في نهاية عام 2016 بدأ سريان قانون المساواة في فنلندا الذي يتضمن المساواة بين الرجل والمرأة بخصوص الزواج أي زواج المرأة من المرأة والرجل من الرجل والعياذ بالله.
يصبح القانون ساري المفعول في فنلندا بعد أن يصادق عليه البرلمان ووزير العدل ورئيس الجمهورية، أي أن كل هذه الجهات صادقت على هذا القانون الذي يسمح زواج الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة ويسمح بأن يتبنى هؤلاء المثليين جنسياً أطفال، أي حسب القانون الفنلندي يحق للمثليين جنسياً المتزوجين رسمياً حسب القانون نفس حقوق الزوجين الطبعيين من كل النواحي.
في البداية أريد أن أذكر أنه في بدايات دولة فنلندا بعد أن منحها الاتحاد السوفيتي الاستقلال كانت المثلية الجنسية ممنوعة حسب القانون، وكان القانون الفنلندي يفرض عنوة تعقيم المعاقين والمرضى النفسيين (أي خصيهم) حتى لا يصبح لديهم أطفال، كما أنه قبل عشرات من السنوات كانت المثلية الجنسية مصنفة كمرض نفسي في منظومة تصنيف الأمراض الطبية الفنلندية، ولكن سبحان مغير الأحوال.
المثلية الجنسية معروفة في فنلندا منذ زمن بعيد، أي أنها كانت تمارس في فنلندا منذ زمن بعيد، على الرغم من أنها كانت في ذلك الزمن ممنوعة قانوناً، فعلى سبيل المثال الروائية الفنلندية توفي يانسون (Tove Jansson) الرسامة والحاصلة على دكتوراه فخرية في الفلسفة ومؤلفة كتب الأطفال الشهيرة مومين المولودة عام 1914 كانت تسكن مع امرأة أخرى كزوجة لها، أي باللغة العربية الفصحى كانت سحاقية. الآن أصبح السُحاق في فنلندا حق مساواة لكل مواطن فنلندي ويحق للسحاقية أن تتزوج رسمياً من سحاقية أخرى ويسجل زواجهما في المنظومة المعلوماتية لتسجيل السكان كزواج أي رجل وامرأة كما يقوم القساوسة في الكنائس الفنلندية بمباركة هذا الزواج فيما بين السحاقيات وفيما بين المثليين الجنسيين من الرجال، كما أنه هناك سحاقيات ومثليين جنسيين من بين قساوسة الكنائس (توجد في فنلندا قساوسة نساء في الكنائس) وفي العادة تقوم قساوسة سحاقيات أو قساوسة مثليين جنسيين بعقد الزواج الكنسي ومباركة الزواج في الكنيسة فيما بين السحاقيات وكذلك فيما بين المثليين جنسياً من الرجال إذا صح هذا التعبير.
أي أن هذا قانون رسمي في فنلندا ومن لا يطبق القانون ولا يلتزم باحترام وتطبيق هذه الإجراءات يتعرض للعقوبة والمسائلة القانونية لعدم تنفيذ القانون الفنلندي والالتزام به.
ذكرت مَثل على السحاقيات من أعلى طبقات المجتمع الفنلندي منذ بدايات القرن الماضي وأضرب مثلاً آخراً على المثلية الجنسية في المجتمع الفنلندي من أعلى المستويات أي ثاني رجل (إذا صح التعبير) في الدولة الفنلندية المرشح للرئاسة الفنلندية والحاصل على ثاني أكبر عدد من أصوات الناخبين الفنلنديين بعد الرئيس الحالي شاولي نينستو، هذا الشخص اسمه بيكّا هافيستو (Pekka Haavisto)، فهو شخصية مرموقة في المجتمع الفنلندي فقد كان وزيراً للبيئة 1995 – 1999 ووزيراً أيضاً في الحكومة الفنلندية خلال الفترة 2013 – 2014، وكان مرشحاً لانتخابات رئاسة جمهورية فنلندا سنة 2012، وحصل في الدورة الانتخابية الثانية للرئاسة على 37,4 من أصوات الناخبين الفنلنديين وفاز الرئيس الحالي بـ 62,6 من أصوات الناخبين، أي أن مرتبته الشخص الثاني في الدولة بعد رئيس الجمهورية الحالي وهو مرشح أيضاً للانتخابات الرئاسية الفنلندية لعام 2018.
هذا الرجل متزوج رسمياً في فنلندا من رجل آخر اسمه نيكسار أنتونيو فلوريس (Nexar Antonio Flores)، ويشارك زوجه الرجل (إذا صح التعبير) في حملاته الانتخابية السابقة والحالية وفي الحملة السابقة كان الرجل الأول (إذا صح التعبير) يحمل إكليل كبير من الورود لزوجه الذي خسر الانتخابات الرئاسية السابقة في بث مباشر على التلفزيون الفنلندي.
فهذا عبارة عن مثال فقط على مدى تغلغل المثلية الجنسية والسحاق في المجتمع الفنلندي بحيث أنها أصبحت وفقاً للمنطق الفنلندي الأساس القانوني للمساواة بقانونهم.
من المنطق أنه إذا وصل الانحلال إلى هذا الحد، أن يكون هناك نقصاً في الأطفال، لأن المثلي الجنسي عندما يتزوج رسمياً وقانونياً وبمباركة الكنيسة من مثلي جنسي آخر أو سحاقية من سحاقية فإنهما لن يستطيعا أن يتكاثرا فالرجل (إن صح التعبير) لا يحمل ولا يلد، والسحاقية لا تحمل من سحاقية أخرى لأن ذلك منافي للطبيعة البشرية، فأصبح هناك طلب على الأطفال، دولة روسيا كانت يقظة جداً إلى هذا الانحلال الخلقي والأخلاقي وأعلنت مباشرة يوم سريان مفعول قانون زواج المثليين في فنلندا، منع فنلندا من تبني الأطفال الروس لأن القانون الفنلندي يسمح بزواج المثليين جنسياً والسحاقيات ويتيح لهم الحق في تبني الأطفال، والاتحاد الروسي يعتبر ذلك أقصى حالات الفساد والانحلال ولا يسمح للأطفال الروس بالعيش في مثل هذه البيئة.
وقبل ذلك كانت روسيا قد حذرت دولة فنلندا من أخذ الأطفال الروس الذين يعيشون في فنلندا من والديهم وإعطائهم لعائلات فنلندية وذكرت الدولة الروسية أسماء 75 طفلاً روسياً مقيمين في فنلندا قامت فنلندا بأخذهم ظلماً وعدواناً حسب القرار الروسي من أهلهم وإعطائهم إلى أزواج فنلنديين منهم مثليين وساحقيات طبعاً، وقد هددت روسيا دولة فنلندا رسمياً بإعلان أن دولة فنلندا خطر على المواطنين الروس إذا لم ترجع دولة فنلندا هؤلاء الـ 75 طفلاً روسياً إلى أهاليهم، لقد كان التهديد الروسي حاداً لدرجة أن الرئيس الفنلندي الحالي شخصياً تحدث إلى الإعلام بأنه لن يكون هناك استيلاء ظلماً وعدواناً على الأطفال الروس، وكان ممثل الحكومة الروسية آنذاك المدافع عن حقوق الأطفال الروس في فنلندا بافيل أستاهوف (Pavel Astahov) قد اتهم السلطات الفنلندية بشكل متكرر بأعمال اختطاف وسحب للأطفال الروس المقيمين في فنلندا من أهليهم.
اتهمت السلطات الروسية حينئذ قيام فنلندا بسحب 75 طفلاً روسياً من أهليهم الروس ظلماً وعدواناً والنرويج 35 طفلاً روسيا، أما السويد فإن روسيا لم تتهمها باختطاف أطفال روس مقيمين على أراضيها، وهذا من وجهة نظري يؤكد على منطقية الاتهامات الروسية لأن علاقة روسيا مع فنلندا أفضل من السويد والنرويج، ولو كانت هذه مجرد اتهامات غير واقعية لكان الاتهام موجه إلى السويد وليس فنلندا!
فالمساواة والحرية وحقوق الإنسان بالفهم الفنلندي معناها زواج السحاقية من السحاقية والمثلي الجنسي من المثلي الجنسي وتبنيهم للأطفال أولاد وبنات وهذا بالتمام والكمال هو فعل قوم لوط والعياذ بالله.
كما أن القانون الفنلندي يلزم كل شخص موجود في فنلندا الالتزام بالقانون أي معاملة هؤلاء المثليين والسحاقيات معاملة حسنة ومتساوية مع أي شخص آخر، أي إذا كنت عاملاً في مؤسسة أو في أي موقع ولم تعامل هذا المثلي الجنسي أو السحاقية كما تعامل أي شخص آخر دون تمييز فإن ذلك يعتبر جناية وسوف تتعرض للعقوبة بمخالفتك للقانون الفنلندي.
أنا شخصياً أستغرب من حقيقة أن هذا الفعل أي فعل قوم لوط محرم عند جميع الأديان، فكيف يقوم قس أو قسة الكنيسة بمباركة عقد الزواج هذا لفعل قوم لوط داخل الكنيسة وكيف يتم مباركته، وأي دين يسمح بأن يكون القس أو القسة (إن صح التعبير) مثلي جنسي أو سحاقية داخل الكنيسة؟ هل هذه هي حقاً الديانة المسيحية، فأنا لم أسمع مثلاً من أي مجمع كنسي اعتراضه أو تنديده بهذه الأفعال!!
والغريب أن هذه الدولة تناصر الكيان الصهيوني قلباً وقالباً مع أنها كانت تحارب من ألمانيا النازية وهتلر، فهل هذه المناصرة هي عقيدة دينية، وإذا كانت عقيدة دينية فهل دينهم يسمح بفعل قوم لوط؟ وإذا كان معتقدهم يسمح بفعل قوم لوط لأن ذلك يتم بتقديس من الكنيسة داخل الكنيسة فهل تجمعت علينا نحن الفلسطينيين أقوام لوط؟ حيث أن فنلندا لا تعترف لا بفلسطين ولا بكلمة فلسطيني مع أن أكثر من 137 دولة في العالم تعترف بفلسطين، والشيء الغريب هو ما الذي يجعل قوم لوط يناصرون كيان يعلن عن نفسه بأنه دولة دينية يهودية؟ والسؤال المهم الذي لا أستطيع أن أعرف إجابته وهو هل هذه تعتبر عقيدة أو دين أي فنلندا تعلن أنها دولة علمانية ولكن هل هذا بحد ذاته دين وعقيدة تتضمن طبعاً فعل قوم لوط ومناصرة الكيان الصهيوني وإبادة الفلسطينيين وطردهم من ديارهم وملاحقتهم في منافيهم.

أيمن أبو صالح – فلاديفوستوك 17/1/2018