احسست بالذنب
احسست دائما بالذنب مع قناعاتي انني على حق احسست بالذنب امام ابنائي العاطلين جميعا عن العمل لانني لم اعمل يوما الا بالمنظور الوطني مخالفا السرب ولذلك لم اؤسس لهم شيئا كغيري ممن عرفوا من اين تؤكل الكتف ..... وان كان هذا الكتف عظام الوطن ومستقبله ... كما قالوا لي هم فازوا بالابل وانت بقيت على قارعة الطريق .... هم الابناء المتفوقين ... ولكن لانهم ابنائي ... وفي اختلاف معايير القياس والانتماء .... فتجربتهم تختلف عن تجربتي ... فهم كفروا بكل التنظيمات ومصائبه وعصبيتها وعصبويتها .... ولا يعرفون الا حقيقة واحدة ان الاوطان تبنى بمقدار ما يتحصل ابنائها علميا في ثورة العصر ... فالعالم لا يعترف بالجهلاء وان طال زعيقهم ونبحهم عنان السماء .... تجربتهم تختلف من شواهد وظواهر الفشل والواسطة والمحسوبية وابناء الابوات ....... وتبقى الحقيقة مؤلمة بكل اطرافها

في زمن النضال، زمن النقاء والشفافية ، كان للمناضلين رونق خاص ، كان لهم احترام مقدار ما يحملوه من اهداف سامية لاوطانهم ولشعبهم ، كانوا محل تقدير من الكبير الصغير يتناسب مع حجم تضحياتهم ، كان لابنائهم شرف تلك الثقافة وشرف تلك المبادي والاخلاق والتكريم ، انقلبت الثقافات انقلابا لا اخلاقيا .... فاصبح ابناء المناضلين لا تقبلهم تلك الثقافات ، وكانهم ارتكبوا جرما او ذنبا ينتسب لابائهم ، وفي سباق الولاءات مع انقلاب المفاهيم لجوهر القضية واساسياتها لا قيمة لهولاء الضحايا من الابناء الذين اخذوا بمعايير ابائهم ، وان كانوا قد حددت مواقفهم حالة الفشل لكل التجارب الفلسطينية ، واكتفوا بانهم فلسطينيون لا يعرفون صون الاوطان الا من خلال التحصيل العلمي وعدم الانخراط في التجاذبات التي لم يحصد منها الشعب الفلسطيني الا الخيبات ، هم ابرياء ووطنيون انقياء ، هذا الوقت المؤلم والزمن الفاشل حيث اصبح ابناء المناضلين مستبعدون كاستبعاد فلسطين التارخية عن الاذهان ، في عصر الثورة والاخلاق والقيم كان ابناء الجواسيس يلحق بهم العار من سلوك وعمالة ابائهم واليوم اصبح لهم غطاء ووفر في العمل والتبني والالتزامات ، انه الانقلاب على كل شيء في حياتنا ، التجويع والفقر ، واهمال الطاقات العلمية ، هو هذا الوقت الذي يجب ان تعترف فيه بمالا يمكن ان لاتعترف به ، استبداد القرار وفرضه ، والا تعطلت عجلة الحياة ليس لك فقط بل لابنائك ،هي تلك القسوة التي لا يتحملها بشر .

امس تخرج ابني الرابع من هندسة العمارة جامعة فلسطين بمعدل 81%ليلتحق باخوته في سلم العاطلين عن العمل والبطالة مثلهم كمثل الخريجين في قطاع غزة ..... وللرواية فصول كثيرة ...... اعان الله اولياء الامور واعان شباب غزة على ما هم فيه.
سميح خلف