العالم الثالث في مواجهة أزمة الكمّامات
--------------------------------------


الكمّامات عند بائع المواد الحديدية "الكانكيري".. هي من المهازل التي سمعناها من أحد الإطارات في قطاع الصحة بولاية شرقية تعتبر قطبا في الصناعة الصيدلانية، و هو يناقش فيروس كورونا و كيف يتم مواجهته دون أن يقدم الحلول و البدائل لحماية الناس من الإصابة به لاسيما الأطفال، حتى لو تقبلنا فكرته فهل الكمامات التي تباع عند الكانكيري معقمة؟ و الأخطر من ذلك أنه دعا إلى تحسيس المواطنين بتواجده في هذه المحلات لإقتنائه قبل نفاذه و أشار أن سعر الكمّامة الواحدة 60 دينار جزائري فقط، أي أنها في متناول الجميع، كان ذلك في جلسة رسمية بحضور "إمام" منتخب ، الأخطر من هذا كله أن الإمام تغير لون وجهه من شدة الغضب و لكنه تمالك نفسه و لم ينبس بكلمة و هو يستمع لهذا الإطار بأنه وجب أن تمنع الصّلاة داخل المساجد لتفادي خطر العدوى..
طبعا هي حلول ترقيعية، فالخطر لا يتوقف عند منع المصلين من أداء صلاة الجماعة داخل المسجد، أو إفراغ المدارس و الجامعات من التلاميذ و الطلبة و منحهم عطلة مدرسية ، أو توقيف الرحلات الجوية، أو تسريح العمال و غلق المؤسسات الإقتصادية، حتى لو تم ذلك، فماذا عن الأمور الأخرى؟ هل سيلزم الناس ديارهم و لا يخرجون و لا يمارسون حياتهم اليومية؟، و هل سيخرج الجيش في عطلة لمدة غير محدودة؟، و هل يقاطع المرضى زيارتهم إلى الطبيب؟، فلو تم ذلك لا شك أن الحياة تتوقف، و لنتصور ماذا يحدث لو دخل شخص ما مرحاض عمومي ( أكرمكم الله) و كان محملا بالفيروس، كيف يمكن تفعيل الرقابة في الأماكن العمومية؟ هل وجب وضع كاميرات حرارية في كل مرحاض عمومي؟ المسألة لا تتوقف عند توفير الكمّامات فقط و بعدد كافي منها بغض النظر عن مكان توفرها، بل كان على السلطات العمومية و بالخصوص وزارة الصحة أن تضع استراتيجية خاصة لمواجهة مثل هذه الكوارث، مع العلم أن البلديات و الولاية في كل سنة تخصص من ميزانيتها غلافا ماليا لمواجهة أي طارئ دون الحديث عن القطاعات المعنية.
الخطر يكمن في ان الفيروس سريع الإنتشار، و قد لا يلاحظ الإنسان العادي طريقة انتشاره و كيف يجنب نفسه من الإصابة بالعدوى حتى لو عمل بكل التعليمات التي يوجهها المختصون كالإلتزام بالنظافة المستمرة و ما إلى ذلك، وعلى ما يبدوا فإن الوباء أعطي له طابعا سياسيا أكثر منه صحي، من خلال الكتابات و التحليلات، حيث أصبح كل واحد يدلي بدلوه، و لم تترك هذه الأقلام الأمر للأطباء المختصين، كما ربط البعض ظهور الفيروس بالجانب الإقتصادي و بالتحديد انخفاظ النفط، و هذا يعني فرض على الشعوب سياسة التقشف، فقد ساهمت هذه الكتابات في زرع المخاوف و الرعب لدى السكان، ليس في الجانب الصحي فقط و إنما في الجانب الغذائي، أي ان الشعوب اليوم مهددة في أمنها الغذائي أكثر من ذي قبل.
آخر التقارير تقول أنه حتى لو تم اكتشاف اللقاح، فإنه من الصعب استخدامه في ليلة و ضحاها، بل وجب ان يجرب أولا على الحيوانات، ثم البحث عن متطوع لإستخدامه قبل تقديمه للمصابين، و هذا أمر مستحيل لأنه نادرا ما نجد متطوعين في مثل هذه الحالات، خاصة في البلدان الفقيرة التي لا تملك إمكانيات لإنقاذ المتطوع، ما يمكن قوله هو أن عام 2020 هو عام الكورونا أو عام المجاعة إن صح التعبير، ثم أن المهم ليس في وصول الوباء إلى "إسرائيل" و تعرض الإسرائيليين للإصابة به و هلاكهم، بل الأهم هو إيجاد لقاح مضاد للفيروس لإنقاذ البشرية و القضاء عليه نهائيا، فظهور الفيروس قد يكون قدرا محتوما على البشرية جمعاء، كونه مسَّ جميع مناطق العالم، و قد يكون غضب من الله على خلقه، أم هو دلالة على اقتراب الساعة.
علجية عيش