ودّعتُ تاريخ العروبة غانما
عقلاً من الدّجلِ المنمّقِ سالما


لم ألقَ منها غير خذلانٍ لمن
نهضوا لعزتها وسلوا الصارما


والغشُّ فيها صار محضَ ثقافةٍ
في ظالمين يؤازرون الظالما


يقتادها للحرب ربحُ عدوِّها
وترى السلامَ إذا أتاه مسالما


وبلادُها مغصوبةٌ ما أصدرتْ
يوما لنصرتها قراراً حاسما


كم خدّرتْ أبناءها بمواعدٍ
كنَّ السّراب لمن تَقدّمَ هائما


فأمدّني ربي بعقلٍ ناضجٍ
ومعلِّمٍ لم يغفُ فيها حالما


فشفيتُ من قوميّةٍ كم أسهدتْ
جفني وأحيتْ من جراحي النائما


وبرئتُ من وطنيةٍ مكذوبةٍ
جعلتْ أخي في الأبعدين مراحما


وعدوَّ ديني لي أخاً في موطني
وأخوه يقتلُ إخوةً لي آثما


إن كان للأنساب وجهُ علاقةٍ
فالناسُ طرّاً يُنسبون لآدما


أو للبلادِ فكلُّنا في كوكبٍ
تقضي المصالح موطناً متلائما


آمنتُ أنّ الدينَ أوثقَ في العُرى
والروحَ أثبتُ في المودّةِ داعما


فوجدتُ في الإسلامِ صرحاً لم يزل
في العزةِ الشماءِ يشمخُ قائما


فبنُوهُ إخواني وإن دارٌ بِهم
شطّتْ أو الأنسابُ تَنقضُ لاحما


هذا بناءُ محمدٍ أقصى أبا
لهبٍ وقدّم مسلمين أعاجما


ما دمتُ أتبعُ نهجَه وأجلُّه
هيهاتَ أُلفى للبَنِيّةِ هادما


مصطفى الزايد