المعايير الحاكمة لتعديل الدستور ورؤيتنا فيه
الدكتور عادل عامر
إن من أهم ميزات القواعد الدستورية هو ثباتها، وهذا الثبات نسبي لأن إطلاقه يتجافى والمنطق والتطور، فهو يقتصر على ضرورة مراعاة إتباع إجراءات خاصة عند تعديلها، بما يكفل استقرار الدستور وعدم جعله وسيلة في يد الحكام يفسرنه حسب مقاسهم تبعاً لأهوائهم ونزواتهم الشخصية، إذن هذه النتيجة تعني أنه لا يمكن تعديل أو إلغاء القوانين الدستورية إلا بقوانين لها ذات الدرجة والمرتبة غير أن هذه القاعدة لا تطبق إلا في السلم.
أما في حالة الحرب فالرئيس الجمهورية بصفته قائد الأمة الحق في تجميد الدستور والعمل بالأحكام العرفية. كما أن طول ثبات القواعد الدستورية تعكس مدى تحضر الدولة وقدمها في الديمقراطية.
ان الدستور باعتباره تجسيدا لإرادة الأمة في كيفية تنظيميها و تسير مؤسستها والمنظم للوفاق بين الحرية و السلطة داخل المجتمع من جهة، وبصفته القانون الأساسي في الدولة من جهة أخرى، فهو يحتل المرتبة الأولى في قوانين الدولة التي عليها الالتزام و التقيد بما ورد فيه من أحكام، وبذلك يتحقق تطبيق مبدأ الشرعية، الذي يعني خضوع الحكام و المحكومين لقواعد الدستور وهذا يعني التقيد بمبدأ تدرج القوانين، حيث يخضع التشريع الأدنى للتشريع الأعلى منه درجة، وبالتالي لا يجب أن يتعارض قانون عادي مع أحكام الدستور أي أن تكون القوانين الصادرة في الدولة منسجمة مع أحكامه.
فالدستور في صورته المبسطة هو اتفاق جماعة على تنظيم شؤونها وفق نمط معين في إطار الدولة، والقول بهذا التدرج يستتبع ضرورة التفرقة بين القانون الدستوري والقانون العادي سواء من ناحية الموضوع أو من ناحية الشكل.
فمن ناحية الموضوع نجد أن الدستور هو مصدر كل النشاطات القانونية في الدولة حيث تتحدد السلطات العمومية واختصاصاتها والتي عليها الالتزام بما هو وارد في الدستور.
أما من ناحية الشكل فإن الدستور لا يمكن تعديله إلا بإتباع إجراءات خاصة تختلف عن تلك الإجراءات المتبعة في تعديل القوانين العادية.
بالتالي فإن الدستور يسمو على جميع القوانين والتنظيمات داخل الدولة الواحدة، إذ أن المعاهدات والاتفاقيات التي تصادق عليها الدولة يجب أن تنسجم مع أحكام الدستور والقوانين والتنظيمات التي تسنها مختلف أجهزة الدولة يجب أن لا تتعارض مع أحكام الدستور، وهذا ما يصطلح عليه بدستورية القوانين والمعاهدات فالرقابة على دستورية القوانين تعتبر إحدى الضمانات الأساسية لحماية الدستور وضمان احترام القوانين داخل نفس المجتمع.
فما هي أهم النتائج المترتبة عن سمو الدستور وماذا نعني بحماية الدستور؟ وما هي الآليات التي نراقب من خلالها دستورية القوانين أي الأدوات الضامنة لاحترام التفوق الدستوري على سائر النصوص القانونية الأخرى في الدولة. إننا من خلال هذا المحور الدراسي سنحاول أن نوضح للأستاذ أن النظام القانوني في الدولة يأخذ شكل هرم حيث يخضع التشريع الأدنى للتشريع الأعلى منه درجة، وعلى قمة الهرم نجد الدستور الذي يتميز بالسمو، إذ أن جميع القوانين يجب أن تنسجم مع أحكامه،
وهذا ما يكفل شرعيتها، كما ستوضح للأستاذ أن الرقابة على دستورية القوانين من أهم الوسائل التي تكفل ضمان احترام الدستور. وقد اختلفت الدولة في تحديد وتشكيل الهيئات التي أسندت لها مهمة الرقابة على دستورية القوانين، والصلاحيات المخولة لكل هيئة، فهناك من أنشأت أجهزة خاصة ومستقلة عن السلطات الثلاث مهمتها رقابة دستورية القوانين، وهناك من أوكلت هذه المهمة للسلطة التشريعية والبعض الآخر أوكلها للسلطة القضائية، أما الصنف الأخير فقد أو كلتها إلى مجموعة من الهيئات وليس إلى جهاز واحد فقط.
وهذا ما انتهجته الجزائر حيث تتعدد الجهات التي تتولى مهمة رقابة دستورية القوانين وهي أساساً المجلس الدستوري، القضاء وقد امتنعت العديد من الدول إسناد هذه المهمة للمحاكم، إذ إن دور هذه الأخيرة هو تطبيق القوانين ولا يمتد للرقابة على أعمال الهيئات الأخرى، والحكم على القوانين بأنها خاطئة أو صحيحة.
الديمقراطية النيابية
تمتاز السلطة كعنصر من عناصر الدولة بانها اصيلة من سلطات اخري وانما السلطات الأخرى هي التي تنبع منها كذلك فان هذه السلطة هي سلطة ذات اختصاص عام يشمل كافة جوانب الحياة داخل الدولة بخلاف بقية السلطات الأخرى التي تنظم جانبا معينا من حياة الأشخاص فالنظام النيابي (الديمقراطية النيابية)
تقوم على اختيار الشعب للممثلية الذين يمارسون السلطة نيابة عنه لفترة محددة دون حق هذا الشعب في ممارسة شؤون السلطة او المشاركة فيها فدوره اذن يقتصر على مجرد اختيار بعض النواب الذين يستقلون تماما عن الشعب في مباشرة السلطة الامرة إذا كانت السلطة الامرة العليا في الدولة للشخصي الجماعي الواحد ولا يجوز تجزئتها على الافراد فانة يستحيل علي افراد الشعب ممارسة شؤون السلطة او الادعاء بوجود حق لهم في ذلك وعلي هذا فاختيار النواب الممثلين لهذا المجموع لا يعد حق للأفراد بقدر ما هو وظيفه يحتمان اختيار الاصلح لممارسة شؤونهم .
مادام الاختيار طبقا لسيدة الامة مجرد وظيفة وواجب الاختيار للأصلح فان للامة ان تحدد الشروط اللازم توافرها في هيئة الناخبين لضمان حسن الاختيار عن سيقومون بممارسة السلطة هذه. لا يوجد الأن شيء اسمه حاليا نظام برلماني أو رئاسي ولكن أن يتم الخلط بين النظامين في المرحلة القادمة هو الأفضل لتحقيق التوازن، حيث لا يكون لدينا رئيس منفرد بالسلطات أو برلمان كذلك إنما يجب أن تكون الصلاحيات موزعة بشكل يحمي الشعب سواء كان برلمانيا أو رئاسيا.
الاخذ بنظام المجلسين
تقوم نظرية سيادة الامة على اعتبار ان الامة وحدة دائمة مجردة ومستقلة على افرادها ان الامة وحدة دائمة مجردة ومستقلة عن افرادها وهي بهذا المعني دائمة مجردة ومستقلة عن افرادها وهي بهذا المعني لا تقتصر على جيل معين او فترة زمنية معينة وانما يمتد لعبر عن هذا المجموع عن ماضية وحاضرة ومستقبلة هذا المعني ليس نظريا فحسب بل يظهر في الواقع في بعض الأنظمة السياسية والدستور التي تأخذ في تشكيلها للبرلمان بنظام المجلسين مجلس تمثل فيه الاتجاهات المحافظة والثاني الاتجاهات المندفعة او المجددة.
مازال أنصار نظام المجلس الواحد الفردي يدافعون عنه ويبررون الاخذ به لما يتمتع به من مزايا يرونها فيما يلي: -
1- يتطلب مبدأ سيادة الامه الاخذ بنظام الواحد لما يتطلبه من وحدة السيادة وعدم جواز تجزئتها بين مجلسين الا اننا نري ان نظام المجلس الواحد اكثر اتفاقا مع مبدأ سيادة الشعب هذا الشعب يمثله الجيل الحاضر فقط والذي ينتخب ممثلية ونوابه في هذا المجلس وبهذا فإننا نري عكس ما يذهب الية بعض الفقه بان نظام المجلس الواحد يتفق مع مبدا سيادة الامة لان مبدأ سيادة الامة اكثر انسجاما مع نظام المجلسين وليس نظام المجلس الواحد كما يراه البعض يقصد بنظام المجلسين ان تناط السلطة التشريعية بمجلسين حيث يشتركان هذا المجلسان في تولي مهمة التشريع بشكل رئيسي للانة ينفرد احدهما أحيانا في مهام اخرين من مهام السلطة التشريعية ولعل اهم ما يبرر تمييز الدساتير بين العمر المطلوب من عضو مجلس النواب وعضو مجلس الشيوخ هو ان الأول عادة ما ينثل الشباب والحركة
بينما الثاني يمثل الاتزان والهدوء وكل من مجلسين تتجسد مغايرة بين المجلسين فغالبا ما تكون مدة المجلس الأعلى أطول من مدة العضوية في المجلس الأدنى وسبب هذه المغايرة هو ان قصر مدة العضوية في المجلس الأدنى يتيح للشعب القدرة على استكمال حقة في الرقابة على اعضاء المجلس بانتخاب من كان نائبا جيدا وعدم انتخاب من لم يكن كذلك وبالتالي يبقي المجلس الأدنى الممثل الشعبي الحقيقي للأفراد الشعب
اما طول مدة عضوية المجلس الأعلى فهي منسجمة مع الرغبة في إبقاء الكفايات البرلمانية والهدوء والاستقرار لهذا المجلس ومن صور المغايرة بين المجلسين من حيث مدة العضوية ما تذهب الية الدساتير في الغالب بالانتخاب الكلي للأعضاء المجلس الأدنى بعد انتهاء مدته او حلة بينما يتم التجديد النصفي او الثلثي للأعضاء المجلس الأعلى في فترات متعاقبة تحددها الدساتير
2- يعمل نظام المجلسين الي رفع مستوي الكفاية في البرلمان فالانتخاب يؤدي الي وصول عامة الشعب الي البرلمان بغض النظر عن مستواهم او كفاءاتهم اما طريقه تكوين المجلس الاخر فتؤدي الي سد النقص في هذه الكفاءات والخبرات يؤدي نظام المجلسين الي جعل البرلمان اكثر تمثيلا للراي العام باتجاهاته المختلفة من اليسار المتحرر الي اليمين المحافظ ومن الشباب المتحمس الي الشيوخ الهادئ المتزن فاذا كان المجلس الأدنى المنتخب يمثل في اغلب الأحوال الشباب المندفع الجريء المتحمس فان طبيعة وتكوين المجلس الأعلى ليمثل عادة الطبقة الارستقراطية المتميزة بشفافيتها وعلمها وكفاءتها
ومن مجموع أعضاء المجلسين يمثل الراي العام بتكوينه الصحيح يؤدي نظام المجلسين الي الاجادة التشريعية وتجنب الخطأ في التشريع فان المجلس الاخر لن يوافقه على الصواب قد يأتي الخطأ في التشريع بسبب التسرع فيه او بسبب الشيلية الحزبية او مصلحة خاصة او عاطفة عارمة دون اعتبار للمصلحة العامة ولذلك يأتي دور المجلس الاخر ليمنع أي خطا او انحراف في السلطة التشريعية ولذلك قيل نظام المجلسين يعتبر بمثابة المرشح الذي لا يترك مشاريع القوانيين تمر الا بعد ترشحها من كافة الشوائب
3- يعمل نظام المجلسين الي منع استبداد البرلمانات وذلك بالتخفيف من شدة الحماس البرلماني وضمان استقرار الحالة المعنوية للأعضاء فاذا كانت البرلمانات الحديثة قد اتهمت بالاستبدادية والتعسف في استعمال سلطاتها والإفتات على حقوق السلطات الأخرى
4- فان نظام المجلسين يعمل علي تلافي كافة هذه الاتهامات والانتقادات وذلك لما يقوم به كل مجلس ضمن صلاحياته واختصاصاته التي يحددها الدستور
الانتخاب حق لا وظيفة
مادام ان لكل فرد من افراد الشعب السياسي حسب مبدأ سيادة الشعب جزءا من السيادة فانة يكون لكل منهم الحق في مباشرة حقوقه السياسية ومنها الانتخاب لذلك يعتبر الانتخابات طبقا لمبدأ سيادة الشعب حقا وليس وظيفة للان أهمية المجالس النيابية التي تشكل بالانتخاب تقل بسبب المشاركة السياسية المباشرة من افراد الشعب.
مجلس الدولة
اما مجلس الدولة الذي يعتبر ثمرة تجربه طويله وعميقه في مجال رقابة القضاء المتخصص والمستقل على الإدارة فكان ومازال صرحا شامخا لاهم مقومات الدولة القانونية وضمان عدم مخالفة الإدارة للقانون. خاصة مع صدور قانونه والدستور 2014 وتحويله الي هيئة قضائية مستقلة ذي ولاية عامة في المنازعات الإدارية. مجلس الدولة جهة قضائية مستقلة يختص دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى الإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها القانون ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية التي تحال إليه، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
انتخاب رئيس الجمهورية بواسطة الشعب ومدد الرئاسة
بالرغم من ديمقراطية هذه الطريقة في انتخاب رئيس الجمهورية الا انه يعاب على هذه الطريقة في انها قد تؤدي الي استئثار الرئيس بالسلطة شعورا منه بأنه منتخب من الشعب كله ومتمتع بتأثير شعبي كبير وهذا بدوره يرفعه الي محاربة البرلمان والاعتداء على سلطاته.
لذلك مبدأ تداول المنصب لمدتين أدت الي القضاء على هذه الخاصية التي ثبت من التجارب السابقة فعندها تكون مدة الرئيس محددة بمدتين ولا يجوز انتخابه بعدها ست سنوات الأمثل في التطبيق) حتى يعطي الرئيس الفرصة الكاملة لتطبيق برنامجه يؤدي الي توازن بين سلطات الدولة ولا تجور سلطة على سلطة اخري ما دام لا ابدية في السلطة.
خضوع الدولة للقانون
الخضوع للقانون لا يعني وحدة القانون المطبق على الجميع سواء كان حاكما ام محكوما بل يعني تطبيق القواعد القانونية تبعا لموضوعها ومرتبتها.
فموضوع القاعدة القانونية يختلف باختلاف العلاقة التي تحكمها تلك القاعدة فهناك قواعد قانونية تحكم السلطة التشريعية واخري تحكم السلطة التنفيذية واخري تحكم السلطة القضائية وكلها قواعد قانونية ملزمة مثلما القاعدة القانونية العادية لا يميزها عن بعضها البعض الا مدي امريتها او عدم امريتها القاعدة التكميلية من ناحية او كونها قواعد عامة او قواعد خاصة. ان خضوع الحكومة للقانون لا يعني حرمان تلك الحكومة من حقها في تعديل او الغاء القانون بل ان سلطة الغاء او تعديل او الغاء القانون بل ان سلطة الغاء او تعديل القوانين واجب على الحكومة حينما تشعر بان تلك القوانين لم تعد تحقق الصالح العام للان الخضوع للقانون يعني احترام وتطبيق القانون طالما كان مطبقا.
اما الغاء القوانين او تعديلها فهو جائز طالما اتبعت الحكومة الأصول والإجراءات المنصوص عليها في الدستور او القانون الأساسي كما يسمي في بعض الدول.
ان الحكومة القانونية او خضوع الحكومة للقانون لا يتنافى مع مبدأ سيادة الدولة طالما ان القانون الذي تخضع له الحكومة غير مفروض عليها من سلطة اجنبية وانما هو من صنعها ومن صميم ارادتها ولذلك فان اغلب الفقه يؤكد دائما بانة لا يوجد تعارض مع فكرة السيادة وخضوع الدولة للقانون.
لقد كان خضوع الحكومة للقانون محل اهتمام الفقه القانوني باستمرار وذلك لما يمثله هذا المبدأ من ضمانه هامة وحقيقية لحقوق الانسان والحريات العامة للأفراد.
ان احترام مبدأ خضوع الحكومة القانونية واستمرار مفهوم الحكومة القانونية يتطلب باستمرار المحافظة على مبدأ الفصل بين السلطات والاخذ بالرقابة على دستورية القوانيين والقرارات الإدارية فتلك هي المقومات الرئيسية لمفهوم الحكومة القانونية واسس لازمة وضرورية لبناء الديمقراطية وضمان استمراريتها.
الحكومة الديمقراطية
الحكومة الديمقراطية هي الحكومة التي يستند فيها مصدر السلطة الي الشعب فالشعب في هذه الصورة من الحكومات هو مصدر السيادة والسلطان وهو صاحب السلطة الحقيقية فالحكومة الديمقراطية لا تظهر لنا في أنظمة الحكم الجمهوري بل يمكن ان تطبق كذلك في أنظمة الحكم الملكي فالقول بأن دولة من الدول هي ديمقراطية وان نظام الحكم فيها يقوم على مبدأ سيادة الامة انما هو تعبير عن فكرة واحدة ولكن من ناحتين مختلفين او ان الديمقراطية ومبدأ سيادة الامة وجهان لعملة واحدة.
فحيث تكون الديمقراطية تعبيرا عن النظام السياسي فان سيادة الامة يكون التعبير القانوني الا ان المفهوم الاقتصادي واثرة المطلق في توجيه كل العلاقات الإنسانية والاجتماعية قد انحسر مع فقدان الشعوب الثقة به وميلهم الي تبني مفهوما اجتماعيا للعلاقات الإنسانية والسياسية يقوم على مجتمع الكفاية والمساواة والعدالة والحرية هذا المجتمع لن يقوم الا على الوسطية في تعامل الدولة مع الفرد فالدولة مطلوب منها ان تتدخل في شؤون الفرد ولكن دون مغالاة فيتحقق عنصر التوازن بين مصلحة الجماعية ومصلحة الفرد في ان واحد هذا التوازن نجده في اطار للمذهب الاجتماعي او التداخلي الذي ساد اغلب الدساتير العالمية المعاصرة فاصفي علي الديمقراطية معني اجتماعيا اخر .
نظام تمثيل المصالح والمهن
ان نظام تمثيل المصالح والمهن ليس نظاما جديدا او ظاهرة جديدة كما يبدو للبعض ولكنة ظهر وظيفة في كثير من الأنظمة السياسية القديمة بإشكال مختلفة كانت في الغالب تقوم على تمييز بعض الفئات الشعبية والطبقان الاجتماعية.
فلأول مرة يضمن الدستور المصري مساواة كاملة للنساء والرجال ويشمل تجريم واضح للعنف ضد النساء وأحقية النساء في تولي جميع المناصب منها القضائية ونظام انتخابي واضح يضمن للنساء المشاركة بأطر تمييز إيجابية في المحليات بنسبة 25% وإقرار مفوضية لمناهضة التمييز. كما أتي الدستور بمواد تضع حقوق النساء في مساحة يمكن النقاش والمطالبة بتحقيقها طوال الوقت. لا يتطلب النظام النيابي البرلماني ان يكون البرلمان ممثلا لكافة الطبقات والمصالح والمهن منفردة ومتميزة فالنائب في النظام النيابي يجب ان يمثل الامة بكاملها لا طبقة او مهنة واجبة العمل لخدمة الصالح العام الا الصالح الخاصة او طبقة او حرفة معينة لذلك قبل بأن نظام المصالح والمهن الي التنافس والتناحر بين نواب وممثلي لكل مهنه في البرلمان مما يؤدي الي ضياع مفهوم المصلحة العامة بين التفسيرات المختلفة لمختلف الاتجاهات والانقسامات التي يخلقها هذا النظام نظام تمثيل المصالح والمهن لا يضمن اختيار الكفاءات لتمثيل مختلف فئات الشعب في البرلمان إن حقوق النساء الرمزية لا يمكن أن تكون بديلا عن مشاركتهن الفعلية كجزء فاعل وأساسي من تجربة ديمقراطية تعددية حقيقية تؤمن بوجود بدائل وأصوات عديدة من بين النساء وتنطلق من إيمان حقيقي بقيم المساواة والحرية والتعددية للنساء والرجال معًا. للان الاختيار هنا لا يستند في اغلب الأحوال الي عنصر الكفاءة والإخلاص بقدر ما يسند الي عنصري العاطفة والعلاقة الشخصية
ولذلك فان الرأي القائل بان نظام تمثيل المصالح يؤدي الي دخول الكفاءات الي البرلمان يبقي ضعيفا ومشكوكا في صحته إذا كان نظام تمثيل المصالح والمهن سيخلص البلاد من سيطرة الأحزاب السياسية ويجنب الشعب خطرها واستبدادها فانة يحل مكانها خطر واستبداد النقابات هذا الخطر والاستبداد اشد وأعمق للانة كما قيل أقرب مسافة من الافراد.
والحقيقة ان مساوئ نظام تمثيل المصالح والمهن تفوق مزاياه ولذلك فإننا نجد ان اغلب الدول الديمقراطية لم تأخذ بهذا النظام مكتفية بإنشاء مجالس متخصصة ذات وظيفة استشارية تمد السلطات العامة في الدول بمختلف الاستشارات العلمية والفنية التي تساعد هذه السلطات على القيام بأعمالها المختلفة.
كان من الواجب على البرلمان الحالي أن يعمل على إصدار تشريع يضمن تمثيل الفئات المذكورة في المادة 180 من الشباب والعمال والفلاحين وذوي الإعاقة وتخصيص ربع المقاعد للنساء في المجالس المحلية بمصر، واعتماد مبدأ اللامركزية في قانون الإدارة المحلية والانتخاب على أساسه في المساهمة كأداة للقضاء على الفساد وتوسيع فرص مشاركة المواطنين في صنع القرارات، وإشراكهم في إعداد الخطة والموازنة على المستوى المحلى الخطة والموازنة التشاركية المستجيبة للنوع، وهو ركيزة أساسية في الحكم الديمقراطي التي كان سوف يدعم النساء ويثقل خبراتهن ويجعلهن منخرطات بشكل أفضل في المجال العام من خلال الحكم اللامركزي للمحليات وفهم كيفية إدارة المحليات بكفاءة، وهو ما لم يحدث لعدم إقرار القانون الخاص بالإدارات المحلية.
التعددية الحزبية وأثرها على الأنظمة السياسية النيابية
المعني العام للتعددية الحزبية هي الحرية الحزبية. بمعني ان يعطي أي تجمع ولو بشروط معينة – الحق في التعبير عن نفسه ومخاطبة الراي العام بصورة مباشرة على ضوء التناقضات التي يحتويها كل مجتمع من المجتمعات السياسية ليتم من خلاله الوصول الي السلطة او المشاركة فيها اما المعني الخاص للتعددية الحزبية فهو الذي يشير الي وجود ثلاثة أحزاب فاكثر كل منها قادر علي المنافسة السياسية والتأثير علي الراي العام من خلال تنظيم ثابت ودائم يكسبها قوة واستقرارا ويميزها عن غيرها من التجمعات المائعة وغير الثانية التي كثيرا ما وجدناها في دول اوروبا الوسطي 1919- 1939 مازالت قائمة في اغلب دول اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية
وبالتالي فاذا كانت التعددية الحزبية تعكس التناقضات السياسية والاجتماعية والاقتصادية فإنها أيضا تري ان حل أي مشكلة ناتجة عن ذلك لا يكون الا من خلال تقابل المصالح والأيدولوجيات التي تقودها تنظيمات ثابته قادرة على المنافسة السياسية الذي يسود فيه فيطبعه بطابع معين يختلف فيه على الأنظمة التي تسود فيها الثنائية الحزبية ومن باب اولي نظام الحزب الواحد كل ذلك يبدو واضحا على العلاقة بين السلطات
ومبدأ الفصل بينها تبقي الأحزاب السياسية في إطار المشروعية العامة مادامت تؤدي أدوارها داخل الصالح العام المنظم بالقوانين واللوائح والقرارات والتي يفترض فيها ابدا لاحتياجات الافراد ومعبرة عن امال الرأي العام.
ان الأحزاب السياسية بمثل ما تعبر عن الرأي العام فهي وليدته ولذلك يجب ان تستغل لخدمته والتعبير عنه لا ان تصبح أداة للعبث بالعقول او ان تكون هدفها تعميق الخلافات والتفرقة بين الاتجاهات لذلك فمادامت الأحزاب تؤدي دورها ضمن مبدأ المشروعية والصالح العام فإنها تبقي مثالية بعيدة عن النقد وهذا هو الوضع العادي لما يجب ان تكون عليه هذه المؤسسات وانحراف الأحزاب السياسية لا يعني مخالفة النظام العام للان الأحزاب مبررات للوجود وممارسة التعبير عن الراي واجتذاب الاتجاهات وتعميق مفهوم التفكير المشترك عن الجماهير من خلال ايدولوجية معينة في اغلب الأحيان فإنها أغفل الحزب هذه المفاهيم والواجبات وتعدي حدود هذه الايدولوجية لا يعتبر منحرفا فحسب بل غير مشروع.
الأنظمة الحزبية في العالم المعاصر لا تتعددي ثلاثة أحزاب وهي نظام الحزب الواحد، نظام الحزبين او كما تطلق علية أحيانا نظام الثنائية الحزبية وأخيرا نظام الأحزاب المتعددة او نظام التعدد الحزبي فالمعارضة في النظام الحزبي الثنائي وبرغم ضخامة وقوة جهازها في مواجهة الحزب الواحد الا انها تتخذ طابع الاعتدال في النقد والاستعداد لتقديم البدائل الواضحة التي تري انها قادرة على القيام بتنفيذها في المستقبل فيما لو تسلمت زمام الحكم. اما في نظام التعدد الحزبي فالحال ينعكس تماما حيث لا تري المعارضة أي حرج او شعور بالمسئولية امام الرأي العام فيما لو قصرت في تنفيذ الوعود التي قطعتها على مجموع الناخبين اثناء انتقاداتها للحزب او لأحزاب الحاكمة.
ان نظام الحكم في الدولة هو قلب القانون الدستوري ومركز الثقل فيه ونظام الحكم لأي دوله ما هو الا بيان لسلطات هذه الدولة وعلاقاتها مع بعضها البعض هذه العلاقات هي علاقات وظيفية استنادا الي مبدأ فصل السلطات فمبدأ فصل السلطات لا يعني فصلا وظيفيا تاما بقدر ما يعني توزيعا لهذه الوظائف على هيئات مختلفة ومستقلة عن بعضها البعض وهي الهيئة (السلطة) التشريعية والتنفيذية والسلطة القضائية.
وهكذا نقول ان أسلوب الاستفتاء الشعبي في نشأة يبقي الأسلوب الحقيقي للممارسة الديمقراطية المباشرة من قبل الشعب وتقريره للمبادئ الرئيسية التي يريدها ثوابت لحياة أفراده في كافة جوانبها اما ما يعتدي هذا الأسلوب من عيوب وانتقادات فيمكن تلافيها اذا احسن تطبيق الاستفتاء الشرعي لكافة القوانيين والقرارات التي تحفظ للنظام السياسي بقاءه وتوفر له المنفعة والاستقرار والتقدم وبما ان أسلوب الاستفتاء الشعبي يعني إعطاء كل فرد من افراد الشعب السياسي القدرة علي القول نعم ام لا او موافق او غير موافق علي مشروع دستور معروض او تديل دستور قائم علي الشعب للاستفتاء
فان هذا الأسلوب يتلاءم تماما مع مبدأ سيادة الشعب ومبدأ سيادة الشعب يعني انه إذا كانت السيادة للجماعة فان الجماعة تعني مجموع الافراد ليس الوحدة المستعملة عن هؤلاء الافراد المكونين لها كما يفهم من سيادة الامة فالسيادة وفقا لمبدأ سيادة الشعب تتجزأ وتنقسم على عدد افراد الجماعة السياسية او كما تسمي بالشعب السياسي ونظرا لما يمتاز به مبدأ سيادة الشعب وما يترتب علية من نتائج تتقارب مع المفهوم الديمقراطي السليم فقد تبته بعض الدساتير الفرنسية والعربية.
نعني بحماية الدستور خضوع جميع النصوص والقواعد والأحكام له، والتي تقل عنه درجة، فهذه الحماية تجعل تصرفات السلطات منسجمة مع أحكام الدستور، وتدعيم المشروعية في الدولة بحيث أي تصرف مخالف للقانون صادر عن السلطات الحكومية يجب اعتباره مجرداً من القيمة القانونية.