فنلندا دولة صغيرة تقع شمال أوروبا عدد سكانها يقل عن 5,5 مليون نسمة، تم منحها الاستقلال عام 1917 بفرمان من الاتحاد السوفيتي، شاركت ألمانيا النازية الحرب ضد السوفييت وانهزمت في الحرب مع ألمانيا النازية واسترجع الاتحاد السوفيتي أراضٍ منها كان يسيطر عليها من قبل منها ثاني أكبر مدينة حينئذ إسمها مدينة فيبيرق.
حسب مركز الإحصاء الفنلندي عدد اليهود في فنلندا هو 1500 شخص، وعلى الرغم من أن عدد العرب والمسلمين في فنلندا يزيد عن هذا العدد بأكثر من مائة مرة، إلا أن رئيس الوزراء الفنلندي السابق ألكسندر ستوب يهودي، ومن أقدم أعضاء البرلمان عن حزب التجمع الفنلندي المدعو بن فيسكوفيتش هو يهودي وأشهر مقدم للبرامج التلفزيونية الفنلندية روبين ستيلير هو يهودي وهناك كثيرين غيرهم يتربعون على أعلى المناصب القيادية في فنلندا، كما أن رئيس الدولة شاولي نينستو من حزب التجمع قام بالحج إلى المعبد اليهودي في هلسنكي مباشرة بعد توليه منصب رئاسة الجمهورية الفنلندية.
بالنسبة للمسلمين في فنلندا لا يوجد لهم أي تمثيل في الحياة السياسية الفنلندية إلا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة دخل لأول مرة شخصين من أصول أجنبية للبرلمان منهم شخص من أصل تركي نابع لحزب الخضر يعلن أن ملحد من عائلة مسلمة وأفغانية عن الحزب الاجتماعي الديمقراطي الفنلندي لا تتحدث علناً عن أي علاقة لها بأي دين.
ما يثير استغرابي أن الفنلندي العادي على سبيل المثال أتّي كاليفا (Atte Kaleva) الذي كان محتجز من قبل تنظيم القاعدة في اليمن عندما يقدم نفسه يقول بأن تربيته يهودية وأنه نصراني، وهو يعتبر أن التربية النصرانية الفنلندية هي تربية يهودية حسب وصفه.
الأمور الأخرى التي تثير الاستغراب والتعجب في هذا البلد أن أكبر عدد من العاملين تطوعاً من غير اليهود في الكيبوتسات الصهيونية لدى الكيان الصهيوني هم من الفنلنديين. كما أن التلفزيون الفنلندي يعرض من حين لآخر مقابلات مع فنلنديين قد تحولوا إلى الديانة اليهودية ويقاتلون في صفوف جيش الاحتلال الصهيوني.
الأمور التي تثير الريبة في تصرفات هؤلاء أن بن فيسكوفيتش مثلاً عندما قدم فنلندا عدد من اللاجئين المسلمين اعترض على كون دين هؤلاء اللاجئين هو الإسلام وأراد أن يكون اللاجئين من النصارى وأن يُرفض قبول اللاجئ إذا كانت ديانته هي الإسلام، هذا الحوار دار في البرلمان الفنلندي سنة 2007 وقد كان على لسان اليهودي الفنلندي عضو البرلمان بن فيسكوفيتش وأنا شخصياً تقدمت بشكوى رسمية إلى وزارة العدل الفنلندية حينئذ أتهمهم بها بالعنصرية، ولكن وزارة العدل أفادت أن الحوارات داخل البرلمان في جلسة علنية تبث على التلفزيون لا تعتبر دليل إدانة عند قيام بن فيسكوفيتش برفض هؤلاء اللاجئين المسلمين بسبب ديانتهم.
أما في عهد رئيس الوزراء اليهودي ألكسندر ستوب فقد زاد تصدير تكنولوجيا الدمار الفنلندية إلى الكيان الصهيوني لقتل المدنيين في قطاع غزة، وعلى وجه الخصوص برامج توجيه الصواريخ أثناء الليل وفي حالات الطقس غير المناسبة، وقد وجدت منظمة العفو الدولية قطع مصنعة في فنلندا في جميع الصواريخ التي سقطت على قطاع غزة في الحروب الأخيرة، وتم ذكر اسم الشركات الفنلندية المصنعة لهذه القطع من الصواريخ التي تُستعمل لإبادة المدنيين من قبل الكيان الصهيوني في قطاع غزة بأسلحة صنعت في فنلندا.
أنا شخصياً قدمت شكوى رسمية إلى وزارة العدل الفنلندية بناءً على تقرير منظمة العفو الدولية أتهم فيها فنلندا بالمشاركة في جرائم الحرب وجرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وبحق المدنيين العرب والمسلمين في العالم العربي والإسلامي بشكل عام لأنه تبين أن تكنولوجيا الصواريخ الفنلندية تصدر إلى الكيان الصهيوني من قبل سنوات الخمسينات من القرن الماضي. وزارة العدل الفنلندية لم تنكر وجود تجارة سلاح مع الكيان الصهيوني، وقامت وزارة الدفاع الفنلندية بتقديم قائمة عن قرارات تصدير السلاح الفنلندي إلى الكيان الصهيوني وبررت وزارة العدل الفنلندية أن تجارة الأسلحة هذه مع الكيان الصهيوني بأنها قانونية وفقاً للقانون الفنلندي لأن القانون الفنلندي حسب أقوالهم يعتبر أنه ما دام لم تفرض الأمم المتحدة عقوبات رسمية على الكيان الصهيوني تحد من تصدير السلاح له، فهم يعتبرون ذلك قانونياً حسب قانون فنلندا، كما بررت وزارة العدل أن قسم من هذه الأسلحة يصدره الكيان الصهيوني إلى دول أخرى وبذلك لا يستعمل كيان بني صهيون كل الأسلحة ضد المدنيين الفلسطينيين، هذه كانت تبريرات وزارة العدل الفنلندية والرد كان عذراً أقبح من ذنب، وقمت بترجمة هذا الرد من اللغة الفنلندية إلى اللغة العربية وهو متوفر الآن على شبكة الإنترنت.
تصدير الأسلحة الفنلندية لا يقتصر على إبادة الشعب الفلسطيني، وإنما قامت دولة النرويج على سبيل المثال بتصوير دبابة فنلندية اسمها باتريا تقتل المدنيين في اليمن يستعملها التحالف السعودي الإماراتي وأعلنت مملكة النرويج رسمياً أنها أوقفت كل أنواع تجارة الأسلحة مع دولة الإمارات العربية، في نفس الوقت خرج ممثل عن وزارة الدفاع الفنلندية على الإعلام واعترف بأن دبابة باتريا التي تقتل المدنيين اليمنيين هي دبابة مصنوعة في فنلندا باعت فنلندا دبابات منها إلى السعودية وإلى دولة الإمارات العربية وأكد المتحدث الرسمي الفنلندي أن فنلندا سوف تستمر في توريد الأسلحة إلى السعودية والإمارات مع علمها أنها تستخدم لقتل المدنيين!
أنا شخصياً استغرب كيف يستطيع الإعلام الغربي ترويج هذه الدول السفاحة على أنها دول ديمقراطية وتحترم حرية إنسان، أي ديمقراطية وأي حرية إنسان عندما يقومون بذبحه كالشاه! طبعاً الذبح موجه ضد العرب والمسلمين ويصوروا العرب والمسلمين في إعلامهم على أنهم وحوش بشرية، والغريب أن من كثرة كذب هؤلاء بدء جزء من العرب والمسلمين يصدقوا لغطهم.
حسناً، ما يثير الاستغراب أثناء الحرب على غزة عام 2014 أن خرج آلاف مؤلفة من الفنلنديين في مظاهرات عارمة في هلسنكي دعماً لجيش بني صهيون ضد غزة، كان نتيجة هذه العرب آلاف من المدنيين، فما بالك لو قام العرب والمسلمين بمناصرة هجوم على دولة فنلندا راح ضحاياه آلاف المدنيين والأطفال والنساء منهم، ماذا سوف يقولوا عنا وكيف سوف يصورنا إعلامهم حينئذ، أي ديمقراطية وأي حقوق إنسان تمنح الشعب الفنلندي الحق ليخرج آلافاً مؤلفة لنصرة جيش محتل يقتل في منطقة محتلة آلاف المدنيين من نساء وأطفال، أهذه الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يروجون لها، أم الديمقراطية وحقوق الإنسان في فنلندا هي فقط للكلاب وللمثليين الجنسيين وللغربيين ولكن يُستبعد منها العرب والمسلمين، وإذا كان هذا هو واقع الحال فلماذا لا يقولوا ذلك مباشرة، لماذا يراوغون، وما الهدف من ذلك؟
أريد أن أذكر هنا أن دولة فنلندا عارضت حتى الآن بناء مسجد للمسلمين في هلسنكي، على العلم من أن تمويل المسجد لن يكون من دولة فنلندا وإنما من خارج أوروبا، وهناك دعوات صريحة ومظاهرات عارمة في فنلندا مضادة للإسلام ومعادية للمسلمين، ولكن ما هو السبب الذي يجعلهم يسمحون ببناء معبد يهودي في وسط مركز مدينة هلسنكي، وما هو السبب في قيام حكومة دولة فنلندا بتمويل أمن هذا المعبد اليهودي بمئات الآلاف من اليورو سنوياً من خزينة الدولة الفنلندية.
لماذا لا نرى في هلسنكي على سبيل المثال مظاهرات ضد معاملة اليهود للمرأة فالديانة اليهودية تذل المرأة إذا طبقنا على اليهود في فنلندا القانون الفنلندي ولماذا يسمح لليهود بتطبيق كافة شعائرهم من اعتبار أن المغايرين أقل من بشر ودعمهم لذلك في حين تنتهك مساجد المسلمين، فقبل فترة قصيرة تم تهشيم مصلى للمسلمين في مدينة أولو الفنلندية لم تحميه لا شرطة ولا غيره ولم يُدفع أي شيء ليطبق عليه حتى القانون الفنلندي، فلماذا يهان المسلم ويقدس الصهيوني في فنلندا، ولماذا تُسمع المظاهرات والصراخ والسب والشتم والإهانة ضد المسلمين فقط، وهناك تكتم وحماية كاملة لليهود خاصة.
هذا يثبت عملياً أن الغرب لا يعتبر العربي والمسلم إنساناً من الناحية العملية، لذلك لا تعترف دولة فنلندا حتى الآن بشيء اسمه فلسطيني أو فلسطيني وإنما يُسجل الفلسطيني في فنلندا على أنه شخص بدون جنسية ولا يقولون فلسطيني بدون جنسية، فكلمة فلسطيني محذورة تماماً في هذه الدولة، لماذا، وما الجرم الذي اقترفه المسلمين ضد هؤلاء لكل هذا الحقد والإجرام.
الرئيس العراقي صدام حسين المجيد منح شركة YIT الفنلندية للبناء ترخيصاً للمشاركة في بناء ملجأ العامرية، وتم تسليم الخرائط إلى أمريكا وصنعت أمريكيا صواريخ وفقاً للخرائط لقتل النساء والأطفال هناك، وقد عكسوا آية سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب، فأصبح المسلمين أطفالاً ونساءً هم من يذبحون بسكاكين هؤلاء ويُنعت المسلم بعد ذلك بالإرهاب.
بما أن اليهود هم من يتقلدون أعلى المناصب في هذه الدولة، ويُعتبر المسلمين من الناحية العملية إرهابيين ومجرمين في حين أن عددهم أكثر مائة مرة من عدد اليهود، فإن دولة فنلندا هذه تستحق بجارة لقب الصهاينة الفاشيين، فقد شاركت دولة فنلندا الحرب مع هتلر، والآن بعد أن شووا اليهود في الأفران وأبادوهم بالغاز، الآن يكفروا عن ذنبهم مع اليهود بمساعدة اليهود على إبادة الشعب الفلسطيني كاملاً وذبح وإبادة المسلمين في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي، على سبيل المثال في اليمن أخيراً، هذه هي الديمقراطية الغربية وهذه هي حقوق الإنسان الغربية الفاشية التي تساعد بني صهيون لذبح وإبادة النساء والأطفال العرب والمسلمين.


أيمن أبو صالح – فلاديفوستوك 16/1/2018