على الشعب الجزائري التعقل قبل خوض أي مبادرة قد لا تأتي في صالحه و البلاد

إن صراع الأشخاص داخل الأحزاب الموالية للسلطة و في مقدمتهم الأفلان الحزب الحاكم في البلاد ، و حتى أحزاب المعارضة التي فشلت في تقديم مرشحها التوافقي، هو سبب تعقد الأزمة في الجزائر منذ سقوط الرئيس أسير المرض، و من الصعب الآن التحكم في المسيرات التي يقوم بها الجزائريون، التي رافقتها عمليات تخريب ، و في حالة تأزم الوضع أكثر، لا شك أن الجزائر ستدخل في حالة طوارئ، و يخرج الجيش إلى الشارع لمواجهة العصيان المدني، لأن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة ، لا شك أن هذه الأزمة تخدم جهات خارجية تريد استمرار الأزمة و الحكم على مستقبل الشعب الجزائري و مصيره



لا نظن أن الشعب الجزائري يقبل فكرة وضع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة تحت "القوامة" التي التمستها منظمة محامين بلا حدود غير الحكومية بسويسرا، طالما أن الرئيس بوتفيقة يتلقى علاجه باستمرار بأحد مستشفياتها، و هذا يعد اعتداءً على سيادة الدولة الجزارية، و لا شك أن الشعب سيرفض الإلتماس الذي قدمته المحامية ساسكيا ديتيشيم رئيسة فرع منظمة محامين بلا حدود غير الحكومية لمحكمة حماية كهول وأطفال جنيف السويسرية و المتضمن وضع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تحت القوامة، بحكم الحالة الصحية التي آل إليها بوتفليقة، سواء كانت هذه القوامة قانونية أو غير قانونية و سواء قبلت المحكمة السويسرية أم رفضت، خاصة و أن المبادرة مثلما جاء في تقرير أورو نيوز، و على لسان المحامية السويسرية، جاءت من مواطنة مجهولة الهوية تقول أنها جزائرية ، التي قالت أن الحالة الصحية الهشة لبوتفليقة تعرضه للاستغلال من جانب من يحيطون به، بالرغم من أن هذا القول صحيح.

جاء في التماس القوامة بأن يسمح للقيمين بأن يرفعوا القيد عن أطباء المستشفيات الجامعية في جنيف، بشأن السرّ الطبي المتعلق بالرئيس بوتفليقة، وبأن يُمَكِّنُ الأطباء القيمين من الحصول على شهادة طبية تبين مدى قدرة بوتفليقة على حكم البلاد، كما ينص الالتماس على أن تتم تسمية القيم من خارج الدائرة المحيطة بالرئيس، وأن يكون محايدا ومجردا من أي تضارب محتمل للمصالح، وبحسب أستاذة القانون السويسرية في جامعة جنيف نيكولاس جوندان، فإن المسؤولية تعود للسلطات القضائية الجزائرية في تحديد مواطن كفء القوامة، ولكن إذا اعتبرت محكمة سويسرية بأنه توجد حاجة عاجلة لحماية شخص ضعيف، فإنها يمكن أن تتدخل و على القاضي السويسري أن يتجرد من الخطة السياسية، ويحدد إذا كان الشخص يستحق المساعدة.
نحن لا نشكك في ما نشرته أورو نيوز كصحيفة، و لكن نتساءل كيف تأكدت المحامية بأن صاحبة الإلتماس مواطنة جزائرية و هي لم تكشف عن هويتها، قد تكون من دولة أخرى غير الجزائر، و تحمل جنسية غير الجنسية الجزائرية ، بل قد يكون البلد التي تنتمي إليه عدو للجزائر، و هل يعقل أن تصدق محامية ( امرأة قانون) ما يصدر عن أشخاص مجهولي الهوية و تأخذ تصريحاتهم بمحمل الجدّ؟ لاسيما في الشأن القانوني؟ و حتى لو كان الرئيس بوتفليقة كما تقول المحامية يفتقد اليوم إلى الإدراك وهو في حالة صحية مزرية جدا، وأن جميع أفعاله سواء المتعلقة منها بتقديم ترشحه أو البيانات الصادرة باسمه لا يصدرها شخصيا، وإنما هي صادرة من عناصر محيطه العائلي والسياسي الذين يتحكمون فيه، و لو أن هذا صحيح، لكن المشكلة ليست في المبادرة نفسها، لكن في اتخاذ القرار، و من يحق له أن يقوم بالمبادرة؟ حتى لو كانت القوامة في صالح الرئيس، كونها تختلف عن الوصاية ( كما جاء في التقرير) بحيث تترك للشخص مساحة تصرف أكبر في حقوقه ومن بينها حق المشاركة في التصويت لكن دون الترشح للانتخابات.
هناك جماعات ضاغطة داخل الجزائر يستغل عناصرها مرض الرئيس ليقرروا مكانه ، همهم الوحيد الحفاظ على مصالحهم و بقائهم في السلطة، حتى يستمرون في حلب البقرة الحلوب ، و لا شك أن فكرة القوامة من شأنها أن تشعل الفتنة أكثر بين الجزائريين، لأنها ستكون في يد الحزب الحاكم ، كون الرئيس هو رئيس الحزب، و هذا سيزيد الطين بلة، لأن الأفلان يعيش انقاسامات داخلية و هناك مطالب بتطهيره سياسيا و إعادة الجبهة إلى نهجها الحقيقي، كما أن فكرة القوامة تؤثر في الرأي العام، و في مقدمتهم الطلبة الجامعيين، خاصة و أن هناك جهات تستغل "الحركات الشبانية" باعتبارها من أهم الفئات المؤثرة في المجتمع، إذا قلنا أن الحراك الطلابي وصل إلى مرحلة متقدمة جدا، و لم تعد تنظيماته تطالب بالحقوق المـألوفة ، بل تعدى دورهم إلى مجالات أخرى مثل النقاشات العامة التي تخص البلاد، سواء السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية، و السؤال الذي يمكن أن يطرح هنا، من هي الجهة التي تحرك الطلبة و تدفعهم للخروج إلى الشارع؟، نتحدث هنا عن الطلبة المنضوين في منظمات و أحزاب سياسية، و أقصد بالذات اتحاد الطلابي الحر المحسوب على حركة مجتمع السلم الذي يمثل الإخوان في الجزائر ( تيار إسلامي)، و اتحاد الطلبة الجزائريين المنضوي تحت لواء حزب جبهة التحرير الوطني.
و السؤال الذي يلح على الطرح أكثر هو: ما هي الدوافع التي دفعت بوزير التعليم العالي والبحث العلمي في الجزائر لإصدار قرار خروج الطلبة في عطلة مبكرة و لمدة تقارب شهرا كاملا، قبل موعدها المحدد في 20 مارس؟، و هل هناك ضغوطات يواجهها الوزير و من هي الجهة التي تضغط عليه؟، إذا قلنا أن العطلة يراد بها "المقاطعة" عن الدراسة ، و ما موقف أساتذة الجامعات من هذا القرار، في كل هذا و ذاك، ففكرة القوامة هي مشروع تمهيدي لفرض "الوصاية" على الرئيس المريض، و الجزائريون الآن مطالبون بإنقاذ البلاد، و عدم الذهاب إلى حرب أهلية تكون عواقبها مثل الذي شهدته البلاد في التسعينيات، لأن انتصار الجزائر هو انتصار شعبها و مؤسساتها، و لذا على الشعب الجزائري التعقل قبل خوض أي مبادرة قد لا تأتي في صالحه و البلاد، البديل موجود طبعا، و هو القيام بمفاوضات بين الشعب و السلطة و تخلي هذه الأخيرة عن تعنتها و تصلبها، و بالتالي حل المشكل الجزائري داخليا و بطريقة سلمية، و هكذا لا يقع أي طرف منهما في حرج.

علجية عيش