·
رد سريع ومختصر على أكاذيب المؤرخ الكذاب
بقلم إبراهيم عوض

يحتج أستاذ التاريخ الذى أمامنا على المسلمين بأن المشركين فى مكة اتهموا الرسول بأنه قد استنسخ أساطير ‏الأولين، وهذه الأساطير التى أشار إليها هؤلاء المشركون مأخوذة من الكتاب المقدس لدى اليهود والنصارى. ‏
والجواب على هذا أن المشركين لم يبينوا أية أساطير تلك التى أخذها النبى عن اليهود والنصارى، بل أطلقوا ‏التهمة إطلاقا دون أن يبرهنوا عليها أو يعيّنوا الأشياء التى أخذها النبى صلى الله عليه وسلم من العهد القديم والجديد. ‏وقد كان اليهود موجودين فى المدينة على طريق المشركين إلى الشام، وكان من السهل تماما عليهم، فى طريقهم إلى الشام ‏أو فى عودتهم منه، أن يتصلوا باليهود ويطلبوا منهم أن يمدوهم بما أخذه محمد من الكتاب المقدس. ولم يكن اليهود ‏ليكذبوا خبرا، بل كانوا سيمدونهم فى الحال بما استنسخه من كتابهم لو كان حقا قد فعل. لكن المشركين لم يفعلوا، ‏واليهود لم يتهموا النبى رغم هجوم القرآن عليهم وفضحه تاريخهم الدنس والنبى لا يزال فى مكة. بل كانوا يرددون على ‏مسامع اليثربيين آنذاك أن هناك نبيا قرب زمان ظهوره سوف يأتى فيتبعونه ويقفون إلى جانبه ويؤمنون به ويستأصلونهم معه ‏استئصال عاد وثمود. فلما جاءهم النبى كانوا أول كافر به. ‏
ليس ذلك فقط، بل إنهم حينما احتدمت نار المعارك بينهم وبينه صلى الله عليه وسلم ذهبوا إلى مكة وألبوا ‏المشركين عليه ومَنَّوْهم الأمانى وأفهموهم أنهم سوف يقفون إلى جانبهم فى حربهم ضده إلى أن يقضوا عليه وعلى دينه. ‏ومرة أخرى ليس ذلك فقط بل لقد أكدوا لهم أن شركهم ووثنيتهم أفضل من دين محمد كما جاء فى سورة "النساء". ‏فما معنى هذا؟ معناه أن اليهود أنفسهم فى ذلك الوقت قد كذبوا هذا المؤرخ الكذاب، إذ لو كان محمد قد أخذ دينهم ‏ووضع عليه اسم "الإسلام" أكانوا يقولون إن الشرك والوثنية أفضل من دين اليهود الذى أخذه محمد؟ ‏
أرجو أن يفكر القارئ فى المصائب المتلتلة التى يضع المؤرخ اليهودى المدلس نفسه فيها، وكان فى غنى عن ذلك لو ‏كان عنده شىء من العقل. لكن متى كان عند اليهود عقل، ومعروف أنهم أنجس خلق الله لسانا حين يظنون أن هناك ‏من يحميهم، لكنهم سرعان ما يخنعون ويذلون ويلعقون أحذية أعدائهم متى ما انكشفت عنهم هذه الحماية. وهم الآن ‏يتصورون أن الأمور سوف تمضى هكذا إلى ما لا نهاية فتحميهم أمريكا وأوربا على الدوام، ويظل المسلمون فى خيبتهم ‏البنية إلى الأبد، غير دارين بسبب غبائهم أن الأيام دول، وأن قوى اليوم سرعان ما يصير ضعيفا غدا، وأن حلفاء الساعة ‏خُلَقَاء أن يختلفوا ويفضوا الحلف الدنس الذى يربط بينهم لسبب أو لآخر، وما أكثر الأسباب التى تؤدى إلى مثل تلك ‏الخلافات والانفضاضات. ‏
ومرة أخرى ليس ذلك فقط، إذ انتهى الأمر بأن دخل كل مشركى مكة فى الإسلام ولحسوا كل ما قالوه ضد ‏الإسلام من تهم كاذبة. فكيف شعور هذا المؤرخ النصاب بعدما خذله مشركو قريش أنفسهم ورجعوا عما كانوا يتهمون ‏به النبى ودخلوا فى دينه ولم يدخلوا فى دين اليهود والنصارى؟ ثم إن اليهود أنفسهم لم يقولوا ذلك فى حق سيد المرسلين ‏ولا حتى بعد هجرته إلى يثرب حيث كانوا يعيشون ويحتكون به كل يوم. لقد تآمروا عليه ونشروا الأكاذيب حوله ‏ووضعوا أيديهم فى أيدى أعدائه وحاكُوا خطة لقتله، لكنهم لم يجرؤوا بتاتا على اتهامه بأخذ دينهم.‏
ويعاير المؤرخ اليهودى الكذاب الوقح المسلمين بأنه فى الوقت الذى كان أجدادهم المشركون فى بالد العرب يشربون ‏الخمر ويئدون البنات ويعبدون الأصنام كان أجداده من اليهود يعبدون الله الواحد. ‏
والرد على ذلك أن مسلمى اليوم ليسوا أحفاد مشركى العرب إلا فى أضيق نطاق، وهؤلاء هم أهل الجزيرة ‏العربية، ونسبة هؤلاء كنقطة فى محيط بالنسبة لمليارى المسلم الموجودين فى أرجاءالعالم، والباقون مصريون ومغاربة ‏وهنود وصينيون وأتراك وأوربيون وأفارقة وأمريكان وأستراليون. ومن ثم فليس هناك صلة بينهم وبين مشركى مكة. ‏وهذا لو كانت تلك الصلة تعيبهم أو تعرّهم فى شىء. بالعكس إنها لو كانت موجودة لكانت مفخرا لهم لأن أجدادهم ‏هؤلاء تركوا كل ذلك واعتنقوا دين الله، دين التوحيد والحضارة والرقى والتنوير، ورَمَوْا ذلك الماضى الدنس وراء ظهورهم ‏واستقبلوا حياة وحضارة جديدة. ثم كيف يعاير هذا الكذاب المسلمين، وأجداده هو أيضا كانوا وثنيين وفيهم كل العبر ‏والوساخات قبل أن يعتنقوا دين التوحيد؟ على أنهم، لحظه الأغبر وليفضح الله كذبه وتدليسه، لم يكونوا يصبرون طويلا ‏على التوحيد بل ما أسرع ما كانوا يرتدون عنه فى كل سانحة إلى عبادة الأوثان. والكتاب المقدس مفعم باللعنات التى ‏يصبها إلههم يهوه وأنبياؤهم فوق رؤوسهم الصلبة. ليس ذلك فقط بل إن هارون أثناء غياب أخيه موسى فى لقاء ربه ‏فوق الجبل قد نحت صنما لقومه على هيئة عجل وكانوا يعبدونه ويرقصون حوله عرايا وينعرون كالبهائم ويقولون إن هذا ‏هو إله إسرائيل كما يخبرنا الكتاب المقدس بقلم موسى نفسه طبقا لأقوالهم. كذلك فسليمان نفسه، كما جاء فى العهد ‏القديم، وهو من هو، قد عصى الله وتزوج وثنيات رغم نهى الله له عن ذلك وتحذيره إياه من هذا الفعل. ليس ذلك ‏فقط، بل لقد أقام لهن فى قصره أوثانا ليعبدنها واشترك معهن. وقد عاقبه الله كما يقول كتابهم عقابا شديدا على حين ‏دافع القرآن عنه وكرمه وطهر سمعته من هذه الأكاذيب والشائعات البشعة. ‏
أما المسلمون فما إن اعتنقوا دين محمد حتى نسوا الأوثان تماما رغم ارتكاسهم فى كثير من العيوب الأخرى على ‏عكس اليهود، الذين ظلوا على مدى تاريخهم الطويل الدنس يحنون دائما إلى الأصنام والأوثان ويعودون إليها كلما واتتهم ‏الفرصة كما يذكر عنهم كتابهم. ثم أين يا ترى تقع سفاهاتهم الكافرة التى كانوا يُسْمِعونها المسلمين فى المدينة من التوحيد ‏الذى يفلقنا به هذا المؤرخ الكذاب من مثل قولهم: "إن الله فقير ونحن أغنياء" و"يد الله مغلولة" مثلا؟ وماذا يقول هذا ‏الوغد فى القصص التى يحكونها عن الله فى كتابهم المقدس من أن الله كان يتمشى فى الجنة فسمعه آدم، فاختبأ منه ‏خوفا لأنه كان قد أكل من الشجرة التى نهاه عنها، فلم يعرف الله موضع اختبائه وناداه: أين أنت، أو عن المصارعة التى ‏وقعت بين يعقوب وربه ليلا وأمسكه يعقوب على نحو لم يستطع الله التفلفص منه، ولم يخلصه من الورطة سوى أن ضرب ‏يعقوبَ على حُقّ فخذه فأطلقه من شدة الألم، ولولا ذلك فلربما كان الله لا يزال فى قبضة يعقوب حتى الآن، أو عن حقد ‏الله على البشر حين خشى أن يكونوا مثله فبلبل ألسنتهم وجعل لهم لغات عدة حتى لا يستطيعوا التفاهم بعضهم مع ‏بعض؟... إلى آخر هذه الشركيات والوثنيات، وما أكثرها فى تاريخ اليهود. ‏
ويتفاخر المؤرخ الكذاب بأن عيسى كان يهوديا وعاش يهوديا، فماذا قال عيسى عن اليهود؟ لقد لعنهم وتوعدهم ‏بانتقامات إلهية تشردهم وتذلهم وتخضعهم للأمم الأخرى. وهو ما كان. وإذا كان هذا المدلس يتفاخر بعيسى فلماذا ‏صلب اليهود عيسى عليه السلام وقتلوه حسب زعمهم وافتخروا بهذه الجريمة النكراء؟ وعلى أية حال فها هو ذا ما ‏كان يقوله عيسى فى حق اليهود: ‏
‏"13«لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ ‏وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ. 14وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ الأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ ‏صَلَوَاتِكُمْ. لِذلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. 15وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ لِتَكْسَبُوا ‏دَخِيلاً وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ابْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا. 16وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الْقَائِلُونَ: مَنْ حَلَفَ ‏بِالْهَيْكَلِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِذَهَب الْهَيْكَلِ يَلْتَزِمُ. 17أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلذَّهَبُ أَمِ الْهَيْكَلُ الَّذِي ‏يُقَدِّسُ الذَّهَبَ؟ 18وَمَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلكِنْ مَنْ حَلَفَ بِالْقُرْبَانِ الَّذِي عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ. 19أَيُّهَا الْجُهَّالُ وَالْعُمْيَانُ! ‏أَيُّمَا أَعْظَمُ: أَلْقُرْبَانُ أَمِ الْمَذْبَحُ الَّذِي يُقَدِّسُ الْقُرْبَانَ؟ 20فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِالْمَذْبَحِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِكُلِّ مَا عَلَيْهِ! 21وَمَنْ حَلَفَ ‏بِالْهَيْكَلِ فَقَدْ حَلَفَ بِهِ وَبِالسَّاكِنِ فِيهِ، 22وَمَنْ حَلَفَ بِالسَّمَاءِ فَقَدْ حَلَفَ بِعَرْشِ اللهِ وَبِالْجَالِسِ عَلَيْهِ. 23وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ‏الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُعَشِّرُونَ النَّعْنَعَ وَالشِّبِثَّ وَالْكَمُّونَ، وَتَرَكْتُمْ أَثْقَلَ النَّامُوسِ: الْحَقَّ وَالرَّحْمَةَ وَالإِيمَانَ. ‏كَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَعْمَلُوا هذِهِ وَلاَ تَتْرُكُوا تِلْكَ. 24أَيُّهَا الْقَادَةُ الْعُمْيَانُ! الَّذِينَ يُصَفُّونَ عَنِ الْبَعُوضَةِ وَيَبْلَعُونَ الْجَمَلَ. 25وَيْلٌ لَكُمْ ‏أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُنَقُّونَ خَارِجَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ، وَهُمَا مِنْ دَاخِل مَمْلُوآنِ اخْتِطَافًا وَدَعَارَةً. 26أَيُّهَا ‏الْفَرِّيسِيُّ الأَعْمَى! نَقِّ أَوَّلاً دَاخِلَ الْكَأْسِ وَالصَّحْفَةِ لِكَيْ يَكُونَ خَارِجُهُمَا أَيْضًا نَقِيًّا. 27وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ ‏الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُشْبِهُونَ قُبُورًا مُبَيَّضَةً تَظْهَرُ مِنْ خَارِجٍ جَمِيلَةً، وَهِيَ مِنْ دَاخِل مَمْلُوءَةٌ عِظَامَ أَمْوَاتٍ وَكُلَّ نَجَاسَةٍ. ‏‏28هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا: مِنْ خَارِجٍ تَظْهَرُونَ لِلنَّاسِ أَبْرَارًا، وَلكِنَّكُمْ مِنْ دَاخِل مَشْحُونُونَ رِيَاءً وَإِثْمًا. 29وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ ‏وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تَبْنُونَ قُبُورَ الأَنْبِيَاءِ وَتُزَيِّنُونَ مَدَافِنَ الصِّدِّيقِينَ، 30وَتَقُولُونَ: لَوْ كُنَّا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا لَمَا شَارَكْنَاهُمْ ‏فِي دَمِ الأَنْبِيَاءِ. 31فَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنَّكُمْ أَبْنَاءُ قَتَلَةِ الأَنْبِيَاءِ. 32فَامْلأُوا أَنْتُمْ مِكْيَالَ آبَائِكُمْ. 33أَيُّهَا الْحَيَّاتُ ‏أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَهْرُبُونَ مِنْ دَيْنُونَةِ جَهَنَّمَ؟ 34لِذلِكَ هَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ أَنْبِيَاءَ وَحُكَمَاءَ وَكَتَبَةً، فَمِنْهُمْ تَقْتُلُونَ ‏وَتَصْلِبُونَ، وَمِنْهُمْ تَجْلِدُونَ فِي مَجَامِعِكُمْ، وَتَطْرُدُونَ مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، 35لِكَيْ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ كُلُّ دَمٍ زكِيٍّ سُفِكَ عَلَى ‏الأَرْضِ، مِنْ دَمِ هَابِيلَ الصِّدِّيقِ إِلَى دَمِ زَكَرِيَّا بْنِ بَرَخِيَّا الَّذِي قَتَلْتُمُوهُ بَيْنَ الْهَيْكَلِ وَالْمَذْبَحِ. 36اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ هذَا كُلَّهُ ‏يَأْتِي عَلَى هذَا الْجِيلِ!‏
‏37«يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ ‏الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ خَرَابًا. 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَني مِنَ الآنَ ‏حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!»".‏‎ ‎
ويتحدث المؤرخ الكذاب المُبْطِل عن دولة إسرائيل على أنها دولة أجدادهم عادوا إليها من جديد. والرد على ‏تلك الفرية أنهم لم يكونوا من أهل فلسطين بل رحلوا من العراق، ولم يكونوا أصحاب شىء فى العراق بل كانوا شرذمة ‏قليلين هناك. أى أنهم لم يكونوا لا من أصحاب العراق ولا من أصحاب فلسطين. ولم تقم لهم دولة فى فلسطين فى ‏الماضى إلا لعقود معدودة ثم انكشحت كما ستنكشح الدولة الحالية التى لم يقيموها إلا بمعونة الغربيين وخيانة الحكام ‏العرب. وحين تنهض الشعوب العربية والإسلامية وتنتفض وتنفض عن نفسها غبار القرون وتستعيد كرامتها وتشعر بها ‏شعورا قويا حقيقيا فقل على دولتهم: العفاء. فعجبا لهذا الكذاب الذى يزعم أن إسرائيل أرض أجداده مع أنها لم تكن ‏أرضهم فى الواقع بل ارتحلوا إليها من أرض الرافدين التى لم يكونوا يشكلون فيها إلا شرذمة قليلة، ثم كونوا فيها دويلة لم ‏تعش سوى عقود كما قلت، ويريد أن نتعامى عن أن الفلسطينيين كانوا ولا يزالون أصحاب الأرض الحقيقيين لآلاف ‏الأعوام. ‏
ويكذب المؤرخ الوقح فيقول إن اليهود ليسوا قتلة الأنبياء. يريد أن يكذّب القرآن الكريم الذى كرر فى موضعين منه ‏أنهم كانوا يكذبونهم ويقتلونهم. ولست أحاكمه إلى القرآن الكريم المجيد العظيم، لكنى أحاكمه إلى الكتاب المقدس الذى ‏يؤمن به ويستشهد. فماذا يقول الكتاب المقدس؟ ها هو ذا عيسى عليه السلام، الذى يدعى أنه يهودى وعاش يهوديا ‏ومات يهوديا، يقول فى حقهم (فى إنجيل متى ولوقا): 37«يَا أُورُشَلِيمُ، يَا أُورُشَلِيمُ! يَا قَاتِلَةَ الأَنْبِيَاءِ وَرَاجِمَةَ الْمُرْسَلِينَ ‏إِلَيْهَا، كَمْ مَرَّةٍ أَرَدْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَوْلاَدَكِ كَمَا تَجْمَعُ الدَّجَاجَةُ فِرَاخَهَا تَحْتَ جَنَاحَيْهَا، وَلَمْ تُرِيدُوا! 38هُوَذَا بَيْتُكُمْ يُتْرَكُ لَكُمْ ‏خَرَابًا. 39لأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ لاَ تَرَوْنَني مِنَ الآنَ حَتَّى تَقُولُوا: مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!». وفى العهد القديم إشارات ‏إلى حوادث هذا القتل. ‏
هذا ما قاله المؤرخ الكذاب فى الفيديو الذى أمامنا، أما بخصوص زعمه أن الإسلام والقرآن مأخوذ من اليهودية فإنهم ‏يعدون يهوه ربا خاصا بهم بينما هو فى الإسلام رب العالمين. وقد رأيناهم يصورون الله فى كتابهم على أنه إله وثنى كما ‏أشرت آنفا، أما الإسلام فصورة الله فيه هى صورة الإله النقية الصافية. ثم إننا نجل الأنبياء ونحترمهم ونؤمن بهم جميعا ‏ونعدهم مثلا عليا للبشرية بما فى ذلك أنبياء بنى إسرائيل، أما هم فيصورون الأنبياء فى كتابهم المقدس سكيرين قتلة ‏زناة يمارسون زنا المحارم ويتم زنا المحارم فى بيوتهم ويديِّثون على زوجاتهم وينحتون الأوثان فى بيوتهم لأولئك ‏الزوجات... إلخ: فنوح يسكر وينطرح على الأرض عريانا لا يعى شيئا من فرط شربه وسكره ويدخل عليه ابنه ويرى ‏سوأته. وإبراهيم يأخذ منه أبيمالك زوجته ويعطيه مواشى وأغناما ترضية له فيأخذ المواشى والأغنام وينصرف ويترك ‏زوجته معه ولا يفتح فمه بكلمة. ولوط تسقيه ابنتاه خمرا حتى يسكر وتنامان معه كل واحدة ليلة ثم تحبلان منه ‏وتلدان. ويعقوب يصارع الله سبحانه ويعكمه عكمة عنيفة فلا يستطيع التفلفص منها بسهولة. وموسى يقتل المصرى ‏عامدا متعمدا لا على سبيل الخطإ غير المقصود. كذلك نراه يخاطب الله فى أحد المواقف بجلافة غبية. وهارون يصنع ‏العجل ليعبده بنو إسرائيل، الذين يقولون عنه إنه إله موسى. وداود يرى من فوق سطح قصره زوجة قائده الحربى الذى ‏يدافع عن دولته وهى تستحم عارية كما ولدتها أمها فى فناء البيت كما لو أن بيت زوجها القائد العسكرى الكبير ليس ‏فيه حمام له جدران تستحم فيه بعيدا عن أنظار الجيران، فيرسل داود فى الحال من يحضرها له من بيتها ويزنى بها من ‏فوره ثم لا يكتفى بها بل يتآمر على زوجها ويتخلص منه فى مؤامرة خسيسة مجرمة ليخلو له وجه المرأة، التى هى ‏بالمناسبة أم سليمان. كما أن العهد القديم لا يتحدث عن الآخرة ولا الجنة أو النار على حين أن هذه عقيدة إسلامية ‏أصيلة لا يتم ولا يصح الإسلام بدونها. ثم إن صلاتنا وصيامنا وزكاتنا تختلف تمام الاختلاف عن نظائرها عندهم. ‏وهذا معروف للقاصى والدانى. أما حجنا فلا يعرفون منه شيئا بتاتا. ثم إن هناك أنبياء آخرين نؤمن بهم ويذكرهم ‏القرآن والحديث كهود وصالح وشعيب ولا وجود لذكرهم فى الكتاب المقدس. كما أن دينهم يقوم على الكهانة والكهان ‏ولاتتم العبادة بدونهم، وكل شىء يقوم به الكاهن معقد ومرهق أشد التعقيد والإرهاق والإعنات، أما نحن فأى مسلم ‏يستطيع الإمامة فى الصلاة، وليس هناك كهان البتة فى ديننا. أما أحكام الزواج والطلاق والربا والقَسَم والحرب والحيض ‏والنفاس فمختلفة فى الإسلام عنها فى اليهودية الاختلاف كله. وفى القرآن إشادة بالعلم والنظام والقراءة والعمل والإتقان ‏وتوضيح للسنن الإلهية التى يجرى عليها الكون، وهو ما لا وجود له فى الكتاب المقدس. ‏
كما أن معظم القرآن إنما هو توضيح لأسئلة كانت تلقى على النبى من المسلمين وغير المسلمين فيجيبهم القرآن عليها ‏مما لا وجود له فى الكتاب المقدس بطبيعة الحال. كذلك فالقرآن يتحدث كثيرا عن الغزوات التى خاضها المسلمون مع ‏المشركين واليهود، وليس شىء من هذا موجودا فى الكتاب المقدس طبعا. والقرآن مملوء هجوما على المشركين واليهود ‏والنصارى، ولا شىء من ذلك موجود فى الكتاب المقدس. فكيف بعد هذا كله يدعى هذا المغفل أن القرآن والإسلام ‏مأخوذ من اليهودية؟ ‏


‏ ‏


YOUTUBE.COM
مؤرخ اسرائيلي يجادل امام مسلم : الاسلام والقران منقولان عن اليهود
عدة مقاطع في هذا الڤيديو هي ملكية قناة الجزيرة اوقناة الحياة؛ او قناة Arte او قنوات اخرَى ، كلها ظاهرة علَى الشاشة ؛ وهي مقتبسة منها هنا…