ماذا وراء اللقاء الهاتفي بين رجوب وبدران

حسام بدران عضو المكتب السياسي لحركة حماس والمتحدث باسمها في الخارج واسير محرر وعضو وفد حماس في القاهرة والذي زار غزة مؤخرا ً مع نائب رئيس المكتب السياسي للحركة العاروري ، الطرف الثاني جبريل رجوب امين سر اللجنة المركزية ( م 7 ) لحركة فتح ورئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم .

المشهد السمعي : مكالمة هاتفية بين الرجوب وحسام بدران
بداية عندما استمعت لهذه المكالمة عاد بي التاريخ عدة سنوات للخلف ابان اجتياح القوات الاسرائيلية للمقاطعة واتهام جبريل الرجوب بتسليم سعدات رئيس المكتب السياسي للجبهة الشعبية ورفاقه على اثرها قام جبريل الرجوب باجراء مكالمة هاتفية مع الشهيد الراحل الرنتيسي ، باختصار كانت المكالمة هي نوع من التوسل من طرف جبريل الرجوب للرنتيسي والذي ابدى فيها استعداده لأي حكم او موقف او قرار تتخده حماس بحقه اذا ثبت تورطه ، بالتاكيد ان جبريل الرجوب في تلك المكالمة كعادته الحاقدة والملتوية صب اتهاماته وتجنياته على دحلان ، لم يقف دحلان من ذاك الوقت صامتا ً بل استمر في حقده وتجنيه واتهامه لدحلان فليس له شغل شاغل الا دحلان وهذا ما يجعل الانسان ان يفكر الف مره ومرة عن نوايا جبريل الرجوب الخبيثه ، فهو لم يترك اذاعة مرئية او مسموعة الا ويصب حقده الاعمى على هذا القائد الوطني الذي وقف مع اهله في غزة وفي المخيمات وفي القدس ، فغزة تعرف ابنائها البررة وكذلك فلسطين ، فماذا فعل جبريل الرجوب للشعب الفلسطيني غير التأليب على حصار غزة بل مشاركا ً فعليا ً في حصارها وتعذيب ابناء حركة فتح قبل ابناء حركة حماس وباعتباره امين سر لجنة مركزية لحركة فتح ( المقاطعة ) يتحمل جبريل الرجوب كل المسؤولية عما يتلفظ به بخصوص دحلان ومصر والامارات ودول عربية اخرى كالاردن مثلا ُ التي تفتح له ابوابها ذهابا ً وايابا ً وبعض مصالحه الشخصية ايضا ً .

لنعود مرة اخرى الى قصة المكالمة الهاتفية ، هذه المرة والتي يختلف فيها الحال عن مكالمة جبريل الرجوب للرنتيسي، فالان امام جبريل رجوب سمات شخصية تختلف عن سمات الرنتيسي كقائد في حماس بل اقول قائد وطني ايضا ً ، ولكن من السمات او الانطباعات التي اخذت من سياق تلك المكالمة ما يتمتع به حسام بدران من ذكاء ولو ان ذكاءه هذا وضعه في مصيدة الاتهام ايضا ً ، فالسياق العام للمكالمة التي يفرد فيها جبريل الرجوب جناحيه مغردا ً ملقيا ً وليس متلقيا ً يضع محددات ويضع وجهة نظر ويضع مقترح قد وافقه عليه حسام بدران مثلا ً :
1 – المكالمة في حل ذاتها هي محاولة لاهانة اسماعيل هنية كرئيس مكتب سياسي لحركة حماس .
2 – تجاوز حسام بدران اطره القيادية الا اذا كانت تلك القيادة على علم مسبق باجراء هذا الاتصال .
3 – يحاول جبريل الرجوب من جانبه سحب حركة حماس من مربع التقارب بين حماس ومصر وهو انجاز قد قدمه دحلان لحركة حماس في عام 2016/2017 حرصا ً على مصلحة غزة وحرصا ً ايضا ً على الامن القومي المصري وحرصا ً على القضية الفلسطينية .
4 – وان كان جبريل الرجوب في نصوص مكالمته السمعية يضع نفسه معلما ً امام تلميذ الا ان حالة الارتباك والضعف وعدم الثقة بالنفس قد جعلته يسأل حسام بدران في اخر المكالمة عن رأيه عن لقائه مع قناة البي بي سي والتي تحدث فيها واكال التهم لدحلان.
5 – ما طرحه جبريل الرجوب بمفاوضات ولقاءات مباشرة بعيد عن الدور المصري والوساطة المصرية ولتكن تركيا ووفاقه عليها حسام بدران فهل يا ترى قيادة حماس متفقة على ذلك ام لم تكن على علم مسبق .
6 – تكشف المكالمة مدى الود والصداقة بين حسام بدران وجبريل الرجوب وهي ليست كسابقاتها بين الرجوب والرنتيسي ، فهل هناك قناة خلفية بين قيادة فتح المؤتمر السابق وحماس مباشرة خارج ما يصور للعامة او في الاجتماعات في القاهرة بالقاءات غير مباشرة عبر وسيط مصري .

قد نعيد ابجديات الماضي فهل كانت الاحداث المؤلمة عام 2007 كانت كسيناريو معد للتخلص من نهج في حركة فتح ليسود نهج اخر وليتم تقاسم الوطن في غزة والضفة ؟ اذا ما هذه الحملة الاعلامية التي نشاهدها بين اعلام حماس السلطة وفتح في الضفة ؟ اهو شيئ متفق عليه لزيادة الانقسام وفسخ في الثقافة الفلسطينية بين مؤيد لهذا ومؤيد لذاك ؟

نحن مع ان يكون هناك توافق وطني كامل بين كل فئات الشعب الفلسطيني وفصائله وطنية واسلامية ولكن الوضوح يجب ان صريحا ً وبكل المقاييس فهي فضيحة لحماس وفضيحة للرجوب ولحركة فتح ( المقاطعة )

ولكن كنت لابد ان اشير ان مصر لا تستطيع قوة في العالم بحكم الجغرافيا والتاريخ والامن المشترك ان تستبعد مصر من لعب الدور الرئيسي في الصراع ومحاولة ابعادها بالتاكيد ستبقى فاشلة فالجغرافيا له الحكم والتاريخ له الحكم ايضا ً وليس لجبريل الرجوب ومن حوله .

مكالمة جبريل الرجوب كامين سر للجنة المركزية تضع اللجنة المركزية لحركة فتح ( م 7 ) امام المسألة والمسؤولية لما ورد في مكالمة جبريل لرجوب من اساءة لمصر والامارات ودول عربية اخرى، فما قاله جبريل الرجوب بحق مصر ومحمد دحلان وتلك الدول وكأن جبريل الرجوب يريد بافعاله هذه ان يستبعد العمق العربي عن قضيتنا وحالنا الفلسطيني ولكن تبقى عقدة محمد دحلان تاتيه في ليله ونهاره ولكن شتان بين الثرى والثرية ، فدحلان هو الخادم الامين لشعبه ولامته العربية ، اما رجوب فهو المفرق الحاقد التي لا تستوي معه النيات الحسنة .

ولكن كلمة اخيرة لماذا وجه حسام بدران التحية لابو مازن ؟ ولماذا وجه التحية للجنة المركزية لحركة فتح المقاطعه ؟ هل هو على قاعدة ما اوضحه بدران في مكالمته بان حماس تخاف على ابو مازن امام ما يقال من مؤمرات كما اوضحت المكالمة في سياق اجتماعاتهم في القاهرة ؟ وهنا الحديث له الف معنى ومعنى .
سميح خلف