مواقد الحب
كتبتها في ذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم

مصطفى الزايد

مَـواقِــــدُ الحُـبِّ فـي عَـيْـنَيَّ وَهْـــجُ دَمِي ... يَـفْـضَحْـنَ خــادِرةَ الأشْــــواقِ بالـضَّــرَمِ

لـم يُـبْـرِدِ الـدَّمْــعُ رَقْـراقـاً مَـحـاجِــرَهـــا
... أو يُـطْــفِئِ الـوَقْـدَ سَــحّـاً نَـزْفُ مُـنْخَــرِمِ

يَطْـويهِ صَـبْـرٌ لَــدى الـذِّكْــرى وَيَـنْـشُـرهُ
... بَـــرْقٌ تَـألَّــقَ بَــيْـــــنَ الـبــانِ والــعَـــلَـمِ

إنْ قُـلْـتُ أدْنـى الـهَـــوى مِـنّي مَـنازِلَهــمْ
... أبْـدى الـزّمــانُ نِـيـوبــاً غـيـرَ مُـبْـتَـسِــــمِ

مــا لــي أراهُ يُـعــــاديـنـي وأصْـحَــبُـــــهُ
... مُطـاوعــاً وهْــوَ مِـعْــنــادٌ عـلى الـهَـــرَمِ

وَالعَـهْـدُ في الـشِّـيبِ مِطْـواعِيْنَ تَقْرَؤهُـمْ
... دَرْســاً وَتَسْــمَعُـهُـمْ بَـوْحـاً مِـنَ الـحِـكَـــمِ

كــأنَّـــهُ تـاجِـــرٌ لَــمْ يُـعْـطِــنـي عِــظَـــــةً
... بِـغَـــيْـــرِ عَــضَّــةِ نــابٍ أو جَـنـى نَـــــدَم

أشـَـــابَ فِـيـنـا صِـغــاراً فـي مَلاعِـبِـهِـــمْ
... وَسَــــلَّ مِـنـا الهَــوى فـي قَـمْـعِ مُـتَّـهِـــمِ

إذا مَـــــدَدْنـــا أيــاديـنـــــا نُـصـافِــحُــــــهُ
... أجـــابَ بِـالـفَـقْـــدِ أو بِـالـــداءِ والـعَــــدَم

وَكَـــمْ تَـقـلَّـبَ كَـالأفْـعــى وَطـــابَ لـــــــهُ
... نَهْـــشُ الـصَّــديـقِ وَلَـــمْ يَعْـبَـأْ بِمُـؤْتَـثَــم

صَـرخْـتُ: مـاذا تُـريـدُ الـيــومً مـنْ جَـلِـدٍ
... لمْ تُـبْــقِ مِـنـهُ سِــوى جِـلْـدٍ عَـلى رَسَــمِ

أخَــــذْتَ مِـنِّـيَ أحْـبــابــاً وَمـــــا جَـمَعَـتْ
... يَــدايَ مـِنْ عَــرَقٍ قَـطْــراً سَـــقى حُلُـمي

فَـمــا تَرَكْـتَ لــهُ في الـشـَّـامِ مِنْ شَــــمَـمٍ
... وَلا الـعِــراقِ عُـــروقــاً تَـغْــتَــلي بِــــــدَمِ

ولا الـيَـمــانِ يَـمـيـنــاً تَـبْـتَــني حَـجَــــرا
... ولا لِـمِـصْـــرَ مَـصـيـراً واضِــحَ الـقَـسِــمَ

أمـا شَــفَـيـتَ غَـلـيــلاً مِـنْ مَـصــائِـبِـنـــا
... وقــدْ تَـرَبَّتْ بِـنـا الآســــادُ فـي الأجَــــمِ؟

فَـمـــــا أجــــابَ ولا لانَـتْ عَــريـكــتُـــــهُ
... يـمـــدُّ طَــرْفــاً إلـــى عَــيْـنَـيَّ ذا نِــقَـــــمِ

* * *

فَـرُحْـتُ أطْــلُـبُــهُــمْ حِـصْــنـاً ألــوذُ بِـــهِ
... في الطِّـمْرِ أشْـعَـثَ مَلْهـوفاً بِسَـيْرِ عَـمِيْ

كــمْ أشْـعَـلَـتْ فِـيَّ نـارُ الـطُّــورِ مِـنْ أزَلٍ
... وَهْـجــاً مِنَ الـنُّـورِ أوْ نَهْـجـاً مِنَ الـقِـيَـمِ

صَفَـنْـتُ فِـيْـهِ فَـلَـمْ أسْـــمَـع مـخــاطَـبـــةً
... وصــارَ نَـعْـــلايَ فـي رِجْـلَـيَّ كَــالـلُّـحَــمِ

فَـسـامَـني الخَـوْفُ حَـتَّى لاحَ وَهْـجُ سَـناً
... يُـضيْءُ مِـنْ جِـهَــةِ الأقْـصـى فَـلـمْ أُسَــمِ

وَسِـــرْتُ أتْـبَـعُـــهُ وَالــذِّكْــرَيـاتُ لَــهــــا
... سَـــوْطٌ يَحُـثُّ بِـقَـلْـبـي أمْـنِـيــاتِ ظَــمـي

طُـــــوبـى وَأمّــيَ حَـــــوّاءٌ وَيُـعْـجِـلُــنـي
... نُـهُــــوْضُ آدَمَ بَـيْـــنَ الــمـــــــاءِ وَالأدَمِ

هَــلْ أبْـصَـرَتْ عَـيْـنُـهُ خَـلْـقـاً يُشــابِـهُــهُ
... فَهَـبَّ وَالــرُّوحُ لَـمّــا تَـسْـــرِ في الـقَـــدَمِ

أفْـــدي دَرَارِيَّ صَـلَّـــوا أَمَّـهُــــمْ قَــمَــــرٌ
... أرْبى عَلى الشّـمْـسِ مَحْوَ الظُّـلْمِ وَالظُّـلَمِ

مــا زاغَ طَـرْفي وقَـــدْ لاحَـتْ بِمُـقْــلَـتِـــهِ
... لِـمُـهْــجَـتـي عِــــدَةٌ أجْــلى مِـنَ الـكَــلِـــمِ

تَعَــرَّفَتْ فـيـــهِ رُوحــي مُـنْـتَــهـى أمَـلـي
... تَعَــرُّفَ الأرضِ ريــحَ الـقَـطْرِ في الـدِّيَــمِ

مَــا زالَ لَـيْـــلُ فِـلسْـطـيــنٍ بِــــهِ سِـــمَـةٌ
... مِـنْ أنْـسِـــهِ تَـنْـفَــحُ المَـولــودَ بِالـقِـــرَمِ

يا وَيْـحَ قَـلْـبِـيَ إذْ بَعْـدَ السُّـرى عَـرَجُـوا
... وخَـلَّـفــوني نَجِـيَّ الــدّمْـــعِ والـسَّـــــقَــمِ

فَـرُحْـتُ أسْـــــألُ فـي الإنـجـيــلِ قـارِئَـــهُ
... والحـبــرَ مُسـْتَـنْسِـخَ الـتَّـوراةِ مِـنْ رُقُــمِ

قالـوا: بِشــارةُ عِـيسـى إن صَـدَقتَ وفي
... آثــــارِ مُـوســى إشـــاراتٌ إلــى حَــــــرمِ

لا يُـسْــفِــرُ الـصُّــبْـحُ إلا فــي تَـلَأْلُــــــئِـه
... منْ بعــدِ ســاعـيـرَ فـي فـارانَ كـالـنُجُـــمِ

فـارانُ أيـنَ؟ فـقـالــوا ضـاعَ مـوضـعُـهـا
... مـــــا بـيــنَ أهـــــواءِ قَــومِـيٍّ ومُغْـتَـنِــمِ

فَـطِــرْتُ أطْـــوي بِـلادَ الـلَّـــهِ يحْـمِـلُــني
... وَجْــدٌ عَـلـى أمَــلٍ فـي الـقَـلْـبِ مُرْتَـسِـــمِ

كَــوَجْـــدِ زيــدٍ خَـفِــيّــــاً حَـيْـثُ يَـرْفَـعُــهُ
... لِـحَـشْـــرِهِ أمَّـــــةً فَــــرْداً مــــعَ الأمَـــــمِ

وَشَــوقِ سَـــلْـمـانَ يَـسْـتَـسْــقي دَلائِـلَــهُ
... مِــنَ الأرِيْـسِـــيِّ سِــــــرّاً بـالِــغَ الـكَــتَــمِ

فـقُـلْـتُ أُغْـمِـضُ عَـيْـنيْ أسْــتَـنـيـرُ بِمـــا
... في الصَّــدْرِ يَـنْـبِـضُ خَفْـقـاً غَيْرَ مُنْتَـظِـمِ

إنْ لَــمْ تَـقُــدْني إلَـيــــهِ الـرّوحُ لا بَقِـيَـتْ
... وَلا حَـيِـيْـتُ وَلا حُـيِّـيْـتُ فــي الــــرِّمَــــمِ

إنّي قـصـدتُـكَ فَـــرْداً لا شَــــريـكَ لَـــــــهُ
... مِــنَ الـعِــبــــادِ ولا نَجْــــمٍ وَلا صَـــنَــــمِ

رَبّـــاً عَـظــيْـمــاً بِــلا نَـقْــصٍ وَلا عَـــدَدٍ
... فَـــلا كَـمــــالَ لِـمُـحْــتــــاجٍ وَمُـنْـقَـسِــــمِ

جَـلَـت صـفــاتِـك آيـــــاتٌ تَـبـصَّـــرهـــــا
... عـقـلي منظـمـة في الـكـون غـيـر عُـمي

يـــا خــالِـــقَ الــــذَّرِّ وَالأفْـيـــــالِ آكِـلَـــةً
... مِـنْ بِـــذْرةٍ أطْـلَـعَـتْ أصْــنــافَ مُـطّـعَــمِ

وَنـاظــمَ الـكَـــوْنِ لا نَجْـــمٌ يَحِــيْــدُ بـِـــهِ
... عَــنِ الـمَـســارِ وَلا جِـــرْمٌ بِـمُـرْتَـطِــــــمِ

وجاعــل الـعـقــل فـي الإنسـان مـكـرمـة
... ورب مـكـــرمة أشــــقـت ذوي الـفَــهَـــم

إلـيـكَ أسْــعى فَخُــذْني أوْ فَـخُـــذْ بِـيَــدي
... إلـى الـدَّلِـيــلِ وَحَـبْـــلٍ غَـيْــرِ مُـنْـجَــــذمِ

* * *

يا لَحْـظـةَ الصِّـدْقِ كمْ أوْرَيْتِ فـي خَـلَدي
... وَهـْجـاً أضـاءَ طــريــقَ الـتـائِــهِ الـلَّـخَــمِ

تَـنَـفَّـسَ الصُّـبحُ فـي عَـيْـنَيَّ كُـحْــلَـهـمــا
... وإذ حِـــراءُ جـلـيُّ الـنّــورِ فـي الـقِـــمَـــمِ

اقْــــرَأْ! يُـخــاطِـبُ أمِـيّـــاً رَعَـى غَـنَـمـــاً
... وَمـــا تَـنَـقَّـــلَ بَـيْــنَ الـطِّــرسِ وَالـقَــلَــمِ

وَمـا تَخَـفَّـتْ عَـلى جِـبْــريــلَ نـاقِـلِـهــــــا
... لَـكِـنَّهــا مُـبْـتـــدا الإنْـشــــاءِ فـي الأمَــــمِ

فَـلَـــمْ تَـفُـتْــهُ عُـلــــومُ الأوَّلــيـــــــنَ وَلا
... بـاتَـتْ عَـلَـيْــهِ عُـلــومُ الآخِــرينَ غُـمِــيْ

وَقــامَ في ضَـوئِهــا قَــومٌ غَــدَوا أَمَـمــــاً
... لِلـعـالَـمـيــنَ فَـمَــرحــى رَاعِــيَ الـغَــنَـــمِ

أقَـمْـتَ تَـفْـتَــــحُ أقْـفــــالاً وَقَــد صَـــدِئَـتْ
... عَـلى قُـلــوبٍ نُهــاهـــا صُــمُّ مِنْ صَــمَــمِ

يَـغَـــرُّ غَــيْــرَكَ إغْـــــراءٌ بِـمـــــا بَـذَلَـتْ
... قُــرَيْـشُ مُـلْـكــاً عَـلَـيْـهِــمْ وافِــرَ الـنِّـعَــمِ

بَـيْــنَ الــوَعِـيْــدِ وَوَعْـــدٍ لَـمْ تَكُــنْ قَـلِـقـاً
... فَـيَسْــتَـمِـيـلَـكَ قَــــوْلٌ نَـاطِــفُ الــدَّسَــــمِ

وأيُّ فَـصْـــلِ خِـطــابٍ بَعْـدَ «لَو وَضَعـوا
... شَــمْـسـاً وَبَــدْراً بِكَــفِّيْ» ناقِـضُ الـتُّهَـمِ

وفـي الحِـصــارِ ثَـلاثــاً جُـعْـتَـهــا ثَـبِـتـــاً
... وَلــو رَجَـعْـتَ لِعَـرْضِ الـقَــومِ لَـمْ تُـضَـمِ

وَحِيـنَ سُــدْتَ رَبَطْـتَ البَطْـنَ مِـنْ سَـغَبٍ
... وَلـــو أرَدْتَ لَـضــاقَ الـثَّــوْبُ مِـنْ تَـخَــمِ

وَأنْتَ تَـمْـنَـــحُ إذْ هـــاجَـــرْتَ ذا طَــلَـــبٍ
... سِـــوارَ كِـسْــرى عَـزيـزَ الجـنـدِ والأُطُـمِ

فَـمـا اجْـتَـنَـيْـتَ مِنَ الـدُّنْـيــا وَزيْـنَـتِـهـــا
... مــا لَــو ذَخَــرْتَ لأغْــنى كُــلَّ ذي رَحِــمِ

يـا مَـنْ رَفَـعْـتَ يَــداً مُسْـتَـغْــفِـراً لِـعِــدىً
... أدْمَــوْكَ داعِـيــةً مُـسْـتَـنْـهِــضَ الـــذِّمَــمِ

وَدِدْتُ خَـــدَّيَّ فِـيْ نَعْـلَـيْـكَ قَــدْ خُـضِـــبـا
... وَكـانَ رِجْـلاكَ فـي مَـنْــأىً عَــنِ الـكُـــلَـمِ

يا فاتِحــاً عافِـيــاً عَـنْ كُـلِّ مَـنْ جَـمَعُــوا
... لِـقِـتْـلَــةِ الـغَــدْرِ تَلْـقى الـظُّــلْـمَ بِـالْـكَــرَمِ

بِـالعَـفْــوِ جِـئْـتَ فَـأَكْـذِبْ بِـالأُلى زَعَـمُـوا
... أنْ قَـــدْ بُعِـثْـتَ لَـنـــا بِالــذّبْــحِ وَالـغَـرَمِ!

أسْـــيـافُـهُـمْ لــمْ تَـزَلْ تَـغـتــالُ حَـيْــــدَرَةً
... وَذو الـفِـقــارِ إلَـيْـهِـمْ في الـقُـرابِ ظَـمي

وَمَـــا سِـــــواكَ نَـبِــيٌّ مَـسَّــــهُ حَــــــزَنٌ
... لِـمَــوْتِ نَـفْــسٍ بِـحِصْـنِ الـلَّــهِ لـمْ تَـجِـمِ

كَــمْ عـالِـمٍ ســائرٍ في غَـيــرِ ركْـبِــكَ قَــدْ
... أعْــلـى مَـقــامَـكَ فـي حُـكْــمٍ وَمُـحْــتَـكَــمِ

ولــو تَـبَـصَّـر فـي الإنْجـيـــلِ لُحْـتَ لــــهُ
... بَـيْــنَ الـبِشــاراتِ والـتَّـوراةِ كــالــعَـــلَــمِ

* * *
يـا مَــنْ يَلــوذُ بِـــــهِ الأبطـالُ في قُـمُـصٍ
... مِنْ مُحْكَمِ السَّرْدِ حِصْـناً وَالوَطيسُ حَمي

وواهِـبــاً لا يَــــرَدُّ الـسّـــائِـلـيـنَ جِــــدىً
... ثَـوبـاً عـلى الجِـلْـدِ أو شِــعْـباً مِـنَ الـنَّعَـمِ

وَرافِـعـاً عَـنْ جُـمُـوحِ الـعَـقْــلِ ســـــادِرِةً
... مـنَ الـظُّـنـونِ ومِـنْ أهْـــــواءِ مُـجْـتَـــرِمِ

وَجـاعِـــلاً طـالبَ الفَـحْشـــاءِ يُـبْـغِـضُـهـا
... بِمَـنْـطِــقِ العَــدْلِ لا بالـنَّـهْـرِ والـصَــــرَمِ

وَأحْـلـــمَ الـنَّــاسِ إنْ واجَـهْـتَ مُـعْـضِـلَـةً
... وأعْــدَلَ الـخَـلْـقِ فـي حُـكـْـمٍ وَمُـقْـتَــسَـــمِ

سَــرَيْـتُ بـيــنَ الّـذي أعْـلَـيـتَ مِـنْ سُـنَنٍ
... المُعْـجِــزاتُ بِعَـصْــرِ الـعِــلْمِ فـي شَـــمَــمِ

فَـعُـــدْتُ مِـنْ رِحْـلـةِ الإدْهـاشِ مُـشْــرِقـةً
... رُوحي بِمـا أمَّـلَـتْ في الطُّـورِ مِنْ عَصَـمِ

فَجِـئْتُ أرجــو جُـــوارَ الـلَّــهِ معْـتـِـصمــاً
... مِـنْ جَـــوْرِ دنـيـا وَذَنْـبٍ بـالـــغِ الـعِـظَــمِ

وَكــمْ لَـهَـوْتُ بِـهـا وَالـمَــوْتُ يَـرْقُـبُــنـي
... وكــمْ وَلِـهْـتُ بِــأدنـى الـعَـيْــشِ لـــمْ أرِمِ

ونـصـفَ قـرنٍ سَـقَـتْـني مِـنْ صَـبابَـتِـهــا
... صـابـاً يُـذيـب كُـبـودَ الأيْـنُــــقِ الـرُّسُــــمِ

صَـبـَرْتُ فِـيـهـا فَـأخـزتْـني بِـوَصْـمَـتِـهــا
... ولَــو وَقَـفـتُ بـبـــابِ الـلَّــهِ لَــــمْ أُصَــــمِ

وَمَـا جَـنـيـتُ بـهــا إلا الّـــــذي قَـسـَـمَـتْ
... لي رحـمـة الـلَّــهِ بينَ الخـلـقِ في القِـسَم

عَـسـاي أدْرِكُ بَـعْــدَ الـظُّـلْـمِ مـا وَعَــدَتْ
... «جَـاؤوكَ فَـاسْـتَـغْـفَـروا» للإثْـمِ وَاللَّـمَمِ

قَـصـَـدتُ بـابَـكَ لا شِـــرْكــاً ولا بِــدَعـــاً
... رجــاءَ مـا لَـكَ عِـنْــدَ الـلَّــهِ مِــن ذِمَـــــمِ

وَسِــرْتُ نَـحْـــوَكَ لا فَـضْـلي يُــؤَهِّـلــنـي
... ولا ثَـنـائـي مُــدانــي فَـضْـلِـكَ الـضَّــخِــم

فـإنْ نُـسِـبْـتُ لَـكُـمْ فَـالـشَّــوْكُ مُـنْـتَـسِــبٌ
... لِـرِفْـعـةِ الــوَرْدِ رَغْــمَ الــوَخْـــزِ والألَـــمِ

هَـــــذا نَـصـيـبـيَ مِـــنْ إرْثٍ تَرَكْـتَ لَـنــا
... قَـبَـضْـتُـهُ جَـمْــرةً في حِــرْصِ مُـسْـــتَـلِـمِ

إلَــيـــــكَ أنتَ ولِـلإسْــــــلامِ مُـنْـتَـسِـــــبٌ
... وَمـا لِـغَـيْــــرِكُـمــا في الـعَـالَـمـيـنَ نُـمـي

قَـلْـبٌ تَـصـــوّف يُـعْــلـي هَــــمَّ داعِــيـــةٍ
... عَـلى خُـطى سَــلَـفِ إخْــوانُ في الهِـمَــمِ

وَلِـــيْ يَـقـيــنٌ بَـأنَّــا حـيــنَ نَـجْـمَـعُــهــا
... فَـإنّـمـا نُـمْـســِكُ الـمَـعْـصـومَ مِـنْ فَـصَـمِ

حَـبْــــلٌ مِــنَ الـلّـــهِ فـكّــكـنــا جَــدائِـلَـــهُ
... وَكُـــلُّ حِــزْبٍ بمــا حــازتْ يَــداهُ سَــمِي

إلـيـك أشـــكـو هــوانـاً مـسَّـــنـا شِــيَــعـاً
... يَـكـيــلُ بَـعْـضٌ لِبَـعْـضٍ مُـصْمِـيَ الـتُّـهَـمِ

فَـسِــلْـمُ إخْــوانِـنــا يَغْـفُــو عَـلى حَـــرَبٍ
... وَحَــرْبُ أعْــدائِـنـا تَصْـحُــو عَـلى سَــلَـمِ

وَأنْتَ جَـمَّـعْـتَ أقْــــوامــاً بِـهِــــمْ إحَــــنٌ
... جُـبَّـتْ بِخُـطْـبَـتِـكَ الـعَــصْـمـــا فَلَـمْ تَـقُــمِ

وَلَــمَّ مِـنْـهــاجُـــكَ الأعْـــراقَ مُـنْـكِـــــرةً
... سِـــوى الكِـتـابِ وَمـا أرْسـَـيـتَ مِنْ قِـيَـمِ

أمـــا يُـؤلِّــفُ دِيْــــنٌ قَــــدْ بُـعِـثْـتَ بِــــــهِ
... وَسُــــنَّـةٌ بَـيْــــنَ مَــوْســـــومٍ وَمُـتَّـسِـــمِ

وَمـا الـشّــفـاعـةُ في مَنْـأىً وقَـدْ شَــمَلَتْ
... مُسْــتَـفْـتِـحـيـنَ وَلَــمْ تُـولَـــدْ وَلَــمْ تُـشَــمِ

يـا مَـنْ جَـعَـلْـتَ بِـنـا الأحْـــلامَ جـامِحـــةً
... حَـقــائِـقـــاً بَعْـــدَ مَـشْـــكـومٍ ومُـلْـتَـجِــــمِ

يا أحْـمَــدَ الغَـيْـبِ، في الـدّنْـيـا مُحَـمَّـدَهـا
... وفـي الـقِـيــامـةِ مَـحْـمــوداً بِـكُـــــلِّ فَـــمِ

ما كـانَ مَـدْحـاً مَـقــالُ المُـنْصِفـيـنَ وَكَــمْ
... ضـاقَ الـبَـيـانُ بِمـا أحْـرَزْتَ مِـنْ شِــــيَـمِ

لَـكِـنَّهـا وَمْـضـةٌ مِـنْ قَـبْـســــةٍ سَـــنَحَـتْ
... مِنْ فَـيْـضِ نُـورِكَ مِـْن مَجْــدٍ وَمِـنْ كَــرَمِ

يَـغُـضُّ واصِـفُـهــا طَــرْفــــاً بِــرَنْــوَتِــــهِ
... كَـنـاظـرِ الشَّـمـسِ لـمْ يَـغْـمِـضْ ولَـمْ يُـدِمِ

فَـمــــا تُـحــيـط بِحُـسْــنٍ فـيــكَ مُـقْـلَـتُـــهُ
... وَلا تَـفـــوتُ إيـــاةٌ أعْــيُـــــنَ الــنَّـــهِــــمِ

صَـلّـى عَـلـيــكَ الّـــذي حَـيّــاكَ مُرْتَـقِـيــاً
... مِـن قـابِ قـَوْسَـــيـنِ أوْ أدْنى ولَــمْ تَـهِـمِ

* * *