حركات التحرر وان كانت حركات التحرر قد تنبهت بشكل مبكر لخطورة تستطيح الازمات واتخذت قرارها بتحديد معسكر الاصدقاء والاعداء ومن هم في الصف الوطني ومنهم خارجه وتعاملت بصرامة مع تلك المفاهيم وانتصرت ، ولكن في الحالة الوطنية الفلسطينية كل له مغرفة لقوى متعددة وامتدادات اقليمية وعلى قول والدي "" الطاسة ضايعة "" والمفاهيم ضائعة والقاموس السياسي ضائع ، والاحكام ضائعة وان وجدت مطاطة ، فما يقال في الليل من مصطلحات قد تصحو على شيء مغاير له في الصباح ، وتاهت البوصلة ..
بالمقابل وامام تصريحات السنوار كانت تصريحات الرئيس عباس واتباعه ان لا مصالحة ولا فكفكفة ازمات او رفع عقوبات الا بسلاح واحد وامن واحد وقانون واحد والتمكين هذا المصطلح الاسفين الذي كان كل جاهل ان يعرف ان المصالحة هي مناورة سياسية امنية تتماشى مع مخطط دولي اقليمي ومتزامن مرحليا وتدريجيا للوصول لناهيته ، ومن الذي يقول ان صفقة القرن لم تبدأ ..؟؟!! يا سادة صفقة القرن بدأت واعطت امريكا ودول اقليمية اشارة البدء فيها بمناورة المصالحة للوصول الى حالة موت سرسري لغزة تنعش بعدها غزة مؤسساتيا وامنيا واقتصاديا بانماط جديدة .
من المذهل ان البعض يتحدث عن صفقة القرن وكأن امريكا وترامب لم يعممها .. ولكن الاحداث تقول ان الصفقة معممه وفلسطينيا وعربيا معمول بها وكانت الخطوة الثانية اعلان ترامب بخصوص القدس ، وكل الشعارات وكما لخصها ترامب وادارته تتلخص ببعض التظاهرات التي ستنتهي في خلال اسابيع ، واصدق ما قيل في الجمعية العامة ما قاله مندوب اسرائيل " ان قرارات الامم المتحدة والجمعية العامة لن تفيد الفلسطينيين في استنهاض الحالة الصحية في رام الله او او غزة ، هذا يعني ان الاحتلال ومنذ تواجده على الارض الفلسطينية لن ولم يعطي اهتماما للقانون الدولي والقرارات الدولية ، ومضيفا ان قرارات اليونسكو والامم المتحدة لن تبعدنا عن القدس ، اذا معركة الفلسطينيين مع الاسرائيليين والمعركة تدور على القدس الان البند الثاني في خطة ترامب وبناء عليها ستحدد الخريطة السياسية للفلسطينيين وهو ما يعرض في البند الثالث تجمعات ادارية في الضفة وشبه دولة منزوعة السلاح في غزة وغير متصلة جغرافيا مع الضفة ، السلطة تقاتل واختارت معاركها تجسيدا لقول مندوب اسرائيل في الامم المتحدة واهملت الميدان الذي يمكن ان يحدد طبيعة الخرائط السياسية القادمة ، بل قرارات قيادتها لا تخلو من حالة استعراطية على طريقة مغهوم حديقة الهايد بارك ، زيارتين للسعودية قام بها الرئيس الفلسطيني وقيل ما قيل عنها ، واخرى لقطر التي اثيرت ازمتها في ظل تنفيذ صفقة القرن .
كثير من السذج يعتقدون ان ازمة غزة وحصارها وعدم انهاء العقوبات عنها وعلى الاقل الصادرة من الرئيس لا ترتبط بصفقة القرن ، فها هي غزة تعيش في الظلام ولا معابر ولا غيره وحركة المال في السوق الغزية مشلولة والمال الدوار اصبح محدود ، وسلطة تسلمت المعابر وكما قالت 60% من الوزارات تم تمكينها وباقي الاربعين في المية ، ومصدر مسؤول من وزارة المالية يقول ان موظفي رام الله لن يأخذوا رواتبهم كاملة لهذا الشهر ، فالقصة اصبح تصديرها ولم تقتصر فقط على موظفي حماس ، ولذي قال عزام اننا اتفقنا على كل شيء في زيارته الاخيرة ...
السيد السنوار ما زال يردد اننا غادرنا الانقسام ..... ولكن الى اين ..؟؟ ويقول اننا سننسحب من المشهد..؟؟ كيف ..؟؟ وهل هناك مشهد اخر ... وما هو ياترى ... حماس جزء من الشعب الفلسطيني وديموغرافيه .. كيف ستنسحب من المشهد...... وما هو المشهد القادم .... وهل المشهد القادم ينسجم مع حماس وسلاحها وسلاح باقي الفصائل وامنها وهل ينسجم مع الحركة الوطنية الفلسطينية في غزة ..... معادلات معقدة .... لا احد سينجو منها .. والشعب في قلب مربعها .... بل القضية الفلسطيسنية برمتها ..... وسيبقى اهل غزة يحلمون بمحطة كهرباء .... ومعبر ، اقل طموح لشعب على وجه الارض ..... وكلمة اخيرة الانسحاب من المشهد يحمل ما يحمل .... ولكن ما زال هناك خيارات اخرى ... فالميت في داخل داره هو كالميت في الشارع ..... هي حالة الموت بمفيزيائيتها ومعاناتها ....... كيف نفهم ونتصرف والطوفان قادم ...
سميح خلف