دور الامن الانساني في تحقيق التعايش السلمي
الدكتور عادل عامر
دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية ومستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا ومستشار الهيئة العليا للشؤون القانونية والاقتصادية بالاتحاد الدولي لشباب الأزهر والصوفية ومحكم دولي معتمد وخبير في جرائم امن المعلومات.
-محمول: -01224121902 , 01002884967, 01118984318
adel66amer2017@hotmail.com
بحث مقدم الي المؤتمر العاشر للتسامح والسلام
العيش المشترك
(التنوع والتكامل)
24 نوفمبر 2018 بالقاهرة

الملخص: تناولت هذه الدراسة موضوعا حيويا جديدا، لم يطرق من سابق – في مجتمع الدراسة – سواء بالبحث او المعالجة.
وعلية ري الباحث اهمية تناول هذا الموضوع بوصفة إحدى الازمات المحلية والاقليمية والدولية التي يواجها المجتمع الدولي والمحلي والإقليمي. فإن قضية التعايش من أهم القضايا التي تشغل العلماء والمفكرين المسلمين والغربيين، "ولقد شعر بأهميتها المسلمون وغير المسلمين، فقامت مجامع وندوات وتعالت نداءات تطالب بمزيدٍ من التعايش الحسن" وقد تباينت مذاهب الناس فيها، بين رفض لها وبين قابل بها بجميع صورها، وبمذاهبها الفكرية المختلفة، فكان لزاماً على المفكرين النظر في المقاصد من هذا المصطلح
إذا تتمحور الدراسة في توضيح واظهار اهميه موضوع "العيش المشترك" في ضوء لأهمية المجتمع الدولي في تحقيق ذلك الذي ينهض على فعل جماعي يراهن من جهة أولى، على تدبير واقع ندرة الموارد المادية والرمزية ومحدوديتها، وهنا تنطرح مشكلة توزيع الموارد وعدالة هذا التوزيع. في تحقيق الامن الاجتماعي الذي يهدف الي استقرار التعايش السلمي.
كما يراهن من جهة ثانية، على تدبير وتكييف واقع التنوع والاختلاف الديني، والثقافي، والطائفي، والمذهبي، والعرقي، والاقليمي. ذلك أن سياق العيش المشترك يتراوح ما بين ظروف الرخاء والوفرة والغنى، وهنا يكون العيش المشترك متحصلا بطريقة شبه تلقائية لا تستوجب كبير جهد وتدبير، وبين ظروف الندرة والمسغبة، حيث تستشري الأزمة، ويخيم واقع عدم الاستقرار، وهنا يحتاج العيش المشترك إلى الكثير من الجهد والعنت.
أما أبعاد العيش المشترك فتتحدد أولا من الوجهة المجالية؛ ما بين إطار وطني داخلي ضمن مكونات الجماعة الوطنية، وهو البعد الذي يتحدد بنظريات العقد الاجتماعي والسياسي، وبالطبيعة المدنية للإنسان وحاجته إلى غيره.
وإطار دولي خارجي ضمن الجماعة الدولية. كما تتحدد ثانيا من الوجهة المرجعية؛ ما بين مرجعية قرآنية إسلامية تقوم على منظومة قيم؛ التعارف، والاختلاف، والمساواة، والحرية، والعدالة، والكرامة الإنسانية، والتعاون والتدافع.
اذ تم تسليط الضوء على الزامية وجود مرجعية أممية تعبر عن الإرادة الدولية للمجتمع الإنساني، مع ما قد يعتري هذه الإرادة من خضوع لمنطق موازين القوة التاريخية الفعلية، ولمنطق الازدواجية والكيل بأكثر من مكيال واحد.
ومع ذلك فلا يتعين افتراض التعارض الكلي بين المرجعية الأممية الكونية، وهي مرجعية أسهمت فيها كل الحضارات التاريخية، وكل الثقافات القائمة بنصيب.
فالحضارة الإنسانية الواحدة والمشتركة لا يمكن تصورها إلا بفضل تعدد الثقافات، وهو تعدد يقتضي التعايش والحوار بدل التنابذ والصراع. على أن يكون هذا الحوار بين جماعات ومجتمعات إنسانية من لحم ودم؛ لها مشاعر مشتركة، وبناء عاطفي وذهني إنساني مشترك. وليس حوارا بين كيانات حضارية وثقافية مغلقة.
فالعيش المشترك، انسجاما مع ما سلف، يرتكز فضلا عن البنية التعاقدية القانونية الدستورية في صلتها العضوية بالبنية المؤسسية، على منظومة متكاملة للقيم. وكما أن للعيش المشترك مستلزماته في إطار الجماعة الوطنية، فإن له كذلك، مقتضيات في إطار العلاقات الدولية.
وعلية بنيت نتائج الدراسة: أن التعددية الثقافية الليبرالية ترتكز على افتراض أن سياسات الاعتراف ومساندة التنوع الثقافي من شأنها أن "توسع مجال الحرية البشرية" و"تقوي الحقوق الإنسانية"، وتخفف من الهيراركية العرقية والعنصرية وتعمق الديمقراطية والعيش المشترك. ومع ذلك، فإن التعددية الثقافية من منظور ليبرالي تعد ظاهرة أكثر تعقيدا مما يعتقد الكثيرون، وهي ليست مبدأ واحدا أو سياسة واحدة، وإنما هي مظلة تستوعب أساليب تختلف بشكل كبير من تجربة إلى أخرى، كما أن كل واحد من هذه الأساليب يتميز بتعدد وتعقد أبعاده[12].
فمع أن التعددية الثقافية تعد، من وجهة نظر البعض، بمثابة أيديولوجيا؛ أي "نسقا من المعتقدات المترابطة والمنظمة"، إلا أنها تظل قابلة، مع ذلك، للتشكيك والدحض. فهي تركز اهتمامها تحديدا على كيفية التعامل مع التنوع الثقافي داخل الدولة، وطبيعة علاقة الدولة بمكوناتها الثقافية، وماهية المرجعية الفكرية التي ينبغي الركون إليها لضمان شرط المعاملة العادلة مع سائر مكوناتها. فهي بإيجاز من قبيل النظريات السياسية لا الأيديولوجيات.
ومن جهة أخرى فإن التعددية الثقافية تعد في عمقها تجربة حياة، وتجربة عيش في كنف مجتمع أقل انعزالية وضيقا في الأفق، وأكثر حيوية وتنوعا ولو كان أقل تجانسا تستخدم الأدبيات المعاصرة مصطلح "التعددية الثقافية" كمصطلح شامل يغطي مساحة واسعة من السياسات التي تستهدف توفير مستوى معين من الاعتراف العام، ومساندة مختلف الثقافات الفرعية الأمر الذي يستوجب بلورة أنواع مختلفة من السياسات لأنواع مختلفة من الجماعات الثقافية الفرعية.
وهكذا يتصل مفهوم التعددية الثقافية اتصالا وثيقا بمفهوم "سياسة الاختلاف"، وهو المفهوم الذي بمقتضاه يتعين "معاملة الأشخاص المختلفين بشكل مختلف نسبيا وفقا لثقافتهم المميزة[10]." وفي هذا السياق، يوظف المفهوم باعتباره مفهوما جامعا يستبطن مجموعة كبيرة من السياسات المعنية بتوفير مستوى معين من الاعتراف الرسمي والدعم للجماعات الفرعية غير المهيمنة، سواء أكانت تلك الجماعات من المهاجرين أو الأقليات القومية أو السكان الأصليين[11].
وأظهرت الدراسة:
أن الإسلام من خلال أهدافه ومبادئه وقيمة يسعي لتحقيق الأمن والاستقرار والمحافظة على النظام وتطبيق الحدود الشرعية بحيث لم يترك الإسلام أي ثغرة ينفذ من خلالها الإرهابيون والمخربون لتنفيذ أعمالهم وتحقيق مأربهم كما أن نشوء إدارة لشؤون المجتمع العالمي تمثل بعدا أصيلا من أبعاد تطور الجهود الإنسانية لتنظيم الحياة على هذا الكوكب، وتلك عملية ستظل دوما مستمرة. غير أن مفهوم "إدارة شؤون المجتمع العالمي" لا يفيد السعي لإقامة حكومة عالمية، وإنما يسعى إلى تحقيق التوازن بكيفية تغدو معها إدارة شؤون المجتمع محققة لمصالح كل الشعوب في مستقبل مستديم، مسترشد بالقيم الإنسانية الأساسية، وقادرة على تكييف التنظيم العالمي لواقع التنوع الذي يزخر به عالمنا[2].
ذلك أن مبدأ التعددية لا يتحقق إلا من خلال الإيمان بوجود العديد من طرق الحياة العقلانية التي تسمح لنا بأن نعيش حياة كريمة. كما يتحقق من خلال القدرة على الاختيار الحر لنمط الحياة الإنسانية الذي يناسبنا. علما أن التعددية والتنوع إنما يكونا في إطار الوحدة الجامعة والروابط المشتركة؛ "فالشرائع المتعددة، على سبيل المثال، لا تتأتى تعدديتها إلا في إطار الدين الواحد، والحضارات المتعددة لا تتأتى تعدديتها إلا في إطار المشترك الإنساني العام. وبذلك، فإن التعددية هي تنوع قائم على تميز وخصوصية، فهي لا يمكن أن توجد إلا بالمقارنة بالوحدة وضمن إطارها، فلا يمكن إطلاق التعددية على التشرذم والقطيعة التي لا جامع لآحادها، ولا على الأحادية التي لا أجزاء لها[9].
وخلصت الدراسة:
الي ان تنامي اهتمام الشعوب بحقوق الإنسان والمساواة، والديمقراطية، وتلبية الاحتياجات المادية الأساسية، والحماية البيئية، ونزع الطابع العسكري، إلى تبلور العديد من القوى (إلى جانب الدولة) التي تسعى إلى الإسهام في تدبير العيش المشترك من خلال إدارة شؤون المجتمع العالمي (محليا وإقليميا ودوليا).
غير أن أهم تغيير يمكن أن يقوم به الناس هو تغيير طريقتهم للنظر إلى العالم بما يعزز قيم العيش المشترك. وتفسير ذلك؛ أن العيش المشترك (وطنيا أو دوليا) لن يتحقق إلا من خلال الالتزام المشترك بمجموعة من القيم الأساسية التي من شأنها التوحيد بين الناس رغم اختلاف انتماءاتهم الثقافية والسياسية والدينية والفلسفية. وفي مقدمة هذه القيم؛ القيم الأساسية المتعلقة باحترام الحياة، والحرية، والعدالة، والإنصاف، والاحترام، وأخلاق الرعاية، والأمانة.
وبفضل هذه القيم يمكن لعيشنا المشترك أن يتأسس على أساس أخلاقي إنساني يستوعب روابط الجوار والمصلحة والهوية والانتماء والعيش الكريم. خاصة إذا علمنا أن "من شأن المعايير الأخلاقية العالمية التي نتوخاها أن تساعد على إضفاء الطابع الإنساني على الأنشطة الموضوعية للنظم البيروقراطية والأسواق، والحد من الغرائز التنافسية، وخدمة المصالح الذاتية الضيقة للأفراد والجماعات، أو بتعبير آخر، ستسعى إلى ضمان أن يكون المجتمع الدولي مشبعا بالروح المدنية[6]."
لذلك يجب أن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش في سلام وحسن جوار." إزاء الشعور المتزايد بعجز الدول الوطنية على مواجهة ومعالجة الكم الكبير والمعقد من التحديات والقضايا التي تواجهها، وجدت الدول والشعوب التي ترغب وتراهن على السيطرة على مصيرها أنها لا تقوى على ذلك إلا بالعمل معا جنبا إلى جنب مع الآخرين، وأنه يتعين عليها أن تؤمّن مستقبلها من خلال الالتزام بالمسؤولية المشتركة، والجهد المشترك[1].
" ذلك أن الذي استجد هو أن الاعتماد المتبادل بين الأمم قد ازداد اتساعا وعمقا، وكذلك دور الشعوب حيث جرى تحويل بؤرة الاهتمام من الدول إلى عموم الناس من خلال مؤسسات المجتمع المدني، ومن هنا، فإن نمو المجتمع المدني الدولي يمثل مظهرا من مظاهر هذا التغيير. لان الإجراءات والترتيبات التي يتبعها العالم في تدبير وتصريف أموره يتعين أن ترتكز على منظومة من القيم المشتركة، وأن البناء المؤسسي والقانوني مهما كانت عقلانية الإجرائية فلا يستمد قوته وفاعليته وجدواه إلا من خلال استناده على قيم مشتركة وعلى إحساس عال بالمسؤولية المشتركة. أنه وجدت على ساحة العمل التطوعي العربي ثلاثة أنواع من المنظمات تتباين في أهدافها وفي العلاقة بينهما وبين الدولة:
المجتمع المدني الديني والإرثي وهو أقدم أشكال المنظمات غير الحكومية في المنطقة العربية ويعتبر من الناحية العددية ممثلا لأكبر عدد من الأعضاء الذين يقدرون بالآلاف وفي بعض البلدان بالملايين، ويشمل هذا النمط الجمعيات الدينية والجماعات الصوفية والجمعيات الخيرية وجمعيات البر والإحسان. وقد زادت النمط الديني للمجتمع المدني العربي في العقود الأخيرة بسبب تصاعد قوة التيارات الدينية والطائفية في المجتمعات العربية."
المدخل: -
إن روح التعاون والمساعدة، وجدت منذ وجود البشرية، فالإنسان اجتماعي بالفطرة، والعمل الاجتماعي كان يتم عبر التاريخ في أشكال مختلفة، فردية أو جماعية، إلا أن دور المنظمات غير الحكومية أخذ يتبلور مع بروز دور الحكومات وتحديد مهامها، أي في البيئة الأوروبية الصناعية خلال القرن التاسع عشر، كما أن اندلاع الحروب وما ولدته من ويلات ومآس، كل ذلك شجع على تأسيس الجمعيات الطوعية وتأدية دور لا تمارسه الحكومات، كتنفيذ أعمال إنسانية بخاصةٍ في فترات الحروب، تهدف بشكل مباشر إلى تخفيف المآسي عن بني البشر.
لقد حكم هذا النوع من العمل في سياقه الزمني ثقافتان مختلفتان، الأولى تعتمد على الإغاثة والاحسان والثانية على التضامن والتعاون، وفي ظل التطورات السياسية المتلاحقة في العالم، أخذت روحية التضامن والإنماء تحل مكان العمل الاحساني.
إن تعاظم دور المنظمات غير الحكومية وازدياد نشاطها وحضورها على الصعيد العالمي جعلها تنال اعتراف منظمة الامم المتحدة كشريك أساس وفعّال في تقرير مصير البشرية ومستقبلها وفي الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايته، حيث باتت هذه المنظمات تعتبر السلطة الثالثة في العالم بعد الحكومات والأحزاب السياسية.
ذلك أن المؤسسات العامة تجمع المنتمين إلى شتى الجماعات الفرعية، فتكون هذه المؤسسات ذات امتدادات متشعبة شاملة المجالين الشخصي والسياسي لأعضائها؛ فعلى الصعيد الشخصي، تعنى هذه المؤسسات بتلاقي الناس من مختلف الانتماءات، فيوطدون، بذلك، علاقاتهم المتبادلة التي ترتبط على نحو وثيق الصلة بحياة هذه الجماعات في بيئاتها وأماكن تواجدها.
أما على الصعيد السياسي، فتعنى تلك المؤسسات بتعليم الناس كيفية التعامل والتعايش والتفاوض مع بعضهم البعض، رغم اختلافاتهم. وهكذا، سيُفضي بالاندماج المؤسساتي، بفعل عامل الزمن، إلى بلورة مِزاج عام يوحد الجماعات الثقافية التي تعيش على رقعة جغرافية معينة، بحيث يتحول إلى ثقافة مشتركة تتعايش بموجبها الجماعات الثقافية. فيتكون لدى أعضائها حِسُّ الانتماء إلى وطن مشترك ومؤسسات سياسية مشتركة.
ومع ازدياد نطاق هذه الهوية المشتركة ورسوخها، ستختفي بمرور الزمن وضعية الأكثرية الأقلية، لنكون أمام واقع قائم على أساس الهوية المشتركة التي تعبر عن جميع مكوناتها دون فقدان الأخيرة لخصوصياتها الثقافية[14].
من هنا يأتي أهمية الأمن الإنساني الذي يشتمل على نزعة جديدة، تبعد عن النزعة التقليدية المتعلقة بتحليل الأمن الانساني العالمي، والتي تعطي الدولة الجهة الوحيدة والمرجعية المطلقة في المحافظة على الأمن الإنساني، بالمقابل فإن البشرية وتجمعاتهم المعقدة، وعلاقاتهم الانسانية لهم الاولوية ضمن الدولة أو فوقها، فالأمن الانساني هو القدرة على حماية الناس، كما أنه القدرة على تحصين الدول وفي بعض معادلات الأمن الانساني خاصة تلك التي تقوم على أن الأمن الانساني هو فوق أمن الدولة.
يمثل العدل صمام أمان للتعددية الثقافية؛ وتفسير ذلك أن من شأن مبادئ العدالة وإجماع الأفراد عليها في المجتمع الجيد التنظيم أن يؤديا إلى استمرارية تماسك هذا المجتمع واستقراره وعيشه المشترك، بالرغم من تنوع معتقدات الأفراد وانتماءاتهم.
مشكلة الدراسة: -
أتاحت التحولات الديمقراطية في موجاتها السابقة أو الحالية في أكثر من بلاد، رغم تعثرها أحيانا، فرصة ثمينة للنخب السياسية والفكرية لاكتشاف وإعادة اكتشاف المجتمع المدني. في تحقيق الامن الإنساني والتعايش السلمي في ضوء عقلانية المطالب المرفوعة والممارسات المستحدثة مع قيم الديمقراطية، ويُعتبر النوع الاجتماعي، بالفعل، عاملاً مميزاً في المساهمة في رصد جذور المواطنة وتحديدها في أية "دولة-وطن" أو "دولة أمة" (Nation-state) لأنه يعالج موضوع المواطنة انطلاقاً من بعده الإنساني ويسلِّط الأضواء من ثم على التفاوت الحاصل تاريخياً بين الثقافات والشرائع والعقائد المتعددة وفي الإطار القانوني الحديث الذي شكلته الدولة الوطنية في القرن العشرين.
وإذا كان الكلام عن التعايش المشترك يتسم بالعمومية لأنه يتجاهل العقبات الحقيقية التي تعترض تمتع جميع المواطنين في الدولة بحقوقهم المدنية والسياسية كاملة ويتخذ منحى حقوقياً قد يكون أجوف أو فارغاً من كل مضمون فعلي، فإن التركيز على النوع الاجتماعي يؤكد شمولية مفهوم التعايش السلمي وبالتالي ضرورة تذليل العقبات وإزالة الفروق القائمة بين مختلف فئات المواطنين إزاء ممارسة حقوقهم في المجتمع الوطني.
فتتحول القوانين المتطورة إلى مجرد إعلان بل إعلان نوايا، في حين يبقى الواقع محكوماً بتشريعات غير متطورة وغير منسجمة مع مبدأ المساواة في الإنسانية بين الشرائع السماوية كافة في ظل الوطنية التي تحبو الجميع. وحتى إن وجدت القوانين فما زالت هناك فجوة كبيرة بين النص والتطبيق الفعلي لإزالة التمييز وتحقيق المساواة.
ومن ثم فان اهمية الدراسة الراهنة تكمن كما هو جلي من الدلالة الظاهرة لعنوانها، إلى محاولة الوقوف على أهم المحددات المفاهيمية والمرجعية التي تحكم عملية العيش المشترك، بحسبانها عملية اجتماعية وحضارية لا يتصور تحققها إلا في كنف مجتمع مدني قائم على التعاقد والوفاق بين مختلف مكوناته، ومحاط بمنظومة من القيم الاجتماعية في التسامح، والغيرية، والتعارف، والاعتراف، والاحترام المتبادل. في إطار من الإيمان الراسخ بشرعية الاختلاف.
وهي المنظومة التي تتعزز كلما وجدت لها سندا مرجعيا في منظومتها العقدية الدينية والتراثية وخبراتها التاريخية والحضارية، وكلما اغتنت بانفتاحها على الكسب الكوني لمختلف الديانات التوحيدية، ومختلف الثقافات، والفلسفات ذات المنزع الإنساني.
من التمييز بين مستوى التعايش؛ باعتباره فعلا اجتماعيا محكوما بمنطق الحاجة والضرورة، بحيث لا يعدو كونه نوعا من التساكن القائم على التحمل والتفضل، والصبر على أذى "الآخر"، واختلافه، وبين مستوى العيش المشترك، المبني على فعل اجتماعي قصدي وواع، وعلى تعاقد سياسي واجتماعي صريح، وعلى قبول وتمثل واعتراف بوجود الآخر وإقرار بكينوته، وحقه في التميز والاستقلالية والحرية والاختلاف.
كما تنطلق هذه الدراسة الي الحديث عن المحددات المفاهيمية والمرجعية لفعل التعايش والعيش المشترك، بصيغة الجمع، يفضي بنا إلى توسيع دائرة المقاربة لتشمل المنظور الديني والفلسفي، والتاريخي، والسوسيولوجي، والسيكولوجي. وإن الاخـتلاف والصـراع نتاج طـبيعي لحـركة البشر وتفاعـلهم اليومي وعليه فان الصـراع لا يـمكن معالجـته بـل يمكـن إدارته، وفي هذا الإطار، تستهدف هذه الدراسة، بشكل أساسي، مقاربة هذا الموضوع انطلاقا من مقترب ومفهوم "التعددية الثقافية" والشرائع المتعددة الذي لا يمكن تصور "العيش المشترك" في ظل المجتمعات الحديثة إلا في كنفهما.
ومن ثم فان الدراسة الراهنة تحاول ان تبين عمق التعايش السلمي والتنوع الفكري والثقافي في ضوء الشرائع السماوية الي تهدف جميعها الي تحقيق الأمن الإنساني الشامل يهدفان إلى حماية الإنسان من المخاطر وتحقيق أعلى درجات الرفاهية في العيش الآمن الكريم.
وتلك مهمة للمجتمع بأسره، ولكن المجتمع المدني الدولي والمحلي يعتبر أحد الفاعلين الأساسيين في تحقيق هذه المهمة.
ولقد حاولنا في البحث أن نناقش بعض القضايا المرتبطة بدور المجتمع المدني في تحقيق الأمن الإنساني أو التنوع الثقافي والشرائع السماوية والعقائد المختلفة.
وقد يحق لنا أن نختم بالقول بأن هذه المهام تتطلب شروطًا اجتماعية وثقافية عامة؛ أهمها وجود إجماع اجتماعي على هذا الدور وأهميته؛ وتبني الدولة لأهداف تنموية تقوم على رؤية للشراكة مع استبعاد التسلط والقهر والتهميش؛ وقدرة النخب السياسية والمدنية على أن تتجاوز خلافاتها وأن تعمل يدًا بيد من أجل الصالح العام.
اهداف الدراسة: -
1- دور المجتمع المدني الدولي في تحقيق الامن الإنساني والتعايش السلمي
2- أبعاد الامن الإنساني والتنوع الثقافي
3- تحديد خصائص العلاقة بين المجتمع المدني الدولي والإطار القانوني
4- دور العدالة والتعددية الثقافية والقيم السياسية في تحقيق العيش المشترك
تبرز أهمية البحث في عدة أمر من أهمها:
1. أهمية تحديد المعالم الأساسية للتعايش في الإسلام.
2. أهمية تحديد مفهوم التعايش المعاصر.
3. الحاجة إلى دراسة نقدية للمدارس المختلفة حول التعايش برؤية شرعية.
4. الحاجة إلى دراسة متعمقة في الموضوع نفسه، تنطلق من رؤية إسلامية تبين أصول التعايش في الإسلام والموقف مما يطرح في هذا العصر.
فرضيات الدراسة: -تنطلق الدراسة الراهنة من فرضية رئيسية هي:
دراسة نظرية لمفهوم النوع الاجتماعي والثقافي لتحقيق الامن الإنساني في ظل التعايش السلمي ومنها الفرضيات الفرعية الاتية:
1- الفرضية الاولي: تنامى الدور التنظيمي للمنظمات الدولية والقادر على اتخاذ المبادرات من أجل تكثيف الجهود ولترسيخ مفهوم المواطنة الحساسة للنوع الاجتماعي.
2- الفرضية الثاني: تمكيـن المجتمع المدنـي القادر بدوره على ضمان الممارسة الديمقراطية.
منهجية الدراسة: -تعتمد الدراسة الراهنة على منهجية المنهج التحليلي الوصفي في تحديد دور المجتمع المدني الدولي في تحقيق العيش المشترك سياسة للاعتراف قائمة على التزام يعزز حرية الاختيار والاستقلالية، وهذا الالتزام يفرض ويقتضي، بوجه خاص، الاعتراف بالانتماء الثقافي والتنوع المذهبي والديني في ضوء الشرائع السماوية كافة.
1-الاقتراب الوصفي التحليلي:
يمكننا استخدامه دون استخدام اقتراب أخر حيث يقوم الاقتراب الوصفي التحليلي في استعراض انشطة المنظمات الغير حكومية وتحليلها واستخلاص دلالات تأثيرها الإيجابي والسلبي على الأمن القومي المصري.
2-الاقتراب الأتصالى:
يحظى الاتصال في حياة الدول والمنظمات والجماعات بمكانة كبيرة، فالاتصالات تعتبر بمثابة شريان الحياة للنظام السياسي.
وبقدر الفهم واختيار الأسلوب التوصيلي يكون الأثر المطلوب في عمل تغيرات اقتصادية او غيرها في جميع مجالات الدولة وهو الأمر الذي يؤثر بدوره على الأمن القومي المصري حيث لا يمكن ان نغفل هنا ما قد يصيب هذه الرسائل وتلك المعلومات من تشويه وتغيير للحقائق. من الاهمية بمكان ان تستند البحوث والدراسات الي القواعد النظرية العلمية التي تساعد الباحث علي توجيه بحثه الي الاسباب التوضيحية والعوامل المفسرة ل (موضوع البحث) كما هي في دراستنا الراهنة.
مقدمة:
عرفت البشرية التعايش وإن لم تستخدمه بوصفه مصطلحاً في العصور القديمة، لوجود التشابه بين أفراد المجتمع وحاجتهم إلى بعضهم البعض ولا يقوم ذلك إلا بالتعايش فيما بينهم.
وعندما احتدم الصراع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي في القرن الماضي (العشرين)، وخشي الطرفان هلاكهما جميعا بسبب توازن قوتيهما رفع الاتحاد السوفييتي دعوة التعايش ورفعت الولايات المتحدة شعار الحوار، ولكل فريق منهما غاية يريد الوصول إليها من خلال دعوته، إلى أن انتصرت الولايات المتحدة على نظيرها بأساليب عديدة عرفت في وقتها بالحرب الباردة.
وفي أثناء الحرب الباردة كان الصراع بين العالم الغربي والعالم العربي، بسب العدوان الإسرائيلي على فلسطين بتواطئي من الغرب مع إسرائيل، وعندما كاد العرب أن يكسبوا الجولة في الصراع رفع الغرب شعار الحوار والتعايش بأهداف ومضامين فكرية، يستطيعون من خلالها تخفيف الضغط، وتحقيق مصالحهم الاستراتيجية، واستخدموا لتحقيق ذلك، وسائل عديدة منها تشويه الحضارة الإسلامية بأنها ليست حضارة تعايش تارة وإبراز الحضارة الغربية بأنها حضارة التعايش والتسامح تارة أخرى، ثم تطورت الدعوة إلى أن دخلت جميع المجالات الدينية والثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، والمحصلة النهائية من الدعوة هي فرض الهيمنة وترسيخ التبعية للعالم الغربي، ومع ذلك استجاب كثيرٌ من أبناء المسلمين لهذه الدعوة مما أثر في عقيدتهم وأخلاقهم وحياتهم السياسية والاجتماعية.
لذلك تم بيان هذه الأهداف والمنطلقات التي ينطلق منها الغرب في دعواه للتعايش.
التعايش السلمي مصطلح معاصر معناه القبول بالآخر المختلف إيديولوجيا ودينيا وعرقيا. بالرغم من التقدم الذي أحرزته البشرية في مجالات احترام حقوق الإنسان وحق الأقليات في العيش المشترك، فقد استفحلت النزاعات واستمرت الحروب، وتمّ الركوب على تلك الآليات الأممية والمعاهدات الدولية، من أجل تدخل الدول الكبرى في شؤون الدول الضعيفة، تحصينا لمصالحها الاقتصادية والاستراتيجية.
ترسيخ مبادئ التعايش السلمي في المجتمع العربي ضرورة وطنية وواجب انساني، ينبغي على جميع شرائح المجتمع العربي تعزيزها بالأيمان بجوهرها، والنأي بعيداً عن كل ما يؤدي الى شرخ هذا التعايش. اذا كان التعايش السلمي يجسد في جوانبه المختلفة مفهوم الانسجام بين ابناء المجتمع الواحد بمختلف انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية فضلا عن اتجاهاتهم وافكارهم، فأن ما يجمع هؤلاء هو وجود اواصر مشتركة من قبيل الارض والمصالح والمصير المشترك، ويستمد التعايش وجوده من خلال تفعيل هذه الاواصر وتغليبها على الاختلاف وصولا لبناء منظومة اجتماعية تقوم على التزام كافة اطراف المجتمع وفئاته بمبادئ الاحترام المتبادل لحرية الرأي والسلوك والتفكير بعيدا عن التهميش والاقصاء والتسلط والعنف، فالتعايش يحسم الكثير من العقبات والمشاكل الفكرية والاجتماعية التي يتمسك بها غلاة الطائفية والعنصرية والمذهبية التي تثير الصراع وتأججه،
وهذا بالنتيجة سينعكس ايجابيا على توطيد السلم الاهلي الذي يستطيع الانسان من خلاله ان يعيش حياته ويمارس اعماله بحرية مسؤولة، فضلا عن حصوله على حقوقه ومتطلبات عيشه بيسر وسهولة من دون ان يخشى الاعتداء على حقه وماله وامنه الشخصي او امن عائلته.
ان التعايش السلمي الذي اريد له ان يكون مشروعا يستهدف بناء المجتمع العربي من جديد ليعيده الى حالة من التوازن والاستقرار من اجل الانتقال بإيجابية الى مرحلة ما بعد داعش سينحرف عن مساره الحقيقي ويتحول الى مشروع سياسي يستهدف التصالح بين الفرقاء السياسيين بغية توزيع غنائم السلطة إذا ما تمت ادارته بطريقة غير سليمة وخاطئة مما سيؤدي الى تجاهل الالتزام الاخلاقي تجاه ضحايا انتهاكات حقوق الانسان الذي يعد ضرورة من ضرورات التحول الديمقراطي.
المبحث الأوّل: -مفهوم التعايش
عند الحديث عن مفهوم التعايش، يجد المرء لزاماً عليهِ تجلية المصطلح الذي يراد بيان مفهومه، إذ إن مصطلح "التعايش"، من المصطلحات الحديثة، الذي تتباين فيه وجهات النظر، لذا لا بد من بيان الدلالة اللغوية للمصطلح، واستعراض الدلالات الاصطلاحية له.
لفظ التعايش في اللغة ورد في المعجم الوسيط: تعايشوا عاشوا على الألفة والمودة، وعايشه عاش معه، والعيش معناه الحياة وما تكون به من المطعم والمشرب والدخل.
وفي الاصطلاح ثمّة من يعّرِف مفهوم التعايش السلمي "بأنّه سياسة خارجية تنتهجها الدولة المحبة للسلام وتستند إلى فلسفة مقتضاها نبذ الحرب بصفتها وسيلة لفض المنازعات وتعاون الدولة مع غيرها من الدول لاستغلال الإمكانيات المادية والطاقات الروحية استغلالاً يكفل تحقيق أقصى قدر ممكن من الرفاهية للبشر بغض النظر عن النظم السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية.
ويرى آخر: "أن مصطلح التعايش يعني قيام تعاون بين دول العالم على أساس من التفاهم وتبادل المصالح الاقتصادية والتجارية، كما يعني اتفاق الطرفين على تنظيم وسائل العيش بينهما، وفق قاعدة يحددانها مع تمهيد السبل المؤدية إليها".
ويرى آخر أنّ "التعايش السلمي يعني حالة من العلاقات الدولية تعيشها دول لها أنظمة اجتماعية متباينة أو ذات عقائد متعادية جنبا إلى جنب دون حرب.
والتعريفان الأخيران يتفقان مع لمفهوم التعايش لدى دول عدم الانحياز، الذي تقوم على "سياسة الحياد السياسي وليس الحياد القانوني، لأن التعايش السلمي من الناحية السياسية لا يقوم على أية التزامات أو نص قانوني، كما أنه لا يرفض التحالفات والمعاهدات العسكرية، إلا أن الهدف من سياسة التعايش السلمي يتمثل في عدم اللجوء إلى استعمال القوّة في العلاقات الدولية، أما الهدف من عدم الانحياز هو المحافظة على السلم الدولي والتعايش السلمي عن طريق رفض الدخول أو الانضمام إلى الأحلاف العسكرية.
وهناك من يرى أن التعايش السلمي لا يقوم فقط بين الدول وإنما بين الشعوب أيضًا، وهنا تكمن الأهمية والضرورة معًا، إذ إن محرك السلم كمحرك الحرب تمامًا ليس علاقة دولة بدولة، وإنما بصورة أعمق علاقة الشعوب بعضها ببعض. قد يُخيّل إلى البعض أنّ الشعوب التي سبقت ظهور المعسكرين الشرقي والغربي لم تعرف التعايش السلمي وذلك بحكم حداثة المصطلح إلا أن الدلائل التاريخية تفيد بما لا يقبل الشك بأنّ شعوب العالم قد عرفت حالة التعايش السلمي وإن لم تستخدم المصطلح نفسه، وكان قيامها على أساس التشابه بين أفراد المجتمع، ثمّ لم تلبث أن تطورت بعد ذلك لتقوم بناء على الاحتياج،
ومن ثم فإنه كلما اتسع نطاق المنظورين في تكتل بشري معين، ضعف عنصر التشابه على أهميته وقوي عنصر الاحتياج وزادت معه ضرورة التعايش، ويشير مصطلح التعايش إلى وضعية معينة أو حالة بعينها قد تظهر في مكان وتختفي في مكان آخر، وقد توجد في فترة أو عصر معين وتختفي في عصور أخرى".
أما نشأة مصطلح التعايش بالمفهوم المعاصر فقد نشأ كما سبقت الإشارة إلى ذلك بين المعسكرين الشرقي والغربي، حين عجز كلا المعسكرين عن القضاء على الآخر وكان قاصرا عليهما، فقد رفع المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي السابق شعار التعايش السلمي كما سبق بيانه، ورفع المعسكر الغربي بقيادة أمريكا شعار الحوار بدلاً من الحرب.
حيث بدأ الاتجاه إلى تسوية الخلافات بين المعسكرين بالتعايش سنة1953م، قبل إطلاق خروتشوف لمصطلح التعايش السلمي في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي سنة 1956م، وقد كان هذا التحول محصلة لتأثير مدخلات مهمة، من أبرزها الرعب الذري بين المعسكرين، ففي عام 1949م تمكن الاتحاد السوفيتي من امتلاك القنبلة النووية، وفي عام 1953م القنبلة الهيدروجينية، وغيرهما فصار قادراً على رفد قدرته العسكرية التقليدية، المؤثرة أصلاً، بسلاح نوعي مضاف بالغ الأهمية، وقد فرض على العلاقة بين الطرفين أن تبقى متمسكة بقواعد اللعبة النووية وعدم تجاوزها، فالخشية من الدمار كانت حقيقة
فليس بوسع كل من الدولتين العظميين أن تحارب إحداهما الأخرى في أي وقت أو في أي ظرف إنّ القدرة العسكرية الضخمة لكل طرف تجعل فكرة الحرب باطلة بحسبانها وسيلة للسياسة القومية، فكلفة حرب تقليدية أو نووية شاملة لكلا الطرفين ستتجاوز كل الفوائد التي يمكن تصّورها بكثير.
يقول التويجري: "لقد اقترن ظهور المصطلح بتزايد حدة ما كان يُعرف بالحرب الباردة بين المعسكرين السابقين بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفيتي السابق، وتزامن هذا الظهور مع تصاعد ضراوة الصراع الأيديولوجي والسياسي بين القوتين العظميين، فكان الحوار الذي طرح الغرب فكرته مقابل التعايش الذي رفع المعسكر الشيوعي شعاره وتبنى فلسفته، ولكل دعوة غايتها وفي كلتا الحالتين فإن الكاسب هو صاحب الدعوة والمنادي بها والمدافع عنها.
أخيراً استناداً إلى ما سبق يمكن تصنيف التعايش إلى مستويات ثلاثة:
المستوى الأول: سياسي، إيديولوجي، يحمل معنى الحدّ من الصراع، أو ترويض الخلاف العقائدي بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي في مرحلة الحرب الباردة، أو العمل على احتوائه، أو التحكُّم في إدارة هذا الصراع بما يفتح قنوات للتواصل، والتعامل الذي تقتضيه ضرورات الحياة المدنية والعسكرية.
المستوى الثاني: اقتصادي، يرمز إلى علاقات التعاون بين الحكومات والشعوب فيما له صلةٌ بالمسائل القانونية والاقتصادية والتجارية، من قريب أو بعيد.
المستوى الثالث: ديني، ثقافي، حضاري، وهو الأحدث، ويشمل تحديداً معنى التعايش الديني، أو التعايش الحضاري وهذا على مستوى الأفراد داخل المجتمع الواحد وبين الشعوب والمجتمعات الإنسانية.
تأثير عدة عوامل على النحو الآتي:
1. وجود الكيان الصهيوني في أرض بيت المقدس وتواطؤ القوى الغربية معه وكان لتدخل الولايات المتحدة لإنقاذ إسرائيل من الهزيمة عام 1973م أثرٌ في إحساس العرب والمسلمين بالمرارة تجاه هذه السياسة.
2. تأثير قوى الضغط المتمثلة في اللوبي الصهيوني، الذي يدفع الولايات المتحدة إلى التضحية بمصالحها الوطنية بتوفير كل الدعم لإسرائيل على حساب خصومها العرب.
3. ظهور جماعات المقاومة المسلحة بوصفها وسيلة من وسائل الاحتجاج ضد الظلم الإسرائيلي، انطلاقا من الواقع الموضوعي ومن مرجعية شرعية تتمثل في إجماع علماء المسلمين، بكافة انتماءاتهم السياسية، على أن الجهاد القتالي ضد إسرائيل واجب قطعي الدلالة.
4. غياب المعادلة الاستراتيجية للتفوق الغربي، وبروز العالم الإسلامي كحضارة تمتلك مقومات القوة والتي تمثل خطراً على العالم الغربي.
5. تشويه الإعلام الغربي لصورة الإسلام، والهجوم عليه بأنه دين التطرف والعنف مما جعل المفكرين المسلمين يدافعون عنه بوصفه دين التسامح والتعايش.
وهذه العوامل أثر تأثيراً فاعلاً في تطور فكرة التعايش من المستوى الإيديولوجي والسياسي وهو ما أطلق عليه التعايش أول الأمر، وصاحبه المستوى الاقتصادي إلى أن يشمل المستوى الديني والثقافي والحضاري فأصبح "التعايش السلمي لا يقوم فقط بين الدول وإنما بين الشعوب أيضًا، وهنا تكمن الأهمية والضرورة معًا، إذ إن محرك السلم كمحرك الحرب تمامًا ليس علاقة دولة بدولة، وإنما -بصورة أعمق -علاقة الشعوب بعضها ببعض".
وهذا ما أكدته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) حينما حثت على ضرورة تعايش الأجيال الحاضرة مع أجيال المستقبل في ظل أجواء يسودها السلام والأمان واحترام حقوق الإنسان والحقوق الأساسية وترى أن على الأجيال الحاضرة تجنيب أجيال المستقبل المعاناة الناجمة من الحروب من خلال الحيلولة دون تعرضهم للأضرار الناجمة عن النزاعات المسلحة ووضع الصيغ المناسبة التي تحد من استخدام الأسلحة ضد المبادئ الإنسانية وقد تبنت هذه الفكرة المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسسكو) ونظرت لها حيث أصدرت كتابا بعنوان (مفهوم التعايش في الإسلام).
أن جهود التعايش يمكن أن تكون أساسية لبناء مجتمع مزقته الحروب كما تم التعامل مع الأثر الإيجابي والسلبي الذي يقدمه الدين، وأما المجالات الأخرى فقد أسهمت فيها برامج أخرى مثل برامج الصحة الجسدية والعقلية والرياضية، وبناء قوة شرطة مدنية، ونزع السلاح، والمجتمع المدني بشكل عام".
إذا كان الإنسان هو الركيزة الفعالة في بناء المجتمعات الإنسانية المتقدمة، والمتحضرة، فإن ذلك سيجعل الأفراد يتعاونون مع بعضهم البعض؛ من أجل تحقيق الكثير من النجاحات للأمة – جميعها -،
ولذلك أوصت الأديان البشر بكل ما ينفعهم، ونهتهم عن كل ما يضرهم، عن اقتناع لديهم، وبكامل رغبتهم، وباختيارهم الكامل؛ –
ولذا – فإن الابتعاد عن العصبيات – السياسية والأيديولوجية -، والتي عملت على بث الفرقة، وزرع الحساسيات، وتغذية الأحقاد في ما بينها، ووقفت عائقا أمام طريق التواصل، والتجاور الذي يرغب به، أصبح حقا مشروعا – اليوم – أكثر مما مضى. الرهان على انتصارات الزيارة التاريخية ما زال قائما،
إذ حملت في طياتها الرؤية المتجددة للسلام، والتعايش بين العالم، ومواجهة جميع التحديات، والعقبات التي تواجه الإنسانية، وكانت – بلا شك – ذات دلالة رمزية، تكمن في عزم القيادات الدينية على فتح حوار حضاري، بعيدا عن رسم سياسة إلغاء الآخر، أو المصادرة، والخصام، والضرب على أيدي العادين، ومدبِّري الفتن – أيًّا كان دينهم -.
يسيطر على الأغلبية في الغرب فكرٌ مؤداه ضرورة فرض النموذج الحضاري الغربي سياسيا واقتصاديا بل واجتماعيا على كافة الحضارات، بحجة أنه النموذج الفريد والأمثل والصالح لكل زمان ومكان وأنه متفوق على ما عداه من نماذج، خاصة النموذج الإسلامي، بدعوى عدم قدرة الحضارة الإسلامية على الإبداع أو المساهمة في مسار الحضارة العالمية الراهنة، يؤيدهم في ذلك ميراث المعرفة الغربي عن المسلمين والإسلام والذي صنعه المستشرقون عن المسلمين وتؤكده وسائل الإعلام الغربية دون بحث أو تدقيق.
ولقد أثر هذا المفهوم الشائع واقعيا في سلوك الغرب للتعايش مع غيرهم من الشعوب الأخرى، والذي بدوره أدى إلى خلل واقعي في أهم شروط التعايش وهو العدل وإعطاء الحقوق، وهذا مشاهد في التعامل الغربي مع قضايا المسلمين.
مما لا شك فيه أن للعقيدة والأخلاق والأعمال أثرا في النفوس سواء كانت صحيحة أم باطلة، أراد الإنسان أم لم يرد، فهو يعيش باحثا عن ذاته، ومحققا لوجوده في الحياة، النابعة من معتقداته الدينية، وقيمه الخلقية وسلوكياته العملية، والغرب في الحقيقة قد جمع عقائد شتى متعددة أثرت في جانبه الخلقي والعملي، فترى في الأوساط الفكرية والثقافية للغرب دعوات الهجوم على الإسلام والمسلمين في حين يدعون إلى التعايش من طرف آخر.
المبحث الثاني: آثار دعوة التعايش على المسلمين.
تمهيد:
بعد أن تجلت لدينا، أسس دعوة التعايش المعاصر وأهدافها، نأتي هنا للحديث عن آثار هذه الدعوة على المسلمين، ولا ننفي أن المسلمين استفادوا من خلال التعايش مع الغرب في تطوير حياتهم المادية، من خلال المنجزات التقنية المتفوقة لدى الغرب، ولا غبار في جواز الاستفادة من هذه المنجزات التقنية، إلا أنّ الانبهار بتلك المنجزات والانسياق وراء الغرب والدخول مع الغرب في تعايش في جميع المجالات، جر على الأمة آثاراً ثقافية واجتماعية، واقتصادية انعكست سلبا على العقيدة والشريعة الإسلامية. والمتأمل في أقطار العالم الإسلامي يجد أن المسلمين يخوضون صراعا فكرياً، بل معركة فكرية بين الأفكار والقيم الإسلامية والقيم الغربية، ولابد أن يكون للمسلم موقف من ذلك، "فالانتفاع بآثار الكفار والمنافقين في أمور الدنيا جائز، كما يجوز السكنى في ديارهم ولبس ثيابهم واستخدام سلاحهم. وأخذ علم الطب من كتبهم مثل الاستدلال بالكافر على الطريق واستطبابه؛ بل هذا أحسن، لأنّ كتبهم لم يكتبوها لمعين من المسلمين حتى تدخل فيها الخيانة.
ويمكن القول إن المسلمين لم يعملوا بالموقف الصحيح من الغرب، بل أقبلوا على حضارته يأخذون الضار والنافع منها دون وعي ولا تمييز، وربما طغى الضار على النافع! ولهذا برز من خلال التوسع في التعايش مع الغرب في الوقت الحاضر آثار عديدة ولا تزال ممتدة حيث دخل التعايش معظم جوانب الحياة، ولست في مقام الحصر، وإنما أشير إلى نماذج من الآثار، وسوف أتناول هذه الآثار من خلال المحاور لآتية:
1. الآثار الثقافية والأخلاقية.
2. الآثار الاجتماعية والاقتصادية.
المدخل الأول: -الآثار الثقافية والأخلاقية
إن تأسيس التعايش على الهيمنة تفقد التعايش قيمته، بحيث يظهر أثر المُهيمِن على المهيمَن كما هو دأب الغالب على المغلوب ولذا فإن من أخطر الآثار الثقافية للتعايش التي تأثرت بها معظم المجتمعات الإسلامية الراهنة؛ انبهارها الشديد وتبعيتها الثقافية للحضارة الغربية، التي شكلت شخصية مجموعة من أبناء المسلمين على نمط شخصيات أبناء الغرب وغيرت عقولهم إلى حد أنّ عقولهم أصبحت لا تستطيع أن تستسيغ الإسلام الصحيح، فانسلخ أناس عن الإسلام وارتموا في التبعية الغربية.
"لقد كانوا من الذين فتنتهم الحضارة الغربية المزدهرة حين عاشوا في البلاد الأوروبية، أو نشأُوا في مدارسها في أنحاء الشرق، واستمدوا مثلهم العليا في حياتهم من ثقافة الغرب.... فهم يعرفون عن تاريخ انكلترا وفرنسا أضعاف ما يعرفون عن تاريخ المسلمين أو العرب، وهم يعرفون تاريخ الكنيسة الأوروبية وما بين مذاهبها من خلاف أكثر مما يعرفون عن أعلام الحضارة الإسلامية والعربية، ويعيشون في بيوتهم حياة تكاد تشبه في مظهرها الحياة الغربية، فلربما وكلوا إلى بعض المربيات الأجنبيات تنشئة أبنائهم والقيام بتربيتهم. وبذلك توثقت الصلات الثقافية والروحية بينهم وبين الغرب".
"لقد كان موقف المسلمين من الغرب وحضارته موقفاً مضطرباً اتصف بالذهول وعدم الوعي والتمييز بين ما يمتلكه من منافع وأضرار، بينما يقتضي الواجب اقتباس ما لديه من منافع، وترك الأضرار والمفاسد.
أمّا الذي حدث فقد كان غير ذلك، لقد وقفوا من النافع والفاسد موقفاً مختلفاً! فأما الأشياء النافعة فقد اتجهوا إليها ولكن بجهد متقاعس متخاذل متعثر الخطوات، وأمّا الفساد فقد سارعوا إليه فاستوعبوه كله، وعبوا منه عباً كأنما هو الزاد". "لهذا فإنّ هؤلاء المنتسبين إلى الإسلام قد أصبحوا لا يرون الحياة إلا بمنظار الغرب وثقافته وفلسفته وفكره وروحه، فمنهم من يزعم: أنه لا يقرأ كتاباً عربياً وآخر يقول: إنني أفكر بالفرنسية وأكتب بالعربية.
وزعم بعض الكتاب أنه لا مفر للمسلمين من السير وفق الغرب في كل شيء، رضينا أم أبينا، وإلا فمآلهم إلى الاضمحلال لا محالة! فما علينا إلا أن نختار أحد الحاليين، إما أن نقبل الحضارة الغربية أو نظل مستعبدين لقوى الغرب. وبلغ الإعجاب بالغرب بأحد الكتاب المسلمين (المستغربين) مبلغاً متناهياً ـ دعاه فيه إلى القول: "إنه لا يستطيع أن يتصور نهضة لأمة شرقية لا تخضع للمبادئ الأوروبية في الحرية والمساواة والدستور".
وينبغي ملاحظة أننا نحن المسلمين؛ لنا قيمنا الثابتة الراسخة والمتميزة، التي لا يصح أن تميل أو تتأرجح مع أي تطور أو انبهار.
ومن الآثار الثقافية أيضاً نشر العلمانية، من خلال التركيز المباشر على علمنة التربية والتعليم منطلقين من مصر، بوصفها مركز التوجيه والنقل -بسبب موقعها الجغرافي ومكانتها التاريخية ووجود الجامع الأزهر -كما ركزوا تركيزاً شديداً على تركيا بصفتها مركز القيادة (الدولة العثمانية الإسلامية) ومحط أنظار المسلمين.
لقد ارتفعت دعوات صارخة حملها العلمانيون في البلاد الإسلامية بأنّ النسبة إلى الدين سبة، وأنه هو السبب في تأخر المسلمين حضارياً، وكما كان الدين في الغرب عائقاً للتقدم، ولم يتقدم الغربيون إلا بعد أن قاموا بتغيير مناهجهم التربوية والتعليمية، وتخلصوا من المناهج القديمة التي ظلت الأفكار الدينية تتحكم فيها، وكذلك الأمر فيما يتعلق بالشعوب الإسلامية،
فإنّ سيطرة الدين على مناهج التربية والتعليم هو السبب الأول والأخير في تأخر هذه الشعوب، فإذا أردتم التقدم والتفوق فاطرحوا الدين جانباً عن الحياة. وطولب بتربية الأجيال الجديدة تربية لا صلة لها بالدين بحجة أنّ الدين من رواسب الماضي التي ينبغي أن تستبدل.
وأنقل فيما يأتي بعض النصوص من نشرة مؤتمر التربية العربي المسمى (الحلقة الدراسية العربية الأولى للتربية وعلم النفس): "يجب أن تعمل التربية العربية على خلق خصائص جديدة في الشخصية العربية الناشئة بحيث تستأصل منها رواسب العصر التركي والاستغلال الاستعماري...، فالمواطن العربي يجب أن يكون شخصاً تقدمياً يؤمن بفلسفة التغير والتطور. يجب أن يعد نفسه مسؤولاً عن المستقبل لا عن الماضي، ومسؤولاً أمام الأجيال القادمة لا أمام رفات الموتى.
بل إنّ المتأمل اليوم في مناهج التربية والتعليم في معظم العالم الإسلامي، يجد العلمنة هي السائدة فيها، فجامعاتها ومدارسها تدرس مثلاً نظرية فرويد في التحليل النفسي، ونظرية دوركهايم في علم الاجتماع، ونظرية ماركس في علم الاقتصاد، ونظرية فريزر في علم مقارنة الأديان، وليس العيب في تدريسها وإنما في تبنيها والانطلاق منها وكأنها مقدسات لا تقبل الجدل.
وقد أفرزت هذه المناهج في العالم الإسلامي ما نراه من دعوات تخل بالعقيدة باسم الحرية الشخصية أو حرية التعبير، وينظرون إلى الدين على أنه رواسب الماضي، كما قال أحدهم: "إننا مطالبون بالتخلص من تراكمات الماضي، وما تربينا عليه لتحقيق ما نتمنى، فكلنا يحتاج إلى التسامح".
ومن الطبيعي عند تغير الثقافة تتغير الأخلاق والطبائع، بل إن الأخلاق هي السلوك الظاهري المعبر عما في مكنون البواطن وذلك لأن" المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبا وتشاكلاً بين المتشابهين، يقود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال، وهذا أمر محسوس،
المدخل الثاني: -الآثار الاجتماعية والاقتصادية
لما كثر التردد بين الشرق والغرب للتجارة والأسفار والبعثات التعليمية المختلفة. ونتيجة لاحتكاك الغرب المباشر وغير المباشر بالمسلمين -عبر دعوى التسامح -في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين (التاسع عشر والعشرين الميلادي) -كما مرّ معنا -ظهرت آثار اجتماعية عديدة على المسلمين؛ حتى بدا لكثير منهم تفضيل أنماط الحياة الاجتماعية الغربية بناءً على ما سبقت الإشارة إليه عن سنة تأثر المغلوب بالغالب ولذا فإنه من الطبيعي أن يتبع الآثار الثقافية والأخلاقية آثار اجتماعية، وهذا ما حصل بالفعل، ومن أبررها تقليد الغرب والتشبه بهم في أخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم. حيث تلعب العوامل الثقافية دوراً بارزاً ومؤثراً على الإصلاح السياسي اما بدفع مسيرته إلى الأمام أو العكس بوقف وإعاقة عملية الإصلاح، ذلك أن تركيبة المجتمع ومؤسساته وقيمه وأنماط سلوكه، لها دور مباشر في التأثير على الإصلاح سلباً أو إيجاباً.
ويعتبر الدين في المجتمعات المحافظة من العوامل الثقافية التي تقف عقبة في طريق الإصلاح، حيث أن عدم دعم ومباركة رجال الدين للكثير من الإصلاحات والتغييرات يفقدها شرعيتها، وبالتالي يتم رفضها.
"إنّ الغرب عني بالتقليد والمحاكاة واستطاع أن يميز بين المسلم المتفرنج وبين المسلم المحافظ على دينه، فأعطى رعايته واهتمامه بالمتفرنجين؛ مما حدا بكثير من المسلمين إلى الانضمام إلى قافلة السباق في تقليد ومحاكاة الغرب في أخلاقهم وعاداتهم وتقاليدهم؛ فأصبحوا نسخة منهم لا تكاد تفرقهم عنهم.
: إن من شأن هذا الانخراط في العولمة أن يجعلنا قادرين على تعديلها لتكون معتدلة ومتوازنة، ولتكون في النهاية بشرية وإنسانية، بما يقتضي مراعاة الجوانب البشرية والإنسانية للمجتمعات، ولاسيما ما تبرزه الثقافات المختلفة لهذه المجتمعات، والنامية منها على وجه الخصوص، وفي طليعتها العربية والإسلامية، في تمسك بقيمها ونسقها الفكري وسياقها الخلقي، بعيدا عن أي تنميط مفروض ومرفوض في الوقت نفسه.
المبحث الثالث: -دور مؤسسات المجتمع المدني في تكريس مسألة التعايش السلمي
لذلك فأن المجتمع المدني هو مجتمع المبادئ والقيم والفضيلة والاخلاق التي تستدعي الطبيعية الخيرة والطيبة للإنسان بعيدا عن قيم الرذائل والحقد والكراهية وهي تنسجم وتتناغم مع مبادئ وقيم كل الاديان السماوية ويمثل المجتمع المدني نظام المؤسسات التي لا يمكن لاحد ان يقف ضده مثل المنظمات غير الحكومية في سبيل المثال المؤسسات الدينية (الجوامع والحسينيات والكنائس وكل دور العبادة الاخرى
ولتسليط الضوء على دور مؤسسات المجتمع المدني في تكريس مسألة التعايش السلمي بين ابناء الشعب العراقي. أعقب جاسم محمد العقابي الناشط في مجال منظمات المجتمع المدني رداً على سؤالنا في كيفية بناء التعايش السلمي في ظل الاوضاع السياسية الحالية. ان التركيز على المحور السياسي يكمن في ايجاد حوار بناء بين الاحزاب السياسية وتقبل الاحزاب لبعضها، وتخفيف حدة التوتر بين تلك التيارات السياسية لان الخطابات المتشنجة لبعض التيارات والاحزاب السياسية كان لها تأثير سلبي في الوطن العربي.
ان ترسيخ مبادئ التعايش السلمي بين افراد المجتمع العربي بكل اطيافه ومذاهبه ومكوناته هو أفضل السبل لبناء وطن عربي ديمقراطي حر ان الاهتمام بمحور القوميات المختلفة وكذلك الاهتمام بالأديان والمذاهب سيخلق مناخاً للحوار والتواصل بين تلك المكونات، فضلا عن ان للعشائر دوراً ينبغي القيام به تمحور حول دورها في تسوية المشكلات القبلية الذي يذهب الي ضرورة التعايش السلمي حتى على مستوى العائلة الواحدة،
اذ ينبغي الاعتراف بالابن من جانب ابيه، كما هو لا كما يريده الاب، لان هناك مشكلات اجتماعية كبيرة تؤدي في كثير من الحالات الى الانتحار او الهروب الى دول اخرى، سببها عدم وجود مبدأ التعايش السلمي بين افراد العائلة الواحدة ليس هذا فحسب بل على الاستاذ في المدرسة او المعهد او الكلية ان يتقبل الطالب كما هو بغض النظر عن الفروق الفردية بين الطلبة.
ان هناك مشكلة مجتمعية يعيشها المجتمع العربي تتمحور في التباين بين طبقات الشعب العربي وقد ظهر واضحاً ان ظهور طبقتين في المجتمع من الناحية الاقتصادية وهما الطبقة البورجوازية والطبقة الفقيرة، وفي الوقت نفسه هناك خلل واضح في التوازن المجتمعي يتمثل في ضمور الطبقة الوسطى، التي تعد اهم الطبقات داخل المجتمع لان الحراك المجتمعي الثقافي والاقتصادي يعتمد الى حد كبير على الطبقة الوسطى وعليها يقع التغيير الكبير،
وقد لاحظنا حجم الضرر الذي لحق بالطبقة الوسطى في عهد صدام، فقد حاول جاهداً تدمير تلك الطبقة وتحجيمها الى ابعد الحدود، لدورها الريادي واعتقد ان دعم منظمات المجتمع المدني لتطوير الطبقة الوسطى ومحاولة اعادتها الى مكانتها الطبيعية في قيادة المجتمع وابقائه متماسكاً وحيوياً.
لذلك يجب ضرورة ترسيخ مبادئ الديمقراطية بين افراد المجتمع التي في النهاية تؤدي الى خلق مجتمع يسوده التعايش واوضح ان هناك حاجة مجتمعية لأننا نفتقد مجتمعاً يمارس الديمقراطية الحقيقية بين كافة افراده، فمنظمات التعايش السلمي ستسعى الى تحقيق مبادئ الديمقراطية والعدالة الاجتماعية بين كافة فئات المجتمع وتدعمهم ثقافياً وفكرياً. وعن تأسيس منظمات المجتمع المدني ترعى التعايش السلمي،
ان فتح منظمات مجتمع مدني سيزيد من مساحة التعايش السلمي الذي نفتقده في بعض المناطق التي تمتاز بتعدد قومياتها او مذاهبها او اديانها، وستكون بمثابة جسر آخر للتواصل في ما بين تلك المكونات وانا ارى اننا بحاجه ماسة الى مثل تلك المؤسسات لان هناك الكثير من الفئات التي مازالت تتعامل مع بعضها على اسس دينية وعرقية ومذهبية وكذلك في داخل المجتمع فأننا نلاحظ ان هناك شرائح بحاجة الى ثقافة التعايش السلمي بينهم مثل الاسرة التي ترى ان هناك مشكلات عديدة ما بين الاب والام والابن وابيه والبنت واخيها كلها تعود الى عدم توفر مناخ للتعايش السلمي بين تلك الفئات والتي قد تسبب الكثير من المشكلات العائلية وربما تؤدي بعضها الى الانتحار او الهروب او الطلاق وما شابه
لذا فأننا كمجتمع بحاجة ماسة الى مثل تلك المؤسسات التي ينبغي عليها العمل بشكل دقيق التي يمكن التوصل الى المشكلات وايجاد الحلول التي تناسبها فقد عاش المجتمع العربي على مدار تاريخه المعاصر، من تغييب وتهميش واقصاء لمكونات كبيرة ورئيسة، وتجيير الحكم لأقلية واستئثارها بالمناصب، كان له تأثير واضح وكبير على تخلخل التعايش السلمي الذي افتقد اهم مكوناته، الا وهي الديمقراطية والتكافؤ في الفرص،
الا ان مؤسسات المجتمع المدني مطالبة بتعزيز التعايش السلمي بدءاً من العائلة ووصولاً الى العشيرة والقرية والمدينة. في البداية لابد أن ندرك أن الغرب شعوب تبحث عن مصالحها وتضعها في مقدمة أولوياتها، وتتعامل مع العالم من منطلق الحرص على تلك المصالح واسـتثمارها وتنميتها والحفاظ عليها بشتى الوسائل والسبل، حتى لو كان في ذلك هدر لحقوق الآخرين أو انتقاص من مكانتهم.
إن التعايش الحضاري بين الأمم والشـعوب المتعددة لا يمكن أن يتحقق إلا مع أطراف تجمعها الرغبة المشتركة في تحقيق أهداف معلومة متفق عليها، فإذا افتقر التعايش إلى هذه الرغبة فسيكون ضرباً من العبث أو إملاءً للرأي وفرضاً له من طرف على طرف آخر مما يجعله فاقداً للشرعية العلمية، مفرغاً من دلالته الفكرية، مكرساً معنى الهيمنة والغطرسة وفرض الأمر الواقع.
ومن هنا فإن تعايش المسلمين مع الغرب ينبغي أن ينطلق من هذه الأسـس والمعاني الواضحة لتحقيق الأهداف المرجوة منه "لأن التعايش إن لم يكن الهدف منه خدمة الأهداف السامية التي يسعى إليها الإنسان ضاع المعنى الإيجابي منه، وصار إلى الدعاية واللجاجة أقرب منه إلى الصدق والتأثير في حياة الإنسان المعاصر.
ومن أجل ذلك، يتوجب علينا نحن المسلمين أن ندقّق في الأغراض والمرامي التي تنطوي عليها الدعوات التي تصدر عن بعض الأطراف إلى الحوار مع الأديان والثقافات والحضارات، والتي تدعونا إلى التعايش مع أهل هذه الأديان والمنظومات العقائدية، حتى لا نكون ضحية للغشّ الثقافي والديني الذي هو أشدّ خطراً وأقوى أثراً وأسوأ عاقبةً، من الغشّ التجاري والصناعي. من خلال تتبع الأحداث نجد أن الحوار بين الأديان في المنظور الغربي بكل أنواعه نجده غالباً ما يتخذ وسيلة للتنصير، والاستعمار، والمناورة السياسية لوقف القتال عند تحقيق المسلمين لبعض المكاسب. إنّ الواقعية والعقل يقتضيان منا معرفة طبيعة الحضارة والثقافة الغربية والفكر والدين الغربي ثم التعامل معهما بما يناسب ذلك انطلاقا من مبادئ الدين التي دل عليها الوحي.
فالحضارة الغربية كما تقدم في مفتتح الحديث تقوم على الإقصاء والاستحواذ والهيمنة والمصادرة للآخر بل حتى المصادرة للتاريخ الإنساني غير الغربي والإنكار لحقائق الجغرافيا فالتاريخ لا يبدأ في أي مكان من الأرض في نظر الغربيين إلا ابتداءً من وصول الإنسان الغربي لذلك المكان ويُعد هذا المكان غير مكتشف قبل وصولهم إليه بل إنهم فرضوا على من يعيش شرق المنطقة العربية أن يسميها بالشرق الأوسط حتى وإن كانت بالنسبة له غرباً لكنها شرق بالنسبة لأوروبا فالمفترض أن تكون شرقاً لجميع الأرض ومثل ذلك الشرق الأدنى والشرق الأقصى وغير ذلك من الحقائق التي سبقت الإشارة إلى بعضها.
لكن في هذه الحضارة أيضاً بعض قيم الحوار والحرية واحترام العقل التي يمكن بلا شك الاستفادة منها وتوظيفها توظيفاً إيجابياً وبالذات إن في جذور الفطرة الإنسانية ذاتها ما يمكن أن يدعمها ويزيل عنها غشاوة التعصب وغبار العنصرية وأوهام احتقار الحقيقة التي يدعمها غرور القوة.
وكل هذا يؤكد صحة منهج التعامل مع الغرب ببرنامج أحد شقيه الحوار والشق الآخر المقاومة وفق قوانين الصراع وإن شئت فقل وفق قوانين الاحتراب والاقتتال التي تنجلي بإذن الله عن السنة الربانية قال تعالى: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ. يضطرنا تعاملنا مع الغرب إلى الأخذ بتوجيهات الدين كاملة ومراعاة سنن الله في الحياة والاجتماع ولزاماً أن نمزج في تعاملنا مع الغرب بين الحوار والصراع، فهو حوار أحد مظاهره الصراع أو صراع إحدى وسائله الحوار وبذلك لا نضرب نصوص الوحي بعضها ببعض ولا نضيق على أنفسنا جراء مصالح وفرص تلوح للأمة في سياقات من الأحداث مختلفة ولا نصادم سنن الله في الحياة فهو حوار القوة وصراع الرحمة حوار لتبليغ رسالة الإسلام وقوة لدفع الظلم والاضطهاد عن الإنسان".
عندما شعرت أوربا وأمريكا بانتصار المسلمين في حرب العاشر من رمضان 1973م، وممارسة العرب بعض الضغوط النفطية على أمريكا وهولندا، لجأت لإجراء الحوار امتصاصا لغضب العرب، ومحافظة على مكاسبهم، وأعلنوا عن استعدادهم للقيام بدور سياسي معقول للصراع العربي الإسرائيلي، والمشاركة في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، وقد أكد بيان القاهرة الذي صدر عن أول لقاءات الحوار المقامة في نوفمبر 1974م،
أن هدف الحوار العربي الأوربي هو إقامة علاقات خاصة بين المجموعة العربية ودول المجموعة الاقتصادية الأوربية، وتشمل تلك العلاقات التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والتكنولوجية ...... الخ. وهو تعاون من المتوقع أن يعود بالنفع على كلا الطرفين، لكن اللقاءات بين الجانبين لم تحقق خطوات ملموسة لتذليل بعض المصاعب والأزمات القائمة، سيما بعد حرب أكتوبر 1973م، فالجانب العربي كان يبحث ويطرح في هذه الاجتماعات، كيفية الحصول على الدعم والتأييد الأوربي لمشكلة الصراع العربي والإسرائيلي وبينما الأوربيون كانوا يركزون على الأبعاد الاقتصادية.
وينظر هؤلاء إلى أن التعايش "هو أن تعيش المجتمعات متكاملة تماما، يعيش فيها الناس من مختلف الأعراق والأجناس والأديان منسجمين مع بعضهم البعض". وتقوم المنظمات غير الحكومية "بتسهيل التفاعل والتعاون من خلال بذل الجهد الحثيث لتحسين ظروف ما بعد النزاع في نفس الوقت الذي تعمل فيه لإعادة إصلاح خطوط الاتصالات، وتجنب حدوث سوء الفهم والعمل لإزالته إذا ظهر".
ويتم التركيز لتحقيق هذا الهدف انتقاء مشاريع استراتيجية مبنية على مصالح مشتركة بين الأطراف المتنازعة، وهذه المنظمات تسعى إلى تعزيز التعايش بوصفه بعداً حيوياً في الممارسة والنظرية الإنسانية بعد انتهاء النزاع العرقي الشديد.
وتقوم هذه المنظمات باتخاذ أساليب عديدة في تحقيق التعايش بين المختلفين من أبرزها: -
(1) حل النزاعات وإدارة الصراع.
ويتم ذلك من خلال "محاولة تحويل المجتمعات التي توجد لها الهيمنة العرقية والعنف الجماعي، إلى مجتمع أكثر عدلاً وإنصافاً وهو غرس النظام القانوني المحلي في الأفكار العامة للمساواة وحكم القضاء".
وتتنوع وسائل حل النزاعات بحسب الظروف والبيئة فتارة يتم من "خلال هيئات تقصى الحقائق أو المحاكم الدولية الجنائية أو قوانين محلية ضد التمييز أو مجموعات مدنية تشجع وتتبنى مشاركة الأقليات العرقية".
(2) الخدمة الاجتماعية.
لأهمية قطاع الخدمات الاجتماعية، لكونها من أكثر المنابر ملاءمة وفعالية بالنسبة لمشاريع التعايش، فقد قامت المؤسسات غير الحكومية بدعم هذا القطاع لتعزيز مشروع التعايش معاً من خلال التعليم بإنشاء المدارس المتعددة الثقافات والتي تدرس باللغتين أو ثلاث وتضم كوادر تعليمية مختلفة تجمع الطلاب من مختلف الأعراق والأديان معاً لتعلم المواضيع الجوهرية التي تقرب مسافات الفهم والتفاعل بين المجتمعات التي مزقتها النزاعات.
ومن نماذج المشاريع التعليمية مركز التعليم العربي اليهودي والذي يسعى "إلى إشعال شرارة تغيير ثوري داخل التعليم والمجتمع الإسرائيلي من خلال وضع نموذج تعليمي مثل المدارس المتكاملة التي تدرس اللغتين ويستطيع فيها الطلاب اليهود والعرب وعائلاتهم التعلم والنمو معاً وكذلك من النماذج جمعية الشبان المسيحيين في القدس، والتي تدير مرحلة تدريبية قبل المدرسة تجمع فيها الأطفال اليهود والعرب يوميا لأهداف ترفيهية كالزيارات والاحتفالات بأعياد الميلاد وإقامة الصداقات رغم الحواجز العرقية والدينية.
وتوسع إطار التعليم ليشمل مجالات عدة بما فيها دروس الحاسوب، وتعليم اللغات، والندوات الثقافية، والتجمعات الصيفية، إضافة إلى تدريب قيادات شبابية.
(3) الرعاية الصحية.
وهي حاجة أساسية تستلزم التعاون بين الفئات المتنازعة في سبيل تحسين صحة جميع الجماعات ومن أمثلة هذا الأسلوب برنامج "المناعة من أجل السلام"، والذي كان هدفه هو تأمين بقاء الأطفال وحمايتهم وتنميتهم، وتقديم الخدمات الصحية لتحقيق التعاون السلمي والتعايش بين مختلف الفئات التي تؤثر على منفعة الأطفال في مناطق النزاع. وقد سهلت مشاريع الرعاية الصحية في السودان وليبيريا وأمريكا الوسطى، إطلاق مبادرات توزيع الفيتامينات واللقاحات وحملات التوعية حول الأمراض. وتظهر هذه الجهود كيف يمكن للمشاريع أن تلبي الحاجات الأساسية للإنسان في نفس الوقت الذي تقوم فيه بمعالجة التأثيرات الأوسع للنزاع العرقي.
(4) الفنون.
يتعلم من خلالها الشعر والموسيقى والدراما يقول الباحثتان: (أنيله أفضالي) و (لورا كوليتون) "فقد أثبتت الدراما أنها مادة محفزة للتعايش من خلال عملها كأداة تعبير بين أعضاء مختلف الفئات باتجاه نشاط خاص ومشترك تعزز فيه التفاهم المتبادل".
(5) الرياضية.
ومنطلق هذه الوسيلة هو أن الإنسان عندما يكون رياضيا نشيطاً لا يرتكب جرائم إبادة جماعية. "والرياضة هي ميدان آخر يمكن للأطفال وحتى البالغين أن يدخلوا فيه ضمن نشاطات منظمة تشجع على التعايش دون التركيز عليه مباشرة، والبعض في هذا الميدان يعد التسلية والمشاركة في الرياضة أولوية طارئة لعلاج الجراح الجسدية والعاطفية.
"وهذا الاعتقاد أطلق شرارة عدة نشاطات في أقاليم عديدة ابتدأت من لعبة كرة اليد في رواندا إلى كرة السلة في البوسنة والهرسك، إلى الرقص في الشرق الأوسط".
(6) المشاريع الموفرة للدخل
"إحياء الاقتصاد وبدون شك هو العامل الأساسي في التعايش المستقر لأن العمل المربح والازدهار يخففان من نزعة إلقاء المسؤولية على الآخرين ويولدان نوعاً من الارتياح العام. كذلك يشجع التعاون في المشاريع على أن تعمل الجماعات المتحاربة معا باتجاه تحقيق أهداف مشتركة ومنفعة متبادلة.
والعلاقة المتبادلة بين النزاع والفقر المدقع تؤكد أهمية التنمية الاقتصادية: هناك خمس عشرة دولة من بين العشرين دولة التي تعتبر الأفقر في العالم، عانت من نشوب نزاعات خلال العقد الأخير، في الواقع إن كل دولة ذات دخل منخفض إما أن تكون قد مرت بصراع رئيسي أو أنها تقع في جوار حدود دولة أو أكثر من الدول التي تعاني من نشوب نزاعات".
"ويمكن لإعادة إعمار البنية التحتية والتنمية الاقتصادية وإحياء الزراعة أن تعمل كوسائل لإعادة تأهيل الاقتصاد في نفس الوقت الذي تشجع فيه التعاون بين الأعداء السابقين. ويشجع كل من البنك الدولي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) والاتحاد الأوروبي هذا التعايش من خلال لعب أدوار في تلك المناطق".
تؤكد مجموعة العمل حول الإسكان وخدمات المجتمع بوصفها أدوات لبناء السلام أن إعادة البناء المادي قد تشكل خدمة قيمة لإعادة البناء الاجتماعي والنفسي في مجتمعات ما بعد النزاع وبطرق مختلفة على سبيل المثال فهي تعد الوسيلة الأسرع لتحريك سلسلة واسعة من النشاطات الاقتصادية، من حيث إيجاد الوظائف والمشاريع الجديدة.
المبحث الرابع: مفهوم الأمن الإنساني في تحقيق التعايش المشترك
ورغم أن مفهوم الأمن الإنساني وما يرتبط به من أهداف الحماية من المخاطر التي يتعرض لها الإنسان قد استقر على نحو كبير عبر كثير من الجهود الأكاديمية والتنموية، إلا أن المفهوم قد طرح صورًا من المناقشة والجدل. ومن أهم صور الجدل الاختلاف حول طبيعة المخاطر التي تهدد أمن الإنسان هل هي مخاطر أمنية تتصل بالعنف، أم أنها مخاطر أوسع وأشمل من خطر العنف(6). ولقد دفع هذا الخلاف إلى ظهور مداخل متباينة لمفهوم الأمن الإنساني. واستخدامه نظريًا وعمليًا. ونستطيع أن نميز في هذا الصدد بين ثلاثة مداخل:
أ – المدخل القانوني الدولي وحقوق الإنسان:
ينظر هذا المدخل إلى مفهوم الأمن الإنساني باعتباره نموذجًا جديدًا لتنمية النظام القانوني الدولي الذي يؤسس الدول على مفاهيم السيادة والسلام وحماية حدود الدولة من المخاطر التي تهددها، والانتقال به إلى مفهوم مختلف للأمن يركز على أمن الأفراد واستقرار حياتهم بسد مطالب حياتهم وحماية حقوقهم، وانعتاق الفرد – المواطن ليصبح حرًا طليقًا قادرًا على المشاركة الفعالة على المستوى الدولي والمحلى (7).
ولقد ارتبط هذا المدخل بمفهوم القانون الدولي، وبمفهوم حقوق الإنسان، وأصبحت حرية المواطن وحقوقه الأساسية هي بؤرة الاهتمام الرئيسية بحيث يصبح الأمن الإنساني المتمثل في حماية حقوق الأفراد هو المبدأ المنظم للعلاقات الدولية، وتصبح الدولة مسئولة مسئولية شاملة على حماية حقوق الأفراد، الذين عليهم مسئولية أخلاقية في الانصياع لقانون الدولة طالما أنها تحقق له المساواة والعدل(8).
ب – المدخل الإنساني:
ينطلق هذا المدخل من المبادئ الإنسانية العامة، حيث يعتبر أن صيانة سلامة الأفراد هو الهدف الأساسي للأمن الإنساني. وهذا هو المدخل الذي يتبناه تقرير التنمية البشرية الدولي، وتقرير التنمية الإنسانية العربية. ولذلك فإن الأمن الإنساني في هذا المدخل يرتبط في الغالب بمفهوم ال قدرةcapability الذي طرحه أماراتيا سن Amartya Sen بأن التنمية وما يرتبط بها من أمن واستقرار لحياة الأفراد تقاس بقدرة المواطنين الفعلية، والتي تحدد بدورها عبر تمكن هؤلاء الأفراد من إشباع حاجتهم، وفتح الآفاق أمامهم للاختيار. يتوازى المفهوم الإنساني هنا مع مفهوم الحرية، وتصبح قدرة الفرد على الاختيار الحر ومن ثم سد حاجاته على نحو مباشر (9).
ج -مدخل التنمية المستدامة:
وهو يكمل المدخل السابق ويوسع من مجاله. فالأمن هنا يستهدف عملية تنمية شاملة للإنسان، والموارد التي يملكها، والبيئة التي يعيش فيها، تنمية تحقق التوازن بين استهلاك الموارد والمحافظة عليها، وبين سد مطالبه وحاجاته الخاصة وسد مطالب أجيال المستقبل. ومرة أخرى فإن هذا المدخل يتم تبينه من قبل تقارير التنمية البشرية والكثير من المنظمات الدولية، وعلى رأسها اليونسكو التي وسعت من مفهوم الأمن البشري ليشمل المحافظة على البيئة؛ وربطت بين مشكلات البيئة ومشكلات العيش في البيئة.
فالمحافظة على البيئة هي جزء لا يتجزأ من المحافظة على المجتمع، كما أن المحافظة على المجتمع هي جزء لا يتجزأ من المحافظة على البيئة. فالأمن الإنساني الذي يركز على الفرد، أو على البيئة التي يعيش فيها الفرد من ناحية، وعلى أمن البيئة من ناحية أخري هو الطريق نحو تحقيق التنمية المستدامة، والمحافظة على البشر والبيئة معًا، وخلق معادلة توازن بينهما (10). ويتم توسيع هذا المدخل على نحو مطرد بالاهتمام بالجوانب الأخلاقية للأمن الإنساني، وذلك منذ أنشاء مفوضية الأمم المتحدة للأمن الإنساني عام 2011، ولقد أصبح من خلال نشاط هذه المفوضية التناغم بين مفهوم الأمن الإنساني ومفهوم التنمية،
فكلاهما يعني بسلامة الإنسان وحرياته الأساسية. وكلاهما يكمل الآخر في مفهوم شامل للأمن الإنساني الذي يعنى "حماية النواة (الجوهر) الأساسية لكل إنسان بطرق تدعم الحريات وتحقق الذات الإنسانية" (11).
ويتواكب هذا الاهتمام بالأمن الإنساني في مفوضية الأمم المتحدة بما يتضافر من جهود في اليونسكو لصياغة مبادئ أخلاقية تحمى العالم المعاصر من أزماته ومشكلاته المتفاقمة، خاصة في مجال التطورات في الهندسة الوراثية التي دفعت اليونسكو إلى اهتمام كبير بأخلاقيات البيولوجيا(12) والمناخ على إثر الانبعاثات الكربونية التي تهدد البيئة والتي جعلت اليونسكو تفكر في إرساء مبادئ أخلاقية لحماية البيئة وتجنب كوارث التغيرات في المناخ(13).
ثانيًا: دور المجتمع المدني في تحقيق الأمن الإنساني
يعمل المجتمع المدني في منطقة وسطى بين أجهزة المجتمع؛ ومن هنا فإنه يقيم تشبيكًا عامًا في المجتمع، يسهل عملية الاتصال بالأفراد، ويجمعهم على أهداف مشتركة، وتوفير الفرصة لهم للمشاركة والتطوع والمبادأة. ومن ناحية أخرى فإن المجتمع المدني إذ يوجه نفسه تلقاء الدولة فإنه يقدم لها الدعم والمساندة، ويسهم في تطوير برامجها عبر النقد البناء والتعبير عن مطالب الأفراد وحاجاتهم. حقيقة أن المجتمع المدني فضاء مستقل يعمل بحرية، بعيدًا عن قيود الدولة وتعقيد البيروقراطية. أو كما يقول كلينجمان Klingman:
أن المجتمع المدني يشكل" شبكة من الروابط المستقلة نسبيًا عن الدولة، تربط تجمع المواطنين حول القضايا العامة (ذات الاهتمام المشترك)؛ بحيث يمكن بتواجدهم وأفعالهم أن يؤثروا على السياسات العامة"(14). إنه بذلك يشكل شبكة من العلاقات التعاقدية التي تقع خارج حدود الدولة وبشكل مستقل عنها.
ولكن رغم هذه الاستقلالية، إلا أن المجتمع المدني لا يعمل قط بعيدًا عن الدولة خاصة في المجتمعات التي توصلت إلى اتفاق حول الأسس والمبادئ التي يدار بها المجتمع والتي تتأسس عليها الدولة. في هذا الظرف فإن المجتمع المدني يكون مكملاً للدولة مساندًا لها. هنا يتحول الصراع والمنافسة بين الدولة والمجتمع المدني ـ والذي عادة ما يوجد في المجتمعات غير المستقرة الباحثة عن طريق ـ يتحول إلى تعاون، في علاقة شراكة.
إن منظمات المجتمع المدني الذي تتسم بأنها أكثر مرونة، وأكثر قدرة على المبادأة، وأكثر كفاءة من أجهزة الدولة ـ والتي تتسم بعدم المرونة، والممارسات العقيمة، والسلوك البيروقراطي الذي يستهدف دائمًا تحصيل الضرائب وتجميع العوائد للدولة.
في هذا الظرف سوف تحقق السياسات الاجتماعية أقصى درجات كفاءتها إذا ما اعتمدت بشكل أكبر على شراكة المجتمع المدني(15).
وعلى هذه الخلفية يمكن القول بأنه إذا كانت الدولة جادة في سياستها لتحقيق الأمن الإنساني الشامل، عبر مفهومات واضحة للتنمية المستدامة، فإن المجتمع المدني يمكن أن يلعب دورًا هامًا وحساسًا في تحقيق ذلك. ويتدرج هذا الدور من الدعم والشراكة إلى المشاركة الفعلية في تحقيق الأمن البشري، مرورًا بصور أخرى من التعليم والتدريب ورفع مستويات الوعي بالحق في الأمن الإنساني. وفيما يلي ندرس بعضًا من الإشكاليات المحيطة بهذه الأدوار. ولكن تجدر الإشارة إلى أن هذه الأدوار تتم عبر مستويات عديدة، عبر المستوى المحلي من خلال المنظمات المدنية العاملة في القرى والأحياء الحضرية المختلفة؛
وعبر المستوى الوطني من خلال المنظمات المدنية العاملة على مستوى القطر كله، أو عبر قطاع عريض منه كالمنظمات المهنية أو العمالية، أو عبر حقول مختلفة كالمنظمات العاملة في مجال الفقر أو المرأة أو الطفولة أو غيرها من المجالات. وأخيرًا عبر المستوى الدولي من خلال المنظمات المدنية العاملة على تحقيق تشبيك مدني دولي في مجالات البيئة ومحاربة التسلح ومقاومة العولمة وغير ذلك من المجالات.
1ـ الدعم والشراكة:
يعد الدعم Support أحد الوظائف الأساسية للمنظمات المدنية. فطالما أن هناك اتفاقًا على الأسس التي يقوم عليها التعاقد الاجتماعي العام، فإن المجتمع المدني يتوقع أن يعرب عن استعداده للشراكة مع الحكومة ومؤسسات الدولة المختلفة في دعم السياسات العامة، وفي تنفيذ هذه السياسات وفقًا لقواعد النزاهة والشفافية والعدل.
ويحقق المجتمع المدني هذه الوظيفة في الدعم والشراكة بحكم استقلاليته، وقربه من الناس، والقدرة على التعرف على حاجاتهم بسهولة ويسر. وغالبًا ما يطلق على المنظمات المدنية وما تلعبه من دور في عملية الشراكة من أجل تنفيذ السياسات العامة وتحقيق التنمية المستدامة مصطلح "الفاعل المشارك من خارج الدولة" non – state actor وهو مفهوم يشير إلى كل التجمعات المنظمة المشاركة في عمليات التنمية من خارج المؤسسات الرسمية للدولة كالنقابات المهنية والجمعيات الأهلية والمبادرات المجتمعية المنظمة.
ولا تعني الشراكة بحال أن السلطة والقوة تتسرب من أيدي الدولة على نحو يفقد الدولة سيادتها. ففي أثناء انعقاد المؤتمر الدولي السنوي للتنمية في الهند عقدت حلقة نقاشية بعنوان " القوة تتسرب من أيدي الدولة: إلى أين تذهب؟". وكانت أهم الإجابات أنها تذهب إلى منظمات المجتمع المدني وشركاء آخرين في التنمية. ويرجع السبب في ذلك إلى أسباب عديدة أهمها نقص القدرة التمثيلية للديمقراطيات التقليدية، ونمو الهويات الجديدة كالهويات الإقليمية والمحلية والدينية والثقافية(16).
ولكن ذلك لا يعني بحال أن الدولة تفقد كل سيادتها، فالدولة هي التي تمنح المجتمع المدني وجوده أصلاً. فهي التي تسن له التشريعات، وتضمن له الحماية والأمن، وتوفر له شروط المشاركة والشراكة، وتضع الأسس التي تحدد مسارات عمله وطبيعة أنشطته، وهي التي تتيح له فرصة الشراكة في صناعة السياسات العامة وتنفيذها. ومن هنا فإن الشراكة التي تنتج من جانب المجتمع المدني هي شراكة لا تتحقق إلا بوجود الدولة.
فالحديث عن الاستقلالية التامة لمنظمات المجتمع المدني هو أمر صعب المنال. فالاستقلالية هي استقلالية نسبية، تتحقق في وجود الدولة وتحت لواءها. وتصبح الشراكة في أزهى أشكالها عندما تتوخى الدولة مسلكًا تنمويًا وتصبح دولة تنموية بحق تعمل من أجل تحقيق الصالح العام للأفراد والجماعات وتسير في عملها وفق أهداف محددة وخطط محددة.
2ـ لا مركزية التنمية: الحوكمة بالمشاركة:
تعد اللامركزية أحد الشروط الأساسية لنجاح عملية التنمية المستدامة، ومن ثم تحقيق الأمن الإنساني الشامل. فاللامركزية تتيح للأفراد المشاركة الفعالة في تحديد الحاجات، وصناعة القرارات التي تلبي هذه الحاجات. وكما يقال فإن اللامركزية هي النقطة الوسط بين النزعة المركزية المفرطة وبين الفوضى.
ويعني ذلك أنها توفر الفرصة لتنظيم الحاجات على مستوى محلي، وإتاحة الفرصة لإدارة الموارد المحلية، وحوكمة السياسات التي تتجه نحو التنمية المحلية خاصة في المسائل التي تخص الأمن الإنساني كتخفيف حدة الفقر والحماية من الكوارث الطبيعية، وضمان حصول الأفراد على حقوقهم في مجال الصحة والتعليم والمرافق.
ويمكن أن يلعب المجتمع المدني دورًا كبيرًا في تحقيق لا مركزية سياسات الأمن الإنساني أو التنمية المستدامة. ويتحدث الباحثون هنا عن دور اللامركزية في تحقيق ما يسمى بالحكومة بالمشاركة Participatory Governance، والتي تعني إتاحة الفرصة لكل الشركاء (الحكومة والمجتمع المدني والمجالس المحلية المنتخبة والقطاع الخاص وأصحاب المصلحة من الجماعات الفقيرة أو المحرومة والجمهور العام وأصحاب التمويل) في تحديد أولويات التنمية، ووضع السياسات، وتوزيع الموارد، ووضع البرامج التي تستهدف التنفيذ. وفي هذا النوع من إدارة التنمية يضطلع المجتمع المدني بدورين رئيسيين(17):
الأول: التعاون مع الأجهزة الحكومية في تحديد الحاجات وإدارة الموارد وتوزيعها وفقًا لأوليات واضحة.
الثاني: مراقبة أداء الأجهزة المختلفة في تنفيذ الخطط.
ويتحقق للمجتمع المدني ذلك من خلال شبكة العلاقات التي يقيمها عبر خطوط أفقية ورأسية. أفقية مع الأجهزة المحلية المنتخبة وغير المنتخبة، ورأسيًا مع الحكومة المركزية والسلطات المانحة. وبهذه الطريقة يستطيع المجتمع المدني أن يكون لاعبًا رئيسيًا في عملية حوكمة التنمية.
3ـ بناء قواعد المعلومات:
يمكن القول بشكل عام أنه كلما حقق المجتمع خطوة نحو بناء مجتمع المعرفة، كلما حقق خطوة إلى الأمام في تحقيق الأمن البشري الشامل. ويعتبر بناء قواعد المعلومات، وإتاحتها لصانع السياسة ومتخذ القرار أحد الوسائل الهامة في بناء السياسات العامة وفي حوكمة تنفيذها. ويعتبر المجتمع المدني ـ الذي هو أقرب إلى الناس ومعرفة مشكلاتهم وهمومهم ـ أحد القنوات الهامة في إنشاء قواعد البيانات.
وتشتمل قواعد البيانات على معلومات حول المجالات المتضمنة في قضية الأمن البشري مثل:
ـ أعداد السكان وتوزيعهم.
ـ أعداد الفقراء الذين يحتاجون إلى مظلة حماية.
ـ حالة التعليم بالنسبة للسكان بما في ذلك أعداد الأميين.
ـ حالات العجز الصحي والبدني والخدمات التي تقدم إليهم.
ـ مؤشرات عن نوعية حياة الأسر.
ـ بيانات عن المنظمات والهيئات التي تقدم خدمات أو مساعدات، ومظاهر التنسيق بين أنشطتها. ـ مؤشرات عن المخاطر المحدقة بالبيئة في المنطقة.
4ـ المتابعة والتقييم:
إن متابعة السياسات المتعلقة بالتنمية المستدامة والأمن الإنساني، وتقييمها على نحو دائم، هو أحد الضمانات الهامة لنجاحها وتحقيق أهدافها. وللحكومة وأجهزة الدولة المختلفة دور هام في هذه العملية، ولكنها أحد المهام الأساسية للمجتمع المدني. فعمليات المتابعة والتقييم ليست عمليات رأسية تأتي من اعلى إلى أسفل فقط، ولكنها أيضًا عمليات أفقية تسهم فيها المنظمات الأهلية بدور كبير.
فمن ناحية نجد أن هذه المنظمات تنخرط انخراطًا فعليًا في الجهود الرامية إلى التنمية. وتستغرق هذه الجهود عمليات مستمرة ومتتابعة من التخطيط والتنفيذ والمتابعة. وفضلاً عن ذلك فإن المنظمات المدنية يمكن أن تلتزم على نحو أفضل بالمعايير التي يقوم عليها التقييم والمتابعة، وهي معايير المحاسبية والشفافية والمسئولية والانخراط النشط في حياة المجتمع.
إن عملية التنمية المستدامة تستغرق مراحل أربعة (19): تبدأ بتكامل الموارد المادية وغير المادية؛ ثم اختيار المشروعات التي لها قيمة مضافة في عملية التنمية المستدامة؛ ثم الشراكة في التنفيذ؛ ثم التقييم المستمر. ويبرز دور المجتمع المدني على نحو قوي في العمليتين الأخيرتين: في الشراكة وعمليات التقييم والمتابعة. ويمكن القول هنا أنه كلما ازداد انخراط المجتمع المدني في عمليات الشراكة والتقييم، كلما توطدت أواصر الثقة والتعاون بين الشركاء المختلفين في عملية التنمية، وبالتالي ضمان نجاح هذه العملية.
النتائج: -
أن العائق الأساسي في مسألة التعايش هو العنصرية الصهيونية، فاليهود يتحدثون عن الآخر البذيء والسيء لكن القرآن لا يدعو إلى الكراهية، لذلك يجب تفعيل التعايش والتعارف على الرغم من كل شيء. من يبرز دور النزاع يعرف عدة أشكال وصور، فقد يبدأ النزاع على شكل توتر بين الأطراف، يتطور لأزمة، التي قد تتطور بدورها إذا استمر وجود إدراك لدى الأطراف بحتمية الصراع والمواجهة إلى حرب. أليس في الأدلة الشرعيَّة والشواهد التاريخية دلالة كافية لأهل العقل والبصيرة إن هذه الحماية لغير المسلمين من جميع الجوانب واحترامهم بكافة الأشكال تقوم في الإسلام على الالتزام والمسئولية، لا على العاطفة والمشاعر المعنوية التي قد تزيد أحيانًا وتفتر أحيانًا أخرى أيضاً الوحدة الأخوية في الوطن الواحد من خلال نبذ الطائفية المقيتة و الابتعاد عن الصراعات التي لا طائل منها ، و زرع أسس التقارب و التعايش السلمي انطلاقاً من تعاليم ديننا الحنيف الذي كان الأنموذج الأمثل في إعطاء الأمثلة الحية و النماذج التاريخية المرموقة
ولعل حادثة المؤاخاة بين المسلمين تعد بحق أسمى خطوة يتخذها الإسلام في طريق بناء مجتمع قوي و متماسك و مهدم وثنية التفرقة و التمايز الطائفي و مزيل الفوارق المقيتة بين معاشر المسلمين وحقاً هذا مما يحتم علينا التقيد به و السعي الجاد لإنعاش الأخوة بيننا كي نكون قولاً و فعلاً الأمة التي اختارها الله سبحانه و تعالى و فضلها على سائر الأمم الأخرى بأن جعلها خير امة أخرجت للناس تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر ، تأمر بالإخوة و قيمها النبيلة و تنهى عن مفرقات أبناء الدين و الوطن الواحد و مهدمات أسس أركانها الرصينة .
إن العالم اليوم يموج بتحديات كثيرة، تتطلب من الجميع التحلي بالوعي والحكمة، والمساهمة في حماية سفينة الوطن، وصيانة مكتسباته، والعمل على تقدمه وازدهاره، والالتفاف حول قيادته الحكيمة، وتعزيز مسيرته المشرقة في التعايش والسلام والاستقرار.
ليس هناك من طريق لتحقيق الأمن الإنساني الشامل إلا عبر التنمية المستدامة؛ بل أن الأمن الإنساني هو الوجه الثاني للتنمية المستدامة. فكلاهما ـ الأمن الإنساني والتنمية المستدامة ـ يهدفان إلى حماية الإنسان من المخاطر وتحقيق أعلى درجات الرفاهية في العيش الآمن الكريم. وتلك مهمة للمجتمع بأسره، ولكن المجتمع المدني يعتبر أحد الفاعلين الأساسيين في تحقيق هذه المهمة. ولقد حاولنا في التحليل السابق أن نناقش بعض القضايا المرتبطة بدور المجتمع المدني في تحقيق الأمن الإنساني أو التنمية المستدامة.
وقد يحق لنا أن نختم بالقول بأن هذه المهام تتطلب شروطًا اجتماعية وثقافية عامة؛ أهمها وجود إجماع اجتماعي على هذا الدور وأهميته؛ وتبني الدولة لأهداف تنموية تقوم على رؤية للشراكة مع استبعاد التسلط والقهر والتهميش؛ وقدرة النخب السياسية والمدنية على أن تتجاوز خلافاتها وأن تعمل يدًا بيد من أجل الصالح العام.
التوصيات: -
لتحقيق عيش مشترك تحترم فيه كرامة الإنسان وخصوصيات الأفراد والجماعات وحقوق الأقليات، لابد من توفر شروط تظللها قوانين يحتكم إليها الجميع، وتحترمها الدولة قبل الأفراد؛ من هنا تأتي اهمية ضرورة تكاتف المجتمع وترابطه وتماسكه علي قلب رجل واحد لمقاومة الأفكار الهدامة والأعمال البغيضة التي تستهدف وحدة الوطن، مع ضرورة تفعيل دور المؤسسات التعليمية بكافة مراحل التعليم،
والمؤسسات البحثية، ومؤسسات المجتمع المدني في غرس وترسيخ أسس التعايش السلمي، ضرورة التعجيل بتقنية المناهج التعليمية بكافة مراحل التعليم من كل ما يتعارض مع أسس التعايش السلمي المشترك، الحفاظ على الإرث الثقافي والحضاري المتنوع لأبناء الوطن الواحد، نبذ واستبعاد كل ما من شأنه أن يدعو إلى تفتيت المجتمع أو رفض الآخر، الاحترام المتبادل بين أصحاب المعتقدات الدينية المتبادلة ورفض الإساءة للآخر، وترسيخ قيم التعايش السلمي، سيادة القانون والعدالة الناجزة هما صمام الأمان ومن أهم هذه الشروط:
أولا: المساواة أمام القانون لكافة المواطنين بغض النظر عن اللون أو الجنس أو العرق أو الدين أو الموقع الاجتماعي.
ثانيا: احترام عقيدة وثقافة الأغلبية، وعدم التعرض لها بالاستفزاز أو التهكم أو الاستهزاء. ثالثا: احترام حرية الرأي وحرية النقد، وتشجيع لغة الحوار والتسامح وثقافة الاختلاف بين مكونات المجتمع الواحد، وتجريم القذف والسب أو الاستهزاء بأي وسيلة كانت من وسائل التواصل والإبداع.
رابعا: عدم المس بالرموز الدينية أو الوطنية في الفضاءات العامة ووسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
خامسا: السماح بنقد الأديان والرموز الدينية والوطنية في الفضاءات الخاصة، مثل الندوات العلمية أو مراكز البحث المتخصصة أو أثناء الدرس الجامعي، شريطة أن يبتعد النقد عن الخوض في الأعراض أو الاستهزاء والتهكم.
سادسا: احترام حقوق الأقليات الدينية واللغوية والعرقية، وفسح المجال لتدريسها في شعب خاصة، وإيجاد الفضاءات الملائمة لتمثل تلك الحقوق، مثل المدارس ودور العبادة وقنوات إعلامية خاصة وغيرها.
سابعا: تجريم "التكفير" إلا أن يكون صادرا عن هيئة علمية وقضائية معترف بها من طرف الدولة.
ثامنا: تقليص الفوارق الطبقية من خلال تحقيق العدالة الاجتماعية والتكافل الاجتماعي والإحسان للفقراء والمساكين والاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة.
تاسعا: إقامة العدل بين الناس، وتحقيق نظام ديمقراطي يوفر الفرص لكافة شرائح المجتمع المدني ان تتكتل في أحزاب ونقابات وجمعيات، وتقدم مشاريعها الإصلاحية للمواطنين من أجل اختيار الأصلح أو الأولى.
عاشرا: نقل هذه الشروط بعد تحقيقها على المستوى القطري، إلى المستوى الدولي لأننا اليوم تقلنا جميعا مركبة صغيرة، هي هذا الكوكب، إذا لم نحقق شروط العيش المشترك، فلن يكون البديل إلا مزيدا من المآسي والحروب وتهجير الملايين وانتعاش الإرهاب والاقتتال أو الهرج بالتعبير النبوي.
ان أبرز ما يتطلبه تحقيق التعايش السلمي وتثبيت اركان السلم الاهلي هو:
1-ضرورة حث النظام السياسي في العراق على العمل بكل الامكانيات لترتيب بيته الداخلي بعدالة ودون تمييز وانحياز وبالسرعة التي تتناسب مع حجم المحن التي يواجهها المجتمع العربي.
2-اتخاذ اجراءات واضحة لتحديد كافة الاطراف المعنية في المجتمع دون استثناء ومهما كان حجمها واشراكها في عملية مصالحة حقيقية تضمن تعايشا فعليا لا صوريا.
3-اشراك المرأة في عملية صنع السلام ومنحها دورا فعالا.
4-ضرورة تجاوز القيادات السياسية والعسكرية والمدنية مصالحها الخاصة ومنح الاولوية للتفكير بالمصلحة العامة للبلد.
5-ايجاد بيئة سياسية ملائمة تسعى لاحتضان كافة الافكار البناءة والمشاريع الممهدة لبناء الوطن على وفق اسلوب فعال تجنبا لاندلاع النزاعات المحلية مجددا.
6-ايجاد مؤسسات سياسية تقتصر مهمتها على اشاعة ثقافة التعايش السلمي في العراق شريطة توافر النية الحقيقية والتوجيه الدقيق والجهود الصادقة في هذا المجال.
7-بناء الثقة بين مكونات الشعب العربي وتعزيز هويته الوطنية إذا ما اريد للاستقرار ان يستتب والتعايش ان يتجذر مما سينعكس ايجابيا على عملية تعزيز السلم الاهلي وهذا يتطلب اتفاقا سياسيا بين كافة القوى السياسية في البلاد لا سيما تلك المشاركة في العملية السياسية والتي ستقوم بدور المشجع على التقارب والتصالح والدعوة لنسيان اثار الماضي المليء بالآلام والحقد والكراهية.
8-الادارة السلمية للتعددية المجتمعية والتي تحفظ للجماعات المتنوعة داخل المجتمع العراقي العيش بسلام على ارض الوطن والتعبير عن تنوعها في اجواء من الاحترام المتبادل.
9-الاحتكام الى القانون في حل الخلافات الداخلية والذي يعد اهم مؤشرات استقرار السلم الاهلي التفاعلي.
10-تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال المشاركة في الثروة وتوسيع قاعدة الملكية والحصول على نصيب عادل من الخدمات العامة.
11-تفعيل مؤسسات المجتمع المدني والتي تعمل على تنمية روح التعايش السلمي بين المكونات الاجتماعية المختلفة، وممارسة دور رقابي على عمل الاجهزة الحكومية.
الخاتمة
التعايش السلمي ضرورة حياتية لا يستغني عنها الناس في أي زمان ومكان، فقد شاء الله أن تكون التعددية من السنن الثابتة، وقد أراد الله تعالى أن تتعدد الأديان وأن يتعايش الناس في سلام.
وهذا أمر ينبغي استيعابه حتى ينعم الإنسان بالأمن والاستقرار بعيداً عن ثقافة الكراهية والتعصب والتطرف التي تحمل بعض الفئات على التزوير باسم الدين فيلجأ المتطرفون والتكفيريون إلى القتل والتفجير والحرق من خلال الاستدلال بالنصوص الشرعية زورًا وبهتانًا مما أدىَ إلى تشويه صورة الإسلام، وأعطى الفرصة للقول بأن هناك آيات في القرآن وأحاديث في السنة تأمر بقتل الناس نتيجة الأعمال الإجرامية والوحشية التي تقوم بها تلك الفئات الضالة.
لقد تميز الإسلام برفضه فلسفة الصراع؛ لأنه يؤدي إلى أن يصرع القوي الضعيف، فيزيله، وينهي التنوع والتعدد والتمايز والاختلاف الذي هو سُنَة من سنن الله في سائر المخلوقات، رفض الإسلام فلسفة الصراع وأحل محلها فلسفة التدافع الذي هو حراك يعدل المواقف،
ويعيد التوازن والعدل، مع بقاء التعددية والتعايش والحوار والتفاعل بين مختلف الفرقاء: كذلك يرفض الإسلام الفلسفات التي اعتبرت القتل والقتال وإزهاق الأرواح جبلّة جُبل عليها الإنسان، وغريزة من غرائزه المتأصلة فيه. فمعيار الإسلام ودولته، في السلم والسلام أو الحرب والقتال، ليس الإيمان والكفر ولا الاتفاق والاختلاف وإنما هو التعايش السلمي مع الآخر، أو عدوان الآخرين على المؤمنين، بالفتنة في الدين أو الإخراج من الديار. لقد قرر الإسلام الحرية الدينية التي تحترم إنسانية الإنسان وعقله الذي ميزه الله به – قال تعالى: " لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ" (البقرة: ٢٥٦).
تلك هي كلمة القرآن الملزمة، فلم يكن الهدف أو المغزى للفتوحات العربية نشر الدين الإسلامي، وإنما بسط سلطان الله في أرضه، فكان للنصراني أن يظل نصرانيًا ولليهودي أن يظل يهوديًا، كما كانوا من قبل، ولم يمنعهم أحد أن يؤدوا شعائر دينهم، وما كان الإسلام يبيح لأحد أن يفعل ذلك، ولم يكن أحد لينزل أذى أو ضررًا بأحبارهم أو قساوستهم ومراجعهم، وبيعهم وصوامعهم وكنائسهم. وكان النبي ﷺ يحضر ولائم أهل الكتاب، ويغشى مجالسهم ويواسيهم في مصائبهم، ويعاملهم بكل أنواع المعاملات التي يتبادلها المجتمعون في مجتمع يحكمه قانون واحد، فقد كان يقترض منهم نقودًا ويرهنهم متاعًا، ولم يكن ذلك عجزًا من أصحابه عن إقراضه، فإن بعضهم كان ثريًا، وكلهم يتلهف على أن يقرض رسول الله، بل كان يفعل ذلك تعليمًا للأمة، وتثبيتًا عملياً لما يدعو إليه من سلام ووئام،
وتدليلاً على أن الإسلام لا يقطع علاقات المسلمين مع مواطنيه من غير دينهم. وكان عمر بن الخطاب بالشام، وقد حانت الصلاة وهو في كنيسة القيامة، فطلب البطريق من عمر أن يصلي بها، وهَمَّ عمر أن يفعل، ثم اعتذر بأنه يخشى أن يصلي بالكنيسة فيدعى المسلمون فيما بعد أنها مسجد لهم، فيأخذوها من النصارى.
وكتب للمسلمين كتابًا يوصيهم فيه بألا يصلوا على الدرجة التي صلى عليها إلا واحدًا واحدًا، غير مؤذنين للصلاة وغير مجتمعين. إن هذه ليست سماحة فحسب، وإنما هي سماحة مضاعفة تتخطى الحاضر إلى المستقبل، سماحة مضاعفة تنبع من نفس طاهرة، وتعتمد على بصيرة نافذة بعيدة المرمى، سماحة مضاعفة لأن صاحبها لا يعتمد على سماحته وحده، ولا على تحلله من التبعة وحده، إنما يريد ممن يجيئون بعده طال الزمن أو قصر أن يكونوا سمحاء مثله.
إن الإسلام بتعاليمه السمحة يرسخ لثقافة التعايش السلمي في ظل التعددية الدينية، فلقد اتسع المجتمع الإسلامي على عهد رسول الله ﷺ ومن بعده على مرَ العصور الإسلامية لجميع الأديان، وكفل عمليًا حرية الإنسان غير المسلم في ممارسة شعائر دينه، وحرص على الصلات الاجتماعية والثقافية والفكرية وغير ذلك بين المسلمين وأهل الكتاب من النصارى واليهود وأرباب الملل الأخرى ليتعايش الناس في سلام وأمان.
وفي القلب من هذا التوجه الجديد تأتي شرائح المجتمع المدني التي تناضل في سبيل رفع كافة صور التمييز ضد المرأة. لقد ارتبطت قضية التحرير القانوني والفعلي للمرأة بقضية النضال من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان ضد الدولة المهيمنة.
هذا وإن كانت هذه المنظمات النسائية قليلة العدد بالنظر إلى الأعداد الهائلة لمنظمات المجتمع المدني ذات الطابع الخيري أو الثقافي إلا أن دورها الفاعل في سبيل رصد ظاهر عدم المساواة بين الرجال والنساء يتصاعد يوما بعد يوم. بل وبات هذا الدور مؤثرا في فرض العديد من التعديلات التشريعية التي تكرس لمبدأ المساواة وتتلافى صور التمييز. وليس بالمستطاع في هذه الورقة أن نقدم حصرا لهذه المنظمات ولكنها حاضرة الوجود وتقوم بدورها الفاعل في مختلف أرجاء الوطن العربي.
المراجع:
أولاً: الكتب المطبوعة:
1. أبو الحسن علي الندوي، الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية في الأقطار الإسلامية، دار القلم، بيروت، الطبعة الخامسة، 1405هـ.
2. أبو الفداء إسماعيل بن كثير، السيرة النبوية، تحقيق: مصطفى عبد الواحد، دار المعرفة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان.
3. أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني أبو العباس، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام، جمع وترتيب: عبد الرحمن القاسم ومحمد عبد الرحمن القاسم، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الرابعة.
4. أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم، تحقيق: د. ناصر العقل، دار ابن الجوزي، الرياض، الطبعة الرابعة، 1418هـ.
5. أحمد بن عبد الرحمن القاضي، دعوة التقريب بين الأديان (دراسة نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية) دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الأولى، 1422هـ.
6. أحمد بن عبد الرحمن عثمان القاضي، دعوة التقريب بين الأديان: دراسة نقدية في ضوء العقيدة الإسلامية، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الأولى، 1422 هـ -2001م.
7. د. أحمد طه خلف الله، الحوار بين الحضارات الواقع والمأمول، طباعة الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة 2002م.
8. الأمير تشارلز، الإسلام والغرب ترجمة: مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية، جامعة أكسفورد، 27 أكتوبر 1993م.
9. الموسوعة السياسية، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، الطبعة الثانية 1985م.
10. الهادي أحمد خليفة، إشكالية التعايش بين الإسلام والغرب في عصر الهيمنة الغربية، رسالة ماجستير غير منشور، كلية الدراسات العليا بجامعة الخرطوم، السودان، عام 2000م.
11. أندريه سخاروف، الحرية الفكرية والتعايش في الاتحاد السوفياتي، الطبعة الأولى 1971م.
12. انطوينا نسايز ومارثا ميناو، تخيل التعايش معاً تجديد الإنسانية بعد الصراع الاثني العنيف، ترجمة: فؤاد السروجي، الدار الأهلية للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 2006م.
13. برتراند راسل، العقل والمادة، ترجمة: أحمد الشريف، مكتبة المتنبي، القاهرة، الطبعة الأولى، 1975م.
14. برتراند راسل، مشاكل العصر، ترجمة: مروان الجابري، المؤسسة الوطنية للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 1962م.
15. حامد ربيع، الإسلام والقوة الدولية، نحو ثورة القرن 21، دار الموقف العربي، بيروت، الطبعة الأولى، 1981م.
16. حسين فهمي مصطفى، التعايش السلمي ومصير البشرية، الدار القومية للطباعة والنشر-القاهرة، الطبعة الأولى، 1968م.
17. روبير فوسير، مستقبل الرأسمالية، ترجمة: فوزي عبد الحميد، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1963م.
18. روزنت يودين، الموسوعة الفلسفية، وضع لجنة من العلماء والأكاديميين السوفيتيين؛ ترجمة: سمير كرم، الطبعة السادسة، 1407هـ، 1987م.
19. ريتشارد نيكسون، السلام الحقيقي، ترجمة: رياض الطباع، دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر، دمشق، الطبعة الأولى.
20. ريتشارد نيكسون، الفرصة السانحة: التحديدات التي تواجه أمريكا في عالم ليس به إلا قوة عظمى واحدة، ترجمة: أحمد مراد، دار الهلال للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 1992م.
21. ريس هالسيل، النّبوءة والسياسة، ترجمة: محمد السماك، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الرابعة، 1998م.
22. زبيفينو بريجنسكي، بين عصرين: أمريكا والعصر التكنتروني، ترجمة: محجوب عمر، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 1980م.
23. د. زينب عبد العزيز، تنصير العالم مناقشة لخطاب البابا يوحنا بولس الثاني، دار الوفاء للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1995.
24. سامي الخزندار، المسلمون والأوربيون: نحو أسلوب أفضل للتعايش، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 1997 م.
25. سمير الخليل وآخرون، التسامح بين شرق وغرب: دراسات في التعايش والقبول بالآخر، ترجمة: ابراهيم العريس الطبعة الأولى، 1412هـ، 1992م.
26. سورحمن هدايات، التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم داخل دولة واحدة، إشراف: محمد عبد الرحمن مندور، دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع، 1421هـ -2001م.
27. عباس الجراري، مفهوم التعايش في الإسلام، منشورات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1996 م.
28. عبد الرحمن بن محمد بن خلدون، مقدمة ابن خلدون، طبعة دار إحياء الثرات العربي.
29. عبد العزيز بن عثمان التويجري، الحوار من أجل التعايش، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى، 1419هـ-1998م.
30. عبد اللطيف بن إبراهيم الحسن، تسامح الغرب مع المسلمين في العصر الحاضر دراسة نقدية في ضوء الإسلام، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، الرياض، الطبعة الأولى، 1419هـ-1999م.
31. د. عبد الله بن إبراهيم الطريقي، الاستعانة بغير المسلمين في الفقه الإسلامي، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثانية، 1414هـ.
32. عبد الله علي العليان، حوار الحضارات في القرن الحادي والعشرين رؤية إسلامية للحوار، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 2004م.
33. عدنان نصراوين، اليونسكو ومهمة بناء حصون السلام في عقول البشر، مطبعة الدستور التجارية، عمان، الطبعة الأولى، 1997م.
34. د. عدي صدام حسين، عالم ما بعد الحرب الباردة دراسة مستقبلية، دار المنصور للنشر والتوزيع، بغداد، الطبعة الأولى، 1424هـ-2003م.
35. غاستون بوطول، السلم المسلح، تعريب: أكرم ديري، ومحمد رائف المعري. المكتبة العصرية – بيروت-.
36. فرنسوا شاتيلة، إيديولوجيات الحرب والسلم، ترجمة: جوزف عبد الله، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى، 1402هـ-1981م.
37. كمال الهلباوي، السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، معهد الدراسات السياسية، باكستان، الطبعة الأولى، 1999م.
38. مازن الرمضاني، السياسة الخارجية (دراسة نظرية)، مطبعة دار الحكمة، بغداد، الطبعة الأولى، 1991م.
39. مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، دار الفكر، القاهرة.
40. محمد أسد، الإسلام على مفترق الطرق، ترجمة وتعليق: عمر فروخ، دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة الأولى، 1987م.
41. محمد العبود، قواعد التعايش بين أهل الأديان عند شيخ الإسلام ابن تيمية طيب الله ثراه، دار رمادي للنشر، 1416 هـ 1996 م.
42. محمد الغزالي، صيحة تحذير من دعاة التنصير، دار الصحوة للنشر والتوزيع، القاهرة، الطبعة الأولى، 1991م.
43. محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي، زاد المعاد في هدي خير العباد، تحقيق: شعيب الأرناؤوط وعبد القادر الأرناؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الرابعة عشر، 1407هـ -1986م.
44. محمد بن سعيد سالم القحطاني، الولاء والبراء في الإسلام، تقديم: عبد الرزاق عفيفي دار طيبة للنشر والتوزيع، الرياض، 1404 هـ.
45. محمد بن عبد الله السلومي، ضحايا بريئة للحرب العالمية على الإرهاب، دار البيان، الرياض، الطبعة الأولى، 1426هـ-2005م.
46. محمد قطب، هل نحن مسلمون؟ طبعة دار الشروق، القاهرة، مصر.
47. محمد قطب، واقعنا المعاصر، مؤسسة المدينة للصحافة والطباعة والنشر، المدينة المنورة. الطبعة الثانية، 1408هـ.
48. د. محمد محمد حسنين، الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة الثامنة، 1407هـ.
49. د. محمد موسى الشريف، التقارب والتعايش مع غير المسلمين، دار الأندلس الخضراء، جدة، الطبعة الأولى، 1424هـ -2003م.
50. محمد نفيسة، الحوار سبيل التعايش مع التعدد والاختلاف، ندوة فكرية شارك فيها: محمد سعيد رمضان البوطي; دار الفكر المعاصر، 1415 هـ 1995 م.
51. محمود العزب مرسي، التعايش الديني في الإسلام، تقديم ومراجعة: بدوي عبد اللطيف، مؤسسة نصار للتوزيع والنشر.
52. مصطفى صبري، موقف العقل والعلم والعالم من رب العالمين وعباده المرسلين، دار ابن كثير، القاهرة، الطبعة الأولى، 2007م.
53. مفيد الزيدي، صراع الحضارات وحوار الثقافات: نحن والآخر، دار الفرقان للنشر والتوزيع، 1425 هـ/ 2005 م.
54. موريس كرنستون، المصطلحات السياسية، دار النهار للنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الثانية، 1970م.
55. موسى إبراهيم الإبراهيم، حوار الحضارات وطبيعة الصراع بين الحق والباطل، دراسة تحليلية على ضوء مفهوم الولاء والبراء في الإسلام، دار الإعلام، سنة 1423 هـ -2003م.
56. ميخائيل غورباتشوف، إعادة البناء والفكر الاشتراكي البريستوريكا، ترجمة: عباس خلف، شركة المعرفة للنشر والتوزيع المحدود، بغداد، الطبعة الأولى، 1990م.
57. نادية سعد الدين، الصهيونية والنازية وإشكالية التعايش السلمي مع الآخر، دار الشروق للنشر والتوزيع، بيروت، الطبعة الأولى، 2004م.
58. نصر محمد عارف، نظريات التنمية السياسية: دراسة نقدية مقارنة في ضوء المنظور الحضاري الإسلامي، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الطبعة الأولى، 1992م.
59. نيقولا كارسو، ماركسية تروتسكي، ترجمة: جورج طرابيشي، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، الطبعة الأولى، 1973م.
60. نيكيتا خرشوف، التعايش السلمي كما افهمه، تعريب: نجدة هاجر، وسعيد الغز، الطبعة الأولى، 1381هـ -1961م.
61. هارالد موللر، تعايش الثقافات: مشروع مضاد لهنتننغتون، ترجمة: ابراهيم أبو هشهش، دار الكتاب الجديد المتحدة، 2005 م.
62. هاني المبارك، وشوقي أبو خليل، الإسلام والتفاهم والتعايش بين الشعوب، دار الفكر المعاصر، 1417هـ 1997م.
63. هنري كسنجر، مفهوم السياسة الخارجية الأمريكية، ترجمة: حسين شريف، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، الطبعة الأولى، 1973م.
64. هيلين كارير دانكوس، السياسة السوفياتية في الشرق الأوسط (1955-1975)، ترجمة: عبد الله اسكندر، دار الكلمة للنشر والتوزيع، بيروت، 1981م.
65. يوسف القرضاوي، غير المسلمين في المجتمع الإسلامي، مكتبة وهبة، القاهرة، 1397هـ -1977م.
66. يوسف القرضاوي، فقه الدولة في الإسلام: مكانتها، معالمها، طبيعتها، موقفها من الديمقراطية والتعدّدية والمرأة وغير المسلمين، دار الشروق، القاهرة، الطبعة الأولى، 1997م.
67-فهيل جبار جلبي المصالحة الوطنية في العراق: دراسة سياسية حول الوضع العراقي بعد 2003، مركز دراسات السلام وحل النزاعات، جامعة دهوك،2014.
68-مجموعة باحثين، التعايش السلمي في العراق. الواقع والمستقبل، بحوث المؤتمر العلمي السنوي لكلية العلوم السياسية والاجتماعية في جامعة السليمانية، 2011.
69-فراس البياتي، التحول الديمقراطي في العراق بعد 9 نيسان 2003، بيروت، العارف للمطبوعات، 2013.
70-ناريمان عامر واخرون، عوامل السلم الاهلي والنزاع الاهلي في سوريا دمشق، مركز المجتمع المدني والديمقراطية في سوريا،2013.
ثانياً: الكتب الالكترونية.
[1] -أحمد القديري، الإسلام وصراع الحضارات، سلسة كتاب الأمة.
[2] -حسن الصفار، التنوع والتعايش بحث في تأصيل الوحدة الاجتماعية والوطنية.
[3] -د. عباس الجراري، الحوار من منظور إسلامي، من موقع المنظمة الإسلامية الدولية للتربية والثقافة والعلوم.
[4] -عبد الرحمن بن سعد الشثري، الفرقان في بيان حقيقة التقارب والتسامح بين الفرق والأديان.
[5] -د. عبد العزيز بن عثمان التويجري، الأمة الإسلامية في مواجهة التحدي الحضاري.
[6] -د. عبد العزيز بن عثمان التويجري، خصائص الحضارة الإسلامية وآفـاق المستقبل.
[7] -د. عبد العزيز بن عثمان التويجري، صراع الحضارات في المفهوم الإسلامي.
[8] -مؤسسة راند، إسلام حضاري ديمقراطي شركاء وموارد واستراتيجيات.
ثالثاً: الدوريات.
1. مجلة العلوم السياسية
2. مجلة الفيصل
[1] -مجلة الكلمة
[2] -مجلة المجتمع
[3] -مجلة المستقبل العربي
رابعاً: الندوات والمؤتمرات.
[1] -التعايش السلمي في الإسلام مدينة كولومبو عاصمة سري لا نكا، بالتعاون مع المركز الإسلامي في كولومبو، وذلك في الفترة من الحادي عشر إلى الثالث عشر من شهر جمادى الثانية 1427هـ التي توافقها الفترة من السابع إلى التاسع من شهر يوليو 2006م
البحوث والأوراق المقدمة:
[أ‌] د. جعفر عبد السلام علي، حقوق غير المسلمين في الدول الإسلامية.
[ب‌] د. محمد علي محمد شكري، المسلمون والتعايش السلمي في البلدان غير الإسلامية.
[ت‌] د. عادل محمد الغرياني، التعايش السلمي في عصور الدول الإسلامية.
[ث‌] د. أبو بكر رفيق أحمد طاهر، الإسلام في مواجهة التطرف من الداخل والخارج.
[ج‌] مخدوم مبارك مدني، القيم الإنسانية في الإسلام.
[ح‌] د. عبد الله المصلح، أسس التعايش السلمي في الإسلام ومرتكزاته.
[خ‌] د. إبراهيم عبد الله المرزوقي، حقوق الإنسان في الإسلام.
[د‌] بدر الحسن القاسمي، احترام التنوع الحضاري والثقافي.
[ذ‌] د. عبد الله على بصفر، القيم الإنسانية في الإسلام.
[ر‌] محمد سلطان دوق الندوي، الإسلام وحقوق الإنسان.
[2] -مؤتمر (نحن والآخر) الذي نظمته اللجنة العليا لمكافحة التطرف ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالتعاون مع منظمة الأسيسيكو ، من 06 إلى 08-03-2006م.
[3] -الندوة الدولية حوار الثقافات هل هو ممكن أكاديمية المملكة المغربية -الرباط 11-13/12/2003.
(1) انظر هذه الإحصاءات في:
ـ تقرير عن أعداد الفقراء في العالم أعده البنك الدولي سنة 2008م على الموقع التالي: www.Algezeera.net
ـ وعن أعداد العاطلين في العالم انظر: تقرير أعدته منظمة العمل الدولية في سنة 2011م على الموقع التالي:
www.gustsyrian.com
ـ أما عن أعداد الأمييّن انظر: تقرير أعدته منظمة اليونسكو في سنة 2010م على الموقع التالي:
www.algareda.com
ـ أما عن أعداد الذين لا يتمتعون بالحصول على مياه الشرب انظر: تقرير مؤتمر القمة العالمية للتنمية المستدامة. مطبوع في الأمم المتحدة ـ نيويورك سنة 2002م، ص129.
(2) انظر: تعريف اللجنة الدولية للبيئة والتنمية عام 1987 في المصدر التالي:
- The Brundtland commission Report، Our common Future، Oxford: Oxford University press, 1987.
(3) برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية البشرية 1994.
(4) برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تقرير التنمية الإنسانية العربية: تحديات أمن الإنسان في البلدان العربية 2009.
(5) انظر: تقرير التنمية الإنسانية العربية لعام 2009 ص 71.
(6) أثار هذه القضية تقرير التنمية البشرية لعام 2005.
(7) انظر:
W. Benedek, W. " Human rights and Human Security”, in: yotoponlos Marongopoulos, A. (ed.) L’etat Actuel de driots de d’homme dans le mond Defis et perspectives, Paris, 2006. pp. 95-109.
(8) انظر:
G. Oberletiner, “Human Security: A challenge to International Law” Global Governance, vol. 11. pp. 185-203.
(9) انظر:
A. Sen, Development as Freedom, Oxford: Oxford University Press, 1999.
(10) انظر:
M. Gouache and J. Crowley (eds.) Rethinking Human Security, Paris, UNESCO, 2008. P.
(11) البشير شورو، الأطر الأخلاقية والمعيارية التربوية لتدعيم الأمن البشرى في الدول العربية، باريس، اليونسكو، 2005، ص 15-16.
(12) انظر: الإعلان العالمي الذي صدر عن اليونسكو حول أخلاقيات البيولوجيا الصادر في 19 أكتوبر 2005م. متاح على الموقع التالي:
www.Portal.Uensco.org/en/ev.Php
(13) جاء ذلك في اجتماعات لجنة العلوم الاجتماعية والإنسانية باليونسكو في مداولات المؤتمر العام المنعقد في الفترة من 25/10/2011 إلى 9/11/2011.
(14) C.Klingman، "Reclaim the public: A Reflection on Recreating Civil Society in Romania" Eastern European Politics and Societies، Vol,14. No.3, 1990, p.179.
(15) Lucio Baccarat، "Civil Society Meets the State: A Model of Associational Democracy". Research Paper: DP 138/2002. International Institute for Labor Studies. Geneva. 2002.
(16) Evgeni Danio، " Civil Society as Partner in Local Development "، IC Regional Conference on" Partnerships for Successful Transition in Eastern Europe", 9-13 June 2004 (Center for Social Practice، Sofia).
(17) Cornelius Abdallah، The Role of Civil Society in Decentralized Governance for Poverty Reduction: The Experience in West Africa. "UNDESA Workshop on Poverty Alleviation and Social Inclusion" Dakar: 1-2 July 2003.
(18) Donnelly Meadows، Indicators and Information Systems for Sustainable Development Hartland: The Sustainability Institute, 1998. p.11.
(19) انظر الخطوات الأربعة التي اعتمدها الاتحاد الأوربي:
Friend of the Earth Europe, Delivering Sustainable Development, May 2004.