لقاء العلامة مصطفى صادق الرافعي بالأديب محمد عبد السميع نوح

الأديب الناقد محمد عبد السميع نوح
من مواليد الغربية 1953 مفكر وشاعر وقصاص ومسرحي
====
اقرأ.. اقرأ .. اقرأ..
***
التاسع والعشرون من مايو 1912م كنتُ في مجلس للإمام محمد عبده ـ رحمه الله ـ وكان يحدثنا عن جمال وعظمة اللغة العربية، كانت المرة الأولى التي أحضر فيها مجلسه، هو لاحظ ذلك، فقرَّبني منه، وبعد الدرس دار بيننا حوار خاطف:
ـ ما اسمك يا ولدي
ـ اسمي محمد بن عبد السميع بن محمد، يصل نسبي إلى أبي ذر، رضي الله عنه
ـ ما شاء الله.. كم سنة عمرك؟
ـ لم أولد بعد يا مولانا، وأشعر أني سأولد عام 1953م
ـ ولمَ تكبدت مشقة السفر إلينا، ولمَّا يئنْ أوانك يا شيخ محمد؟
ـ مسألة عويصة تؤرقني في الغيب
ـ وما هي؟
ـ حدثتني جيناتي الوراثية أني سأكون أديبًا مغمورًا، ولم أنزعج، فالشهرة لم تكن تعني أجدادي، ويجب ألا تعنيني، ولكني خطفت خطفات من مجالسنا وصالوناتنا الأدبية، فأحسست أن الهراء فيها أكثر من الجد، والادعاء أكثر من الحق، فأردت أن أتخذ لي شيخًا في الأدب، فجئت إليك، هل تقبل بي مريدًا؟
ـ يا ولدي، أنا محمَّلٌ بمسئوليات أخرى من بينها الأدب، وليست كلها أدبا، ولكني سأدلك على رجلٍ... هاهو يأتي
ـ يا شيخ مصطفى.. يا شيخ مصطفى..
انعطف إلينا رجل نحيف في بزة رمادية أنيقة يضع على رأسه طريوشا أنيقا في لون الكرفتة قانية الاحمرار. وشارب مهذب في بشرة بيضاء مشربة بحمرة.
ـ سيدي
أمسك الشيخ الإمام بيدي ودفعني إليه:
ـ خذ هذه الأمانة، أنت مسئولٌ عنها من الآن وحتى يولد في 1953م وبعد مولده، لاتفارقه.
ثم التفت إليَّ في حنان ورحمة:
ـ ده يا محمد عمك مصطفى صادق الرافعي، كن بين يديه كالميت في يد المغسل
ـ سيدي .. لا أفهم ما الميت وما المغسل
وهنا دفع إلي الشيخ مصطفى بمسودة كتاب من كتبه وقال:
ـ هذا كتاب المساكين، لم أكتبه بعد، سأكتبه وأنشره عام 1917م اقرأه تعرفْ.. اقرأ يا محمد .. اقرأ. اقرأ