المستشفى الميداني الامريكي في غزة بين مؤيد ومعارض..؟؟ واين الحقيقة.؟
يبدو اننا اصبحنا ندافع عن اخطائنا اكثر من دفاعنا عن حقوقنا وبدافع فصائلي وحزبي حيث تغيب في خضم الجدل والمناكفات اسس الحوار الوطني في غياب مؤسسات وطنية تتحمل مسؤولياتها في تلك المنعطفات الخطرة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية والوجود الديموغرافي والتاريخي على تلك الارض .
تلك هي الثقافة التي تدافع عن ثقافة حزبها ومواقفه وان كانت خاطئة، وكيف نحكم بمتجهات وطنية خالية من الموقف الحزبي الذي يتخذه مؤسسات حزب وليست اطر وطنية جامعة وشاملة لنظام سياسي موحد للشعب الفلسطيني.
ما يدور الان على مواقع التواصل الاجتماعي من مناكفات يعمل بها اكثر من طرف وتتوه المعارضة الوطنية والحقيقية بين ادعاء هذا في رام الله وادعاء ذاك في غزة ، والمعركة المحتدمة الان بين سلطة رام الله وسلطة غزة وكل ما يقال عن انتخابات وغيره لا اراها في المنظور الان في التصعيد الذي يحدث بخصوص حادثتين هي حادثة الاسرى المحررين واضرابهم وحادثة بناء مستشفى ميداني امريكي في غزة ، فكل يحرض على الاخر في رام الله يتهمون كل من يؤيد بناء المستشفى الامريكي بانهم حمساويين وكل من يعارضه هم شغّيلة وتلاميذ دايتون .. القضية يا سادة ليست قضية دايتون ولا قضية حمmاس هي قضية وطنية في كل الاحوال لانها الارض فلسطينية ودفع الشعب الفلسطيني من ابنائه ومن كافة فئاته الاف من الشهداء لكي تكون مانعة وممنوعة عن اي قوى عدوانية وعدائية نحو الشعب الفلسطيني ، واريد ان اوضح الاتي :
1 – هل يمكن ان يتماشى مشروع المقاومة اوهدافها مع مشروع انساني يفرضه العدو على ارضك ؟! سواء بموافقتك او بدونها ! وتحت دواعي انسانية وغير انسانية ؟ وهل كان يمكن لحركات التحرر العالمية مثلا في الجزائر والفيتنام وغيره من مناطق اخرى ان يستعينو بالعمل بالمؤسسات الانسانية لمعالجة جرحاهم ومرضاهم ؟ وهل فعلا ً القوى العدائية والعدوانية تتمنى الخير لابنائك باعتبار ان اي وجود فلسطيني حي بمشكلاته الاجتماعية والعلمية والنضالية يهدد وجود الكيان الصهيوني ومن ثم هل يتناغم مشروع الانسانية الذي يدعي البعض من حمmاس بانه ملكية خاصة لمؤسسة انسانية امريكية مع مشروع المقاومة واهدافها باشارة الى ما تقدم في الجمل السابقة ؟!
2 – صرحت بعض الفصائل بما يتنافى مع تصريح حماس بانها كانت شريكة في القرار بانشاء هذا المستشفى اذا اي الفصائل التي وافقت على ذلك ؟ وهذا يذكرنا بالمشروع المرحلي ويذكرنا ايضا ً بالاطروحات التي تم طرحها بعد الـ70 بالتواصل مع المؤسسات المدنية والاجتماعية في اسرائيل وكان التبويب لجميع التنازلات التي اتت فيما بعد ويمارسها الرئيس عباس الان وعلى راسها محمد المدني بالتواصل مع المؤسسات المدنية والانسانية والحزبية الاسرائيلية ، فموافقة حماس على ذلك تعني بشكل او باخر انها ذهبت لنفس البئر الذي غرف منه الاخرون واستجابت لعمليات احتواء تحت ضغوط انسانية بكل مبرراتها.
3 – مثل هذا القرار الذي يقتطع جزء من ارض شبه محررة ومحاصرة خارجيا يحتاج للتصديق من مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني وليس من فصيل فقط وبشكل رسمي وقانوني مثل المجلس التشريعي او المجلس الوطني هذا اذا كنا نحترم شعبنا ونحترم ذاتنا ونحترم مايسمى ان لدينا نظام سياسي ، فـباي صفة دستورية وقانونية تم تاجير تلك الاراضي ليقام عليها هذا المستشفى الذي له عدة مخاطر والذي بررها بعض من حماس بان لها ايجابيات برغم ان المربع مفتوح لتستغلها امريكا امنيا وتجاريا واقتصاديا بذريعة معالجة اصابات الحروب والاصابات المدنية في حالة الحرب والسلم والامراض ايضا ً .
4 – يقال ان المستشفى الذي يقام الان في شمال غزة وبكل المظاهر التي نقلتها وكالات الانباء بصور بانه مظهر عسكري بحت ونقل جزء منه من العراق وجزء منه يقال من الجولان كان يعالج افراد النصرة ومن شمال العراق يعالج بعض الارهابيين ، ويقال ايضا ً انه في حلب وسواء اجرت او منحت تلك الارض فهي كارثة في اعتقادي في ظل خيارات اخرى كانت يمكن ان تؤدي لتحسين المؤسسات الطبية والصحية في غزة .
5 – الذين يدّعون بان هذا المستشفى سيقدم خدمات طبية بدلا من التحويلات الطبية هذا الكلام مردود عليهم ايضا وتحت ادعاء الخلاص من اتحكار واستبداد وزارة الصحة في رام الله او العلاج في مستشفيات اسرائيل والرد سياتي على اخر جملة اولا .. ماهو الفرق بين العلاج في داخل اسرائيل والعلاج في المستشفى الامريكي ؟! اما ثانيا شهد قطاع غزة في الشهرين الماضيين او الثلاث الماضية هجرة الكثير من العقول الطبية المميزة وكما افاد بعض الاطباء الذين غادروا غزة انهم تعرضوا للاساءة الحزبية والصراع الحزبي الذي لم يسمح لهم بممارسة ابداعاتهم الطبية في داخل قطاع غزة في حين ان هؤلاء الاطباء قد ارتضوا بمبالغ زهيدة كرواتب لهم في مستشفيات غزة .
6 – الاموال التي تصرف على التحويلات الطبية في اسرائيل وفي القدس وفي عواصم عربية قد نستطيع من خلالها بناء احدث مستشفى في قطاع غزة وكان يمكن التعاقد مع افضل الاطباء في العالم في التخصصات النوعية ومعالجة الامراض القاهرة ، فهؤلاء الذين يدعون بان هذا المستشفى يتركز على خبرات طبية في معالجة السرطانات وامراض النخاع والاورام المختلفة فهل هذا هو البديل والحل بمستشفى ميداني بشكل او باخر يتبع للمؤسسة الامريكية ؟ ... فيجب عدم تبسيط الامور بانها مؤسسة مدنية ، فهذا المستشفى الذي نقل اتى نتيجة تفاهم مع الحكومة الامريكية ومؤسساتها ومع الحكومة الاسرائيلية ومؤسساتها .
7 – مهما حاول البعض على تجزئة المناخات والتشابكات الاقليمية والدولية مع المحلية سواءا في الضفة او في غزة فانها تشابكات تتبع لرزمة واحدة فقط صرحت صحيفة يديعوت احرنوت بان تم الاتفاق في التهدئة ايضا مع غزة بتنشيط مستوطنات غلاف غزة بعدة مصانع لتدوير النفايات ونقلها من غزة وانشاء محطة كهرباء وعدة مشاريع لتشغيل العمال من غزة ، ولذلك نحن نمر في تحولات بين المقاومة واللا مقاومة ومنتصف الطريق بين برنامج اوسلو وبرنامج المقاومة في طبيعة عمل قد تؤدي الى اوسلو 3 وفي غياب مفاهيم ومحورية النضال الوطني الفلسطيني المبني على ثوابت سواء بحدها الادنى او الاقصى وهو الدولة الفلسطينية المستقلة اولا ودحر الاستيطان وبناء مجتمع فلسطيني يضمن الحريات والاستقلال والفصل بين السلطات واصبح من الصعب الان في ظل مفاهيم سياسية وامنية في الضفة وغزة ان يتحدث عن قضية تحرير فلسطين .. فاذا ً اي مشروع هذا الذي يتحدث عن المقاومة بكل ابجدياتها التي نعرفها وكما كان سابقا في نظرية الكفاح المسلح والثورة التي انطلقت في 1965 !
نحن بحاجة الان لنظرة وطنية قيمة وموضوعية في الجدوى والفائدة من هذا المستشفى بايجابياته وسلبياته بعيدا عن خنادق الدفاع والهجوم والمناكفات التي تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقف السياسية في رام الله وفي غزة وما يتبعها من حشود من الانصار والمصفقين ، نحن نحتاج الى رؤية وطنية والى وضوح من حماس كيف تقوم بتاجير تلك الارض او منحها سيان وهل يخولها الدستور والقانون كفصيل ان تؤجر او تهب من الارض ما تشاء تحت دعوات انسانية في حين ان هناك عدة خيارات اخرى تحبط التبريرات الحالية لمعالجة قضايا الصحة والعمل الانساني في غزة ، ولكن كل ما يحدث الان انني ارى في غزة خطوات لدمج مصالح غزة في الاتجاه نحو الجنوب وليس الشمال العربي اقتصاديا وامنيا وسلوكيا اي سيبقى اعتمادنا في كل المشاريع المطروحة على اسرائيل وهذا يتعارض ويتناقض مع مشروع المقاومة .
بقلم / سميح خلف