لكي تفهم لماذا وكيف سقط المسلمين في الأندلس


باختصار: يجب عليك تقسيم تاريخ المسلمين هناك لأربعة حقب زمنية بالترتيب


الأولى: المملكة الأموية عاشت 300 سنة تقريبا
الثانية: مملكة المرابطين عاشت 60 سنة تقريبا
الثالثة: مملكة الموحدين عاشت 90 سنة تقريبا
الرابعة: مملكة غرناطة عاشت 250 سنة تقريبا


كان بين كل مملكة وأخرى تحدث اضطرابات سياسية وفوضى وحروب أهلية سميت ب (عصر ملوك الطوائف) شبيهة بعصور الاضمحلال في مصر القديمة التي توسطت عصر الدول القوية..


الأمويين كانوا عرب بينما المرابطين والموحدين كانوا (أمازيغ) أما الغرناطيون كانوا خليط من عرب وأمازيغ وسكان محليين..لذلك عاشت ممكلتهم طويلا لأنها كانت ممثلة لمصالح الكل تقريبا..وبالتالي لم تستفز مشاعر الخصم الديني والقومي واللغوي..


أما كيف سقط الحكم الإسلامي هناك فكلمة السر هي (مملكة قشتالة) المسيحية أو "تاج قشتالة" وهو تحالف ديني وسياسي كان يحكم (ثلاثة أرباع) الأندلس من الوسط والشمال


يعني المسلمين والعرب في الحقيقة لم يحكموا كل الأندلس أبدا..أقصى حدودهم وصلت بزحف عسكري لمنطقة "بواتيه" شمال الأندلس وهزموا هزيمة كبيرة وتراجعوا لقرطبة في حدث تاريخي سمي لدينا بمعركة "بلاط الشهداء" وهي المعركة التي توقف فيها زحف المسلمين ناحية فرنسا..ومن بعدها تكونت مملكة قشتالة التي حكمت شمال ووسط الأندلس حتى أسقطوا الحكم الإسلامي لاحقا بعدة قرون..


باختصار: اتحاد مملكتي قشتالة وليون في ما عرف ب "تاج قشتالة" هو الذي أسقط المسلمين، وهو اتحاد مسيحي قوي شمل متطوعين دينيين من سائر أوروبا ظلوا يهددوا الممالك الثلاثة المسلمة الأخيرة حتى أسقطوهم..وبالتالي نفهم أن حروب الممالك الأربعة المسلمة ضد الأندلسيين كانت (دينية طائفية) (إسلام × مسيحية)


ولأن المسيحيين وقتها كانوا كاثوليك متعصبين نظروا للغرباء كمحتلين يشكلون تهديدا لعقائدهم الدينية بدأوا في (محاكم التفتيش) بالتوازي مع حربهم مع مملكة غرناطة، ولما طردوا الغرناطيين المسلمين توحشوا في قمع كل من هو غير مسيحي، وتاريخيا بدأت هجرات يهود الأندلس لفلسطين من هذا التاريخ..


التحوّل بدأ منذ وفاة ملك قشتالة "هنري الرابع" Henry IV of Castile
سنة 1474م تصارع خلفاؤه على الحكم، مما أدى لطمع ملك غرناطة المسلم في أراضي قشتالة، وهي ما تمثل ثلاثة أرباع الأندلس في الوسط والشمال، وشن هجوم عسكري عليها بالفعل سنة 1482 م..لكن القشتاليين توحدوا وصمدوا 10 سنوات إلى أن هزموا غرناطة واستولوا على أراضيها معلنين بدء سياسة طرد المسلمين والعرب انتقاما لغدر ملك غرناطة وطمعه فيهم وهم ضعاف..


وبالتالي سقوط المسلمين في الأندلس ليس لأنهم كانوا عصاه ولا يصلون ولا يصومون كما يشيع ذلك الإسلاميين والجماعات، ولكن لأن ملكهم الأخير كان (طمّاع) ولم يحترم خصوصية قشتالة المسيحية وظن متوهما أن بإمكانه السيطرة على كل أراضي الأندلس..فكان هجوم القشتاليين المرتد الذي أسقط غرناطة وأنهى وجود المسلمين السياسي في جنوب أوروبا الغربية..


يعني باختصار شديد: هي معركة عسكرية بين دولتين أحدهما تمثل آخر ممالك المسلمين وفيها بقايا العرب المكروهين من الشمال والوسط الأندلسي، ومن سائر أوروبا المسيحية، وهزيمتهم كانت طبيعية لأن وقتها أوروبا كلها كانت بتحارب دفاعا عن المسيح والمذهب الكاثوليكي بالخصوص..