ليس غريبا أن نجد من لا مواقف لهم و لا مبادئ، أولئك الذين اعتادوا على تقديس البشر و تحريك أقلامهم المأجورة في الترويج لهم لغاية في نفس يعقوب، و مارسوا ثقافة التهميش في حق الآخر، كنا نقرأ على صفحات الجرائد اليومية عناوين بالخط الأخضر و بالبنط العريض عن اسم فلان و علاّن و خرجاته و تصريحاته، و وضعوا على رؤوسهم هالة قدسية، فكانوا آلهة يعبدونها، و يقدمون لها القرابين، و كان السذج يهتفون و يصفقون و يهرولون لحضور خطاباتهم في التجمعات الحزبية، (هي خطبات يكتبها أناس آخرون) ، يسمعون أكاذيبهم إلى أن صدقوها و آمنوا بها ، فحولوا إلى فلسفة، بل قرآن يتلى..
"الصّمتُ مَوْتٌ قلها و مُتْ" هذا الشعار الذي رفعته بعض الأبواق و أساءت استعماله ، لأنها تتسم بالسلبية، كانت الجزائر و ما تزال في خطر داهم ، و لكن هؤلاء لم يستبقوا هذا الخطر، و هم يقدسون أسيادهم و يلمعون صورتهم على صفحات الجرائد كمن ينقش تمثالا لزعيم سياسي، و جعلوهم يجولون و يتفسحون كما يتفسح الطاووس في الفردوس، في وقت قزّموا فيه رجالا "وطنيّين" صنعوا مجد الجزائر و ركنوهم في زاوية النسيان، بعضهم رحل تحت صمت رهيب، وعلامات استفهام عريضة تظل تطرح ألف سؤال و سؤال، في مجتمع طبقي رفعوا شعار: "اليوم معك و غدا ضدك كلما وجدت مصلحتي"، هكذا كان موقفهم..، هكذا كانوا يبيعون الكذب ويسوقون الأوهام، و بدلا من أن يبثوا الوعي السياسي لدى المواطن، عملوا على خنق الحريات، و أعلنوا حرب إبادة لكل من يحمل قلبا ينبض بالوطنية و عقلا نيرا يحارب الظلامية..
إلى الذين تحكمهم السلبية فعجزوا على أن يكونوا أحرارا، و جعلوا من اللصوص آلهة تشبه الحرباء تتلوّن وتتغير كل مرة ، فيتغيرون و يتلونون معها كل مرة، طالما المصلحة تقتضي التزام الصّمت اقول لهم: اليوم سقطت آلهتكم و كفر بها الجميع، لم يعد أحد يؤمن بها و يقدسها..، أنتم الذين عبدتم المال و رفعتم اللصوص إلى عليّين، لقد خنتم الأمانة و الوديعة، فماذا انتم فاعلون اليوم، هل يكفي الإعتذار عن "صمتكم" الطويل؟ هاهو الحراك الشعبي ينزع القناع عن الحقيقة المطلقة التي يُخفيها المهيمنون على السلطة و قوّادهم ( الشيّاتبن)، اليوم سقطتم في عقدة الذنب، ذوقوا الخزي و العار ، فهذا ما كسبته أيديكم
هذه رسالتي إلى أولئك الذين حوّلوا المجرم إلى زعيم سياسي، و تكتموا عن جرائمه، أولئك الذين جعلوا من الجرذان أسودا، و من أبناء الشعب قطعانا تقاد بلا راع أمين، رسالتي إلى الذين لم يرسوا المبادئ الثابتة الضرورية للحياة، و تحكّموا في أرزاق الناس و أذلّوهم، أقول لهم: أين كنتم قبل الحراك الشعبي؟ و لماذا سكتم؟ لماذا رضيتم بالفساد حتى عشعش و الإنبطاح؟، اليوم فقط استيقض ضميركم لتكتبوا عن الفساد و أهله، و أنتم الذين كنتم تلمعون صورتهم أمام الرأي العام، اليوم سقطت آلهتكم ..، انزلقت من الأعلى إلى الحضيض، و معها سقطت أقنعتكم و انزلقتم، اليوم لا حاكم و لا قاضي إلا الشّعب، فإلى أين المفرّ؟ - حسبنا الله و نعم الوكيل-

علجية عيش