ملاك السلام والغول الاسرائيلي

ثمة ما يدعو للذهول ويلحقه تعجب من احوال تلك القيادة وهذا النظام السياسي الذي اصبح يعاني من العجز والهبوط السياسي يلحقه هبوط اعلامي وانجراف امني ذعرا وتخوفا ً من نهضة او يقظة قد يمسك بها الشعب بمعوله لكي يجُب كل ما مضى من تهاون وغثيان وفشل ، وبكل الظواهر التي ادت الى انهيار البرنامج الوطني الفلسطيني وتحلل ادواته النضالية الى شكليات وبانورمات ولوحات اخرها وليس باخرها اوبريت ملاك السلام الذي تبنته قناة فلسطين الفضائية بكل ما حشد ماليا وفنيا ً لتنفيذ هذا العمل اللا مسؤول في وقت من اصعب الاوقات واعقدها يمر بها الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية ، طبعا بعد بدعة وكما يسمونه ابداع اكبر كوفية في العالم لموسوعة غينيتس حيث استوردوا تلك الكوفيات من ( الصين ) وقاموا بحياكتها مع بعضها البعض لتكون اكبر ابداع ردا ً على الاعلان الاستيطاني الكبير في مدينة الخليل وفي نفس التوقيت تقريبا .

نستكشف من هذا السلوك ان تلك القيادة فقدت كل اوراقها بحيث لا يوجد لديها اي ورقة لتلعب بها سوى اللعب في عقول البشر وتعبث في مستقبل كان مطلوب ان يعد له اعدادا ً جيدا ً لنخرج من مستنقع هذه القيادة الرديئة بكل طاقمها السياسي والاعلامي والامني ، الكل في تلك " الهيصة " المفتعلة يصرخ ويتذمر واخرها انتخابات الاقاليم في الضفة الغربية من واسطة ومحسوبية وتبعية وولاء ، فلم يكن التفكير بالعودة الى ادبيات هذه الحركة ولم يكن التفكير في اعداد المؤتمرات لكي تكون سيدة نفسها تنتخب قيادة مناضلة تستطيع ان تحدث اشتباك مباشر مع العدو الصهيوني وفي نقاط التماس وعلى حدود المستوطنات ، بل كان الولاء طمعاً في امتيازات وتقديس لملاك السلام وفي الحقيقة انهم لا يقدسون هذا الملاك ايضا ً ولكنه كان هو المربع الذي اجتمع عليه هذا النهج لكي يحقق مصالحه وامتيازاته ونظرته للضفة الغربية التي لا تخلو الان وما يدور في الخفاء من رغبات بالالتصاق بمصالح الاحتلال ووجوده مادام يحقق مصالحهم .

ملاك السلام الذي وصفه الابريت " سيدي سيدي " فلا سيادة لاحد في ظل الاحتلال ! وخاصة سيدكم قال في احد الاحاديث انه يتحرك تحت بسطار لمجندة اسرائيلية ! فكيف يكون هناك سيد وسيادة؟! الا اذا كان هذا الذي كتب الاوبريت في نطاق ظاهرة السحيجة "وعلى مستوى " .

هنا لا اهاجم كاتب هذه الكلمات وهو مدير في فضائية فلسطين يدعى خالد سكر رغم هذا الذي قيل عنه انه شاعر فقد وقع في اخطاء كبرى رددها بعده من قاموا بغناء هذا الاوبريت وادائه فنيا .. فلا ادري متى تكتب كلمة الفضا (الفضى ) في حين هي بالالف الممدودة والقيت بهذا الشكل ، اما هذا الاوبريت بكلماته الذي احتوى على اكثر من خطأ لغوي ونطقي وجعل المنصوب مرفوعا وفي اكثر من جملة في هذا الاوبريت ، فيبدو ان هيئة الاذاعة والتلفزيون انعدمت من المدققين اللغويين فهذا يعتبر فضيحة على مستوى الوطن العربي والفضائيات في حين ان تلك الفضائية جهزت باحدث التجهيزات .

ولكن ما شدني ايضا ً في جملة استفزتني كثيرا ولا ادري هل اخونا الشاعر يستفز التاريخ ام يستفز الشعب الفلسطيني ام يستفز الواقع جملة رددت في الاوبريت :
( في كفك غصن السلام .... وفي اليد الاخرى رصاص ) اووف ! هذا هوا سيدك ابو مازن ؟! كيف تتبلى على هذا الرجل بما لا يعتنق ولا يتبنى .. فاذا قيل انه غصن السلام فهو السلام المفقود واي سلام في يد محمود عباس اهو سلام من اعترف الان بان خارطة الطريق تطبق حجر بعد حجر ومربع بعد مربع ام السلام كما قلت في الاستيطان ام السلام الان بما يعرض على غزة بحيث تقود هذه العروض الى انشاء دولة خارج السياق والبرنامج الوطني الذي اقر في عام 1974 فاذا كانت هذه الحتمية قد اعطتنا فشل ذريع لكل النهج الذي قاده محمود عباس فلماذا لم يتدارك الامر وياتي لغزة لممارسة صلاحياته كرئيس ويعلن تمسكه بالحل المرحلي عام 1974 وان تكون غزة هي الجزء المحرر نسبيا والعمل على تحريرها كاملا مادام هذا ليس ممكنا في الضفة الغربية وليواصل الشعب الفلسطيني النضال والمقاومة في الضفة الغربية واجزاء اخرى وتفعيل الاحتكاك والاشتباك المباشر في الضفة الغربية وتنفيذ وعوده الذي قالها للمرة العاشرة بسحب الاعتراف باسرائيل ووقف التنسيق الامني واعلان الدولة ولتكن من غزة على دولة البرنامج المرحلي على الاقل ، هذه العبارة السابقة التي وردت هي عبارة خادمة لحقائق كثيرة فمحمود عباس لم يؤمن يوما بالكفاح المسلح او الانتفاضة او اي عمل عسكري وقتالي وهو الذي قال ايضا انني لم امسك مسدسا يوما في يدي فكيف تكون اليد الاخرى لمحمود عباس تحمل رصاص كما قال الشاعر وهل هي اليد اليمنى ام اليسرى ؟! ولكن يبدو ان محمود عباس لم يقوى الان او في السابق لا رفع يده اليمنى و اليسرى ايضا ، اما الاسفاف في التعبير في العبارة الاخرى في الاوبريت (قد دنى منك المشيب ) الحقيقة ان محمود عباس منذ 30 عام ولا شعرة سوداء في راسه فكيف دنى منه المشيب ؟!.. تقل هذه الجملة لشاب في الثلاثينات مثلا بدات بعض الخيوط البيضاء تتوالد في راسه ولكن هل تقال لرجل عمره اكثر من 86 عام ! اما انت عجيب يا شاعرنا ! والمشكلة هنا ان من سمعك وقبل هذا الاوبريت هو اكثر منك سذاجة او تسحيجا .

في كتابة هذا الاوبريت الذي كلف كثيرا في حين ان هناك من ظواهر الفقر في الضفة او غزة ظواهر تخترق كل المفاهيم الانسانية لتنشغلوا فقط في اوبريت سيدي سيدي ملاك السلام .

كم انتم تافهين وكم انتم تستحقرون هذا الشعب وتستحمرونه ! القضية الفلسطينية في مهب الريح هذا ان لم اقل ان هناك تواطؤ كامل على تلك النهاية الدرامية الماساوية التي تحمل الكثير من التراجيديا بكل اوصافها ومعانيها وواقعها وتشابكاتها ومشكلتنا دائما ً ( في تلك النخب ) .

بقلم /سميح خلف