معارضة لقصيدة شاعر النيل حافظ إبراهيم التي يقول فيها:
(كم ذا يكابد عاشق ويلاقي .. في حب مصر كثيرة العشاق)
***
عشق الكنانة
شعر
صبري الصبري
***
(كم ذا يكابد عاشق ويلاقي)
(في حب مصر كثيرة العشاقِ)

ويغالب الأشواق قلبٌ حاضرٌ
أو غائبٌ بصبابة المشتاقِ

فهي الحبيبة للقلوب توسمت
فيها النفوس الأنس باستحقاقِ

وتفيأت فيها الأنام مراتعا
فاضت بها بالنابع الرقراقِ

يحلو لكل الطيبين رحابها
ويطيب بالحسن البديع الراقي

من حل فيها كان منها .. مسعدا
يحيا بأمن المغرم التوَّاقِ

يهنى بأفياء الكنانة ناعما
مسترسلا بمسرة وفواقِ

مستمتعا بجمالها وجلالها
مستغرقا بفخامة استغراقِ

أحبابها كُثْرٌ بشدو ناطق
بلسان حب طيب مصداقِ

لهمُ قصائد مدحها من أبحر
للشعر تجرى في حمى الآفاقِ

ويلوح كالشمس المضيئة حبها
بنهارهم ومساءهم بوفاقِ

وبليلهم سهد التألق ينبري
فيها ببدر ساطع برَّاقِ

فالكل فيها بالحفاوة صاحب
للدار يحيا في أمان تلاقي

يأوي إليها العاشقون بلهفة
وتقرب وتشوق وعناقِ

ما ردت المشتاق يوما أو رمت
من جاءها بتجاهل الأحداقِ

أو عنَّفَتْ ضيفا أتاها لاجئا
فهو المكرم وافر الإغداقِ

وبرغم ذلك كم تعاني مصرنا
من جاحد مستكبر أفَّاقِ

من داخل أو خارج مسترسل
بعداوة بتبجح ونفاقِ

شنوا عليها ترهات ضلالهم
وظلامهم بتعنت الفساقِ

ظنوا الحبيبة مصرنا نهبا لهم
كم أسرفوا في الغي والإزهاقِ

وتعمدوا إيذائها بتجبر
بجرائم التمزيق والإحراقِ

بتهتك وتحالف بخيانة
عظمى بسوء مسالك وشقاقِ

باسم التحرر مزقوها إنهم
صاحوا بها بمساوئ الأبواقِ

راموا الحبيبة بالقيود أسيرة
جهرا تباع بأخسر الأسواقِ

لكنها تأبى الخضوع لعصبة
ضلت بها الأهواء باسترقاقِ

والشعب فيها بانطلاق عزيمة
صان البلاد بأحسن الأخلاقِ

والجيش يحفظ للكنانة أرضها
ببسالة في أوثق استوثاقِ

يرعى عهودا باتساق بطولة
بالعهد والأيمان والميثاقِ

بجسارة الأخيار يحمون الحمى
بحراسة محمودة الإطباقِ

بتآلف للكل كان سياقها
أنعم بأجمل موقف وسياقِ

والأزهر المبرور حصن سماحة
مبثوثة بعذوبة لمساقي

وأنار للعصر الحديث طريقه
بضيائه النضر السميح الواقي

أهدى الأنام طريقة وسطية
من فيض شرع الواحد الرزاقِ

وبسنة الهادي البشير المصطفى
خير الأنام مطهر الأعراقِ

من زار (سيناء) الحبيبة فانتشت
(مصرٌ) به وعلوِّه بطباقِ

واستقبلت نور الشريعة واستقت
منها الهدى بمحبة للساقي

ولآل بيت المصطفى بمودة
دامت لهم بحفاوة المتلاقِ

ولكل أصحاب الحبيب المجتبى
بالحب فاض بمهجة الخفاقِ

فلـ(مصر) باعٌ في المحاسن طيبٌ
دارت موارده بخير سواقي

قامت على قدم الإخاء أصوله
في (مصر) فانظر روعة للساقِ

وثماره فاضت ببسط عطائه
للعالمين بوفرة الإغداقِ

ومذاقه للناس يحلو أينما
حلوا أتاهم مستطاب مذاقِ

وبدت إمارات السعادة تنبري
فيهم بحس مفعم ذوَّاقِ

يا ميرة الدهر القديم تدفقت
فيك المواهب فخمة الأطباقِ

جاؤوا إليك فأكرمتهم مصرنا
بمزيد فضل نابع دفَّاقِ

من حلَّ فيها نال منها المشتهى
برحابة ممدودة الأعناقِ

تعطي بلا مَنٍّ بصدق تعاطف
وتكافل لأباعد ورفاقِ

حتى وإن كانت بجهد موغل
في الحادثات بكبوة الإملاقِ

تسدي بشاشتها بأسمى بسمة
بصفاء وجه دافق الإشراقِ

ردت إساءة من أساء بعفوها
عمن تسربل في ردا الإخفاقِ

وهي الصبورة في أوجِّ نقائها
تخفى المواجع في حشا الأعماقِ

راموا مرابعها النضيرة مرتعا
لغوائل الإرهاب والسُّراقِ

فهوى الذين تجبروا واستكبروا
في قاع ذل موحل الإغراقِ

وسمت حبيبة خافقي بسموها
ترقى مراقيها بعز تراقي

يا (حافظ) الميثاق إنك شاعرٌ
فحلٌ سطرتم أفصح الأوراقِ

هلت خريدة بوحكم واستفتحت
قلبي فنالت منتهى استغراقي

فكتبتها في عصر عولمة سرى
فيه التواصل دونما إغلاقِ

عذرا فإني إذ سطرت قصيدتي
تلميذكم في الشعر والأشواقِ

ولكم نفائس بوحكم وأميرنا
(شوقي) الهمام بقدره العملاقِ

يا شاعر النيل الجميل منحتنا
شعرا جميل الشدو كالترياق

عشق الكنانة قد ألَمَّ بمهجتي
فشدوت شدو السادة العشاقِ

صلى الإله على النبي وآله
طه حبيب المستعان الباقي !