ظل الفكر مستقلا عن العقائد و المذاهب و الإيديولوجيات لأنه مرتبط بالعقل وحده، و المثقف و المفكر يجب أن يكون حرا و مجرد من العاطفة و هو يتناول قضايا الأمة، فلا يخضع لها و لا يتركها تسيطر عليه، لأنه ملزم أن يقدم ما يخدم الإنسانية و يدفع الإنسان إلى الرقيّ

لا يهم إذن أن تكتب بلغة ما ، حتى لو كانت لغة العدوّ، لأن اللغة هي لغة تواصل و تلاقي بين الأنا و الآخر، و مهمة المثقف هي أن تصل رسالته مهما كانت اللغة التي يكتب بها، و إن كانت اللغة العبرية، اقول العبرية لا اللغة العربية، ثمة تشابه في الحروف و النقاط، كما أنها تكتب كالعربية من اليمين لليسار، و قد ذهب بعض علماء اللغة إلى أن اللغة العبرية شقيقة اللغة العربية، رغم افتقارها لبعض الحروف كحرف الضاد والغين والذال، ثم أن من عادة المثقف أن يحشر نفسه في كل شيئ ، و أن يحول الفكرة إلى قضية و أن يخرج عن المألوف و يكسر كل الطابوهات و هو يبدع، هذا ما لمسته من مقال أعيد نشره بموقع الأنطلوجيا بعنوان : روائي جزائري يُثير غضبًا بدعوته إلى ترجمة الأدب الإسرائيلي إلى اللُغة العربية نشر بصحيفة ـ رأي اليوم لكاتبه ربيعة خريس، تحدث فيه عن مقال يعود إلى الروائي الجزائري أمين الزاوي لما دعا إلى ترجمة الأدب الإسرائيلي إلى اللغة العربية.
فمن عادة الزاوي أن يفاجئ القارئ العربي عامة و القارئ الجزائري خاصة بخرجاته الفجائية و هو يطرح قضايا مختلفة و يدعو فيها للخروج مما يسمى بدائرة النفاق التي تعيشها المجتمعات العربية التي تربطها علاقات رسمية و غير رسمية بإسرائيل، هذه الدعوة اعتبرها البعض خيانة للقضية الفلسطينية، أو تطبيع مع الكيان الصهيوني، وفي الحقيقة لا يوجد أي ضرر في أن يكتب شخص ما باللغة العبرية أو يترجم نصوصا عبرية إلى اللغة العربية و العكس، فالكاتب المبدع لا يهمه اللغة التي يكتب بها، بقدر ما يهمه إيصال فكرته إلى الآخر، و أن يطلع على مخططاته و ما يكنه من عداوة لدينه، ثم أن إسرائيل تعلم قادتها اللغة العربية و أصبحوا يستعملونها نطقا و كتابة لكي يتواصلون مع العرب، دون أن ننسى الدور الذي لعبه المستشرقون أيام الإستعمار في تعلمهم اللغة العربية و أخذهم عادات العرب و تقاليدهم، إلى أن أصبحنا لا نفرق بين من هو العربي و من هو اليهودي، لأنهم تعايشوا فيما بينهم، و تقاسموا الخبز و الأعياد و الأفراح، و أخذ كل واحد منهم ثقافة الآخر، و لذا ، ليس عيب ان يكون هناك انفتاح على الأدب الإسرائيلي أو الأدب العبراني إن صح القول، فكيف نعرف الآخر إن كنا لا نتقن لغته؟ فأن أتكلم بلغة أجنبية في بلد لا يتكلم بلغتي هذا يدل على أننا شعب متحضر و نحسن التواصل مع الأخر و نتعايش معه، لأننا نحترم لغته و نحن في بلده، أم أن أتكلم بلغة أجنبية في بلدي و مع أبناء بلدي و أجعلها خطابي اليومي، فهذا يعني أنني مجردة من هويتي ، لا أحترم نفسي و لا أحترم دولتي ، فكيف للأخر إذن أن يحترمني و يحترم رايتي، لقد حثنا نبينا أن نتعلم اللغات الأجنبية و قال : من تعلم لغة قوم آمن شرهم.
علجية عيش