يـقـظـــة

شعر مصطفى الزايد



تَـوَدَّعْ مَعـيْ يـا صـاحِ حَـرَّ الـهَـواجـرِ

إلى شـاطئٍ بِالـظِّـلِّ والـعُـشــبِ زاخِـرِ



وَأنـســــامٍ اسْــتَـلَّـتْ عَــوابِـقَ جِـيـــرةٍ

مِـنَ الآسِ والـرَّيحـانِ أنـفـاسَ عـاطـرِ



وخَشْخَشةُ الطَّرفاءِ في الخُصِّ غازلتْ

بواعـثُهـا في القـلـبِ عَـذْبَ الـخَـواطـرِ



تُشـاركُ مـاءَ الـنَّـهْـرِ عَـزْفَ خَـريــرهِ

كمـا شـــاركَ الـعَـوّادُ نـغـمـاتِ زامِــرِ



يَـقـيـلُ خَـليٌّ مِـنْ هَــواهُ وَمِـنْ هَـــوىً

ومـا لـي مَـقـيــلٌ بـيـنَ مُـغْــوٍ وآســــرِ



هُـمـا أورداني الـمَهْـلَـكــاتِ ولــمْ أزلْ

حـفـيّــاً بـمــا ألـقـى بِـقـلـبِ مُـغــامـــرِ



فَلِلنَّـفْسِ سَـطْواتٌ عَلى العَـقـلِ تَجْتري

إذا الخُـلْـقُ لم يَـنْـهَـضْ لـهـا بِالـبـوادِرِ



ولـولا أمــورٌ ســبْـعـةٌ لــم يَـصُـــدَّنـي

عن الـلَّـذَّةِ الحَـمـقـاءِ صَـولاتُ خـافِــرِ



حَـيــاءٌ وإيـمـــانٌ وعَـــــدلٌ وعِــفَّــــةٌ

وسُــمـعـةُ آبــاءٍ وبُـغْـضُ الـفَــواجــــرِ



وحِــرصٌ عـلـى ألّا تَـشـــيـعَ رَذيـلـــةٌ

وحَـسْـبُـكَ سَــبْـعٌ مِـنْ نَــواهٍ قَـــواهِـــرِ



مَـواهِـبَ مـن ربِّي ولَـسْـنَ صَـنـائِـعــاً

تَغَـلْـغَـلْـنَ في الأعْـراقِ مِثْـلَ الـذَّخـائِـرِ



كَـثَـجَّـاجِ مــاءِ الـمُعْـصِراتِ أســـــالَـهُ

فَأجـراهُ في الأعْـنابِ حُـلْـوَ الـمَعـاصِرِ



فَـيًـشْـرِقُ في الأقَــداحِ حَـتّى تَخـالَـهــا

مَـصابـيـحَ لاحَتْ في الـظَّــلامِ لِـسـائـرِ



إلَــيَّ بِـتِـلـكَ الـكَـــأسِ إنَّ صَـبـابَـتـــي

تَـتــوقُ إلَـيـهــا بـيـــنَ حـيــنٍ وآخــــرِ



هَـفَــوْتُ إلَـيـهـــا لا لِـلَألاءِ وَهْـجِـهـــا

فَفي بَطْـنِهـا ما ليـسَ في رأسِ شـاعـرِ



إذا عَــلَّــني مِـنـهــا نَـديــمـي رأيـتَـنـي

كَـسـحـبـانَ حَـرْفاً أو لَـبـيـدِ بـنِ عـامـرِ



فَـزِدْني فـفي الإبْـريـقِ وهْـجُ صَـبـابـةٍ

تَـحــنُّ إلـيـــهِ حـانِـيــاتُ الـمَـشــاعـــرِ



فَـمـا عـادَ لِلـوجْـدانِ دَمْــعٌ مـع الـجَـفـا

ولا ظَـلَّ فـي قَـلْـبـي مَـكــانٌ لِـسـاحِــرِ



فَـمِــنِ بَعْــدِ ألْــفِ خَــريــدةٍ وخَـريــدةٍ

تَـرَكْـنَ بِـهِ الآثــارَ مِـثـَــلَ الـخَـنـاجــرِ



يَـظَــلُّ بـِــهِ خِـــدْرٌ وَرَوْضٌ وبِــرْكــةٌ

وَمَنْ تَرْتَضي السُّـكْنى عَـلى إثِرِ وَاتِـرِ



بِـقَـلـبٍ لــهُ فـي كُــــلِّ خـاطِــرةٍ رُؤىً

تُجَـلّـي بِها الأبْصـارُ غَـوْرَ الـبَـصـائـرِ



فَـإنْ عَـرَضَ الوَسْـواسُ أتْبَعَـهُ الـهُـدى

شـهـابـاً فـأضْحى في الأماني الـدَّواثِـرِ



إذا الـمَــرْءُ جَــازَ الأرْبَـعـيــنَ رَأيْـتـَـهُ

تَسـاوَتْ دواعـي نَـفْـســهِ بِـالـزَّواجِـــرِ



وَيُصْبحُ عِـطْـرُ العُـودِ والمِسْـكِ عِـنـدَهُ

ثَـقـيـلاً فَيَـمضي نَحْـوَ عِـطْـرِ الأزاهِـرِ



وَيُـرضيـهِ مِـنـهــا مـا يَـروقُ لِـفِـكْــرهِ

وَقــوداً لِـمِـصـبــاحٍ وأُنْـســـاً لِـســاهـر



يَـرى الحُـسْـنَ لا تُغـويهِ بِارقةُ الهَـوى

فَـيُـغـلي بـهِ الإبْـداعَ مِـنْ صُـنـعِ قــادرِ



وَتَـنْـكَـفِئُ الـشَّــهْــواتُ بـيـنَ جَــوانــحٍ

أضاءتْ بِـفِـكْـرٍ واسْـتَـنــارتْ بِــذاكِــرِ



تُنـاديـهِ في الأعْـمـاقِ هَـمْسـاتُ فِطـرةٍ

وَيـًــرْهُـبُـــهُ ألّا يًـطـيــــعَ لِـفــاطــــــرِ



تَـبَسَّــطْ فَـبـاقي العُـمْـرِ يَحْـمِـلُ رِزْقَــهُ

مِنَ الـضّيـرِ والـلَّـذاتِ رَغَـمَ الـحَــواذِرِ



وَصَفِّـقْ تَـجِـئْـكَ الـقَـافـيــاتُ أوانِـســــاً

تَـمـايَـلـنَ شَـمْـعـاً في نُسـيـمـاتِ عَـابِـرِ



يُـداعِـبْـنَ حَـبّـاتِ الـقـلـوبِ ضَواحِـكــاً

ويَـهْـتِـكْنَ أسْـتـارَ الـنُّـهـى بِـالـنَّـواظِـرِ



وَيَـعْــزِفْــنَ ألحــانَ الـبَـيـانِ شَــــجِـيَّـةُ

تَـمـاهَـتْ حَـنـيـنـاً في رَنِـيـنِ الأســاورِ



يُنادِمْـنـنـا جَهْـراً عـلى الـشَّـط ِّلا يَـرى

بِـمجـلسـِـنـا المُـرتابُ قُـبْـحَ الـمُجـاهـرِ



فَـهَـيِّئْ سِــماطَ الحُـبِّ شَـطْـريْـنِ وازِناً

سَـفـيـنـتًـهُ عَــدْلاً عَـلى وَجْــهِ زاخِــــرِ



وفَجِّـرْ بُحورَ الشِّعْـرِ واطْـرَبْ لِمُسْـهَـدٍ

يُـغَـنّي حَـزيـنـاً شَــوْقـهُ وَصْـلَ هـاجِـرِ



فَما الحُبُّ في هـذا الزَّمانِ سِـوى الّذي

يَفــوحُ شَــذِيّـاً مِـنْ قُـلـوبِ الـمَـجـامِــرِ



عَـفــيـفـاً نَـقـيّـاً صاغـهُ المُهْـجُ عاطِراً

بِـنـيـرانِ وَجْــدٍ فـي حُـشاشــةِ شــاعِـرِ



تَحَــدَّرَ نَـزفــاً مِــنْ عُـيــونٍ تَـلَـوَّعـتْ

فَـأشْـرقَ حَـرفـاً فـي ظَــلامِ الـمَحــابِـرِ



حَـرامٌ عـلى قَـلبٍ ونَـفْـسٍ رِضـاهُـما

لَــذائِـــذَ تُجْـنى مِـنْ دِمــاءِ الـضّـمـائرِ



وإلَّا فَـهَـــمُّ الـعـاشـــقـيــنَ هَــواجِـــسٌ

على الحِـسِّ تَحـيـا في بَـهـاءِ المَظـاهِرِ



فلا قَـيْـسُ في نجـوى حَـبـيـبٍ حَـبـيـبةً

ولا دَمـعُ لـيـلى فـي عُـيـونِ الـسَّـواهِـرِ



فَـخَــلِّ لِـقُـطـعـانِ الظِّــبـاءِ سَــبـيـلَـهــا

يَـراكِـضْنَ أطْـيافَ الخُـيـولِ الـظَّـوافـرِ



ويَـرْمُـقْـنَ مِـنْ طَـرْفٍ خَـفِيٍّ حَـرائِـراً

يُـقَـلِّـدْنَ خَـيْـلَ الـلّــهِ سُــودَ الضّـفـائِــرِ



ويُشْـرِقْـنَ إشْـراقَ الصِّفـاحِ ضَواحِـكـاً

إذا أقْـبَـلـتْ مِـنـهُــنَّ ريــحُ الـبَـشــائِــرِ



وزِدْني مِنَ الخَـمْـرِ الّـتي قَـدْ تَعَـتَّـقـتْ

قُـرونـاً بِـظِـلِّ الـفـاتـِحـيــنَ الـخَـــوادِرِ



أغِـثْـني فَـقـدْ طـابَ الـمُـقـامُ بِـذكـرِهِـمْ

وأطْـرَبَـني اسْـتِحـضارُ مَـجْـدِ الأكـابِـرِ



ولا تَـلْـتَـمِـسْ كَسْــرَ الـفُـؤادِ بِـصَحْـوةٍ

عـلى ذُلِّـهـا تَحتَ الـعُـلـوجِ الأصـاغِـرِ



وكُـــلِّ بَـغِـيٍّ يَـشْــتـري وِدَّ قَــيـصـــرٍ

بِـهَــدمِ بِـلادٍ وارْتِـكــــابِ الـمَـجـــازِرِ



وَيُـسْــنِـدُ لـلأغْـرابِ ظَـهـــراً وَيَـتَّـقـي

مَطـالـبَ شَـعْـبٍ بالـسّـيـوفِ الـبَـواتِــرِ



ويَـكْـســرُ بِـالـتـَّجــويـعَ عِــزّةَ أنْـفُــسٍ

تُـكَـتِّـمُ فـي الأضْـلاعِ دَمْــعَ الـمُـكـابِـرِ



حَـنانَـيْـكَ لِــمْ غَـيَّـرْتَ وِجْـهـةَ سَـكْـرةٍ

عَـلَـونـا بِـهـا هــامَ الـنّجــومِ الـزَّواهـِرِ



لِـتُسـقـطَـنـا في ذِكْـرِ كـــل ابْـنِ كَـلـبـةٍ

تَـقَـلَّبَ في أحْـضـانِ كًــلِّ ابْـنِ فـاجِــرِ



يُسَـلِّـمُـهُ الـمِـفـتـاحَ مِـنْ خَلـفِ ظَهْــرهِ

وَيَصرفُ ضِـحـكاتٍ لـِشَـعـبٍ مُـقـامِـرِ



أعِــدْني إلى الـكـأسِ الـقَـديـمــةِ إنَّـنـي

أذوبُ حـيـاءً مِـنْ صَفـاقــةِ حَـاضـري



أعِــدْ لِـي ســيـوفـاً كُــنَّ أبْـلَــغَ هِـمّــةً

منَ الشِّـعْـرِ في أكْـنافِ قَـصْرٍ وَقاصرِ



وَمِـنْ كُــلِّ وَعْــــدٍ بـالــسَّـرابِ لأمَّـتي

تَــلألأ كِـذبـاً فـي شِــــعـاراتِ تـاجِـــرِ



وأيْـقِـظْ نَجِـيَّ الماضـيـاتِ مِـنَ الأسـى

عَـلـى أمَـلٍ تُغْـلِـيْـهِ صَـرْخـاتُ ثـائِـــرِ



فَفي الـحَـزْمِ مَنأىً لِلـكَـريـمِ عَنِ الخـنـا

وفي العَـزْمِ بابٌ لاصْطِناعِ الـمَـفـاخِـرِ



الرياض – الخميس/ 5/ 9/ 2019م


يـقـظـــة


شعر مصطفى الزايد



تَـوَدَّعْ مَعـيْ يـا صـاحِ حَـرَّ الـهَـواجـرِ

إلى شـاطئٍ بِالـظِّـلِّ والـعُـشــبِ زاخِـرِ



وَأنـســــامٍ اسْــتَـلَّـتْ عَــوابِـقَ جِـيـــرةٍ

مِـنَ الآسِ والـرَّيحـانِ أنـفـاسَ عـاطـرِ



وخَشْخَشةُ الطَّرفاءِ في الخُصِّ غازلتْ

بواعـثُهـا في القـلـبِ عَـذْبَ الـخَـواطـرِ



تُشـاركُ مـاءَ الـنَّـهْـرِ عَـزْفَ خَـريــرهِ

كمـا شـــاركَ الـعَـوّادُ نـغـمـاتِ زامِــرِ



يَـقـيـلُ خَـليٌّ مِـنْ هَــواهُ وَمِـنْ هَـــوىً

ومـا لـي مَـقـيــلٌ بـيـنَ مُـغْــوٍ وآســــرِ



هُـمـا أورداني الـمَهْـلَـكــاتِ ولــمْ أزلْ

حـفـيّــاً بـمــا ألـقـى بِـقـلـبِ مُـغــامـــرِ



فَلِلنَّـفْسِ سَـطْواتٌ عَلى العَـقـلِ تَجْتري

إذا الخُـلْـقُ لم يَـنْـهَـضْ لـهـا بِالـبـوادِرِ



ولـولا أمــورٌ ســبْـعـةٌ لــم يَـصُـــدَّنـي

عن الـلَّـذَّةِ الحَـمـقـاءِ صَـولاتُ خـافِــرِ



حَـيــاءٌ وإيـمـــانٌ وعَـــــدلٌ وعِــفَّــــةٌ

وسُــمـعـةُ آبــاءٍ وبُـغْـضُ الـفَــواجــــرِ



وحِــرصٌ عـلـى ألّا تَـشـــيـعَ رَذيـلـــةٌ

وحَـسْـبُـكَ سَــبْـعٌ مِـنْ نَــواهٍ قَـــواهِـــرِ



مَـواهِـبَ مـن ربِّي ولَـسْـنَ صَـنـائِـعــاً

تَغَـلْـغَـلْـنَ في الأعْـراقِ مِثْـلَ الـذَّخـائِـرِ



كَـثَـجَّـاجِ مــاءِ الـمُعْـصِراتِ أســـــالَـهُ

فَأجـراهُ في الأعْـنابِ حُـلْـوَ الـمَعـاصِرِ



فَـيًـشْـرِقُ في الأقَــداحِ حَـتّى تَخـالَـهــا

مَـصابـيـحَ لاحَتْ في الـظَّــلامِ لِـسـائـرِ



إلَــيَّ بِـتِـلـكَ الـكَـــأسِ إنَّ صَـبـابَـتـــي

تَـتــوقُ إلَـيـهــا بـيـــنَ حـيــنٍ وآخــــرِ



هَـفَــوْتُ إلَـيـهـــا لا لِـلَألاءِ وَهْـجِـهـــا

فَفي بَطْـنِهـا ما ليـسَ في رأسِ شـاعـرِ



إذا عَــلَّــني مِـنـهــا نَـديــمـي رأيـتَـنـي

كَـسـحـبـانَ حَـرْفاً أو لَـبـيـدِ بـنِ عـامـرِ



فَـزِدْني فـفي الإبْـريـقِ وهْـجُ صَـبـابـةٍ

تَـحــنُّ إلـيـــهِ حـانِـيــاتُ الـمَـشــاعـــرِ



فَـمـا عـادَ لِلـوجْـدانِ دَمْــعٌ مـع الـجَـفـا

ولا ظَـلَّ فـي قَـلْـبـي مَـكــانٌ لِـسـاحِــرِ



فَـمِــنِ بَعْــدِ ألْــفِ خَــريــدةٍ وخَـريــدةٍ

تَـرَكْـنَ بِـهِ الآثــارَ مِـثـَــلَ الـخَـنـاجــرِ



يَـظَــلُّ بـِــهِ خِـــدْرٌ وَرَوْضٌ وبِــرْكــةٌ

وَمَنْ تَرْتَضي السُّـكْنى عَـلى إثِرِ وَاتِـرِ



بِـقَـلـبٍ لــهُ فـي كُــــلِّ خـاطِــرةٍ رُؤىً

تُجَـلّـي بِها الأبْصـارُ غَـوْرَ الـبَـصـائـرِ



فَـإنْ عَـرَضَ الوَسْـواسُ أتْبَعَـهُ الـهُـدى

شـهـابـاً فـأضْحى في الأماني الـدَّواثِـرِ



إذا الـمَــرْءُ جَــازَ الأرْبَـعـيــنَ رَأيْـتـَـهُ

تَسـاوَتْ دواعـي نَـفْـســهِ بِـالـزَّواجِـــرِ



وَيُصْبحُ عِـطْـرُ العُـودِ والمِسْـكِ عِـنـدَهُ

ثَـقـيـلاً فَيَـمضي نَحْـوَ عِـطْـرِ الأزاهِـرِ



وَيُـرضيـهِ مِـنـهــا مـا يَـروقُ لِـفِـكْــرهِ

وَقــوداً لِـمِـصـبــاحٍ وأُنْـســـاً لِـســاهـر



يَـرى الحُـسْـنَ لا تُغـويهِ بِارقةُ الهَـوى

فَـيُـغـلي بـهِ الإبْـداعَ مِـنْ صُـنـعِ قــادرِ



وَتَـنْـكَـفِئُ الـشَّــهْــواتُ بـيـنَ جَــوانــحٍ

أضاءتْ بِـفِـكْـرٍ واسْـتَـنــارتْ بِــذاكِــرِ



تُنـاديـهِ في الأعْـمـاقِ هَـمْسـاتُ فِطـرةٍ

وَيـًــرْهُـبُـــهُ ألّا يًـطـيــــعَ لِـفــاطــــــرِ



تَـبَسَّــطْ فَـبـاقي العُـمْـرِ يَحْـمِـلُ رِزْقَــهُ

مِنَ الـضّيـرِ والـلَّـذاتِ رَغَـمَ الـحَــواذِرِ



وَصَفِّـقْ تَـجِـئْـكَ الـقَـافـيــاتُ أوانِـســــاً

تَـمـايَـلـنَ شَـمْـعـاً في نُسـيـمـاتِ عَـابِـرِ



يُـداعِـبْـنَ حَـبّـاتِ الـقـلـوبِ ضَواحِـكــاً

ويَـهْـتِـكْنَ أسْـتـارَ الـنُّـهـى بِـالـنَّـواظِـرِ



وَيَـعْــزِفْــنَ ألحــانَ الـبَـيـانِ شَــــجِـيَّـةُ

تَـمـاهَـتْ حَـنـيـنـاً في رَنِـيـنِ الأســاورِ



يُنادِمْـنـنـا جَهْـراً عـلى الـشَّـط ِّلا يَـرى

بِـمجـلسـِـنـا المُـرتابُ قُـبْـحَ الـمُجـاهـرِ



فَـهَـيِّئْ سِــماطَ الحُـبِّ شَـطْـريْـنِ وازِناً

سَـفـيـنـتًـهُ عَــدْلاً عَـلى وَجْــهِ زاخِــــرِ



وفَجِّـرْ بُحورَ الشِّعْـرِ واطْـرَبْ لِمُسْـهَـدٍ

يُـغَـنّي حَـزيـنـاً شَــوْقـهُ وَصْـلَ هـاجِـرِ



فَما الحُبُّ في هـذا الزَّمانِ سِـوى الّذي

يَفــوحُ شَــذِيّـاً مِـنْ قُـلـوبِ الـمَـجـامِــرِ



عَـفــيـفـاً نَـقـيّـاً صاغـهُ المُهْـجُ عاطِراً

بِـنـيـرانِ وَجْــدٍ فـي حُـشاشــةِ شــاعِـرِ



تَحَــدَّرَ نَـزفــاً مِــنْ عُـيــونٍ تَـلَـوَّعـتْ

فَـأشْـرقَ حَـرفـاً فـي ظَــلامِ الـمَحــابِـرِ



حَـرامٌ عـلى قَـلبٍ ونَـفْـسٍ رِضـاهُـما

لَــذائِـــذَ تُجْـنى مِـنْ دِمــاءِ الـضّـمـائرِ



وإلَّا فَـهَـــمُّ الـعـاشـــقـيــنَ هَــواجِـــسٌ

على الحِـسِّ تَحـيـا في بَـهـاءِ المَظـاهِرِ



فلا قَـيْـسُ في نجـوى حَـبـيـبٍ حَـبـيـبةً

ولا دَمـعُ لـيـلى فـي عُـيـونِ الـسَّـواهِـرِ



فَـخَــلِّ لِـقُـطـعـانِ الظِّــبـاءِ سَــبـيـلَـهــا

يَـراكِـضْنَ أطْـيافَ الخُـيـولِ الـظَّـوافـرِ



ويَـرْمُـقْـنَ مِـنْ طَـرْفٍ خَـفِيٍّ حَـرائِـراً

يُـقَـلِّـدْنَ خَـيْـلَ الـلّــهِ سُــودَ الضّـفـائِــرِ



ويُشْـرِقْـنَ إشْـراقَ الصِّفـاحِ ضَواحِـكـاً

إذا أقْـبَـلـتْ مِـنـهُــنَّ ريــحُ الـبَـشــائِــرِ



وزِدْني مِنَ الخَـمْـرِ الّـتي قَـدْ تَعَـتَّـقـتْ

قُـرونـاً بِـظِـلِّ الـفـاتـِحـيــنَ الـخَـــوادِرِ



أغِـثْـني فَـقـدْ طـابَ الـمُـقـامُ بِـذكـرِهِـمْ

وأطْـرَبَـني اسْـتِحـضارُ مَـجْـدِ الأكـابِـرِ



ولا تَـلْـتَـمِـسْ كَسْــرَ الـفُـؤادِ بِـصَحْـوةٍ

عـلى ذُلِّـهـا تَحتَ الـعُـلـوجِ الأصـاغِـرِ



وكُـــلِّ بَـغِـيٍّ يَـشْــتـري وِدَّ قَــيـصـــرٍ

بِـهَــدمِ بِـلادٍ وارْتِـكــــابِ الـمَـجـــازِرِ



وَيُـسْــنِـدُ لـلأغْـرابِ ظَـهـــراً وَيَـتَّـقـي

مَطـالـبَ شَـعْـبٍ بالـسّـيـوفِ الـبَـواتِــرِ



ويَـكْـســرُ بِـالـتـَّجــويـعَ عِــزّةَ أنْـفُــسٍ

تُـكَـتِّـمُ فـي الأضْـلاعِ دَمْــعَ الـمُـكـابِـرِ



حَـنانَـيْـكَ لِــمْ غَـيَّـرْتَ وِجْـهـةَ سَـكْـرةٍ

عَـلَـونـا بِـهـا هــامَ الـنّجــومِ الـزَّواهـِرِ



لِـتُسـقـطَـنـا في ذِكْـرِ كـــل ابْـنِ كَـلـبـةٍ

تَـقَـلَّبَ في أحْـضـانِ كًــلِّ ابْـنِ فـاجِــرِ



يُسَـلِّـمُـهُ الـمِـفـتـاحَ مِـنْ خَلـفِ ظَهْــرهِ

وَيَصرفُ ضِـحـكاتٍ لـِشَـعـبٍ مُـقـامِـرِ



أعِــدْني إلى الـكـأسِ الـقَـديـمــةِ إنَّـنـي

أذوبُ حـيـاءً مِـنْ صَفـاقــةِ حَـاضـري



أعِــدْ لِـي ســيـوفـاً كُــنَّ أبْـلَــغَ هِـمّــةً

منَ الشِّـعْـرِ في أكْـنافِ قَـصْرٍ وَقاصرِ



وَمِـنْ كُــلِّ وَعْــــدٍ بـالــسَّـرابِ لأمَّـتي

تَــلألأ كِـذبـاً فـي شِــــعـاراتِ تـاجِـــرِ



وأيْـقِـظْ نَجِـيَّ الماضـيـاتِ مِـنَ الأسـى

عَـلـى أمَـلٍ تُغْـلِـيْـهِ صَـرْخـاتُ ثـائِـــرِ



فَفي الـحَـزْمِ مَنأىً لِلـكَـريـمِ عَنِ الخـنـا

وفي العَـزْمِ بابٌ لاصْطِناعِ الـمَـفـاخِـرِ



الرياض – الخميس/ 5/ 9/ 2019م