موسوعة رشيد
محمود درويش
أستاذ الآثار الإسلامية
كلية الآداب جامعة المنيا
الناشر مؤسسة الأمة للاستثمارات الثقافية
ISBN: 978-977-783-364-6

تشمل موسوعة رشيد جزئين الجزء الأول التاريخ والاستحكامات الحربية ويقع في (608) صفحة والجزء الثاني التراث العمراني ويقع في (534) صفحة.

وقد كانت مدينة رشيد من المدن ذات الصفة الحربية منذ العصر الفرعوني وحتى عصر محمد على، باستثناء العصر العثماني الذي كانت فيه المدينة ذات صفة تجارية، كما كان لموقع المدينة على نهر النيل وتحكمها في المدخل الغربي أثر في زيادة الاهتمام بتحصينها. فقد اهتم حكام مصر منذ عصر الملك منفتاح في الأسرة التاسعة عشر من العصر الفرعوني وحتى عصر محمد على بإنشاء الاستحكامات الحربية التي أنشئت بغرض الدفاع، وتشمل الحصون والقلاع والطوابي، وتخلف من هذه الاستحكامات عدد كبير يتمثل في قلعة قايتباي وأحد أبواب المدينة، وكذا قلاع محمد على. وشهدت الأدلة المادية أن العمران بمدينة رشيد ارتبط بالظروف الحربية، فقد تركز الاهتمام بإنشاء الاستحكامات الحربية في العصر المملوكي وعصر محمد على، ونجد عكس ذلك في العصر العثماني الذي توسعت فيه المدينة نحو الشمال والغرب والجنوب، وأعيد بناء المدينة القديمة. وكان هذا العصر من العصور التي لم تشهد إنشاء استحكامات حربية جديدة، بل تحولت الاستحكامات القديمة إلى مبان تذكارية أو كانت تقيم بها حاميات ليست لها قوة حربية، وانتشرت العمائر حول هذه الاستحكامات مما يدل على انتفاء وظائفها الحربية.

ولما كانت قلعة قايتباي إحدى أهم الاستحكامات الحربية المصرية وواحدة من القلاع التي تنسب إلى السلطان المملوكي الأشرف قايتباي، فقد بدأت الدراسات حولها بجمع المعلومات المتناثرة بالمصادر وكتب الرحالة والمراجع والمادة المحفوظة بقطاع الآثار الإسلامية والقبطية، والخرائط والمخططات والتي اتضح أنها جميعا لا تتفق على شكل واحد للقلعة حيث تم رسم المخطط استنادا على الأجزاء الظاهرة دون مطابقة واقعية.

قبل عام (1985) لم تكن معالم القلعة واضحة بما يكفى لدراسة عناصرها المعمارية، ولما كان المؤلف مديرا لمنطقة آثار رشيد ورئيسا لبعثة الحفائر والترميم بالقلعة، وإعادة تأهيلها لتكون مزارا سياحيا، ضمن فعاليات المشروع القومي لترميم آثار مدينة رشيد. فقد استند على كتابات الرحالة الأجانب، والمصادر والمراجع، والمخططات المحفوظة بالمجلس الأعلى للآثار، والدراسة التاريخية لمدينة رشيد واستحكاماتها الحربية. فبالنسبة للمصادر والمراجع: تعد كتابات الرحالة الأجانب الذين قاموا بزيارة القلعة من أهم المصادر ومنهم بيري رايس (1521م) وسيزار لامبرث (1627م) وفانزليب (1672-1673م) وبول لوكاس (1699م) وفان إيجمونت وهيمان ونوردن (1795) وريتشارد بوكوك (1737م) وسافاري (1777م) وسونيني ولا لارم وفيفان دينو عام (1798م) وجولوا (1798). وكانت القلعة قد أهملت منذ القرن (18م) وسقطت أجزاء كثيرة منها، فعند قدوم الحملة الفرنسية كانت بمثابة حصن مهجور، وبعد تحطيم الأسطول الفرنسي في موقعة أبى قير قرر الجيش الفرنسي تنظيم الحصون الدفاعية ووضع حاميات بها، فأعيد بناؤها، وأطلق الفرنسيون عليها اسم قلعة جوليان. وتم الاستناد على مخططات المجلس الأعلى للآثار، حيث لم تكن معالم القلعة واضحة بما يكفى لدراسة عناصرها المعمارية، وسبق أن خرجت بعض المخططات والرسوم التوضيحية وقد ظهرت بها بعض العناصر التي أمكن الاستفادة منها أثناء البحث وأثناء الحفائر.

وتعد الدراسة التاريخية لرشيد واستحكاماتها الحربية المصدر الثالث: حيث كان لموقع رشيد (بولبتين) على البحر المتوسط ومدخل نهر النيل أثر كبير في زيادة الاهتمام بتحصينها منذ عصر الدولة الحديثة (1575-1085ق.م)، ففي عصر الأسرة التاسعة عشر (1308-1186ق.م) قام الملك منفتاح ببناء تحصينات في رشيد للدفاع عن البلاد ضد هجمات القراصنة في المدة من (1214:1224ق.م). وهذا يوضح الخطر الذي كانت تتعرض له الحدود الغربية والسواحل المصرية منذ السنوات الأولى للأسرة (19).

وقام رمسيس الثالث ببناء تحصينات على طول شواطئ البحر المتوسط، كما أقام بسماتيك الأول مؤسس الأسرة (26) معسكرا برشيد عام (663ق.م) كان يضم الميليزيين من سكان بعض جزر اليونان وغيرهم من القوات المرتزقة التي استخدمها في جيش مصر. وعندما غزا الإسكندر مصر وقام ببناء مدينة الإسكندرية (331ق.م)، كانت بولبتين سوقا رائجة، واستمرت بها صناعة العجلات الحربية، وكان بها معبد كبير (معبد بولبتينوم) يضم نسخة من القرار الذي أصدره مجمع الكهنة للملك بطليموس الخامس عام 196ق.م (حجر رشيد)، ولكنها بدأت في الاضمحلال بعد بناء الإسكندرية وتحول التجارة إلى الفرع الكانوبي (فرع ابو قير)، واستمرت حتى الفتح العربي تمثل نطاقا مسيحيا.

وذكرت المصادر أن عمرو بن العاص بعد أن فتح مدينة الإسكندرية عقد صلحا مع صاحب رشيد، وقد أولى اهتمامه بالثغور والسواحل خشية مهاجمتها من قبل البيزنطيين. وعندما قامت الدولة العباسية كان الخطر البيزنطي لا يزال يهدد الدولة، فأمر المتوكل العباسي واليه عنبسة بن إسحق ببناء مجموعة من الربط عام 239هـ (853م)، وقد نشأت المدينة نشأة حربية في عهد أحمد بن طولون (256هـ/870م) على أطلال مدينة بولبتين وقريبا من الرباط.

واستمر التهديد الخارجي لرشيد طوال العصر المملوكي عندما استولى المغول على بغداد عام 656هـ (1258م)، ودخلت دولة المماليك المعركة ضد الصليبيين والمغول منذ عهد بيبرس عام 671هـ (1272م)، وأنشئ بها منار عمره الظاهر بيبرس، وبأسفله برج عمره صلاح الدين بن عرام، وأغار الفرنج على رشيد في عهد الظاهر أبو سعيد جقمق عام 841هـ (1438م)، مما دفعه في عام (845-857م) إلى تزويد المدينة بالجنود لحمايتها، ومن ثم صارت مجرد ثغر حربي.

كما ازدادت قوة الأتراك العثمانيين الذين بدأت المصادمات بينهم وبين المماليك تتخذ شكلا خطيرا خاصة في عهد السلطان قايتباي الذي أولى الثغور اهتماما بالغا، واعتاد على زيارتها لتفقد أحوالها، وأنشأ عام 876هـ (1472م) برجه برشيد، ومثيلا له بالإسكندرية، كما أمر السلطان الغوري بإنشاء سور على ساحل البحر وأبراج لحفظ الثغر. ولم يهتم العثمانيون بإنشاء الاستحكامات في رشيد، حيث ساهمت الترسيبات التي تمت في هذه الفترة في إبعاد القلعة كثيرا عن البوغاز، وقلت الوظيفة الحربية للقلعة في حين كانت مقرا لحامية المدينة فقط. وكانوا يبيتون في الليل داخلها ويكسبون أقواتهم نهارا في مدينة رشيد. وعندما قدم الفرنسيون إلى مصر اهتموا بتحصين القلعة بعد هزيمتهم في أبي قير (1799) خشية أن يدخل الأسطول الإنجليزي إلى فرع رشيد، وقاموا بتجديدها وتعديل عناصرها الحربية، وأشرف على هذه الأعمال الجنرال بوشار الذي عثر على الحجر الذي عرف بحجر رشيد.

عنى محمد على بإقامة القلاع والاستحكامات فشرع في بناء سور حول مدينة رشيد وأبراج خارجها، واستدعى مهندسا فرنسيا في الاستحكامات يسمى جاليس، وعهد إليه اختيار السواحل ووضع مشروع لاستحكاماتها، وقد قام بتحصين قلعة قايتباى ووضع فيها أربعة عشر مدفعا، وأصدر إسماعيل باشا تعليمات بترميم الحصون وتسليحها بالمدافع.

واستطاع المؤلف من خلال الحفائر وضع المخططات والرسوم التوضيحية لعناصر القلعة بعد تحديد جميع معالمها المعمارية والفترات الزمنية التي مرت بها هذه المعالم كل على حده، تحديد أعمال التجديد طوال الفترة منذ القرن الثالث عشر حتى القرن التاسع عشر في عهد الظاهر بيبرس والسلطان قايتباي والسلطان الغوري والعصر العثماني وعصر محمد على، كذلك أمكن الوصول إلى أن هذه القلعة قد أنشئت على غرار فنار الإسكندرية الذي أنشئت عليه قلعتها. وأمكن تتبع أساسات القلعة وتوثيقها وتصويرها، ورسم مخطط كامل لها في كل فترة من الفترات التي مرت بها، وبذلك أمكن وضع حد للجدل الذي ثار حول هذه القلعة وتاريخها وتطور موقعها وعناصرها الحربية وهذا ما لم يحدث من قبل، كما تم وصف القلعة التي لم يسبق لأحد أن وصفها أو قام بدراستها دراسة مستفيضة كاملة.

كما أجريت الدراسة التاريخية الوافية لمدينة رشيد، والدراسة الوصفية الاستقرائية للاستحكامات الحربية استنادا على الحفائر والعناصر الثابتة المتبقية بالقلعة، والدراسة التحليلية لعناصر التخطيط المعماري والعناصر المعمارية والدراسة المقارنة مع الاستحكامات المعاصرة.

وأسفرت أعمال سبر أغوار القلعة إلى دحض ما سبق من نظريات حول التخطيط، والتوصل إلى حقيقته، وسوف تتضح معالم هذا التخطيط عند الحديث عن هذه القلعة بالدراسة الوصفية. وأمكن وضع عدد من الرسوم المعمارية لجميع عناصر القلعة والتي أكدت التشابه الكبير بينها وبين قلعة قايتباي بالإسكندرية، وأمكن إجراء دراسات التأصيل التاريخي والمعماري، فأصبح لدينا العديد من النتائج التي سيتم عرضها بالدراسة التحليلية.

في عام (1987) بدأت محاولات الوصول إلى القلاع التي تعود إلى عصر محمد علي والتي تمتد من بوغاز رشيد إلى أبي قير، وكان الوصول إلى هذه القلاع من الأمور الشاقة التي تعد ضربا من المستحيل، حيث أن هذه القلاع تقع على ساحل البحر المتوسط مباشرة وموزعة على مسافات تتراوح بين كيلو مترين ونصف إلى أربعة كيلومترات، وتقع في مناطق وعرة تمتد بها كثبان الرمال التي لا تمكن من الوصول إلى هذه القلاع إلا سيرا على الأقدام. وانتهت المهمة بتسجيل ثلاث عشرة قلعة (طابية) بين بوغاز رشيد وأبي قير ترجع جميعها إلى عصر محمد علي، والتي كانت في حال يرثى لها نظرا لقيام الجيش الإنجليزي بتدميرها عند غزو مصر عام (1881)، كما أن أغلبها يقع على ساحل الحر مباشرة مما كان سببا في سقوط أجزاء منها نتيجة النحر.

وفي عام (1989) بدأ المؤلف حفائر بأولى هذه القلاع وهي قلعة العبد، والتي أمكن من خلالها الكشف عن جميع أجزاء القلعة، وتشمل الواجهة الجنوبية والبرجين الواقعين على طرفيها والمدخل والحواصل والمزاغل المزودة بالمدافع، ومن ثم وضعنا عددا من الرسوم التخطيطية التي سيتم عرضها خلال الدراسة.

كان اختيار موضوع الاستحكامات الحربية بمدينة رشيد راجعا إلى أهمية هذه الاستحكامات الحربية وأهمية المدينة الحربية أيضا. وتُعد هاتان القلعتان (قايتباي والعبد) من أهم عناصر الدراسة التي أجراها المؤلف تفصيليا للمرة الأولى، مما يُعطي هذه الدراسة أهمية تجعلها الأولى من الناحيتين التاريخية والمعمارية حول دراسة الاستحكامات الحربية برشيد، وقد أرفق عدد كبير من الرسوم التخطيطية والمعمارية، كذلك عدد كبير من الصور التي تبرز مراحل الحفائر بهاتين القلعتين وعناصرهما المعمارية، كما تطرق الحديث إلى أسوار المدينة للمرة الأولى والحديث عن قلاع الساحل بين دمياط وأبي قير.

وكانت أعمال الحفائر التي قام بها المؤلف بداية الطريق لكشف أسرار هذه الاستحكامات مثلما حدث بقلعة قايتباي كنموذج للقلاع المملوكية، وقلعة العبد كنموذج لقلاع محمد علي، وقد ساعدت على إبراز الاستحكامات وتحديد معالمها، وحل جميع رموزها الغامضة، وتحديد جميع الفترات الزمنية التي ترجع إليها.

وتميزت هذه الاستحكامات بخصائص معمارية وحربية فائقة ساعدت على التعرف على التطور المعماري والحربي وتطور العناصر المعمارية والحربية تبعا لتطور الأسلحة وتطور استخدامها، وتتبع التطورات التي مرت على هذه الاستحكامات في العصور التالية مثلما حدث في قلعة قايتباي التي ترجع أصولها إلى فنار الظاهر بيبرس وجددها السلطان قايتباي والسلطان الغوري والحملة الفرنسية ومحمد على، كذالك قلاع محمد على التي أدخلت عليها العديد من التعديلات في عصر إسماعيل، وكان ذلك راجعا إلى تطور الوسائل الدفاعية والأسلحة المستخدمة بهذه الاستحكامات وبصفة خاصة التطور الذي شهدته صناعة المدافع منذ القرن الرابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

كما ساعد هذا الموضوع في دراسة جميع الاستحكامات الحربية في العالم الإسلامي والاستحكامات المعاصرة، ودراسة مدى التأثير والتأثر بين هذه الاستحكامات وتأصيل جميع العناصر بقلاع رشيد، ومحاوله حل الرموز التي شابت هذه الاستحكامات.
لذلك فإن دراسة الاستحكامات الحربية بمدينة رشيد من العصر المملوكي حتى عصر محمد على سوف تلقى الضوء على التاريخ الحربي للمدينة واستحكاماتها الحربية، إلى جانب دراسة العناصر المعمارية المختلفة وتخطيط الاستحكامات فضلا عن قوات الاستحكامات وأسلحتها.

يتبع المؤلف المناهج العلمية في دراسة الآثار والتي تشمل المنهج الوصفي الاستقرائي والمنهج التحليلي والمنهج المقارن حيث تضمن الباب الأول دراسة تاريخية وحضارية تهدف إلى تتبع تاريخ المدينة، وتنقسم إلى فصلين تناول أولهما تاريخ رشيد قبل العصر المملوكي ويشمل فترة ما قبل الفتح الإسلامي، وبعد الفتح الإسلامي، والعصر العباسي والطولوني، والعصر الفاطمي، والعصر الأيوبي. وتناول الفصل الثاني مدينة رشيد في العصر المملوكي والعثماني والحملة الفرنسية والحملة الإنجليزية وعصر محمد علي. وقد ركزت الدراسة التاريخية على الحملات التي تعرضت لها المدينة والتي كانت مدعاة لبناء الاستحكامات، وتعرضها لأهم غزوتين في تاريخها وهما الحملة الفرنسية عام (1798م) والحملة الإنجليزية عام (1807م).

وتناولت الدراسة بالباب الثاني تاريخ الاستحكامات الحربية بمدينة رشيد، وتتضمن دراسة تاريخ الاستحكامات المملوكية وهي فنار الظاهر بيبرس وقلعة قايتباي وأسوار رشيد التي أقامها السلطان الغوري فضلا عن قلعة الأمير صلاح الدين بن عرام التي أمكن تحديد موضعها، كذلك أحوال الاستحكامات الحربية في العصر العثماني، وتناولت الأعمال التي قام بها الفرنسيون ومحمد على بقلعة قايتباي، وأحوال الاستحكامات المملوكية في عصر محمد على، وإنشاءه للاستحكامات الأخرى على ساحل البحر المتوسط، وأحوال جميع هذه الاستحكامات حتى عصر إسماعيل.

وتناولت وصفا للاستحكامات المملوكية التي تشمل قلعة قايتباي وأسوار مدينة رشيد والاستحكامات من عصر محمد على التي تشمل قلعة العبد وقلعة الفرش. وقد أمكن - من خلال أعمال الحفائر - وصف قلعة قايتباي وصفا تفصيليا وتحديد جميع عناصرها بدءَ من الخندق الذي كان يحيط بها والأسوار والأبراج بدوريها، كذلك البرج الداخلي بدوريه، كما تناولت وصف أسوار رشيد والتوصل إلى معالمها المعمارية من خلال دراسة الخريطة الفلكية لرشيد، وقد أمكن وضع مخطط لكل طابية من هذه الطوابي، وتضمنت الدراسة بوابة أبى الريش وهى البوابة الباقية من الأسوار والتي كانت تتوسط السور الشمالي بالمدينة.
وقد ساعدت الحفائر التي تمت بقلعة العبد على إظهار جميع عناصر هذه القلعة التي تم التركيز عليها بوضع دراسة وصفية لها كأحد نماذج القلاع التي ترجع إلى عصر محمد على، والمعروف أنه كان يوجد تشابه جوهري بين قلاع محمد على من ناحية العناصر الأساسية مع بعض الاختلافات في التفاصيل الداخلية.

كما تناولت دراسة وصفية لبعض القلاع على البحر المتوسط بين دمياط وأبى قير وتشمل: قلاع بوغاز دمياط كالقلعة الكبرى بعزبة البرج وقلعة البوغاز الشرقية بدمياط وقلعة البوغاز الغربية بدمياط، وقلعتا بوغاز رشيد الشرقية الغربية، وبعض القلاع بإدكو وأبى قير كقلعة الشيخ بإدكو وقلعة الكلخ وقلعة المعدية والقلعة الحمراء وقلعة البرج (السد) رقم (4) وقلعة البرج (السد) رقم (3) وقلعة البرج (السد) رقم (2) وطابية البرج (1) بأبي قير وقلعة كوسا باشا بأبي قير.

وأمكن دراسة هذه القلاع من خلال الصور القديمة والرسوم التي تركها الرحالة، وكان للمؤلف حظ وافر في زيارة هذه القلاع جميعا ومنها قلعة البوغاز الشرقية برشيد قبل أن يلتهمها البحر عام (1989). وقد كان لدراسة هذه القلاع أثر في التعريف بها والتعرف على عناصرها ومعالمها، وهى أول مرة تتم فيها دراسة هذه الاستحكامات، حيث لم يكن معروفا عنها سوى أسماءها فقط، وأمكن من خلال هذه الدراسة التعرف على تحصينات ساحل البحر المتوسط بصفة عامة وتحصينات رشيد بصفة خاصة، كذلك دراسة تطور تخطيط الاستحكامات حتى القرن (19م)، وعناصرها المعمارية.

أما المنهج التحليلي والمقارن فقد اتبعتهما الدراسة من خلال التخطيط المعماري للاستحكامات الحربية في العصور القديمة والاستحكامات الإسلامية منذ فجر الإسلام حتى نهاية العصر الأيوبي والاستحكامات الحربية الصليبية والمملوكية وفي العصر العثماني وعصر محمد علي، كما تناول دراسة تحليلية ومقارنة للعناصر المعمارية بالاستحكامات الحربية وتشمل الأسوار والمداخل والمزاغل والسقاطات والحواصل والبرج الداخلي وبرج المراقبة والمراحيض والحمامات والسلاسل التي تربط القلاع لتغلق المواني ومواد البناء.

كما تناول الباب الثالث دراسة التخطيط المعماري لاستحكامات رشيد في العصر المملوكي حتى عصر محمد على وعناصرها المعمارية، وينقسم إلى فصلين: تناول الفصل الأول دراسة التخطيط المعماري للاستحكامات الحربية قبل فترة البحث واستمرارا حتى عصر محمد على (ق19م)، ومدى التأثير والتأثر بين الاستحكامات من حيث التخطيط، مع التركيز على الاستحكامات المملوكية وأصولها وتجديدات الحملة الفرنسية ومحمد على لقلعة قايتباي، وتخطيط قلاع محمد علي ومدى تأثرها بالاستحكامات المحلية والاستحكامات بجنوب أوربا، وانتقال التأثيرات من فرنسا وجنوب اليونان وأسبانيا إلى مصر، وترسيخ هذه التأثيرات في عصر محمد على من خلال دراسة تخطيط القلاع الواقعة على ساحل البحر المتوسط ومنها قلعة العبد.

وتناول الفصل الثاني دراسة تحليلية للعناصر المعمارية بالاستحكامات الحربية، والتي تشتمل على الأسوار وعناصرها والبرج الداخلي وغير ذلك من العناصر المعمارية ودراسة تطورها على مر العصور. أما الفصل الثالث فتناول قوات الاستحكامات الحربية وأسلحتها، وقد تمت دراسة تكوين قوات الاستحكامات في العصر المملوكي والعصر العثماني وعصر محمد على، وأسلحة هذه الاستحكامات التي تتضمن المنجنيق والأقواس والقدور الكفيات والأسلحة النارية كالنار الإغريقية والبارود والمدافع، فضلا عن أسلحة الهجوم كالدبابات والكباش.

أما الجزء الثاني من موسوعة رشيد "التراث العمراني" فتعتبر رشيد المدينة الأولى بعد القاهرة التي مازالت تحتفظ نسبياً في بعض أجزاءها بطابعها المعماري المميز، بما تحويه من آثار إسلامية قائمة ترجع إلى العصر العثماني، وتتنوع تلك الآثار ما بين آثار مدنية ودينية وحربية.

وإذا كانت تلك الآثار المعمارية القائمة لفتت الأنظار فاتجهت إليها يد العناية والرعاية، وتناولها العديدون بالبحث والدراسة، فإن مدينة رشيد تنفرد أيضاً بميزة لم يتم الالتفات إليها من قبل بشكل جاد، وهي توافر كم هائل من الوثائق الخاصة بتلك المدينة، تشتمل على كافة التصرفات الشرعية، وكافة القضايا التي تعكس نمط الحياة في تلك المدينة منذ بداية العصر العثماني وحتى الوقت الحاضر، وتتنوع تلك الوثائق على نحو التالي:

1. وثائق محكمة رشيد بأرشيف الشهر العقاري بمدينة دمنهور، وتقع في (355) سجلاً يحوي كل منها قرابة (2000) وثيقة.

2. وثائق محكمة رشيد في القرن (19م) بأرشيف دار المحفوظات القومية.

3. وثائق محكمة الإسكندرية بأرشيف الشهر العقاري بمدينة الإسكندرية، وتقع في (350) سجلاً، تحوي مئات الوثائق الخاصة بمدينة رشيد.

4. حجج الوقف العثمانية المحفوظة بأرشيف وزارة الأوقاف بالقاهرة.

5. حجج الوقف العثمانية بأرشيف دار الوثائق القومية بالقاهرة.

6. وثائق محكمة الصالحية النجمية بأرشيف محكمة الشهر العقاري بالقاهرة.

وتعكس الوثائق الحياة الاجتماعية والاقتصادية وأشكال التخطيط العمراني المختلفة بمدينة رشيد من منتصف القرن (10هـ/16م) وحتى القرن (13هـ/19م).

ومن بين هذه الوثائق ما يبين المواقع التجارية والتجمعات الحرفية بالمدينة وأخطاطها المختلفة، وأسماء أسواقها وشوارعها ودروبها وحاراتها وأزقتها، والتي ظل الكثير منها محتفظاً بنفس المسميات حتى الآن، مما مكننا من تتبعها، والتعرف على مواقعها، والتغيرات التي طرأت عليها في تلك الفترة.

ومن خلال الوثائق أمكن التعرف على كثير من الأنماط المعمارية التي اندثرت من المدينة وخاصة تلك التي اندثرت بحكم التطور الحديث، من سيارج ومصابغ وطواحين وقاعات نسيج (أنوال) وقاعات حياكة ومعامل شمع ومعاصر ومعامل سكر، وغيرها. وعلى أية حال فإن دراسة وثائق مدينة رشيد، تتجه أساساً إلى دراسة كل ما يتعلق بالمنشآت المعمارية بمدينة رشيد منذ القرن (10هـ/16م).

إزدهرت المدينة بعمائرها المدنية والدينية والحربية على حد سواء، وكان لبعض العوامل الخاصة أثرها الواضح في بناء واستخدام هذه العمائر، لذلك فإننا نشير إلى بعض هذه العوامل التي تدور حول الموقع وأهميته، وطبقات المجتمع في المدينة وشروط البناء وتنظيم الشوارع وغير ذلك مما كان له أثر واضح في عمارة هذه المدينة في العصر العثماني.

يتناول الجزء الثاني من موسوعة رشيد التراث العمراني، ويتبع المؤلف المناهج العلمية في دراسة الآثار والتي تشمل المنهج الوصفي الاستقرائي والمنهج التحليلي والمنهج المقارن، حيث تضمن بالباب الأول التراث العمراني للمدينة في العصر العثماني، من خلال ثلاثة فصول: الأول عن دراسة تطور العمران ومظاهره، والأسواق. والثاني عمائر مدينة رشيد المدنية في العصر العثماني من خلال دراسة التخطيط العمراني للعمائر المدنية التي تشمل: العمائر التجارية كالوكالات والخانات والقياسر، والعمائر الصناعية كمطابخ السكر والأفران والسيارج ومعاصر الزيت والمصابغ ومعامل الكتان والمقالي وقاعات الحياكة وقاعات صناعة الحبال ودوائر الأرز ومعامل الشمع والطواحين، ومنشآت الرعاية الاجتماعية كالحمامات والبيمارستانات والأسبلة والصهاريج، والعمائر السكنية كالدور والمنازل. وتناول الثالث العمائر الدينية التي تشمل المساجد والزوايا والأضرحة.

أما الباب الثاني فتناول العناصر المعمارية والزخرفية من خلال فصلين تناول الأول العناصر المعمارية وتشمل العناصر المعمارية بالعمارة المدنية، والعناصر المعمارية بالعمارة الدينية، أما الفصل الثاني فتناول العناصر المعمارية الزخرفية وتشمل العناصر المعمارية الزخرفية بالعمارة المدنية، والعناصر المعمارية الزخرفية بالعمارة الدينية.

وأرجو أن أكون قد وفقت في عرض التراث العمراني برشيد بأنواعه المدنية والدينية، كما أرجو أن تكون هذه الموسوعة إضافة جديدة للمكتبة العربية، خاصة وأنها تتناول المدينة الثانية في عداد الآثار الإسلامية بمصر.

وإنني على يقين أن هذه الموسوعة التي تتناول التاريخ والاستحكامات الحربية والتراث المعماري المدني والديني وفنون مدينة رشيد في العصر الإسلامي ستكون - بإذن الله تعالى – إضافة للمكتبة العربية. وسوف تضع رشيد وتاريخها وآثارها العريقة أمام القارئ بحسب تنوع آثارها الحربية التي تشمل القلاع والأسوار، والمدنية التي تشمل العمائر التجارية والصناعية ومنشآت الرعاية الاجتماعية والدور والمنازل، والعمائر الدينية التي تشمل المساجد والزوايا والأضرحة، وفنونها التي تشمل الرخام والخشب والبلاطات الخزفية.

وقد شغل المؤلف العديد من المناصب الإدارية والعلمية بالمجلس الأعلى للآثار بمصر (1980:1977-1983-1995) والمؤسسة العامة للآثار بالعراق (1983:1980) وجامعة المنيا (1995: الآن) على النحو التالي: مفتش الآثار الإسلامية والقبطية بمنطقة رشيد، مفتش الآثار بالمؤسسة العامة للآثار بالعراق، عضو بعثة الترميم والحفائر بقصر الأخيضر ومدينة بابل الأثرية ومدينة سامراء ومشروع إنقاذ آثار سد حديثة والمتحف العراقي، ومدير آثار منطقة رشيد والبحيرة، ومدير متحف رشيد الوطني ومعهد الحرف الأثرية إلى جانب عمله، وشارك في الإشراف على ترميم قلعة قايتباي بالإسكندرية، ومدير المشروع القومي لترميم وتطوير آثار مدينة رشيد، وشارك في مشروع تطوير وإعداد العرض المتحفي لمتحف رشيد، وأنشأ معهد الحرف الأثرية الذي يتكون من قسمي الخشب والسجاد اليدوي، ورئيس بعثات الحفائر بقلعة قايتباي وقلعة العبد على ساحل البحر المتوسط وزاوية البواب بمنطقة أبو مندور، ومدير النشر العلمي لآثار الوجه البحري، والمشرف على ترميم آثار منطقة وسط الدلتا وعضو اللجنة الفنية لمشروع ترميم آثار فوة بمحافظة كفر الشيخ، وأنشأ إدارة مشروعات ترميم الآثار الإسلامية والقبطية بالوجه البحري وتولى إدارتها.

وعين بقسم الآثار بكلية الآداب جامعة المنيا (1995)، وأنشأ مركز البحوث والدراسات الأثرية، ونائب رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي، ووكيل كلية السياحة والفنادق ورئيس قسم الإرشاد السياحي، ورئيس مجلس قسم الآثار بكلية الآداب، ورئيس مجلس إدارة مركز البحوث والدراسات الأثرية بجامعة المنيا (2011-2016).

له أكثر من ثمانية وستين بحثا في العمارة والفنون الإسلامية والقبطية والدراسات الوثائقية والمخطوطات كالتالي:
البحوث العلمية المنشورة بمجلات محلية (24بحثا)
البحوث المنشورة بمؤتمرات دولية (14 بحثا)
البحوث المنشورة بمجلات دولية ذات معامل تأثير (17 بحثا)
المؤلفات العلمية المنشورة (15 مؤلفا)