واقعنا اليوم :التربية والتعليم .. العوائق والآمال 01


الأستاذ محرز شلبي
إن تربية النشء على القيم السامية واحترام الآخرين وغرس القيمة الأصيلة فيه هي أساس العملية التعليمية..
لذلك تأتى أهمية التربية قبل التعليم وبعدها يأتي نقل المعلومات الثقافية إلى الطلاب.
هناك علاقة وطيدة وحميمة بين التربية والتعليم فلا تصلح واحده دون الأخرى فمن أسوأ ما وصلت إليه مدارسنا الآن فصلها بين التربية والتعليم و ينبغى أن توجه جهود الآباء لتعليم الأبناء دروس الدين المختلفة من قران وسنه وتوحيد وفقه وأخلاق في إطار المعاملات المحمودة ، ويختص بهذه التنشئة الأم خاصة إذ عليها واجبات دينيه ودنيويه معا...
يهدف موضوعنا اليوم وما يتبعه إلى مناقشة القضايا التربوية والتعليمية من واقع الميدان، هو موضوع ليس بالأمر الهين مناقشته في عدد من الأسطر، إنما هي محاولة للفت الانتباه كغيري من المهتمين بالشأن التربوي ، حيث تلمست من خلال عقود من العمل الميداني في قطاع التربية والتعليم الثغرات الموجودة ورصدت بوصفي عضوا للمجلس الأعلى للتربية سابقا بعين المحب لوطنه بعض جوانب القصور في المسؤوليات والواجبات. ويعد هذا الموضوع ذا أهمية لكل العاملين في الميدان التربوي والتعليمي من أعلى الهرم الإداري وحتى المعلم والإدارة المدرسية والأولياء والمحيط الاجتماعي ...
نؤكد على أن الميدان التربوي في أمس الحاجة إلى معايشة بمنطقية وموضوعية دون الحاجة إلى أي نوع من المكابرة أو المجاملة أو تزييف الوقائع والحقائق , وإلى ضرورة أن تدرك القيادات التربوية وعلى رأسها وزارة التربية الوطنية أن العملية التربوية لا يمكنها أبدا أن تسير وفق اجتهادات فردية وخطط عمل وتجارب آنية وغير مدروسة ودون خطط واضحة المعالم واستراتيجية ثابتة , كما لا يمكنها أيضا أن تقبل بالحلول المؤقتة أو عمليات التسويف والتباطؤ والمماطلة وترك الأمور والقضايا دون أي تحرك جاد وفعلي ومن خلال وضع الأمور على حقيقتها أمام الجهات المعنية بأمر الوطن...
وأنه ليس من العيب أن نحاكي الواقع بالواقع نفسه وأن نعترف بأخطائنا وبالجوانب السلبية في خططنا وتجاربنا وأوضاعنا التربوية، ولا بد لنا جميعا وخاصة قياداتنا التربوية أن نتعامل بشفافية تامة ووضوح في بيان واقعنا التربوي بسلبياته وإيجابياته، وهذا هو السبيل الأمثل للوصول إلى تبرئة الذمم ووضع النقاط على الحروف أمام كافة الجهات المعنية ، وفتح السبيل لإيجاد الحلول المناسبة النتائج المرجوة وتحقيق الآمال والتطلعات المنشودة...
وليعلم الجميع بأن نجاح التنمية في أي دولة أساسه النظام التعليمي وكفاءته، فعملية بناء الإنسان وتنمية قدراته وبناء منظومة معارفه ومهاراته وقيمه لا تتم إلا من خلال التعليم، فمن يصنع التنمية هو الإنسان الأعلى تأهيلاً وتدريباً على أن يكون التعليم والتأهيل والتدريب متوائمة مع متطلبات التنمية واحتياجاتها، ولتحقيق ذلك نحتاج إلى مراجعات مستمرة لتقييم مسيرة التعليم العام والتعليم الجامعي للوقوف على أوجه الخلل وتطويره وفق المعايير العالمية وحاجة سوق العمل وخطط الدولة، وإشراك القطاعات الأخرى في الدولة كشريك رئيسي في التخطيط والتنفيذ والمتابعة...
مما تقدم ننبه إلى ضرورة الاهتمام بالتعليم وما يصاحبه من أنشطة وفعاليات، فالعملية ليست جامدة فقط ومقتصرة على مناهج دراسية وفق خطة ومعايير دولية وإنما طرق تدريس وأنشطة تربوية وحلقات نقاش علمية تربوية تتداول فيها الفكرة والمعلومة والعلاج والمستجدات التي تحدث في واقع الحياة والمجتمع والمشاركة بدءا من الأسرة إلى بقية الجهات المسئولة...
من المعلوم أنه يوجد في مؤسساتنا التعليمية بمختلف مراحلها مئات الآلاف من الطلبة ، وهذه الشريحة هي الجزء الأكبر من المجتمع وهم المستقبل الواعد والأمل الذي من خلاله يكون التقدم والتطور والاستمرار، والاهتمام بالطالب ورعايته في هذه المراحل يكون بغرس الفكر والقيم والمبادئ الأخلاقية الصحيحة التي تبني وطناً وتحارب الجهل، ويكون ذلك عن طريق البرامج والأنشطة وحلقات النقاش، لذلك كانت هناك دعوات جادة لتلك الحلقات من أجل الإجابة عن سؤال مهم جدا بعنوان «أين نحن من واقعنا التربوي والتعليمي ؟» وواقع المستجدات في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي ، الأمر الذي ينبغي فيه التوعية باستخدامها وضرورة تحصين الطلاب والطالبات من العالم الافتراضي الذي أصبح واقعاً .
أخيرا وليس آخرا ، رأينا فيما سبق من تحليلات وحوارات هنا وهناك لصعوبات التعلم أسبابا متعددة، و من الطبيعي أن يكون العلاج متناسبا مع طبيعة الصعوبة التي يعاني منها الطفل و درجة خطورتها، و من الطبيعي أيضا تظافر الجهود بين مختلف المتدخلين في تربية الطفل من آباء و معلمين و أطباء نفسيين. و عموما، يمكن التخفيف من الآثار المحتملة لصعوبات التعلم من خلال تفعيل التوجيهات والتوصيات المقدمة من خلال كل أنواع جلسات الحوار التربوي المحلية أو الوطنية التي انعقدت عبر مختلف المستويات.