بخصوص ما حدث بين الهند وباكستان

من أسبوعين حدث احتكاك (جوي) بين الدولتين في إقليم كشمير والنتيجة إسقاط طائرة باكستانية وطائرتان هنود، علما بإن الدولتين لا يملكان طائرات حديثة من الجيل الخامس بل أقصاهم طائرات جيلين رابع وثالث f16 وسوخوي...

ماذا يعني ذلك؟

أولا: السلاح الجوي الآن لم يعد سلاح ردع بل مستهلك ونقطة ضعف أجبرت الهند على التذلل لباكستان من أجل الإفراج عن الطيار الهندي الأسير، علما بأن الهند تملك نظام صواريخ s400 الروسي وباكستان تملك باتريوت الأمريكي، وكلاهما أقوى دفاع جوي في العالم

ثانيا: كافة أنواع الطيران المقاتل من الجيلين الرابع والثالث الموجود عند أغلب الدول أصبح (قطعة حديد) غير مهيأ للدخول في حرب مفتوحة وجادة..مثله كالدبابات التي انقرضت جزئيا في الحروب الحديثة وستنقرض في المستقبل بدخولها متحف التاريخ.

ثالثا: هذا الطيران مخصص فقط ضد جماعات ودول ضعيفة لا تملك دفاع جوي ، وهذا يفسر أن حروب العالم الحديثة الآن ماشية بنفس النَمَط ..وهو هجوم على دول ضعيفة أو جماعات غير مسلحة بدفاع جوي.

رابعا: إسرائيل لما حَبّت تهاجم سوريا هاجمتها الأول بطيران f16 جيل رابع والنتيجة كانت مأساوية بسقوط طيرانها ، عدّلت الخطة فورا بدخول ال f35 المعروفة كأحدث طائرات (الجيل الخامس) ولكن ليس الدخول عبر الأجواء السورية بل الطيران في أجواء لبنان وإسرائيل ثم إرسال صواريخ الجو أرض من مسافة بعيدة لاحتمالية كشف أنظمة سوريا الدفاعية طيران الجيل الخامس ولو 1%

خامسا: طيران جيل خامس يعني (مخفي) عن الرادار، ولا يوجد منه في العالم سوى 5 أنواع ، ثلاثة منهم أمريكيين وواحدة روسية والأخرى صينية، وكل هذه الأنواع محظور بيعها لعامل الردع والتفوق اللي اقصده، إن استحداث أنظمة الدفاع الجوي حيّد كل طيران العالم الآن عن المعارك باستثناء اللي عنده قدرة على الاختفاء.

سادسا: تزويد أمريكا لإسرائيل بالإف 35 كان باتفاق ثنائي منذ السبعينات بضمان تفوق إسرائيل الجوي على العرب، ولا زال هذا التفوق ساريا..وبموافقة الروس والصينيين.

سابعا: الجيش السوري ليصد هجمات إسرائيل استعمل صواريخ "صياد" الإيرانية و " s200" الروسية، ونجح بشكل كبير في صد الهجمات وهذا عزز مخاوف إسرائيل أكثر بظهور الإف 35 على شاشات رادار سوريا، اللي الطيارة مصممة بالأصل عشان ماتظهرش .

ثامنا: حادثتي كشمير وسوريا دليل مؤكد إن السلاح الجوي لم يعد سلاح ردع ولا يمثل أي إضافة لقوة الجيوش، وأي صفقات سلاح لشراء طيران جيل ثالث أو رابع هي أموال مفقودة يجب إنها تُستثمر في إنشاء سلاح ردع آخر اللي بتصنعه دول كتير دلوقتي وهو (الحرب الألكترونية) أو (برامج الصواريخ).

تاسعا: سوريا بتشتري طيارات سوخوي جديدة وكذلك مصر..هذه أموال مفقودة..أي نظام دفاع جوي متقدم زي الباتريوت الإسرائيلي والإس الروسي أخرجهم من معادلات القوة، وأصبح وجودهم في سلاح الجو (مجرد استعراض)

عاشراً وأخيرا: معايير قوة الجيوش الحقيقية الآن لم تعد بعدد قطعاتها العسكرية..هذه مجرد أرقام لا تمثل شئ والدليل السعودية صاحبة أكبر إنفاق عسكري في العالَم مهزومة من جماعة صغيرة مسلحة على الحدود اليمنية وكتائبها تسقط ومواقعها الحيوية تُصوّر يوميا للاستهداف دون وجود أي حماية..(راجع تقرير الحوثيين الأخير بتصوير مواقع حيوية في الرياض وجدة ومدن أخرى) ووضعها ضمن خطط هجوم مستقبلية.

القوة الحقيقية الآن للجيوش في التكنولوجيا وبرامج الصواريخ والحرب الألكترونية، من فترة ظهور خبر عن تحكم الروس في دوائر صنع وتوجيه بعض الأسلحة الأمريكية ولو صح هذا الخبر فأي حرب قادمة بين الدولتين معناها تعطل كل أسلحة أمريكا برغم قوتها النوعية..ومن شهرين أيضا نجحت إيران في توجيه طائرة بدون طيار أمريكية وإنزالها بسلام وصناعة نسخة معدلة منها في ظرف شهر واحد ظهرت في معرض منذ أيام.

القدرة التكنولوجية على الحرب صارت هي الأقوى وعامل الردع الحقيقي، وبرامج صواريخ الباليست أو الجوال أو طيران الجيل الخامس..عدا ذلك فكل قطعة عسكرية أصبحت (خردة) وأي إنفاق عسكري عليها مجرد استعراض شكلي ربما يُصدَم شعبها بسقوطه في أول معركة جادة، واللي في تقديري إن أول تلك المعارك سُتغير جميع صفقات السلاح وكافة استراتيجيات الحروب كما غيرت حرب 73 خطط حروب الدبابات واعتماد الدول على الصواريخ بعيدة المدى لأول مرة في التاريخ.