من نماذج تزوير التاريخ في الدراما العربية


1- مسلسل علي الزيبق سنة 85 وفيه تم تصوير العثمانيين بالخلافة الإسلامية الوطنية المدافعة عن الأوطان بينما تم تصوير الصفويين كمجوس خُدّام النار الذين يريدون غزو العالم لنشر معتقدهم الديني..


2- مسلسل ممالك النار سنة 2019 وفيه تم اختراع طائفة جديدة اسمها "الجهاردية" لم توجد تاريخيا لكن ربطوها بالشيعة الذين يريدون غزو العالم لنشر عقيدة المهدي..


في النموذج الأول ظهر المسلسل في عز الصراع مع إيران في الثمانينات وطبيعي أن يصفوا الشعب الإيراني بالمجوسي وقتها، وملمح التزوير هنا أن معتقد الزرادشتية لا يؤمن أصلا بالجهاد ولا نشر الدين بالسيف..فطوال حكم الإخمينيين والساسانيين 1000 عام ويزيد لم يحرصوا على إجبار الشعوب التي استعمروها على التمجّس..


في النموذج الثاني ظهر المسلسل في عز الصراع مع تركيا وبرغم التوثيق التاريخي الجيد لأحداث غزو مصر لكن وقع في وحل الطائفية عن طريق ربط معتقد سليم الأول بالمهدوية الشيعية، خلافا لما كان عليه في التاريخ الذي حارب فيه جماعة "القزلباش" الشيعية المؤمنة بالمهدي، وأنه لم يكن يهدف غزو مصر لولا تحالف الغوري مع الشاه إسماعيل الصفوي بعد معركة جالديران.


في النموذج الأول كان ملمح التزوير (تعصب قومي) كانت فيه العروبة هي المسيطرة كثقافة قومية أدت لظهور أعمال أخرى على نفس الشاكلة كفيلم "القادسية" لسعاد حسني الذين أعادوا فيه إنتاج معركة القادسية فنيا لإسقاطها نظام كسرى على الخوميني، وعمر بن الخطاب على صدام حسين..(ابتسامة.)


في النموذج الثاني كان ملمح التزوير (تعصب ديني) كان فيه العداء للإسلام السياسي هو المسيطر كثقافة، فتعاملوا مع غزو الأتراك على أنه إسلام سياسي متحالف مع الشيعة المهدوية الذين يمثلون الوجه الآخر للجماعات، وذكر الجهاردية هنا لإثبات علاقة سليم بجماعة الحروفية الشيعية الباطنية، فتم إسقاط العمل على نظاميّ "تركيا وإيران" بصفتهما رعاة لهذا الإسلام السياسي المستهدف اللي هو يحمل عند المؤلف (فكر باطني)..


في الحقيقة لو أردنا تشريح النموذجين نجد أن بينهما تعارض ضمني، ففي الثمانينات لم تكن سمعة الأتراك سيئة وخلافتهم كانت دينية إلهية مُمجّدة في التاريخ، أما الآن فمع حماقات أردوجان وطموحه في الخلافة وكثرة تعظيمه لسلاطين بني عثمان أدى لشيوع عداء مع تاريخ العثمانيين بالمجمل والتفتيش في بلاويهم لتنفير العامة منهم ومن أحفادهم، بينما لو كان أردوجان رئيس طبيعي دبلوماسي غير متخلف بإحياءه سلطات أجداده لما شجع ذلك خصوم تركيا على الانتقام بهذا الشكل..ولتم الاكتفاء بصراعات السياسة الطبيعية..


تحدثت مع زميل عن تزوير مسلسل ممالك النار، قال: أن الجهاردية تصور رمزي لداعش المتحالفة مع أردوجان وأنه مجرد تصوير أدبي فني غير تاريخي، قلت: أن حدوتة ابن العلقمي الشيعي بدأت كذلك وانتهت كحقيقة تاريخية، ونتيجة تزوير العملين واحدة ..مزيد من الطائفية وترسيخ العزلة المعرفية عن الآخر..