أبو فراس الحمداني (320/357هـ ـــ 932/968م) هو الحارث بن سعيد بن حمدان بن حمدون الحمداني التغلبي ابن عم سيف الدولة الحمداني .. الأمير الفارس الضرغام الشاعر المتمكن الذي جاهد في سبيل الله وزاد عن ثغور المسلمين الشمالية وحارب الروم ودوخ قائدهم الدمستق ووالده بردس والشميشق وبلنطس وغيرهم من قادة الروم وقد استشهد في سبيل الله وعمره 37 عاما بعدما خدم الإسلام والمسلمين فارسا بطلا وشاعرا فحلا يمتاز شعره بالصدق والعذوبة والجمال
***

رِسَالَةٌ إلِى أبِي فِرَاس الحَمَدَانِي
***


شعر
صبري الصبري
***


لـ(أبي فراس الحارثِ الحمداني)
زينِ الشباب خلاصةِ الفرسانِ

قد كنت بالهيجاء حارثها الذي
طعن الأعادي كلهم بطعانِ

لا يستقر بمعرك حتى يرى
ذُلَّ (الدمستق) ظاهرا لعيانِ

والرومُ تبكي في مذلة حسرة
بهزائم شتى بكل مكانِ

كنت الأمير بن الأمير بأسرة
أمراء كانوا من بني (حمدانِ)

جاهدت حقا والجهاد فريضة
فيها العلاء لأمة القرآنِ

بالسيف تضرب بالأعادي ضربة
أردتهمُ في خيبة وهوانِ

وبكفك الميمون بيضُ بوارقٍ
بالعز تسبح في دماء جبانِ

مثل (الدمستق) و(الشميشق) (بردس)
و(بلنطس) الإشراك والكفرانِ

حاربتهم كالليث يزأر جهرة
بمحاسن الإسلام والإيمانِ

ويثور بالآفاق ثورة فارس
عرف الطريق لعزة الإنسانِ

فجمعت بين فضائل شتى بها
نلت المعالي في علا الأزمانِ

لازلت أهفو بالفؤاد له كما
تهفو له الأحرار بالأوطانِ

فالروم قد عادوا لشام رسخوا
فيها "دويلة" عصبة الجرذانِ

ضاعت فلسطين الحبيبة كلها
و(أبو فراسٍ) في حمى الأكفانِ

لا نستطيع الضرب بعدك بعدما
ذلت رقاب الناس للأوثانِ

واستعمر الأعداء (بغداد) التي
كانت بحق درة البلدانِ

صرنا طعاما للعدو بقصعة
نهضوا إليها نهضة الجوعانِ

والكل يلهو بالملاهي والهوى
والضحك والشاشات والنسوانِ

تركوا الشريعة واستلذوا فتنةً
يحيون فيها في خطى الشيطانِ

عُدْ للقتال فإننا جرحى بلا
فذٍّ كمي يا أبا الشجعانِ

عُدْ للبطولة من جديد إننا
ضعفاء نحيا في عصيب زمانِ

فالقدس ضاعت هل عَلِمْتَ؟! فليتنا
عشنا زمانك في هدى وأمانِ

إني لأذكر والخطوب عديدة
سيف الفخار محطم الطغيانِ

لا أنسى فارسنا المبجل قارضا
شعر الحماسة ذائع الديوانِ

بالسيف والقلم الفصيح مدونا
للناس سيرة فارس الإحسانِ

نِعْمَ الأمير أميرنا وزعيمنا
في الحرب والشعر الجميل الحاني

نعم الذي خط الخطوط بسيفه
في الأرض أو بالسهل والوديانِ

نعم الذي سطر السطور يَرَاعُهُ
بصحاف أدب رائع الميدانِ

لا فرق عندك يا بن (تغلب) بين ما
تهوي به في منحر البهتانِ

وبما جرت أقلامك المثلى كما
جاءت لنا بصحائف الإتقانِ

إني لأعتذر اعتذارا واضحا
لك يا ربيبَ العزِّ بالإعلانِ

عن كل تأخيري القراءة عنكمُ
ووقوع عقلي في دجى النسيانِ

حقا تأخرت العلوم وما جرى
مني بغفلة شاعرٍ ولهانِ

بالشعر والشعراء مثلك إنني
كررت أسفي واعتذاري الآني

سأظل أكتب عنكمُ بقصائدي
يا فارس الفرسان بالبرهانِ

أنَّ الذين تقدموا كانوا لنا
مثلا جليا ناطقا بلسانِ

كونوا كمثلهمُ جميعا وانفضوا
عنكم غبار الراقد النعسانِ

لـ(أبي فراس) الحر كان تطلعي
هذا المساء بمهجة الظمآنِ

لبطولة الأجداد كان مسارها
بالعزِّ لا بالذل والإذعانِ

كانوا رجالا في المعارك دافعوا
عنا بلا ضعفٍ ولا خذلانِ

قهروا العلوجَ الرومَ قهرا دائما
وسل (الدمستق) عن سطور بياني

والآن عادوا من جديدٍ وانتهى
زمن الفوارس فالجميع يعاني

يا زينَ فرسان البطولة ما استوى
فينا الشجاع وخائر البنيانِ

يا راقي الحس الرهيف منحتنا
بأس القتالِ ورقةَ الوجدانِ

واللهَ أسأل أن يعيد لأمة
الإسلام عزا شامخ الأركانِ

ويحرر القدس الشريف معززا
دوما يكون لأمة الفرقان

صلى الإله على النبي وآله
طه الرسول المصطفى العدناني !!