لماذا حماس لم تشارك للان ..؟

كثر الحديث على مواقع التواصل الاجتماعي وأماكن حوار أخرى في اليومين الماضيين وبعد العدوان الإسرائيلي على غزة واستهداف أحد رؤوس العمل القيادي لسرايا القدس والمسبب للرعب للوسائط الأمنية الإسرائيلية وفي نفس الوقت العدوان على دمشق واستهداف قائد له تاريخ كبير في حركة الجHـاد الإسلامي أكرم العجوري، السؤال المطروح دائمًا لماذا لم تشارك حماس للآن في المواجهة والمعركة، بعض التسريبات التي أتت عن رئيس الشاباك نداف أرجمان تقول أن حماس لن تشارك في أي استهداف لكوادر سرايا القدس، وبالتالي كان أحد أهم الاحداثيات لهذا القرار الذي أرادت فيه إسرائيل عبر رئيس جهازها أن تستعرض كما استعرض سابقه دختر من حملات خارج الوطن المحتل وفي أنحاء مختلفة طالت كوادر وطلاب وغيره، ولكن حسابات أرجمان لم تستطع التمييز بين مناخات الماضي والحاضر وتوزنات القوى فيه حينما كانت اسرائيل تبرطع في أنحاء مختلفة في المنطقة العربية والعالم وتقوم بذبح الفلسطينيين في خانيونس والشجاعية وبين اليوم الذي يختبئ فيه الاسرائيليين في الملاجئ وتعطل الحركة المدنية والإجتماعية والإقتصادية والطوارئ العسكرية في الوطن المحتل وما يسمى إسرائيل. قبل أرجمان أن يكون عبدًا لطموحات ناتنياهو المتطرفة لكي يغزو هذه الغزوة التي بأقل تعديل تفضحهم عندما يهرع الإسرائيليون إلى الملاجئ فور انطلاق صفارة الإنذار، وهذا ما لم تتعود عليه إسرائيل التي استجلبت مواطنيها إلى واحة الأمن والأمان والذراع الطولى لما يسمى جيش الدفاع.

أما المنظور الإستراتيجي للعقلية الصهيونية وهي متمرسة في ذلك فهي استطاعت أن تفرض أجيال من القيادات أحدثت تغيرًا في برنامج الكفاح المسلح وبرنامج المقاومة من خلال تصفية النخب القادة في السبعينات والثمانينات والتسعينات وما بعد ال2000 وهو هدف إستراتيجي أرادت إسرائيل أن تحققه باغتيال عناصر متقدمة وقيادات في الفصائل لها وجهة نظر في كل ما يدور من مناخات سياسية وأمنية تخص الصراع والسلطة والتهدئة والإنتخابات وغيره من أمور تفرض واقعًا على الشعب الفلسطيني. اتهامات أرجمان بأن أبو العطا قام بعدة عمليات في الشهور السابقة أوجعت إسرائيل وعلى استعداد في أي مواجهة أن يكون حادًا في ردات فعله بالاضافة إلى وجهات نظر له في التهدئة وميكانيكية ومايكانزمات الصراع، كما هو أكرم العجوري الذي أفهمه منذ السبعينات، وهو متخصص في القطاع الغربي.

الجـHـاد الإسلامي غير مرتبط بأي اتفاقيات أو تفاهمات مع الجانب الآخر سواء مباشرة أو غير مباشرة وله وجهة نظر لا تتخلى عن أصول الصراع ولم يلهث أبدًا لأن يكون له موقع في السلطة أو مؤسساتها ولم يطالب بوزير أو مدير عام أو غيره وبالتالي الحسابات مع الجــHــاد الإٍسلامي ستكون حسابات خاصة وفي نفس الوقت هو من الأعمدة الرئيسية لحركة المقاومة الوطنية في قطاع غزة بالاضافة للقسام، لا أتخيل أن في هذه المواجهة السرايا تعمل بمفردها، بل هناك من يقدم دعمًا لوجستيًا وخبرات فنية متكاملة مع السرايا وسؤال غريب ما يطرحه البعض الذي ردت عليه غرفة العمليات المشتركة بأن توزيع الأدوار والمرحلية في المواجهة في توازن واتفاق كامل بين جميع الأطراف.

لماذا حماس لم تشارك للآن، ربما كان الإسرائيليون يطمحون أن تشارك حماس في هذه الجولة التي أعدوا لها بحسابات مختلفة ومتدرجة وربما ما استفزهم أيضًا تصريحات السنوار الأخيرة ولكن بكل المقاييس هناك حسابات خاصة وهامة ولها حسابات أمنية لدى الإسرائيليين إذا ما تحرك القسام، أعتقد للآن المناخات والمواجهات في حدود معطيات المواجهة وآلياتها لا تحتاج لدخول قوى المقاومة جميعها وإن كانت كلها في حالة استنفار وحالة طوارئ، فاذا ما تمادت إسرائيل في عدوانها وحطمت كل خطوط التهدئة السابقة فإنه لابد من لعبة كسر العظم التي لا تمهل وليس لها حسابات سوى أن يدفع الجميع الثمن، فاذا ما دفعت غزة الثمن فعلى الإسرائيليين أيضًا أن يدفعو الثمن لستة شهور أو أكثر وربما تكون ستالين جراد في فلسطين، وهذا ما تخشاه إسرائيل في غزة. حـMــاس تتعامل مع مواجهة الجهاد الإسلامي بكل تفاهم وربما أكثر من ذلك، والجميع يفهم أن الإستهداف النهائي للعقلية الفلسطينية والصمود الفلسطيني كتسويات وتمهيد لما هو قادم من مشاريع مذلة تستهدف الوجود الوطني الفلسطيني وتستهدف كل شيء في مركبات القضية الفلسطينية، فهنا نستطيع القول أيضًا أن سرايا القدس ونذكّر هنا أنها كانت في المواجهات السابقة المفتوحة هي القوة الأساسية مع القسّام في كل المواجهات وهي ذات كفاءة ولديها ما لديها من تقنيات لا يمكن الزج بها مرة واحدة وفي سلة واحدة في هذا الصراع الذي تتدخل الآن فيه قوى مختلفة لارساء تهدئة استمرارية لما تم الاتفاق عليه سابقًا وتبقى المعضلة هنا كمية الشهداء والخسارة التي مني بها الجهاد الإسلامي من خيرة شبابه وكما خسر الشعب الفلسطيني منذ عام 1966 للآن خيرة قياداته في ظل تصفيات ومغامرات قام بها الموساد والأجهزة الأخرى، ومن هنا يجب أن تكون الحسابات غير الحسابات السابقة وإن كانت إسرائيل الآن تدفع ضريبة بعقليتها ومعنويات مستوطنيها وهذا ما لم تتعود عليه إسرائيل في كل المواجهات مع العرب وغير العرب، ولكن غزة ومقاومتها وشعبها وفصائلها استطاعت أن تجعل كل مركب المجتمع الإستيطاني الإسرائيلي في حالة خوف ورعب وتوقف للاقتصاد وعجلة الحياة وهذا ليس بالهين، ومن هنا أيضًا نستطيع أن نقول أن ما قالته غرفة العمليات ينم عن خبرة واسعة واستيعاب للظرف والتدرج في التفاعل والتعامل مع الحدث وتحت أهداف محددة فيجب أن لا نستعجل الأمور فغزة محاصرة والضغط المعيشي والسكاني والفقر والبطالة لها مؤثرات أخرى والله المستعان.

بقلم/ سميح خلف