معارضة لقصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي
(وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت)
(فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا)
***
جوامع الصدق
***
شعر
صبري الصبري
***
(وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت)
(فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا)

فأمة الخير بالإشراق في شمم
بذروة المجد قد حفت بها الشُّهبُ

تسطر الأمر بالمعروف أحرفه
منارة النفس لا يغشى الضيا وَقَبُ

مسرة النور في الأرجاء قاطبة
لأطيب الناس بالأخلاق قد طربوا

رسالة الحق جل الله قدَّرها
سفينة البر .. فالأبرار قد ركبوا

وأوسع الأرض ما ضمت أحبتها
بمنهج الخير بالوجدان ينسكبُ

وأضيق الأرض ما كانت بأروقة
بمنهج الشر بالشيطان تلتهبُ

وأحسن الحال حال الصدق نتبعه
بطاهر القلب للرحمن نقتربُ

وأسوأ الحال حال الإثم تقصده
بخبثها النفس تستشري بها الخِرَبُ

تباين الناس في حالات سعيهم
وسجل الله بالقسطاس ما ارتكبوا

صحائف الحق في إحصاء دقتها
توثق الشأن توثيقا له انجذبوا

فثلة الفوز في روضات صدقهم
وثلة الخسر في أشتات ما كذبوا

تتابع الدهر بالإنسان يدرسه
بدارس الحتف قد دارت به الحقبُ

تأكد الأمر في ترتيب حصرهم
وأظهر الفعل بعد القول ما حجبوا

وأصبح العيش مقرونا بشيمتهم
يفصل الوصف في أحوالهم عجبُ

تفرق السمت تفريقا بلهفتهم
وأقبل الضعف لما حفهم لعبُ

فرفعة القوم في آفاق همتهم
بقوة العزم يسمو العلم والأدبُ

مكارم الرشد تعلي فيهم قيما
بحكمة اللب ولَّت عنهم الكُرَبُ

وفارق الهم بالإدبار مخدعهم
بسرعة العدو .. والإعياءُ والنَّصَبُ

مثالب الغي بالإغواء قد نثرت
مهالك الحتف في نيرانها اللهبُ

فسادها العجز والإقتار واتخذت
بزحفها الخسر قد ساخت به الرُّكَبُ

مسيرة الدهر للأقوام ما سطرت
بطهرها الجمِّ ما جاءت به الكتبُ

حضارة النفس في إحسان وجهتها
لوجهة الحق في أرباحها كسبوا

وشمروا الجد والإقدام أشرعة
بجوها الصحو بالإتقان وارتقبوا

وسارع المجد مشدودا لحضرتهم
وأقبل الفخر مبهورا بما اكتتبوا

طريقة الخير للإنسان ما فتئت
تقدم البر للأخيار فاحتسبوا

وصاحبوا البرَّ والأخلاق في رَشَدٍ
تقيدوا النورَ بالإيمان وانتسبوا

وفارقوا الشر فالأشرار مهلكهم
بربقة البؤس بالإذلال ما اكتسبوا

فمنهج الحق للمخلوق تبصرة
بعيشة الأمن حَلَّ الحاذق الأرِبُ

وزائغ القلب بالإغواء في سفه
يقلب العين ممسوسا به رَهَبُ

يرافق الوغد أهل الخبث ممتزجا
مفاسد الفعل فيها اللهو والتعبُ

تأخر الركب عن إدراك مقصده
بلوثة الإثم لما فسقَهم صحبوا

وأدرك الأمر أهل العدل في كرم
بحنكة الرأي للقراء قد كتبوا

وسطروا الشعر بالديوان منتشرا
ببحره العذب ولت عنهم الرِّيَبُ

فأتقنوا البوح مصحوبا بأودية
زهورها الشدو قد طابت به العَرَبُ !

أميرنا الفذ (شوقي) الشعر معذرة
لعارض الودق قد سالت له السُّحُبُ

فأنتمُ السيل قد فاضت موارده
ومنهل الشعر للعشاق قد شربوا

وموئل الضاد في إعلائها مدد
لأمة العُرْبِ إن آبوا وإن ذهبوا

فبيتك الفخم درَّ الدُّرَّ جوهره
بمنبر الناس في إبلاغ من خطبوا !

جوامع الصدق للأخلاق مرجعها
بريقها الرَّوْحُ والريحانُ والذهبُ !

صلاتنا الشوق للمختار نبعثها
وعترة النور والأصحاب هم نُجُبُ !