حينما يستوي الليل على عرشه، ويعلن عن سطوته وسلطانه، تصير تلك الكلبة الوديعة والمسالمة، والتي تهرب من الناس مخافة أذاهم، ومن حجارة الأطفال، لبؤة شرشة، ليلا، تنبح بقوة، تكسر سكون الليل بصوتها القوي، تعلن عن سلطانها، تحمي الحومة من كل دخيل.
أتقرب إليها صباحا، بمدها بالطعام، أقترب منها أكثر وقد لمست في استئناسا، حتى تشم رائحتي، وتتذكرني، فأنا، أحيانا، أعود إلى المنزل متأخرا، تتقاذفني الحيطان.
في ليلة ممتعة قضيتها مع أصدقائي في بار، عدت لأجدها متربصة بي، تريد أن تخبرني أنها صاحبة المكان بامتياز، وأنها لا تريد أن يزعجه أحد، حتى لو كان من السكان، أو لربما تريد أن تخبرني أنها تعرفني، فكشرت عن أنيابها، وبدأت تزمجر، خفت كثيرا، سال مني العرق، وخفق قلبي. ابنة الكلبة، لا تراعي جوارا ولا تقيم للملح والطعام قيمة، لم تتركني إلا بعد أن عاد إلي وعيي، وكأنني ما شربت ماء الزهو.
أتناول قليلا من الطعام لإسكات جوعي أو خوفي، سيان، أنظف أسناني، أغير ثيابي، وأندس في الفراش بحثا عن سلطان النوم لتبايعه عيناي. أسمع تهارشا، صخبا تحت نافذتي، أطل لأرى الكلاب تتناوش من أجل الظفر بالكلبة البيضاء اللعينة، تصدر عواء شبيها بالنحيب، ولا يفوز بها إلا القوي، أتقلب في فراشي، وأحلم بكلبة، عفوا، أقصد أنثى، كيفما كانت، فحين تطفأ الأنوار، تتساوى الأجساد؛ المهم أن تحضر لتدفئ وحدتي...حين يعلوها، أتوجه إلى المطبخ، أحمل سطل ماء بارد، وأصبه عليهما، فيتفرقا مرغمين بصوت فيه غضب. أبتسم لأني حققت انتقامي.
حينما يستوي الليل على عرشه، ويعلن عن سطوته، أصير أنا الإنسان الوديع، العفيف، والورع شخصا قبيحا، وسليط اللسان، وجامح الخيال، أصير وغدا، إذ يحلو لي أن أتمرغ في نعيم النساء، كل ليلة أحمل إلى فراشي زوجة رجل سلطة، أو زعيما أمرغها تحتي، وأمتص رحيقها العذب، نكاية في هؤلاء الرجال الغلاظ الأشداء. ثم أنام ملء جفوني، غير عابئ بالغضب الذي يعتري من اغتصبت نساءهم. لكنهم يصمتون مخافة الفضيحة.
استيقظت على أشعة الشمس الصباحية لأجد نفسي عاريا بين أنياب الكلاب الغاضبة.