تَذكَّرْتَ الشَّبابَ وَأيُّ ذِكرَى


أشَدُّ عَليكَ مِنْ ذكرَى الشَّبابِ


مَضَى عَهْدُ الشَّبَابِ مَضَى حميداً


فَوَا أسَفَا لِمَاضٍ غَيْرِ آبِ


 


وَيَا لِسِنينَ قدْ ضَيَّعْتُ لَهْوَاً


وَطَاقاتٍ هَدَرْتُ بِلا حِسَابِ


 


وَآمَالٍ عِذابٍ ضَاحَكَتْنِي


وَأحْلامٍ كآمالي العذاب


 


تَذكَّرْتُ الشَّبابَ فَصِرْتُ أبْكِي


وَأقْضِي الليْلَ وَحْدِي فِي انْتِحَابِ


 


فَمَا بَعْدَ الشَّبَابِ سِوَى مَشِيبٍ


يُعَذِّبُ فِي الذَّهَابِ وَفِي الإيَابِ


 


إذا قَدَمِي حَمَلْتُ عَلى مَسِيرٍ


تُعَاتِبُنِي وَتَغْلُظُ فِي عِتَابِي


 


وَكانَتْ أمْسِ تَمْشِي حَيْثُ أمْشِي


وَتَسْألُ أنْ سَئِمْتُ المَشْيَ مَا بِي


 


تَذَكَّرْتُ الشَّبَابَ وَقَدْ لَمَحْتُ أُنْثَى


دَنَتْ وَنَأتْ كَظَامِيْ عَنْ سَرَابِ


 


إذا الحسنا إلَيَّ رَنَتْ ، سَرِيعَاً


أُدِيرُ الطَّرْفَ عَنْهَا فِي اكْتِئَابِ


 


لِصِدْقِ يَقِينِ نَفْسِي أنَّ شَيْبِي


وَجَعْدِي نَاعِيَانِ لَهَا شَبَابِي


 


تَذَكَّرْتُ الشَّبَابَ بِأُغْنِيَاتٍ


فَضَاعَفَتِ المَرَارَةُ فِي اغْتِرَابِي


 


أعَادَتْ لِي سِنِينَاً عِشْتُ فِيهَا


فَكَادَ اللَّحْنُ يُفْقِدُنِي صَوَابِي


 


فَوَا أسَفَا عَلى حيٍّ تَقَضَّى


مَلامِحَهُ مَحَتْ أيْدِي الخَرَابِ


 


كَأنَّ الحيَّ مَا دَوَّى بِصَوْتٍ


فَأمْسَى مِثْلَ قَبْرٍ فِي التُّرَابِ


 


وَلَمْ يَعْمُرْ نَوَافِذَهُ نَسِيمٌ


يَهُبُّ مِنَ الرُّبَى وَمِنَ الهِضَابِ


 


أنَا مِنْهُمْ عَلَى بُعْدِي قَرِيبٌ


فَوَا حَزَنَا ببُعْدِي وَاقْتِرَابِي


 


تَذَكَّرْتُ الشَّبَابَ بِلَيْلِ صَيْفٍ


وَسَهْرَاتٍ سَهِرْتُ مَعَ الصِّحَابِ


 


فَسَالَ الدَّمْعُ فِي صمت بطيئا


عَلَى خَدَّيَّ يَقطر فِي ثِيَابِي


 


سَقَى اللهُ يَا أصْحَابَ عُمْرِي


لَيَالِيَكُمْ بأمْوَاهٍ عِذَابِ


 


فَكَمْ كَانَتْ بِلا عُقَدٍ حَيَاتِي


كَعُصْفُورٍ يُحَلِّقُ فِي الرَّوَابِي


 


وَإني اليَوْمَ فِي عُقَدِي مُحَاطٌ


وَلا ألْقَى انْفِلاتَا مِنْ عَذَابِي


 


وَلكِنْ لِي بِأشْعَارِي عَزَاء


وَأشْعَارِي تُنَسِّينِي مُصَابِي