رفع أدباء و نقاد مطالب بتحويل ملتقى “مرّاكش تحتفي بالسّرد” في طبعته القادمة إلى ملتقى مغاربي حتى يكون جسرا للتواصل بين الأدباء و النقاد المغاربة، و الإسهام في ترقية القصة المغاربية، و كذلك التأسيس الفعلي للخصوصية المغاربية و مزاحمة أدب الأمم الأخرى بدءًا من الرواد وصولا إلى الجيل الجديد ، جيل الرقمنة، مع تصحيح النظرة التي أعطت صورة فلكورية للإنسان المغاربي المطيع، و إبراز كتابات أدباء أعلنوا الطلاق النهائي من قيد الأدب الإستعمارين فكان الإنفلات من القهر الممارس على تاريخ الأمة و لغتها و دينها


عند الحديث عن تاريخ الأدب المعاصر يلاحظ أن القصة القصيرة استطاعت أن تنافس بعض النصوص الأدبية، و رفع كتابها التحديات لبلوغ مستوى أرقى، إلا أنها تبقى في حاجة إلى قراءات نقدية لتقييمها، حيث تشهد الساحة الأدبية غياب شبه كلي للنقد القصصي، و مقارنته مع المجموعات القصصية الأخرى مغاربية كانت أو عربية، و البحث كذلك عن مثيلتها في أوربا وأميركا اللاتينية وآسيا و المقارنة بين قراءة القصة و قراءة الرواية، و كيف انتقلت كل منهما من الوضع الإجتماعي إلى الوضع السياسي و مساهمتها في تأسيس الوعي، هذا ما ذهب إليه باحثون أكاديميون في ملتقى السّرد في طبعتىه الأولى نظمته مؤخرا مؤسسة كنانيش مراكش ، جاء تكريما للفقيد عبد الله ابراهيم أحد أعلام السياسة والفكر الذين تربوا بأحضان المدينة الحمراء، و قد حمل الملتقى شعار: “مراكش تحتفي بالسرد”، و هو يهدف إلى تكريس ثقافة التعايش و الاعتراف بالآخر، و ترقية الفعل الإبداعي و الخطاب القصصي أو الروائي، مع إبراز التركيبة النفسية للمبدعين و الزظروف التي ولدت فيها أعمالهم الإبداعية.

و قد احتفى الملتقى بالمنجز النقدي والسردي لأقلام مبدعة معروفة في الساحة المغاربية و على مستوى الوطن العربي، على غرار الدكتور محمد زهير ، القاص أحمد طليمات و أبو يوسف طه الذي يعد من الأدباء المخضرمين في عالم القصة ، و أسماء أخرى تعدّ كذلك من رموز الثقافة المغربية و المغاربية الذين أثروا الخزانة الأدبية العربية، قدمت خلالها محاضرات و جلسات نقدية، حول الكتابة القصصية في الأدب المغربي الحديث، قدمها الدكتور محمد زهير، عرض فيها تجربته الإبداعية مع تقديم شهادات حيّة حول شخصية أدبية و سياسية غادرت الساحة، و هو الفقيد عبد الله إبراهيم، رئيس أول حكومة يسارية في المغرب في ذكرى وفاته الـ: 14 ، حيث تطرقوا إلى مختلف جوانب حياته السياسية و الفكرية في نشره الوعي الذي لم يرتق إلى تجسيد تلك الأفكار المناهضة للظلم .
و المتتبع لمسيرة هذا الرجل يجدها مليئة بالأحداث، فقد تربى في كنف الحركة الوطنية والكفاح ضد الاحتلال الفرنسي، و تعرض للإعتقالات كباقي رواد المقاومة الوطنية الذين كانوا يرون أن نهاية الاحتلال ليست هدفا بل خطوة أولى على الطريق لبناء المستقبل، عاش بمبادئه التي كوّنها في بداية مشواره السياسي والثقافي، ولم يرض بأن يكون تاجرا في سوق المواقف والمزايدات كما يقال، فقد دخل الرجل السياسة و خرج منها دون أن يتورط في قضايا فساد، و في طيلة مساره قاوم عبد الله ابراهيم الانتهازية السياسية فكان من عيار خاص، و إلى كونه رجل سياسة، يعتبر عبد الله ابراهيم رجل فكر و ثقافة بامتياز، حيث تفرغ للكتابة و أثر الساحة العلمية و الثقافية المغربية، إلا أنه كان من المثقفين المهمشين ، تمت الإطاحة به من طرف من يسمونهم بالطابور الخامس لا لشيئ إلا لأنه دعا إلى تحديث الدولة المغربية ، فعاش حياة الغبن و ظل على تلك الحال إلى أن توفي في 2005 ، للإشارة فقط أن التظاهرة الأدبية تخللتها قراءات قصصية لمجموعة من الكتاب منها المجموعة القصصية “سلة العنب” لأحمد الويزي و “سفر في الأرخبيل” للأستاذ أبو يوسف طه، و مجموعات “مخلوقات منذورة للمهانة” و”جوانيا” للمبدع أحمد طليمات ، الملتقى اختتم بتنظيم جولة سياحية حظي بها المشاركون حيث جاب المشاركون معالم مراكش التاريخية تحت عنوان :” المشاؤون يقتحمون أسوار المدينة القديمة لمراكش”، مع تكريم خاص للفائزين في مسابقة القصة القصيرة.
علجية عيش