من الأكيد ان التراث الاسلامي يتضمن جوانب ايجابية نبني عليها ونضيف اليها ونستلهمها للتطور والتقدم بمجتمعاتنا الى مصاف المجتمعات الراقية والمتطورة التي نهلت من تراثها كما فعلت الدول الغربية عندما انطلقت من الفكر الاغريقي والروماني بما فيه من ايجابيات وبنت عليه تقدمها اضافة الى ما اخذته عنا ولكن هناك ايضا في تراثنا جوانب سلبية نتيجة لظروف تاريخية واجتماعية وسياسية وثقافية فرضت ذلك النوع من التراث في ظروف معينة لكن الخطأ الذي وقعنا فيه اننا ظننا ذلك التراث دينا فحافظنا عليه وهنا الخطورة ان يتحول الانتاج الفكري البشري الى مقدس ونعتبره جزء من المقدس في حين انه مدنس لانه بشري ويخضع الى الظروف التي انتجته في حين ان الديني المقدس ورد ضمن الوحي الالاهي الموجود في القران الكريم وهو الاساس الذي استند عليه الأقدمون لصياغة افكارهم ومعتقداتهم ورؤاهم فصاغوا صياغة بشرية وليست دينا التفسير والحديث والفقه واصول الفقه وعلم الكلام والتصوف وعلوم اللغة والفن المعماري وأدوات العمل والقتال وغيرها من العلوم وسائر فنون الثقافة والأدب وكل مناحي الحياة التي كانت لها صلة جدلية بحياتهم وظروفها
وبالتالي فان الابقاء على تقديس ذلك التراث واعتباره جزء من الدين فانه خطا جسيم يتركنا نعيش على اطلال الماضي ونبقى سجناء لذلك الماضي التليد على اساس انه لا يمكن ابداع افضل مما كان ومن هنا تاتي فكرة انه لا يمكن البقاء عند محلك سر فالواجب يفرض علينا بحكم ما نمتلكه من ادوات التحليل والقدرات العلمية الفذة التي بحوزتنا والتطور العلمي الرهيب ان نتجاوز تلك الأطر التقليدية ونصنع لأنفسنا ثقافتنا الدينية عقيدة وعبادة ومعاملات وأخلاقا انطلاقا من الوحي الثابت وهو القرأن الكريم وبذلك نكون قد خرجنا من قيود الماضي وما فيه من سلبيات وتحررنا في ذات الوقت من الانبهار بالغرب وقيمه وثقافته التي تجعلنا منبتين عن واقعنا وهويتنا العربية الاسلامية ذات المضمون العقلي الذي اكد عليه القران في معظم ثنايا القران الكريم .
وبناء على هذا يمكن ان نلاحظ ان موضوع الاضافة الى الدين من المواضيع الهامة في حياتنا اليومية لأنه يمس كل علاقاتنا و ممارساتنا في السياسة و المجتمع و الاقتصاد و سائر حركاتنا و سكناتنا حتى أنه يصاحبنا في أدق و أحرج مراحل حياتنا و لذلك لابد من الانتباه الى عدة أشياء عند الحديث عن هذا الموضوع علما وأن الكثير من الممارسات و العادات و التقاليد و التصرفات التي كنا نظنها من الدين و لكن عندما درسنا حقيقة الدين في الجامعة ة تبين لنا أنها عناصر أضيفت الى الدين من قبل من له مصلحة في هذه الاضافة عبر قرون عديدة اختلطت فيها عوامل الجهل بحقيقة الدين مع عوامل أخرى كالمصالح المادية أو الرغبة السياسية أو عوامل الوراثة للعادات و التقاليد البالية و الخشية من التغيير وبذلك تراكم على الدين كم هائل من الاضافات و الزوائد التي لا يمكن اعتبارها أساسا من الدين بل تصل في حالات عديدة الى مناقضة مبادئه فما هي اهمها حتى نتجنبها ونخلص الى دين الاهي صاف غير معقد ومستساغ يقبل به الذوق الرفيع و العقل السليم حتى يكون ديننا جديرا كما هو في حقيقته الموضوعية بأن يتبع ويكون دين البشرية جمعاء المحقق للأمن والطمأنينة في هذا العالم .
ونبدأ بمسألة العقيدة حيث أتى الدين بالتوحيد لله تعالى وألغى كل ند أو شريك له سواء كان بشرا أو غيره من المخلوقات و الأشياء التي ظل الناس يعبدونها الى يوم الناس هذا ويمكن الاشارة في هذا الصدد الى التوجه بالدعاء و طلب البركة من الأولياء و الصالحين و تقديم القرابين و النذور اليهم واقامة المهرجانات فيها فهذا كله خارج عن اطار الدين و سلوك يؤدي حتما الى الخروج عن القاعدة الأساسية في التوحيد و تقود حتما الى الشرك بالله تعالى وهناك حقائق جوهرية في ديننا يتغافل عنها الكثير من الناس وهي أنه لا وجود لواسطة بين الله وعباده في الدين الاسلامي فبامكان أي كان أن يتوجه مباشرة لله بالدعاء أو العبادة مباشرة دون انتظار اشارة من أحد وآيات عديدة تشير الى هذا المعنى .

اما في خصوص ما يمكن اعتباره اضافة الى الدين في العقيدة ما فعله الشيعة من دون الفرق الاسلامية جميعا عندما أقروا أن الامامة جزء من العقيدة الاسلامية وهم بذلك صادروا الحق الطبيعي للأمة في اختيار حكامها ومحاسبتهم لحساب ولاية الفقيه واعتبار أن الحكام يحكمون بقتضى التفويض الالاهي لهم وبذلك ندخل حلقة مفرغة من التسلط على رقاب الدين باسم الدين وكذلك الجماعات التي تقول بالحكم الالاهي المطلق وتكفر من لم يتفق معهم في هذا فانهم لا يفعلون شيئا سوى توظيف الدين لخدمة أغراضهم السياسية الدنيوية بعيدا عن حقيقة الدين الجوهرية التي تولي مكانة هامة للأمة في تسيير أمور حياتها بنفسها مباشرة و بعيدا عن التوظيف الديني و الذي من المفروض أنه قد تجاوزته الأحداث لكن للأسف مازال قائما لحد الآن .
وفي العبادات هناك الكثير من الخلط بين الجوهري و الثانوي في الدين بحيث يقدم ماهو سنة أومندوب على الواجب في كثير من الحالات ففي مسالة الختان وهي سنة مؤكدة و لكنها لا ترقى الى الواجب بأي حال من الأحوال فان الكثير من الناس يولونها أهمية اكبر من بعض الواجبات الدينية فينفقون الأموال الطائلة على مثل هذا الأمر و لا يؤدون مثلا فريضة الحج بدعوى ادخال أبنائهم الى الدين الاسلامي وفي بعض المناسبات الدينية كالأعياد وشهر رمضان فان الكثير من الناس يركزون على الطعام والموائد الملآنة بصنوف الطعام على حساب الجوهر وهو أداء العبادة فلماذا تحفل أسواقنا في مثل هذه المناسبات أكثر من اللازم لابد من ترشيد المسلمين أن العبرة بالعبادة ليس الشكل وانما هو الجوهر ولكن السائد حقيقة هو الشكل .
وفي العادات والتقالبد هناك اضافات عديدة منها عند الموت اقامة أربعينية الميت أو سنوية له و تقديم الطعام بشكل احتفالي فيه من مظاهر الترف و البذخ و التفاخر و المنافسة بين الناس حول من يبدع في هذا المجال أكثر بحيث
تخرج هذه الممارسات عن جوهر الدين و اذا أضفنا اليها ما يفعله الناس من طقوس وممارسات في المقابرعند الزيارة فانك ترى الأعاجيب حتى من أناس محسوبين على التدين من المشايخ و القراء الذين لا يحترمون أبسط قواعد الدين في تصرفاتهم
وحدث ولا حرج عن العادات و التقاليد في الزواج والأجواء الاحتفالية بمثل هذه المناسبات حيث فيها الكثير من الخروج عن ضوابط الدين عن طريق التهريج و القيام بعادات وتقاليد لا علاقة للدين بها سوى تعسير عملية الزواج وجعله يكاد يكون منحصرا على الأغنياء و من الطبيعي عندئذ أن يكثر الفساد في المجتمع نتيجة لمثل هذه التصرفات .لذا لا بد من الانتباه الى مثل هذا الأمر حتى نمارس الدين بكل وعي و لانترك العادات و التقاليد التي أصبحت اليوم بمثابة السلطة القوية التي لا نقدر على مواجهتها في حين أنها تبعدنا كثيرا عن حقائق الدين و توقعنا غالبا في المحظور الذي ينبغي تجنبه حفاظا على ديننا من التبدل ونسيان جوهره في مقابل دين بديل وغريب.