في فن القراءة..الأديب والناقد محمد عبد السميع نوح
****
يكون النص الأدبي المعاصر جيدا أو ناجحا، أو حتى موفقًا إذا أحسست بعد قراءته أنك تريد أن تقول:
من المؤكد أنني لو قرأت هذا العمل الأدبي مرة أخرى سأقول كلاما آخر، ذلك أن القراءة النقدية للنصوص المعاصرة تجاوزت ممارسة الشرح والتفسير، تجاوزتها كثيرا إلى ممارسة الاكتشاف، وليس شططا إن قلنا إن بعض القراءات بلغت مرحلة الاقتراح على النص، ولم لا والنص يتمدد بعدد متلقيه؛ فمن الأوْلى إذن أن يتمدد ويتمدد ويتسع بعدد دارسيه.
النصوص المعاصرة لَا تُقرأ، ولكنْ تُمْتَصُّ امتصاصا ليتوازى الإبداع الأدبي مع سباق الإبداعات الإنسانية الأخرى، الامتصاص متكرر كامتصاص جذور الشجر من تربة الأرض الخصبة، فلا ينتهي امتصاصها ولا ينضب عصيرها الممصوص.
توجهات القراءة المتخصصة: بعد قراءة الاستمتاع أو الاستكشاف، وبعد القراءة اللغوية والبلاغية التي تُعدُّ عتبة أولى لا أكثر، وبحسب طبيعة النص من حيث البنية الفنية والبنية الدرامية وتقارب أو تباعد علاماته(سيميائياته) بمعنى تقاربها وتعاضدها أو مفارقاتها، وبعد النجاح في العثور على أول مفاتيح النص سيكون ممكنا افتراض أحد التوجهات:
ـ قراءة حاذفة للتنقية
ـ قراءة مضيفة متمِّمة
ـ قراءة مؤوِّلة مساوِية
ـ قراءة تقترح (مكتشِفة)
ولا بديل عن أن تجتمع أكثر من قراءة للنص الواحد، وقد تتعدد القراءات من دارس واحد وفي كل قراءة ينهج نهجا مختلفا عن النهج السابق. وكلما كان النص ثريا كلما تعددت توجهات دراسته.