حول رواية "الإمام" لكمال الخمليشي، خواطر ليس إلا.
**
كتبت الرواية بلغة عربية مشرقة، جاءت تناسب الموضوع المعالج، مانحة القارئ متعة حقة. وليس غريبا على المبدع هذا المنحى، إذ نجده حاضرا في أعماله كلها؛ فهو المبدع المتبحر في اللغة، المالك لناصيتها، والبارع في الوصف أيضا، فضلا عن إدارته للحوار بشكل دال ومعبر.
شخصية الرواية الأساس، هو "أسفو"، ويبدو أن الرواية قد اتخذت منحى السيرة الغيرية، حيث يتم تتبع مسيرة الرجل في طلب العلم، متنقلا بين المدن والأقاليم، بحثا عن "الجفر"؛ وهو كتاب ينسب للإمام علي كرم الله وجهه، يشتمل على العلوم كلها، ويتنبأ بالمستقبل؛ وهذا ما دفع أهل السنة لحظره على اعتبار أن علم الغيب لله وحده.
لن نعرف هوية "أسفو" إلا في المراحل الأخيرة من العمل الروائي، حيث سنكتشف أنه "المهدي ابن تومرت"، مؤسس الدولة الموحدية على أنقاض الدولة المرابطية التي اكتسحها الفساد، وتقاعست عن مواجهة الكفار.
عرفت مسيرة "أسفو" بالصلاح والورع والتقوى، ولم يقرب النساء إلا مرتين، الأولى بفعل غيبوبة روحية، والثانية بفعل مخدر وضعته له العاشقة الولهانة.
حياته عامرة بالمصادفات، إذ أنه نجا من كثير من الأخطار والأحداث الجسام بفعل تدخل القدر أو البعد السحري، من مثل الطائر والشيخ وإخراجه من سجنه.
الفصل الثاني، بداية قيام الدولة الموحدية.
عمل يقدم قراءة تسائل موضوع: الحرية والجبر، هل نحن أحرار في أفعالنا أم مجبرين؟ ورغم أن القضية قديمة، إلا أني أرى أن العمل يثيرها بشكل من الأشكال، فتلك المصادفات تخبر أن القدر يتحكم في مصائرنا، وأن أفعالنا الحرة تتسواق وتلك الإرادة.
والمثير للانتباه، أن قيادة الأسر المختلفة للمغرب اعتمدت على الخارق، أو على الانتساب للدوحة النوية الشريفة، مع الصلاح. وتجدر الإشارة إلى أن كل أسرة تولت دفة الحكم تسعى إلى تخريب ما بنته السابقة، لتبدأ من الصفر، وتلك من جملة الأخطاء التي لم تسمح لنا بالتقدم، لأن من أسبابه التراكم لا الهدم.
ما يثير في سيرة "أسفو" تدخله السافر في شؤون الناس معتمدا على قناعة مفادها أنه على صواب، والآخرين على ضلال، وبالتالي ينبغي إصلاحهم، وفي كثير من الأعمل التي قام بها، نجده يقترب من الفكر الوهابي.
وهناك الكثير من القول حول العمل.