هل الحق هو ما تقوله أنت ... و ما حكاه لك كاهنك ...؟
هل مثلا عندما أقول لك : إن أحدا ما مشى جهة المغرب فلما وصل حيث تغرب الشمس و جدها تغرب داخل عين حمئة ... هل عندما أؤمن بهذا و أصدقه و أرفعه و أسير به مرفوع الرأس ندي الجبين ...
هل عندما أعلمه طفلي و أحضر به درسي و أواسي به نفسي ... هل عندما أوالي به و أتبرأ بالإيمان به ... هل عندما أستمسك بمثل هذا الخراب أكون صاحب حق ... ؟؟؟
أم أن الحق ما تشهد به الشمس ... و ما يمر به المطر و الريح و الفضاء فيستحون منه و يفجعون لبهجة جماله و كمال صفائه و روعة نقائه ؟؟؟
هل الحق مثلا أن أصنع كما تصنع الدبابير بصغار النحل و ممالكها فأهرع إلى قوم سالمين آمنين كلفت بتبليغهم الخير و الأمان و البر فأهريق دماءهم و أستحل أعراضهم و أسلبهم أرضهم و أسبهم و أشتمهم و أنزو على نسائهم
زاعما أنني إنما بعثت لرحمتهم و الإشفاق عليهم ... هل عندما أصنع مثل هذا أكون مختلفا في شيئ كثير أو قليل عن قبيلة الدبابير التي تقضم جماجم النحل الذي يصنع الشهد و يربي يرقاته ؟؟؟ هل أكون أبر من ذئب عادٍ أو ضبع سمج المنظر ؟؟؟ هل أكون أفضل حالا و سلوكا من كلب بري مرهق ؟؟؟
أيها الشيخ البائس ... ألا تستيقظ و تنفض رأسك من دائك العضال ... ؟؟؟
أيها الأصم الأعمى الأبكم الكسيح ... اسمع ... هل تحسب أنك على شيئ من الهدى و التقى ... إذن فتش في مزابل التاريخ و انظر حيث رُمي عهد أسلافك و ألقي بأخلاقهم جيفا لا تقبلها غير الأنفس التي ملأها الشر و الظلام .