التنمية البشرية هي علم حديث نشأ في الغرب بخليط من (السيكولوجي والأنثربولوجي والسوسيولوجي)..أو (علم النفس وعلم الإنسان وعلم الاجتماع)

ملخصه : تنمية قدرة البشر بتحفيزهم على الإبداع والصمود، وأساسه كان لتنمية قدرة العالم الاقتصادية بطرق كسب المال وغيرها.

لكن لما انتقل للعرب أضافوا ليه (التاتش الديني الخرافي) بادعاء قدرات خارقة وأشياء نقلها لنا "إبراهيم الفقي" الله يرحمه أشهر من نقل هذا العلم للعرب، لكن إبراهيم لمن لا يعرفه هذا متدين على شاكلة "ذاكر نايك وأحمد ديدات" ربط بين الإيمان وقدرة البشر فصنع حالة من التنمية البشرية مرتبطة بالدين، ومنها خلق تيار شبابي كبير كان نواه لإدخال هذا العلم للجماعات الإسلامية.

أي أن التنمية البشرية في حقيقتها علم معترف بيه وليه مؤشر قياسي في الأمم المتحدة اختصاره HDI لكن العرب هما اللي جعلوه خرافي ولم يستفيدوا بحقيقة الجمع بين كل هذه العلوم الإنسانية الثلاث في علم واحد.

والسبب في تحوله لخرافة عربية إنه انحرف عن مساره الأساسي في الاقتصاد وحقوق الإنسان، فهو علم يهتم بعلاج الفقر والجهل والحريات ورفع معدل الأعمار، وطريقة جيدة لقياس قدرات البشر في مجتمع وأهليتهم لأنواع خاصة من التحديات ترصدها الحكومة، يعني مفترض يكون فيه مركز تنمية بشرية في كل دولة هو اللي بيقيس تلك القدرات ويرفعها بتقرير للحكومة اللي بناء عليه تنزل فورا ببرامج تحسين اقتصادي وحقوقي من نوع خاص.

أيام الإخوان كنت مشترك في غرفة تنمية بشرية على البالتوك والمحاضر كانت بنت حافظة كلام ابراهيم الفقي بالحرف، لكن لم أتعاطف مع هذا الاتجاه لسببين:

الأول: إن أفكاري فلسفية شوفت بيها كلام التنمية مجرد تحفيز نفسي لواقع غير ملائم، يعني لما تصرخ بصوت عالي وتقول "عاوز أنجح ولازم أنجح وخلاص نجحت" يبقى اسمك بتصبر نفسك ليس إلا، نوع من خداع الذات منفصل تماما عن واقع محض لا يتغير إلا بالفلسفة خصوصا المادية منها.

ثانيا: إن المشتركين في برامج التنمية انعزلوا تماما عن العلم والمعرفة، وذلك بسبب تلقينهم إن حل مشاكلهم كلها عن طريق برامج التنمية..وهذا غير صحيح، يوجد جزء معلوماتي خاص بالإنسان هو المسئول عن التلقي وتحويل تلك المعلومات لبرامج عمل ترفع من نسبة الوعي، أما دور التنمية هنا لازم يكون توظيف المعلومات بشكل إيجابي عن طريق تطويرها والاستزادة منها..بخلاف اللي حصل، تنمية العرب لم ترفع معدل الوعي أبدا لقصور معلوماتي رهيب..

أما كيف غزت برامج التنمية البشرية مجتمع الإسلاميين فلأن الجماعات والمتدينين عموما أفكارهم مثالية على الطريقة الهيجلية، وهذا النوع من الاعتقاد له جانب وجودي في تفسير الكون أن الإنسان طالما هو أساس الرسالة والتكليف يبقى تنميته من الداخل كافية لتطويع المادة..وهذا غير صحيح في رأيي لأسباب شرحتها في محاضرتي عن المادية الجدلية في يوتيوب، ومدخل كبير للدروشة والخرافة وتصدير الصورة المشوهة للتنمية اللي أصبحت الآن محط سخرية على مواقع التواصل.

باختصار: التنمية البشرية الحالية عند العرب تعزز الخرافة والدروشة وتجعل من أصحابها أضحوكة، أما مواضيع الثقة بالنفس واللامبالاه والعاطفة كل هذه من علوم النفس، يعني التنمية مش محتاجة تناقشها منفصلة لأن طبيعتها فلسفية خاصة بالسلوك وقيم الجمال الأكسيولوجية، أي أن أساس علم النفس فلسفي، ومناقشة هذا العلم بطريقة التنمية البشرية فقط يعزز منطق الأسطورة