كهف الأمان

شعر مصطفى الزايد

أدِمْ نَـظَــراً بِعَـيْـني تُحْـيِ عُـمْـــرا ... دَهـــاهُ الـبُـعْــدُ حَـتَّى بـاتَ قَـفْـــرا

وَكَــانَ أعَــزَّ مـا مَـلَـكَـتْ يَــدانـــا ... فَضاعَ عَلى المَدى شـوقاً وَهَجْـرا

وَلَـوْ عَـرَفَ العِـتـابُ لـنـا طَـريقـاً ... لَـشَــقَّ بِـكُــلِّ لَـيْـلٍ طــالَ فَـجـــرا

* * *

مُـنـايَ وَمُـنْـتَهى صَـبْـواتِ قَـلْـبي ... عَـلى كَـفَّـيْـكَ يَعْـتَـنِـقـانِ سُـــكْــرا

فَـهَــــذا يَــــوْمُ مـيـــلادي تَـرَامَتْ ... بَــراءَتُــهُ بِـبـابِ سَـــنـاكَ طُـهْــرا

وَأغْـفَـتْ بَعْـدَ وَحْشـةِ لَيْلِ سُـهْـدي ... عَلى إسْـبالِ طَـرفِـكَ فاضَ سِحْرا

فَـنَـهْـرُ مـشَـاعِـري الثّـجّـاجُ دانى ... يُـراوِدُ في مَـدى عَـيْـنَـيْـكَ نَـهْــرا

فَـأبْحِـرْ فِـيَّ أبْحِـرْ فِـيْـكَ عُـمْـري ... لِنَغْرِفَ مِنْ خَوابي العشْـقِ خَمْـرا

فَـقَـدْ كَـانَتْ لَـيَـالِـيـنــا عِـطـاشــــاً ... تَـزيـدُ أُوارَهــا الأشْــواقُ سُــعْـرا

وَآنَ لـهــا ابْـتِــرادٌ فـي الـحَـنـايــا ... لِـتَـجْـلُـوَ في سَــمـاء الحُبِّ بَـــدْرا

* * *

فَـلا تُـبْـعِــدْ نَـبـيـذَكَ عَـنْ شِـفاهي ... فَـبِي ظَـمَـأُ الَّـذي قَـد صـامَ دَهْـرا

أنـا في الحُبِّ صُـوفِـيُّ الـمَـرايـــا ... إذا أبْــدَتْ سِــواكَ أرَتْـكَ كُــفْـــرا

فَـخُـذْني بَـيْـنَ جَـنْـبَـيْـكَ الْـتِــزامـاً ... لِـتَـطْـلُـعَ نَجْـمــةٌ وَتَـغُـورَ أخْـــرى

سَـألْـقِي فَـوْقَ كَـتْـفِـكَ ثِـقْـلَ رَأِسي ... وَلا أخْـشــى مِـنَ الأيّــامِ غَــــدْرا

فَـهَــذي لَـحْـظَـةٌ إنْ لَـمْ أعِـشْـــهـا ... فَباقي العُـمْـرِ سَـوفَ يَكُونُ صِفْرا

* * *

وَقُــلْ لـلغــاديـات مــن الـلـيــالـي ... عَلى سُـبُـلِ الضَّـياعِ فَـكُـنَّ خُسْرا

إذا الآجـالُ فِي الـغَـدِ ســـاوَرَتْـنـا ... سَـــنَـبْـكي كُـــلَّ وَقْتٍ مَــرَّ مُــرّا

وَأيّـامــاً جَـنَـيْـنـا الـشَّــوْكَ فِـيـها ... وَكَـانَ الكَـوْنُ رَوْضاً فـارَ زَهْـرا

فَـدَأبُ أولي الـنُّهى نَـبْـذُ التَّجافي ... وَجَعْـلُ العُـمْـرِ لِلإيْـنـاسِ سِــفْـرا

* * *

قَـدِ اسْـتَـرْخَتْ عَـنـاقِـيـدُ الـدَّوالـي ... غَـوَايـا فَلْـتَـسُـمْهـا الكَـفُّ عَـصْرا

فَـمَــا بَـيْــني وَبَـيْــنَــكَ أمْـنِــيــاتٌ ... تُحِـيــلُ الـبِـيْــدَ جَـنّــاتٍ وَقَـصْــرا

أنــا كَـهْــفُ الأمــانِ إذا أوَتْ لِـي ... عُـيونُـكَ لَـمْ يَسُـمْـها الـدَّهْـرُ قَهْـرا

وَهَـذا الـلَّـيـلُ أسْـبَـلَ جَـفْـنَ حـانٍ ... عَـلَـيْـنـا فَـالْـتَمِـسْ قَبَـساً لِـنَضْـرى

فَـإنَّ الـبَـرْدَ يَـنْـخَـرُ في عِـظـامـي ... وَهَـذا الـقَـلْـبُ يَـسْـتَـجْـديْـكَ بَهْـرا

* * *