قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن
صحيح مسلم (4/ 2045)
17 - (2654) حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ كِلَاهُمَا، عَنِ الْمُقْرِئِ - قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ - قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيَّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، يَقُولُ: أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، كَقَلْبٍ وَاحِدٍ، يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ» ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ»
__________
سنن ابن ماجه (1/ 72)
199 - حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ» وَكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يَقُولُ: " يَا مُثبِّتَ الْقُلُوبِ، ثبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ. قَالَ: وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ، يَرْفَعُ أقْوَامًا وَيَخْفِضُ آخَرِينَ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ "
[شرح محمد فؤاد عبد الباقي]
[ ش (بين إصبعين من أصابع الرحمن) هذا من أحاديث الصفات وفيها القولان السابقان قريبا أحدهما الإيمان بها من غير تعرض لتأويل ولا لمعرفة المعنى بل يؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد قال الله تعالى ليس كمثله شيء، والثاني يتأول بحسب ما يليق بها فعلى هذا المراد المجاز كما يقال فلان في قبضتي وفي كفي لا يراد به أنه حال في كفه بل المراد تحت قدرتي ويقال فلان تحت إصبعي أقلبه كيف شئت فمعنى الحديث أنه سبحانه وتعالى متصرف في قلوب عباده وغيرها كيف شاء لا يمتنع عليه منها شيء ولا يفوته ما أراده كما لا يمتنع على الإنسان ما كان بين إصبعيه فخاطب العرب بما يفهمونه ومثله بالمعاني الحسية تأكيدا له في نفوسهم]
تأخذ أعضاء الإنسان أسماءها من صفاتها، وليس من كينونتها،
الإصبع من مادة "صبع"، وهي مستعملة في امتناع الشيء عن الخروج، ودوام بقائه،
فما يوضع في اليد يدوم فيها ويمنع خروجه أو سقوطه منها بالأصابع التي تحيط به وتشتد عليه،
وقد زيدت همزة الامتداد المتصل لبيان إلحاق الشيء باليد واتصاله بها، وسلب قدرته على الخروج أو السقوط
والهمزة مكسورة، والكسرة علامة اعتماد (إِصبع) علامة الاعتماد على الأصابع في تثبيت الشيء في اليد،
وله لفظ آخر (أُصبع) علامة على إحاطة الأصابع بالشيء لتثبيته وأنه في باطنها، والضمة أخت الواو، ودلالتها في الإشارة إلى الباطن والداخل.
وإصبع واحد لا يجعل أكثر الأشياء ثابتًا؛ بل الحاجة لأكثر من إصبع حتى يحاط بالشيء لتثبيته.
إلا في قليل منها كتثبيت الخاتم، أو وضعه في عروة كوب أو فنجان....
هذا الفعل هو فعل مادي يشاهد بالعين المجردة، في تثبيت شيء مادي.
وأما المعاني فهي تبنى على الصور المادية حتى يتم فهمها.
والقلب عمله معنوي، وضبطه وتثبيته مختلف عن تثبيت الأشياء المادية،
والقلوب متفرقة ومنتشرة ومختلفة، وعددها لا يعلمه إلا الله تعالى،
فكيف يثبتها الله تعالى .. هذا أمر غيبي لا يمكن معرفته وصفة قدرة لله تعالى.
وكثير من الأفعال تسند إلى الله عز وجل، وتنفيذها موكل إلى الملائكة،
والملائكة تفعل ما تؤمر به، فأفعالها ليس من اختيارها،
ولذلك إسناد أفعالها إلى الله تعالى الذي أمرها بالفعل.
فتثبيت هذه القلوب على كثرتها واختلاف أهوائها موكل إلى الملائكة؛
: {فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب {12} الأنفال.
المفضلات