من ذا الذي لا يحب رزان ؟

كانت فراشة .. وكانت تحوم بين النار والدخان .. وترتدي البياض روحا وجسدا . تهدي البسمة فتلتئم الجراح .
رزان كانت بلسما قبل كل دواء حين كانت عيون الغدر تتربص بجناحيها الغضين وهي ملاك بين أنين الجرحى . ما أجملك رزان في نصاعتك وما أبشع تلك العينين الحاقدتين في ذلك اليوم الأغر من أيام العودة الكبرى .. شتان ما بين عينيك ، حيث النبل والعز والصفاء وبين عيني الغدر والعهر والدنس .
تقلد الصامتون نيشان الخزي والعار وأوسمة الدناءة والذل ، ووهبتك السماء قلادة الشرف والعز ، فصار بياضك ناصعا رغم تخضبه بدمائك الزكية .
من ذا الذي لا يحبك رزان ؟ .. ومن ذا الذي لم تذرف عيناه دمعا حين تعالت الزغاريد احتفاء بارتقائك وهي تزفك شهيدة قبل مدفع الإفطار ؟ .. فقد التمر مذاقه ، والحليب طعمه فصار علقما ، إلا حبك .. فقد زاد وهجا وعشقك اتقادا .
أنا أيضا أحببت رزان وتمنيت في لحظة انشغال القلوب والأرواح بصيحات المونديال ، أن أكون جريحا على أرض الطهر فأرتوي من براءة عينيها وبسمة شفتيها ..
كتبت يوما عن فرح .. غادة غزة ، ولا أدري أين هي . لكني الآن اكتب عن رزان وأعلم أنها هنا وهناك .. في الأرض كما في السماء . منبثة في حنايا الروح ومسام الجسد .. وأعلم أن الطائرات الورقية حين تعلو ، فإنها تتسابق لتقتفي أثر روحها الطاهرة المتنقلة بين الخلد والفردوس قبل أن
تعود طيرا أبابيل على رؤوس الجبناء .. فمن ذا الذي لن يحب رزان ؟
رزان الآن تستريح .. لكنها حتما ستعود . وسيكون بزوغها يوم العودة الكبرى وجحافل المصلين تؤم المساجد والكنائس لتعانق الأقصى والصخرة والبراق والقيامة .. يوم تنطلق الحشود ببذلاتها البيضاء المخضبة بدماء الطهر والنقاء من الجليل إلى النقب ومن البحر إلى البحر .