لقد زرت الشمس يوما ... فلم أجدها هربة و لا خائفة و لا طامعة ... لقد كانت مثل المرأة الفتية التي نضت عنها ثياب الحياء و التردد ينضح بدنها الملتهب الأحمر شررا و لهيبا ... إذ كنت منها بعيدا لمحتها صباحا و إشراقا و نورا و لكنها يوم تدنو تقذف بك و أحلامك و أحلام عشيرتك الٌأقربين إلى أمعائها دائمة الجوع مستمرة الظمأ ... إنها لا تسجد و لا تطيع ...
====
ليس مسموحا لأحد ... كائنا من كان ... أن يسجنك تحت خطاه حذاءا بلا اسم و لا أمل و لا مستقبل ... ثم يترك خلافه ذيولا بشعة المرآة تحرس أدبك و انصياعك و تقطع أصابعك و تشرب دمك إذا فتحت عينيك أو أصخت بأسماعك ...
الرحمة في عرفها ليست من حق سوى المذعنين الخانعين الكسالى ... و النشطون المسرورون ببهجة الفكر و الاعتبار فتكلمهم ذؤابة السيف و مأواهم جهنم و بئس المصير ...
في بلاد ليس من حقك أن ترفع هامتك إلا لترى و تمجد و تباهي بأخمص قدمي سيدك العليا ...
يرى حياته نموذجا ... يحتذى ... في شرب الدم و تقديس النهب و العدوان و سب العالمين بما ليس فيهم ...
إن الشمس لا تجري ...
و إنه ليس لها من مغرب و لا مطلع و لا تتزاور و لا تركع ...
إنها تشتعل فقط ... و نحن من يدور بها ...
إننا لباقي الكائنات الحية إخوة ... و الأخ لا يمضغ أوصال أخيه ... ثم يدخل محرابه و يصلي ...
إن الذي رحم الظبي فمنحه القدرة على الوثب و مهارة الهرب و الابتعاد ليس هو من أعطى الضاري النيوب التي يمزق بها الأوداج البريئة و المخلب و القوة و البأس ليسطو و يفترس...
إن الذي تر ك هؤلاء الإخوة فوق الأرض يأكل بعضهم بعضا ... و يملك بعضهم رقاب بعض و تعلوا نعال بعضهم هامات أكثر الناس طويلا ... طويلا ... ليس حكيما على الإطلاق ... إن الحكمة هي العدل و الرشد و التمييز ...
يا سادتي إننا وحدنا ... مثلما ترون الكائنات في البرية و حدها لا تجد من يجعل لدمها مثلما لدمائنا حرمة فيحقن ... و لكرامتها و حقوقها في أن تحيا كريمة أو لا تكون ...
إن الصباح عندنا نحن فحسب صباح ... إنه موعد للألم و الحزن و الجراح عند جميع من سوانا من الخلائق ...
و الليل موعدنا للسكن و الطمأنينة و هو ميقات تمزيق الجلود النازفة و قضم الحنايا الراجفة اللينة ... و ملأ البطون الخاوية للوحوش القاسية ...
فأين الرب إذن ... من كل ... هذه الآلام ... و الجراح ... و القسوة ...