لا يوجد شئ إسمه نسخ أديان لبعضها، لا الإسلام نسخ المسيحية ولا المسيحية نسخت اليهودية..


لأن الأسئلة الفورية:


١- اليهودية نسخت مين؟ علما بأنها مش أقدم ديانة، قبلها كانت توجد الهندوسية وأديان سومر ومصر وفينيقيا والفايكنج وغيرهم.. فهل هذه الأديان سماوية عند القائلين بالنسخ؟


٢-هل الله كان موجود وخالق الكون ورب الناس قبل اليهودية؟ فماذا كانت ديانته الأولى؟


٣- لو الإسلام نسخ المسيحية فلماذا قال الله (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) ولو المسيحية نسخت اليهودية فلماذا قال المسيح (جئت لكي لا أنقض الناموس.. ومصدقا لما بين يدي من التوراه). .


٤- النسخ يعني الإلغاء والتبديل.. والقول بإلغاء اليهودية والمسيحية معناه حرب معهم وكراهية متبادلة..لأنك مش في موضع سلطة عليهم سياسية ومعرفية عشان يصدقوك.


٥- القول بنسخ الأديان مصطلح عقائدي لفقهاء المسلمين ولا يوجد ما يؤيده في القرآن، بل في المقابل توجد عشرات الآيات تنسفه.


٦- نسخ الأديان مرادف للقول بنسخ الآيات والأحاديث، والصحيح أنه طالما كل آية وحديث نزلت لسبب في الزمان والمكان فالدين أيضا كذلك..


٧- القائلين بالنسخ قالوا هذا لاعتقادهم أن اليهودية أول ديانة على الأرض وتصديقا لخرافة أن عمر الإنسان ١٠ آلاف سنة فقط، لم يعلموا أن أديان ما قبل التاريخ مورست قبل ٦٠ ألف عام وأن عمر الإنسان وأسلافه وصل ل ٤ مليون سنة وأن أول شكل بدائي للتدين كان في الدفن وطقوس الجنازات


الحقيقة التي يفر منها الفقهاء ورجال الدين عامة في كل المعتقدات أن الدين فكرة كأي فكرة فلسفية وأيدلوجية واجتماعية وسياسية أحيانا.. كل هذه الأفكار تمر بثلاثة مراحل زمنية حتمية هم (النشأة _ الصراع _ التقليد)


النشأة: تكون في زمن المؤسس وأحيانا جيله الأول وفيها توضع ثوابت الدين وفكرته الإصلاحية


الصراع: تكون في زمن الجيل الثاني أو بعد موت المؤسس وفيها يتصارعون على حقيقة الأفكار والثوابت التي وضعها المؤسس


التقليد: تكون بعد موت المتصارعين وظهور جيل جديد ينادي بالسلام والتوفيق الفكري، وهؤلاء لا يجدوا أي صلة بينهم وبين المؤسس سوى من كلام المتصارعين فيضطروا لتقليدهم


انشقاق الأديان وهدمها يحدث في المرحلتين الثانية والثالثة، ودائما إذا أردت فهم أي دين أو رسالة وسياقهم الزمني فعن طريق تلك المراحل الثلاث ، والغريب أنها منطبقة على الفلسفات والدول والأحزاب السياسية أيضا


أما القول بنسخ الأديان والأفكار لبعضهم ففوق أنه مضاد للقرآن هو أيضا كلام غير علمي لأن صياغة وبناء الأفكار جاءت بالتراكم والاستفادة من التجارب والدليل أن الممارسات الدينية والسلوكية جميعها ظهرت أولا بشكل بدائي ثم أخذت دورتها الطبيعية في التطور..


الحقيقة هي أن الأديان تطورت ولم تُنسَخ، تطورا لا يعني للأفضل دائما بل لعوامل خاصة قد يتطور الدين للأسوأ حسب علم ورغبة وقدرة أصحابه على امتلاك رؤية صحيحة وإمكانية تطبيقه وقدرتهم على هزيمة التحديات.