هذا اليوم الذي بكيت فيه قهرا

لم يكن حدثا طبيعا قد يمر كغيره من منعطفات سابقة سبقت توقيع اتفاقية اوسلو وان كانت كل المنعطفات وارهاصاتها وتوجهاتها كنا ندرك منها بانها ستقودنا الى هذا الجرف العميق والذي يحتاج من القريحة الفلسطينية للخروج منه حسابات دقيقة وقرار تاريخي يدرك حجم ما يمكن ان تتحملة الايقونة الفلسطينية من تكاليف باهظة اذا ماتم فرز اوراق الصراع من جديد بعد خلطها .
في هذا اليوم الذي اعلن فيه عن وثيقة اعلان المباديء هو يوم يقهر فيه الثوار ويقهر فيه الرجال ويقهر فيه الوطنيون وما القهر الا هو عندما تذرف الدموع من ثائر ومناضل يقف بين جيوش من المصفقين والمهرجين رافعين اشارات النصر وكأنه نصر تحقق في حين كانت كل الحسابات الوطنية والفتحاوية بمقدماتها ما قبل الخروج من بيروت تشير الى ااننا سائرون نحو كارثة تاريخية، لا شيء يولد من فراغ ولا حدث الا له مقدمات ولا نتيجة الا لها مقدماتها ، البعض اظهر ذعره مبررا انها كانت مفاجئة ، ولكن كثير من الحركيين كانوا يستدركون خطورة سلوكيات قيادة امنية وسياسية في ادارة الصراع هذا اذا جنبنا التفكير بناء على قواعد وقوانين نظرية المؤامرة ، وهاهو الواقع يكشف عن كل تلك الحسابات وحقيقتها ، هو هذا الواقع الفاضح بمكملاته واستنساخاته .

لم يعد شيئا يخفى على هذه الارض بل اصبح كل شيء مفضوحا مهما كانت منتجات ادوات التجميل ، والبعض الذي يقول كان يمكن ان تكون اوسلو غير ذلك لولا سوء التطبيق وعدم استغلال الزمن من السلطة والاخر يقول ان اسرائيل عطلت تلك الاتفاقية واغتيلت اوسلو باغتيال اسحاق رابين ولم يتذكروا اغتيال اللورد برنادوت ولم يتذكروا اغتيال القرار 194 والقرار 184 وتشبثوا 242 الذي اعطى اسرائيل كل امكانيات التحرك والتنظير والتطبيق .
لسنا منعزلين عن العالم ولكن كان من الطبيعي ان نؤثر ونتأثر وان لا نقع فريسة متلقيين الحدث ، هكذا وتمرد ياسر عرفات على اوسلو في واي رفر ولكن لم يستطيع القضاء على الفيروس لان كل المعامل فلسطنيا واقليميا كانت تعمل على قدم وساق لتنشيطة في اتجاه ما هو مرسوم ، ورحل ابو عمار وكما هو معد بالضبط لمن يقود السلطة وفتح ومنظمة التحرير.

هذا اليوم الذي بكيت فيه خوفا وذعرا لما هو قادم يهدد وجودنا على الارض الفلسطينية وحسرة على ثورة وتضحيات وفدائيين كان الصخر يلين لهم وهم لا يلينون ، كنت مدركا ان السلوك بالمقدمات الثقافية وطرحها وخطابها كان يريد ان يخلق حالة اخرى غير حالة االثورة ومنذ الحل المرحلي ، كانت سلوكيات في منتهى القذارة تلاحق كل من خالفهم او انتقد سلوكهم او حذر من خطورة مماراساتهم ، فلا اعتقد ان المدرسة الوطنية تشوه مقاتل او مناضل اوتسقطه او تحاول اسقاطة او تقطع راتبه او تعذبه معنويا من قبل ادواتهم على الارض او تحمي جاسوسا باختلاق اي مبرر ومبرر وحجة وتليها حجة ، كانت مراحل السقوط تتوالى في تطور عجيب قبل التوقيع على اوسلو باكثر من عقد ونصف ، بالمقابل كان هناك فرسان لفتح قادة وكوادر واجهوا الاخطبوط متعدد الاطراف والوجوه ....

هو هذا اليوم اللذي بكيت فيه وما زلنا نبكي من عمق المأساة لحاضر تم التنكر فيه للشهداء والاسرى وقطعت رواتبهم واستيطان ابتلع الاخضر واليابس وانقسام وبطالة وتدمير مؤسسات واقصاء كوادر وهي عادتهم منذ عقود وقطع رواتب حتى لموظفي السلطة جغرافيا ، هو هذا التيار الخبيث الذي كان ابو عمار يحاول دائما عدم الالاصطدام به بل اسيتيعابه لخطورته على وحدة فتح والجغرافيا ولكن هم دفعوا ابو عمار لاوسلو تلبية لرغبتهم في اضعافه ومن ثم السيطرة على فتح ومنظمة التحرير والسلطة تحقيقا لحلمهم ونرجسياتهم المريضة التي اصبحت الان مفضوحة تماما .
بقلم/ سميح خلف